صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







[58] فائدة من كتاب مُنْجِد المُقرئين، للإمام ابن الجَزَريّ رحمه الله.

ضيف الله الشمراني
‏@alshamrani1406


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على نبيّنا محمدٍ رسولِ الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فهذه فوائدُ منتقاةٌ من كتابِ "منجد المقرئين ومرشد الطالبين" لمحقّق علم القراءاتِ الإمام محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزريِّ الشافعيِّ (751-833هـ) - رحمه الله تعالى -.
وهو كتابٌ نفيسٌ لا يستغني عنه طالبُ علم، وقد صنَّفه ابن الجزريّ وعمره اثنان وعشرون عاماً، فقد قال في خاتمته: "فرغتُ من تأليفه آخرَ نهارِ الأحد خامسَ عشري شهر رجب الفرد، سنةَ ثلاث وسبعين وسبع مئة، بمنزلي بدرب هريرة داخل دمشق المحروسة".
وقد قَسّم الإمامُ ابن الجزري كتابه إلى سبعةِ أبوابٍ:
الباب الأول: في القراءاتِ، والمقرئِ، والقارئِ، وما يلزمهما.
الباب الثاني: في القراءةِ المتواترةِ والصَّحيحةِ والشَّاذَّةِ، واختلاف العلماء في ذلك، وإيضاح الحق منه.
الباب الثالث: في أن العشرة لا زالت مشهورة من لدن قرائها وإلى اليوم، لم ينكرها أحد من السلف، ولا من الخلف.
الباب الرابع: في سَرْد مشاهير من قرأ بهاوأقرأ في الأمصار إلى يومنا هذا.
الباب الخامس: في حِكايةِ ما وقفتُ عليه من أقوال العلماء فيها.
الباب السادس: في أنَّ العشرَ بعضُ الأحرف السبعة، وأنها متواترةٌ فرشاً وأصولاً، حالَ اجتماعهم وافتراقهم، وحلُّ مُشْكِل ذلك.
الباب السابع: في ذكرِ من كَرِهَ من العلماء الاقتصارَ على القراءات السَّبْع، وأنَّ ذلك سبب نَسْبهم ابنَ مجاهدٍ إلى التقصير.

وقد طُبع الكتابُ عِدَّةَ طبعات، أفضلها – وهي التي اعتمدتها هنا - تحقيق فضيلة الشيخ علي بن محمد العِمْران، نشر دار عالم الفوائد، الطبعة الأولى 1419هـ.
وفي هذه الطبعة ثلاثةُ ملاحقَ أضافها المحقِّقُ أثابه الله:
الأول: نصُّ كلام الإمام أبي شامة الذي ناقشه المؤلف.
الثاني: قطعةٌ من كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة في تواتر القراءات.
الثالث: فتوى للحافظ ابن حَجَر عن القراءات.
ويقع الكتاب في 289 صفحة من الحجم العادي.
أسأل الله أن يهبني الإخلاصَ في القول والعمل، وأنْ ينفعَ بهذه الفوائد من اطلع عليها.
 

وكتبه: ضيف الله بن محمَّد الشّمْرانيّ
المدينة المنوَّرة
يوم الاثنين 22/9/1432هـ


 



1- ولا شك عند كل ذي لبٍّ أن من تكلَّم في علم – ولو كان إماماً فيه – وكان العلمُ يتعلق به علمٌ آخر، وهو غير مُتقن لما يتعلَّق به = داخله الوهم والغلط عند حاجته إليه. ص46.
2- ولا ينبغي لمن وهبه الله عقلاً أن وذهناً وعلماً أن يجمد على كل ما وقع، ولكن ينظر كما نظر من قبله؛ فالحق أحقُّ أن يُتبع. ص46.
3- القراءات: علم بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها، معزواً لناقله.
4- المقرئ هو العالم بالقراءات الذي رواها مشافهة. ص49 .
5- في القراءات أشياء لا تُحكَم إلا بالسماع والمشافهة. ص49.
6- القارئ المبتدي: من شرع في إفراد القراءات إلى أن يتم إفراد ثلاث قراءات. ص49.
