صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







دمعة جمانة

عادل بن عبد الله العبد الجبار

 
أحمد الله وأثني عليه وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
دمعة جمانة تفاصيل قصة أهديها لكل مؤمن ومؤمنة في زمان نحن في أمس الحاجة للذكرى والتذكير فتحت رُكام الليالي تندرسُ القصص إلاهذه القصة.. وتلوذُ حوادث الزمان فرا راً من الذاكرة إلاهذه الحادثة فكانت د رَّةً ثمينة وياقوتة ًغالية وغصناً زاكياً فواحاً وهي بحق رسالة إلى الباحثين عن السعادة الحقيقية والحياة الطيبة وحديث إلى من شعر بالشقاء فأحاط به ال من كل حدب وصوب ودعوة صادقة لمن فقد بالمعصية كل معاني الأمن والاستقرا ر هذ ا طريق التوبة واضح لكل عينين وهذ ا سبيل النجاة ينتظر السالكين فمن بين هذا الوجود اكتب هذه القصة فلو قلبت كتاباً بعد كتاب وصفحة بعد صفحة أبحث عن قصة من القصص تحكي لنا التوبة في أصدق معانيها وأقوى عباراتها ، ونهاية عاقبتها ، لن أجد أفضل من عصر طالما اشتقنا إلى أهله ومن عاش فيه إنه جيل الصحابة والصحابيات فإليك هذه القصة ممزوجةً بالحب مقرونةً بالود مكلّلةً بالصدق مجلّلةً بالوفاء فأيُ حبٍ إلا حب الله وأي ودٍ إلا في طاعته وأي وفاء إلا في الالتزام بأوامره اقرأ هذه القصة بقلب حي ودمع صادق ، كيف لا ؟ وقلبك بتوحيد الله نطق ومن ناره خاف وفي جنته قد رغب ومن نحن ؟ ومن نكون ؟ والخطايا من سلمنا منها فنحن المذنبون أبناء المذنبين  .