7- القارئ المنتهي: من نقل من القراءات أكثرها وأشهرها. ص49
8- العلوم التي يلزم المقرئ تحصيلها قبل أن يتصدر للإقراء: أن يعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه، ويعلم من الأصول قدر ما يدفع به شبهة من يطعن في بعض القراءات، وأن يحصل جانباً من النحو والصرف، بحيث إنه يوجه ما يقع له من القراءات، وهذان من أهم ما يحتاج إليه، وأن يحصل طرفاً من اللغة والتفسير، وأن يحفظ كتاباً مشتملاً على ما يقرئ به من القراءات أصولاً وفرشاً، وأن يكون له أنَسَةٌ بحال الرجال والأسانيد، وهذا من أهم ما يحتاج إليه.ص50 – ص57
9- وإن أقرأ بكتاب وهو غير حافظ له، فلا بد أن يكون ذاكراً كيفية تلاوته به حال تلقيه من شيخه، مستصحباً ذلك، فإن شك في شيء فلا يستنكف أن يسأل رفيقه أو غيره ممن قرأ بذلك الكتاب، حتى يتحقق بطريق القطع أو غلبة الظن، فإن لم وإلا فلينبه على ذلك بخطه في الإجازة. ص52
10- وأما من نسي أو ترك؛ فلا يُعدَل إليه إلا لضرورة كونه انفرد بسند عالٍ، أو طريق لا توجد عند غيره، وعند ذلك والحالة هذه؛ لا يخلو: إما أن يكون القارئ عليه مستحضراً ذاكراً عالماً بما يقرأ، أو لا. فإن كان فسائغ، وإلا؛ فحرامٌ ممنوع. ص52-53
11- ولا يجوز له أن يُقرئ إلا بما قَرأ أو سَمِع، فإن قرأ الحروفَ المختلف فيها أو سمعها؛ فلا خلافَ في جوازِ إقرائه القرآنَ العظيمَ بها بالشرطِ المتقدِّم، وهو: أنْ يكونَ ذاكراً كيفيةَ تلاوته به حال تلقّيه من شيخه، مستصحباً ذلك. وهل يجوز له أن يقول: قرأتُ بها القرآنَ كلَّه؟ لا يخلو؛ إما أنْ يكونَ قرأ القرآنَ كلَّه بتلك الرواية على شيخه أصولاً وفرشاً، ولم يفته إلا تلك الأحرف، فيلفظ بها بعد ذلك أو قبله، أولا. فإن كان؛ فيجوز له ذلك، وإلا فلا. ص54
12- وهل يجوز أن يقرئ القرآنَ بما أجيزَ له على أنواع الإجازة؟ جوَّزَ ذلك العلاّمة الجعبري مطلقاً، ومنعه الحافظ الحجة أبو العلاء الهمذاني، وجعله من أكبر الكبائر.
وعندي أنه لا يخلو: إما أنْ يكونَ تلا بذلك، أو سمعه، فأراد أن يُعليَ السَنَدَ، أو يكثّرَ الطُرُقَ، فجعلها متابعةً، أولا. فإن كان فجائزٌ حسن. ص55
13- وممن أقرأ بالإجازة من غير متابعة الإمامُ أبو مَعْشَر الطبري والإمام الجَعْبَري وغيرهما، وعندي في ذلك نظرٌ، لكن لابدَّ من اشتراط الأهليَّة. ص56
14- وقد وقع لكثير من المتقدمين في أسانيد كتبهم أوهامٌ كثيرة، وغَلَطاتٌ عديدةٌ؛ من إسقاط رجال، وتسمية آخرين بغير أسمائهم، وتصاحيف، وغير ذلك. ص57
15- من شرطِ المقرئ وصفته أن يكون حُرّاً، عاقلاً، مسلماً، مكلفاً، ثقة، مأموناً، ضابطاً، متنزهاً من أسباب الفسق، ومُسقطات المروءة. ص57
16- ينبغي للمقرئ أن لا يحرمَ نفسَه من الخِلال الحميدة المرضيّة؛ من الزُّهد في الدنيا، والتقلّل منها، وعدم المبالاة بها وبأهلها، والسّخاء، والحِلْم، والصبر، ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخَلاعة، وملازمة الوَرَع والخشوع، والسَّكِينة والوَقار، والتواضع والخضوع، وأن يجتنبَ الملابسَ المكروهةَ، وغير ذلك مما لا يليق به، ولْيحذرْ كلَّ الحذرِ من الرّياء، والحسد، والحقد، والغيبة، واحتقار غيره – وإن كان دونه – والعُجْب، وقلَّ من يسلم منه، وينبغي له أن لا يقصد بإقرائه توسّلاً إلى غرضٍ من أغراض الدُّنيا؛ من مالٍ، أو رياسةٍ، أو وَجاهةٍ، أو ثناءٍ عند الناس، أو صَرْف وجوه الناس إليه، أو نحو ذلك. ص58،59.
17- وأما قَبول الهدية ممن يقرأ عليه؛ فامتنع من قَبولها جماعةٌ من السلف والخلف تورعاً، خوفاً من أنها تكون بسبب القراءة، وحسنٌ التفصيلُ، كما قيلَ في القاضي: لا يخلو؛ إما أن يكونَ القارئ كان يُهدي للشيخ قبل قراءته عليه، أو لا، فإن كان؛ فلا يُكره. ص60-61
18- من آداب المقرئ أنه إذا جلس للإقراء يكون مستقبلاً للقبلة، على طهارة كاملة، ويجلس جاثياً على ركبتيه، ويصون عينيه في حال الإقراء عن تفريق نظرهما من غير حاجة، ويديه عن العبث إلا أن يشير إلى القارئ بأصابعه إلى المدّ والوقف والوصل، وغير ذلك مما مضى السلف عليه، وينبغي أن يُوسّعَ مجلسه؛ ليتمكّن جلساؤه فيه، وأن يُقدّم الأولَ فالأولَ، فإن رضي الأولُ بتقديم غيره قدّمه، وينبغي له القيامُ في مجلسه لمن يستحقّ الإكرامَ من طلبته وغيرهم؛ استمالةً لقلوبهم على حسب ما يراه، ويستحب أن يسويَ بين الطلبة بحسبهم، إلا أن يكونَ أحدهم مسافراً، أو يتفرَّس فيه النَّجابة، أو غير ذلك، وله أن يُقرئهم ما شاء قلةً وكثرةً، وينبغي إذا أراد التصنيف أن يَبدأ بما يعمّ النفعُ به، وتكثر الحاجةُ إليه - بعد تصحيح النية – والأَولى أن يكونَ شيئا لم يُسبق إلى مثله، وليحذر ما استطاع، ولْيُحسنِ الثناءَ على من يذكره من الأئمة والشُيوخ. ص61-69
19- وأما ما ورد عن السلف من أنهم كانوا يقرئون ثلاثاً ثلاثاً، وخمساً خمساً، وعشراً عشراً، لا يزيدون على ذلك؛ فهذه حالة التلقين، وأما من يريد تصحيحَ قراءة، أو نقلَ رواية، أو نحوَ ذلك؛ فلا حرجَ على المقرئ أن يُقرئه ما شاءَ. ص64
20- وقَدِمَ عليَّ شخصٌ من حَلَب، فقرأ عليَّ القرآنَ أجمع بقراءة ابن كثير في خمسة أيام متتابعات، ثم قراءة الكِسائيّ في سبعة أيامٍ كذلك. ص66
21- ويجوز له الإقراءُ في الطريق، لا نعرف أحداً أنكر هذا، إلا ما روي عن الإمام مالك أنه قال: ما أعلم القراءة تكون في الطريق. ص67
22- وقد قرأتُ على الإمام شمس الدين ابن الصَّائغ في الطريق غيرَ مَرَّة؛ تارةً أكون أنا وهو ماشيين، وتارةً يكون راكباً على البغلة، وأنا ماشٍ. ص68
23- يجب على القارئ الإخلاصُ، وحسنُ النية، ثم يجدّ في قطع ما يقدر عليه من العَلائق، والعَوائق الشاغلة عن تمام مُراده، ولْيبادرْ شبابَه وأوقات عمره إلى التَّحصيل، ولا يغترَّ بخدع التسويف، فهذه آفةُ الطالب، وأن لا يستنكفَ من أحدٍ وَجدَ عنده فائدة، وأن يَقصد شيخاً كَملت أهليّته، وظهرت ديانته، جامعاً لتلك الشروط المتقدمة أو أكثرها.