دمعة جمانة متى ؟ولماذا ؟ومن أي شيء ؟وفي أي عصر ؟ ومن مَنْ ؟ وماذا حصل إنها حوادث متلاحق وروايات مختلفة فكيف كانت ؟؟ إنها قصة حقيقية وتوبة صادقة وألمٌ أرَّق فؤادها وأقضَّ مضجعها إنها قصة بكت منها العين ورقَّ لها القلب فتحت للتائبين باباً وللضالين طريقاً أتريد معرفة هذه القصة وتفاصيلها التي هي محضٌ من العبرة والعظة؟!في صحيح مسلم :» أن امرأة من غامد من الأزد .. دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بين يديه أصحابه فسألته... فما سؤالها ؟ استفتته فما فتياها ؟
قالت : يا رسول الله ... طهرني ... طهرني!!
قال : ويحكِ ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه
قالت : يا رسول الله ، أتريد أن تردني كما رددت ( ماعزاً ) وكان ممن زنى في عهده
فقال رسول الله : وما ذاك يا أمة الله ؟!
قالت : إنها حبلى من الزنا ..!!
فقال : آأنت .. آأنت ؟؟
قالت : نعم !! وإنه لفي بطني أي أحمل في بطني جنيناً هو من الزنا
فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها أن تتوب لعلها أن ترجع إلى الله قال تعالى ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ماتفعلون..) وقال تعالى ( وتُوبوا إلى الله جميعاًً أيُها المؤمنون لعلكم تفلحون)
أصرت المرأة عليه بإقامة الحد وحدُّها أن تُرجم بالحصى حتى تموت لأنها (محصنة)أي :متزوجة قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إن الله بعث محمد بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده " متفق عليه خرجت المرأة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من حالها ( الفقر ) أي كانت فقيرة دلَّ على ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحد الصحابة بكفالتها والقيام بمؤنتها ومصالحها فأمضت مدة الحمل تسعة أشهر لتضع مولوداً ذكراً فجاء من كفلها من الأنصار مخبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها وضعت مولودها .فقال : نرجمها يا رسول الله ؟!فقال صلى الله عليه وسلم : لا .. لا .. نرجمها كيف ؟ وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه ؟ اتروكها !! .
وفي رواية أخرى : ( أنها لما ولدت جاءت بالصبي قد لفَّته في خرقة تقف به أمام سيد الرحماء من البشر قائلةً له : يا نبي الله هذا قد ولدته فقال رسول الله..
( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)فخرجت من عند رسول الله وبين يديها الصغير تحمله لتمضي مدة الرضاعة ( سنتين كاملتين ) كما قال تعالى :
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) . فلما فطمته أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي وفي يده كسرة خبزة يأكل منها .
آه ... لا أعلم أكانت تحمله بين يديها وهو يأكل خبزته أم كانت ممسكةً بيده اليسرى وخبزته بيده اليمنى قد رفعها إلى فمه يأكل منها فكلا المشهدين مؤثر ومبكي قالت المرأة بإصرار وعزيمة : يا رسول الله هذا هو قد فطمتُه وقد أكل الطعام كما ترى فالتفت إلى صحابته وقال : » من يكفل هذا الولد وأنا أضمن لـه الجنة « قال أحد الصحابة : أنا يا رسول الله فدفعه إليه  .
تأمل يا رعاك الله سنتان كاملتان بقي معها كم داعبته ؟؟ كم قبلته ؟؟ كم ارتمى في أحضانها ؟؟ كان إذا جاع ناداها وإذا مرض بكى عندها عاشت وعاش معها طفولته مع أم صادقة مع أم تائبة مع أم حنون وكفى كان إذا بكى مسحت دمعته وخففت لوعته فلئن كانت الدنيا مصائب فإن أمه سلوانُها عامان قضاها كم يقضيها الصغار مع أمهاتهم وكلنا نعرف ذلك وفي هذه اللحظة تتخلى عنه ويتخلى عنها بعد أن كان ينام في حجرها وبين يديها وقد ضمته إلى فؤادها وقلبها وأرضعته من حنانها وشفقتها قبل حليبها وأنه وإن كان يذكرها بشؤم المعصية ، إلا أنها أحبته رحمةً به لعلها أن تنال به رحمة ربها لعل الله أن يعفو ويتوب عليها وإلا فما ذنبه ؟؟ وما خطيئته ؟؟ قال تعالى (ولاتزر وازراة وزر أخرى) أمه ..أمنيتُه الأولى فكيف الدنيا من بعدها ؟ تعبت من مولده وقبل ذلك حمله وألمه وهمه وحزنها على ما حصل من خطأ وزلل أمه النعمة الكبرى والحنان الأوفى حملته تسعة أشهر وما زالت تُعطي وتُعطي برحمةٍ أوصلت ليلها الحزين بنهارها الكئيب لأجل أن تعيش ويبقى ... وكأن لسان حاله يقول لها (أمــاه )
إنَّ القلبَ قد آتى إليكِ باكياً        يخشى عليكِ من ألمٍ ومن مصائبَ أتيا