فإذا دخلَ عليه فليكنْ كاملَ الحال، متنظفاً، متطهراً، متأدِّباً، وعليه أن ينظرَ شيخه بعين الاحترام، ويعتقدَ كمال أهليته، ورجاحته على نظرائه، فإذا وقعَ منه نقصٌ؛ فليجعلِ النقصَ من نفسه، بأنه لم يفهمْ قولَ الشيخ.
وينبغي أن لا يذكرَ عند الشيخ أحداً من أقرانه، ولا يقول: قال فلانٌ خلافاً لقوله، وأن يردَّ غِيبة شيخه إن قدرَ، فإن تعذَّرَ عليه ردُّها؛ قامَ وفارق ذلك المجلس، وإذا قربَ من حَلْقة الشيخ فلْيسلم على الحاضرين، ولْيخصَّ الشيخَ بالتحية، ولا يتخطى رقابَ الناس، بل يجلسُ حيث انتهى به المجلسُ، إلا أن يأذنَ له الشيخ في التقدُّم، ولا يقيم أحداً من مجلسه، فإنْ آثره لم يقبلْ اقتداءً بابن عمر – – إلا أن يقسم عليه، أو يأمره الشيخ بذلك.
ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإذا جلس؛ فليتأدبْ مع رُفقته، وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدُّبٌ مع الشيخ، وصِيانةٌ لمجلسه، ولا يرفعُ صوتَه رفعاً بليغاً، ولا يضحكُ، ولا يكثرُ الكلام، ولا يلتفتُ يميناً ولا شمالاً، بل يكون مقبلاً على الشيخ، مصغياً إلى كلامه.
وينبغي أن لا يقرأَ على الشيخ في حال شُغل قلب الشيخ وملله، واستيفازه وغمّه، وجوعه وعطشه، ونعاسه وقلقه، ونحو ذلك مما يشقُّ على الشيخ أو يمنعه من كمال حضور القلب، وأن يحرصَ كلَّ الحرص على أن يقرأَ على الشَّيْخِ أوَّلاً، فإنه أفيدُ له، وأسهلُ على الشَّيخ.
وإذا أراد القراءةَ ينبغي أن يستاكَ بعودٍ من أَراك؛ فإنه أبقى للفصاحة، وأنفى للّكنة.
وينبغي أن يُفرِد القراءاتِ كلَّها، فإن أرادَ الجمعَ فلابدَّ من حفظ كتاب جامع في القراءات، وعليه أن يحفظَ كتاباً في الرَّسْم، ولْيعلمْ حقيقةَ التَّجويد، ومخارجَ الحروف، وصفاتها، وما يتعلقُ بها علماً وعملاً.ص69-72
24- كان بعضُ أهل العلم إذا ذهبَ لشيخه تصدَّقَ بشيءٍ، وقالَ: "اللهمَّ استرْ عيبَ معلّمي عني، ولا تُذهبْ بركةَ عِلْمه مني". ص70
25- ظهرَ لي أنَّ الإقراءَ بالجمع ظهرَ من حُدود الأربع مئة وهَلُمَّ جَرَّاً، وتلقاه الناسُ بالقَبول، وقرأ به العلماءُ وغيرهم. ص72-73
26- أعلى ما يُكتب للمُجاز: الإذنُ والأهليّة، ثم الإجازةُ والأهليّة، ثم الإذنُ مُجرَّداً، ثم الإجازةُ كذلك، ويجوز أن يقولَ: أجزتُ له أن يُقرئَ بكذا إذا تأهَّل لذلك. ص76
27- ولا بدَّ من سماع الأسانيد على الشيخ، والأعلى أن يحدّثه الشيخُ بها من لفظه، فأما من لم يسمعِ الأسانيدَ على شيخه، فأسانيده من طريقه منقطعةٌ. ص76
28- وأما ما جرت به العادةُ من الإشهادِ على الشيخ بالإجازة والقراءة؛ فحسنٌ يرفع التُّهمةَ، ويسكّن القلبَ. ص76
29- هل يجوز تركيبُ قراءةٍ في قراءةٍ؟ لا يخلو: إما أن يكونَ عالماً أو جاهلاً؛ فإن كان فعيبٌ، وإلا فغيرُ الأَولى. ص77
30- ونعني بالـمُتواتر: ما رواه جماعةٌ عن جماعةٍ كذا إلى مُنتهاه، تُفيد العلمَ من غير تعيين عدد. ص80
31- وقولُ من قالَ: إن القراءاتِ المتواترةَ لا حَدَّ لها؛ إن أرادَ في زماننا = فغيرُ صحيح؛ لأنه لا يوجد اليوم قراءةٌ متواترة وراء العشر، وإن أراد في الصَدْرِ الأَوَّل = فيحتمل إن شاء الله. ص81
32- والعدلُ الضابط إذا انفرد بشيءٍ تحتمله العربية والرسم، واستفاضَ، وتُلقيَ بالقَبول = قُطع به، وحصلَ به العلمُ، وهذا قاله الأئمةُ في الحديث المتلقَّى بالقبول أنه يفيد القطعَ. ص90
33- ونحنُ ما ندَّعي التواترَ في كل فردٍ مما انفرد به بعضُ الرواة، أو اختصَّ ببعض الطرق، لا يدَّعي ذلك إلا جاهلٌ لا يعرف ما التواتر.
وإنما المقروء به عن القراء العشرة على قسمين:
1- متواتر.
2- وصحيح مستفاض، متلقىً بالقبول.
والقطع حاصلٌ بهما. ص91
34- القولُ في القراءات الشاذة كالقولِ في الأحاديث الضَّعيفة المنقولة في كتب الأئمة وغيرهم، يُعلم في الجملة أنَّ النبيَّ قال شيئاً منها، وإن لم نعرف عينه. ص93
35- فنحنُ نقطع بأن كثيراً من الصحابة كانوا يقرءون بما خالف رسم المصحف العثماني قبل الإجماع عليه؛ من زيادةِ كلمة وأكثر، وإبدالِ أخرى بأخرى، ونقصِ بعض الكلمات كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، ونحنُ اليومَ نمنع من يقرأ بها في الصلاة وغيرها منعَ تحريم، لا منعَ كراهة، ولا إشكالَ في ذلك. ص93
36- إذا قلنا: إنَّ المصاحفَ العثمانية محتويةٌ على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى = كان ما خالف الرسمَ يُقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظورٌ؛ لأن كثيراً مما خالف الرسمَ قد صحَّ عن الصحابة وعن النبي . ص94
37- فالذي وصل إلينا متواتراً أو صحيحاً مقطوعاً به: قراءاتُ الأئمة العشرة ورواتهم المشهورين.
هذا الذي تحرَّرَ من أقوال العلماء، وعليه الناسُ اليومَ بالشام والعراق ومصر والحجاز.