أماه.. رحمتي حالي وحملتي همي وألمي عشتُ بين ثمار إيمانكِ وأشجار توبتكِ وأنا من لا ذنبَ لي ولا خطيئة.. طفلها لم يدري ما صنعت به أمه ؟وما فعلت؟ وما جنت ؟ لكن لأجله بذلت أيام عمرها وما بخلت وما انفعلت ؟! وما اشتكت طفلها لم يدري أنَّها احتملت وضحّت وصبرت وبكت ليال طويلة من حرارة المعصية وألمها بل كانت تضحك في وجهه وتبتسم من أجله وإلا فما ذنبه ؟! إلا الضحكة البريئة والتعبير الصادق كان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم معها أن تبقى له فلا تعترف وأن ترجع فلا تعود ولكن أصرت على إقامة الحد فحُفر إلى صدرها فأُجلست وشُكت عليها ثيابها وأمر الناس بالرجم فرجموها !! حصاة بعد حصاة وحجراً بعد حجر وهي صابرة محتسبة تتألم ولكن !! ليأتي خالد بن الوليد صلى الله عليه وسلم وكان مسدّداً إذا رمى فرماها بحجرٍ فأصاب مقدمة رأسها فماتت رضي الله عنها بل من شدة رمي خالد لها تنضح الدم على وجهه فسبها ونال منها فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم سبّه إياها فقال : مهلاً يا خالد ..مهلاً يا خالد .. فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مُكس لغُفر لـه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فغُسلت وكُفنت وأمر بأن تقدم ليُصلي عليها فصلى سيد البشرية وهاديها على هذه التائبة الصادقة ، فقال عمر رضي الله عنه :يا نبي الله أتصلي عليها وقد زنت ؟فقال نعم ياعمر لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم هل وجدت يا عمر توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى فدُفنت رضي الله عنها وأرضاها فشذا السلام وأزكاه على هذا الجيل المبارك الذي شُرف بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي دلهم على أغلى الأماني والأمنيات في نفوسهم وهي بلوغ رضا الله والعفو والصفح من لدنه فكان لقصصهم عذوبة ولحديثهم رونقا ومانقوله قبولا فدعوة إلى كل من قال: (إن الرجم وحشية وانتهاك لحقوق الإنسان ) ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنها مرات عديدة بل تركها ودعاها للتوبة لكنها أصرت فستر الله أعظم وأشمل فكفاها شرفاً وعلواً أن صحبت رسول الله في أفضل جيلٍ وقرن على مرِّ الأزمنة والعصور بل شهد لها بالتوبة الصادقة وما بعد الدنيا إلا القبر وهو للمؤمن روضة من رياض الجنة وما عند الله خير وأبقى فأي وحشية لمن نالت الجنة والدار الباقية فهذا ديننا وتعاليمه دعا إلى حفظ الأعراض وحماية النسل فدول الكفر تستقبل سنوياً الملايين من أطفال الزنا مما يزيد في المعاناة الحكومية كفالةً ورعاية فضلاً عن الأمراض الفتاكة وحوادث الاغتصاب وانهيار الأسر وتفكك المجتمع وكأنها قطعان بهائم تسير في بحر شهواتها وضلالتهم

الزنا عاره يهدم البيوت ويُطاطيءُ الروؤس ويسود الوجوه ويخرس الألسنة ويهوي باطول الناس أعناقا وأسماهم مقاما وأعرقهم عزا إلى هاويةٍ من الذل والإزدراء والحقارة ليس لهل من قرار...
الزنا يُعمي القلب ويطمس نوره ويمحق بركة العمر والحياة فالزانية أسقطت نفسها بذنبها من سماء الفضيلة إلى حضيض الرذيلة فأصبحت في دنياها مهينة الجانب عديمة الشرف منحطة الكرمة ساقطة العدالة مأوى الأمراض الجنسية المهلكة كل من حولها لا يحبها بل يكره معرفتها ومصدقتها

الزانية أفسدت بالزنا حياتها وخسرت شرفها وشرف أهلها وأسأت إلى سمعة زوجها إن كانت متزوجة لتعظم المصيبة في أولادها إن كان لها ولد أما غير المتزوجة فمن يرضى بها زوجة واما ًلأبنائه حتى ولو كان شريكها في معصية الزنا الذي هتك شرفها وأهدر كرامتها لأنه يحتقرها ويزدريها لخيانتها فعاشت ذليلة حقيرة بين اهلها وذويها..

الرذيلة... عالمية رائجة لها نجومها ومؤسساتها وإعلامها تدعو للعار والزنا تحت تزيين الباطل ونسيان الحق فغدت الراقصة فنانةً مرموقة والجنس والفواحش تطورا وانفتاحا والممثلات أبطالاً ونجوماً والخمور مشروبات روحية و الزنا حباً وغراما وكشف العورات فنا راقيا رائعا وعبودية الأجسام رياضةً وأناقة والحياة الزوجية قيداً وتسلطا والألتزام بالشرع تأخراً ورجعية والعفة والطهارة مفاهيم وعادت قديمة فتلاعبت المجلات والفضائيات وشبكات الانترنت وغرف التشات بمشاعر شبابنا وفتياتنا وقتلت الأفلام الرومانسية كل عفة وطهارة باسم العشق وإتخاذ الصديق فضلاً عن الملابس الفاضحة والقبلات المحرمة الداعية للزنا بأنواع وأساليب تفنن الأعداء في نشرها وبثها .