وأما بلاد المغرب والأندلس؛ فلا ندري ما حالها اليومَ، لكن بلغنا أنهم يقرءون بالسبع من طرق الرواة الأربعة عشر فقط، وربما يقرءون ليعقوب الحضرمي، فلو رحل إليهم أحد من بلادنا لأسدى إليهم معروفاً عظيماً. ص99
38- القراءات الشاذة ولو كانت صحيحةً في نفس الأمر، فإنها مما كان أُذِنَ في قراءته، ولم يُتحقق إنزالُه، أو أنَّ الناسَ كانوا مخيرين فيها في الصدر الأَوَّل، ثم أجمعتِ الأمةُ على تركها للمصلحة، وليس في ذلك خطرٌ ولا إشكالٌ؛ لأنَّ الأمةَ معصومةٌ من أن تجتمع على خطأٍ. ص99
39- وأما العشرُ: فأجمع الناسُ على تلقّيها بالقَبول، لا ينازع في ذلك إلا جاهلٌ. ص102
40- قال أبو حيّان: التيسير لأبي عمرو الداني، والشاطبية لابن فِيْرُّة لم يحويا جميعَ القراءات السبع، وإنما هي نزرٌ يسيرٌ من القراءات السبع. ومن عُني بفنِّ القراءات، وطالعَ ما صنَّفه علماء الإسلام في القراءات = عَلِمَ ذلك عِلْمَ اليقين. ص103
41- قال أبو حيّان: ولم تكن القراءاتُ السبع متميزةً عن غيرها، إلا في قرن أربع المئة، جمعها أبو بكر بن مجاهد، ولم يكن متَّسعَ الرواية والرحلة، كغيره ممن هو أوسع رحلة، وأجمعُ للروايات. ص108
42- قال أبو حيّان: لا نعلمُ أحداً من المسلمين حظرَ القراءةَ بالثلاث الزائدة على السبع. ص109
43- اعلمْ أنَّ المقرئين بها (أي: القراءات العشر) كثيرون لا يُحصَون، استوعبتهم في كتابي: "طبقات القراء". ص113
44- وكثيرٌ من الطلبة بمصر والشام منتشرون، لا سيّما في دمشق اليوم، فإنها عُشُّ القرآنِ، ومركزُ التَّحقيق والإتقان. ص162
45- وأكبرُ من تصدَّى في هذا الزمان لإقراء العشر والأخذِ بها = شيخُ الشام من غير مدافعة الإمام أبو المعالي محمد بن أحمد بن اللبّان المذكور في صَدْرِ الطَّبقة، قصده الناس من الأقطار، وقرأ عليه بها خلقٌ، جزاه الله خيراً، وجعل ذلك مِنْهُ ومنّا خالصاً لوجهه الكريم. ص162
46- فثبتَ من ذلك وتحقَّقَ أنَّ القراءات الثلاث متواترةٌ، تلقّاها جماعةٌ عن جماعةٍ، يستحيل تواطؤهم على الكذب، وإذا كانت كذلك، فليس تواترها ولا تواتر السبع مقتصراً عند أهلها فقط، بل هي متواترةٌ عند كل مسلم، سواء أَقَرأ القرآنَ أم لم يقرأْه؛ لأن ذلك معلومٌ من الدين بالضرورة، لأنها أبعاض القرآن. ص163
47- وللشيخ الإمام بُرهان الدين إبراهيم بن عمر الجَعْبَري – – رسالة، ذَكَرَ فيها أن القرآنَ وصل إلينا متواتراً بأحرفه السَّبعة التي نزل بها القرآن على النبي . قلتُ (ابن الجزري): وهذا عجبٌ منه مع جلالة قدره! ولوكان هذا الكلام من غيره لقلنا عنه: إما أن يكونَ ما يدري الأحرف السبعة ما هي، أو ما يدري مالتواتر – وحاشاه من ذلك -!. ص168
48- قال تقي الدين السُّبكي: واعلمْ أن الخارجَ عن السبع المشهورة على قسمين:
منه ما يخالف رسمَ المصحف؛ فهذا لا شكَّ في أنه لا تجوز قراءته لا في الصلاة ولا في غيرها.
ومنه ما لا يخالف رسم المصحف، ولم تشتهر القراءة به، وإنما ورد من طريقٍ غريبةٍ لا يُعوَّل عليها، وهذا يظهر المنعُ من القراءة به – أيضاً -.
ومنه ما اشتهر عند أئمة هذا الشأن القراءةُ به قديماً وحديثاً؛ فهذا لا وجهَ للمنع منه، ومن ذلك: قراءة يعقوب وغيره.