أحبابنا الكرام ... دعوة إلى كل رجل أو امرأة أو شاب أو فتاة وقع في الخطأ والزلل أن يتذكر التوبة وفضائلها ، وأن يعرف أنها سبب لنيل محبة الله عز وجل وكفى بهذه الفضيلة شرفاً لها ، قال تعالى : (إن الله يحبُ التوابين ويحب المتطهرين) فأي خير إلا فضله وأي كرم إلا عنده سبحانه جلّ وعلا
التوبة ... سببٌ لنور القلب وسبب لمحو أثر الذنب والطريق للعفو والصفح
روى الطبراني عن أبي سعيد الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الندم توبة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له » تأمل بشارة لكل تائب ووعد صادق لكل عائد. بمغفرة الذنب وستر العيب مهما كان وكأن شيئا لم يكن .
التوبة ملاذ مكين وملجأ حصين فهي أنفع الأدوية لعلاج المعصية والشفاء منها ولو علمت مدى سعة رحمة الله والإنابة إليه لما تأخرت دقيقة واحدة فالبدار البدار .. قال تعالى ( ورحمتي وسعت كل شيء ) فأبشر بالمغفرة والإحسان وتأمل هذه القصة وأصلها في الصحيح : يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة تبكي في غزوة بني المصطلق وكانت يهودية ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
ما بها ما حالها ما شأنها وعلام بكاؤها وفي أي شيء ولماذا ومن السبب فقال الصحابة : فقدت ولدها يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم - وهو أرحم الناس - :
» ابحثوا لها عن ولدها وأعيدوه إليها « أخذوا وجدوا في البحث عن طفلها الضائع استجابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لعلهم أن يكفكفوا دمعتها ويخففوا من روعها وحزنها لكنها ما لبثت أن قامت بنفسها تبحث عن صغيرها عن طفلها عن فلذة كبدها عن تفاحة قلبها آه لقد وجدته بعد طول عناء من البحث فضمته إلى صدرها بكل حنان وشفقة .كيف لا وأمهجنة من جنانه وحنانها سلسبيله كيف لا ومعينها شفى غليله وبسمتها ملأت عينه ويداها مسحت دمعته ....
الأمومة ...
همسةٌ في مسامعه من
ثغرها همسُ الهديلِ

ولمسةٌ من كفها كم
حققت من مستحيل

أمي التي ما بعدها
وما وجدتُ لها مثيل

أمي التي لم أنسها
ولم أجد عنها بديل


هذه القصة تفاصيل مبكية ومشاهد محزنة في علاقة الولد بأمه وهو في غاية الضعف والحاجة
وعوداً إلى القصة ضمته إلى صدرها باكية ضمته إلى حنانها مطمئنة أما البكاء فبكاء فرح وأنس على عودته أما الاطمئنان فكونها أمام أرحم الرحماء من البشر رآها فقال لصحابته » أرآيتم هذه المرأة « قالوا : نعم فقال » أهي طا رحة ولدها في النار ؟ أهي ملقية ولدها في النار «
سؤال فجرت إجابته القلوب ، وأدمعت صدقه العيون ، وفتح للتائبين باباً، فما الجواب يا ترى ؟؟ قالوا : لا يا رسول الله ، من الذي يطرح ولده في النار ؟فبشر ببشارة عظيمة ما أكرمها وما أجلها وما أعظمها قال صلى الله عليه وسلم :» لله أشد بكم رحمة من هذه بولدها «
يا من يريد وتريد التوبة بغي من بغايا بني إسرائيل ما عملت خيراً قط حياتها في الزنا والفجور مرّت على كلب يلهث الثرى من الظمأ فملأت نوقها أي حذائها فسقته فشكرت الله ، فشكر الله لها عملها فغفر ذنوبها .
فما أرحمه وما أحلمه وما أكرمه وما أوسع فضله وأعظمه ما ضاقت رحابه بالمنيبين والمنيبات ولا طرد عن بابه المسيئين والمسيئات فما وقف أحد ببابه فرده خائباً عن جنابه وما وقف أحد ببابه فخيبه في سؤاله ورجائه
هل وقف أحد بباب الله فطرده عز وجل وأبعده ؟وهل رجى مخطئ مذنب ربه فخيبه في رجائه ؟ فما عنده إلا الحلم والرحمة والصفح والعفو والإحسان تبارك الله الواحد المنان يا طالباً التوبة يا طالباً العفو يا طالباً الصفح يا طالباً المغفرةيقول الله تعالى : (إن رحمة الله قريبٌ من المحسنين.) فالقرب منجاة والبعد مهلكة وضياع في الحديث الصحيح : » إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل «نعم نظر الله إليهن أعني التائبات من الأنفس في جوف الليل وقد تلطخن بالذنوب والمعاصي فستر وتفضل بالستر وهو قادرُ على الفضيحة حتى إذا انبلج ضياء الفجر وشع نور الصبح وانتشر رفعت الأكفُ إليه تدعوه وتسأله وترجوه فيبسط يده بالعفو عن ذنوب الليل ويبسط يده بالنهار لتتوب مسيئ الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار حتى إذا أشرقت الشمس بضيائها ، تلطخت أممٌ من الناس بذنوبها وسيئاتها فغفر وستر حتى إذا جنَّ عليهنّ ظلام الليل تحركت في النفوس أشجانها .
أيا نفسُ ماذا فعلتِ أيا نفسُ أي ذنبٍ اقترفتِ أيا نفسُ أي رب ٍعصيتِ
فدمعت بين يدي ربها ، آبت إلى خالقها فتولى ذنوبها بالعفو والصفح ، فكأن لم يكن ذنب وكأن لم تكن إساءة فما أحلمه بعباده وما أرحمه بخلقه .

أخي التائب كل ما عظمت الذنوب وكل ما اشتدت الخطايا من النفوس فسلوانها أن الله لها ، ومهما أساءت النفس في جنب الله فعلمها بسعة عفو الله هو الذي يجرؤها وإن كان المطلوب أن تحس نفوسنا بعظم نعمة الله عليها وأن تستحي من الله لكن ما أحلمه وما أرحمه وما أكرمه
التوبة نورُ يتلألأ وسط ظلام المعصية الحالك وبريق يلوح في الأفق يدعو العصاة للرجوع إلى الله جلا جلاله
التوبة تنادي كل عاصٍ ومقصر هلمَّ إلى الله وأقبل عليه وسارع فإن رحمته واسعة ، وفضله عظيم ، وفرحه بالتائب ليس له منتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم « رواه ابن ماجة
فأين التائبون والتائبات أين العائدون والعائدات أين الخائفون والخائفات
أين هم من التوبة نور القلب وإشراق الوجه وصحة البدن وسلامة النفس .
أبشروا معشر التائبين إن أصلحتم فيما بقى غُفر الله لكم ما قد مضى بالتوبة نال التائب محبة الله ، فغفر له خطاياه وعفى عن سيئاته ، فكانت حسنات أمثال الجبال قال تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات)
أبشروا معشر التائبين والتائبات بوعد الله الحق ودعاء الملائكة الصادق بمغفرة الخطايا مهما عظمت ، وستر النقائص مهما كانت قال تعالى حكاية عن دعاء الملائكة الكرام : (ربنا وسعت كل شيء رحمةً وعلما فاغفر للذين تابوا وأتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) قال عمر بن الخطاب  : (جالسوا التائبين فإنهم أرق الناس أفئدة فكل حزنٍ يبلى إلا حزن التائب ) قال الربيع بن خيثم : ( أتدرون ما الداء والدواء والشفاء ؟ قالوا : لا . قال : الداء : الذنوب . والدواء : الاستغفار . والشفاء : أن تتوب فلا تعود .

قل للذي ألف الذنوبَ وأجرما     وغدا على زلاته متندما
لاتيأسنََََََ من الجليل فعندنا        فضل يُنيل التائبين تكرما
يامعشر العاصين جودُ واسعُ      توبوا ودونكم المنى والمغنما
لاتقنطوا فالذنب مغفور لك      إني الجدير بأن أجود وأرحما

ختاماً
أخي التائب أرعني سمعك وقلبك قليلاً تذكر الورقة الأخيرة من أوراق حياتك وأنت على فراش الموت معلنة نهايتك وانقضاء أيامك من هذه الدنيا قال تعالى : (كل نفس ذائقة الموت)
الموت لحظة مهمة في حياتك لحظة يكتب فيها أنك منتقلٌ من هذه الدنيا تلك اللحظة التي تلقي فيها آخر اللحظات والنظرات على أولادك وإخوانك وكل أصحابك وأحبابك إنها لحظة حاسمة وساعة فاصلة وأنفاس هي الأنفاس الأخيرة يوم أن تبدوا على وجهك معالم السكرات وتخرج من صدرك الآهات والزفرات فتطوى الصفحات وتنتهي الحسنات وتنقضي الأيام فهناك أسلمتْ روحك إلى بارئها ، والتفت الساق ، إلى ربك يومئذ المساق

تذكر أهل دارك وحزنهم وبكاءهم على رفاقك وارتحالك يقلبون في ذاكرتهم أيام الاجتماع والالتقاء ، وأن ذلك قد انتهى وانقضى ... قد جدو في تجهيزك كاتمين في أنفسهم الألم على موتك تتسابق دموعهم الحارة على خدودهم لتبادر اليد فتمسح دمعتها وتدعو لك بالرحمة والمغفرة .

تذكر يوم تحمل على ( المحمة ) مكان تغسيل الموتى يخلع المغسل ثوبك أو يقصه ليغسلك بعد أن كنت تغسل نفسك بنفسك تقلب يمنة ويسرة وأنت جسدٌ بلا روح فتكفن وتحمل للصلاة ثم إلى القبر أول منازل الآخرة لتعاين الحقيقة بنفسك في تللك اللحظات فهناك تحس بدار غريبة ومنازل رهيبة وبيوت عجيبة فكم من قبور في كهوف مظلمة بين الأجداث والبلى في عداد الغرباء لا أنيس معك إلى عملك الصالح  ..

أخي التائب لا تهوى بوجهك الجميل المشرق المتألق في نار جهنم فكم من وجه وجسم ناعم لما أودع هذا القبر ما حاله ؟وما شأنه؟ إذا علمنا أن القبر عفر الوجوه ومحى المحاسن ومزَّق الأشلاء وفصل الأعضاء القبر جعل الوجوه بالية والأجسام من الأعناق بائنة والأوصال ممزقة قد سالت الحدقُ على الوجنات وامتلأت الأفواه دماً وصديداً أين الأهل والأصدقاء ؟ أين الخروج للسوق والسهرات ؟ أين العكوف على برامج الفضائيات؟ وأين المجلات والموضات والموديلات ؟أين الدنيا وأهلها ؟ أين الدنيا بأسرها ؟
دعوة لكل نفس مسلمة مؤمنة أن تعلنا توبة وعودة قبل فوات الأوان

ختاماً الأنفاس معدودة والحياة محدودة فكم من نفس شابة يافعة نالتها يد المنون ، وكم من نفس جاءها الموت والجميع ينظرون بدمعة ألم ... فماذا أعددت لهذه اللحظات الحاسمة ؟إلا التوبة الصادقة والندم على ما فات
وأبشر بقوله تعالى ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)...

نهاية المطاف
أشكر لك قرأءة هذا الكتاب المتواضع وكلي أملٌ ورجاء أن يحوز على رضاك أسلوبا ومضمونا فلا تنساني من صالح دعائك بل أدعوك لتشاركيني رأيك حول محتويات الكتيب بفكرة جديدة او بتعقيب او نقدٍ هادف عبر المراسلة البريدية أو الأكترونية....

أخي الكريم..
حقوق هذا الكتيب ( محفوظة إلا لغير من أراد طباعته وتوزيعه مجانا) فلاتتردد في فعل الخير والدعوة إليه

 اخوكم /عادل العبدالجبار
adel_aa100@hotmail.com 
ص ب 56 الرياض 11392
فاكس 4750018 أو 4750019
جوال 055220503

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عادل العبدالجبار
  • أخي في الثانوية
  • أختي في الثانوية
  • أخي لاعب البلوت
  • أدوات التجميل
  • البلوتوث
  • تجربتي مع الموقوفين
  • الإرهاب في الميزان
  • دمعة جمانة
  • اللؤلؤة المكنونة
  • أوراق حاج
  • الصفحة الرئيسية