قال ابن الجزريّ تعقيباً: هذا الكلام هو الصحيح الذي لا محيد عنه، فدونَكَهُ من هذا الإمام، عَضَّ عليه بالنواجذ. ص170-171
49- قال تاج الدين السبكي: القول بأن القراءات الثلاث غير متواترة = في غاية السقوط، ولا يصح القول به عمن يُعتبر قولُه في الدِّين. ص171
50- قال ابن الجزريّ عن عَلَمِ الدين السَّخاويّ: ولكنَّه – رحمه الله – كان مَشغوفاً بالشاطبية، مَعنياً بشُهرتها، مُعتقداً في شأنِ مؤلِّفها وناظمها – رحمه الله تعالى -، ولهذا اعتنى بشرحِها؛ فكانَ أَوَّلَ مَنْ شرحها، وهو الذي قام بشرحِها بدمشق، وطالَ عُمره، واشتهرت فضائله؛ فقصده الناسُ من الأقطار، فاشتهرتِ الشاطبية بسببه، وإلا فما كان قبلَه أحدٌ يَعرِف الشاطبية، ولا يحفظها، وكان أهلُ مصر أكثر ما يحفظونَ العُنوان لأبي الطاهر، مع مخالفته لكثيرٍ مما تضمنته الشاطبيةُ، وكان أهلُ العراق لا يحفظون سوى الإرشاد لأبي العز، ولهذا نظمه كثير من الواسطيين والبغداديين. ص178
51- الذي لا يُشَكُّ فيه: أن قراءةَ الأئمة السَّبعة والعشرة والثلاثة عشر، وماوراءَ ذلك = بعضُ الأحرف السبعة من غير تعيين. ص181
52- ونحن لا نحتاجُ إلى الردِّ على من قال: إن قراءات السبعة هي الأحرف السبعة؛ فإن هذا قولٌ لم يقله أحدٌ من العلماء، ولا كبيرٌ ولا صغيرٌ، وإنما هو شيءٌ أتَعبَ العلماءُ – قديماً وحديثاً – في حكايته، والرد عليه، وتخطئته = أنفسَهم، وهو شيءٌ يظنه جهلةٌ من العَوامِّ لا غير، فإنهم يسمعون: أُنزل القرآنُ على سبعة أحرف وسبع قراءات، فيتخيلون ذلك لا غير، ونحن لا نُتعِبُ أنفسَنا كما أتعبَ من قبلنا أنفسهم في ذكره أو الردِّ عليه. ص181-182
53- القراءات التي عليها الناسُ اليومَ، الموافقة لخط المصحف، إنما هي بعض الأحرف السبعة من غير تعيين، وقيل: حرفٌ منها، وقيل: بعضُ حرف. ص185
54- قال ابن الجزري عن المد المتصل: وقد أجمعَ القراءُ سلفاً وخلفاً؛ من كبيرٍ وصغيرٍ، وشريفٍ وحقيرٍ على مَدِّه، لااختلافَ بينهم في ذلك، إلا أنْ يكونَ رُويَ عن بعض من لا يُعوَّل عليه بطريقٍ شاذَّةٍ، فلا يجوزُ القراءةُ به. ص188
55- قال ابن الجزري عن الهُذَلي: وأَلَّف كتابه الكامل الذي جمعَ فيه بين الدُّرَّة وأُذنِ الجَرَّة؛ من صحيح وشاذٍّ، ومَشهور ومُنكَر. ص189
56- إذا ثبتَ أنَّ شيئاً من القراءات من قبيل الأداء = لم يكن متواتراً عن النبي ؛ كتقسيم وقف حمزة وهشام، وأنواع تسهيله، فإنه وإنْ تواترَ تخفيفُ الهمز في الوقف عن رسول الله = فلم يتواتر أنه وَقَفَ على موضع بخمسين وجهاً، ولا بعشرين، ولا بنحو ذلك، وإنما إنْ صَحَّ شيءٌ منها فوجهٌ، والباقي لا شكَّ أنه مِنْ قبيل الأداء. ص196
57- قال أبو المعالي الزملكاني: انحصار الأسانيد في طائفة لا يمنع مجيءَ القرآن عن غيرهم، فقد كان يتلقَّاه أهلُ كل بلد بقراءة إمامهم الجمّ الغفير عن مثلهم، وكذلك دائماً، فالتواترُ حاصلٌ بهم، ولكنَّ الأئمةَ الذين تَصدّوا لضبط الحروف وحفظوا شيوخهم منها، جاءَ السند من جهتهم، وهذا كالأخبار الواردة في حجَّة الوداع ونحوها، هي آحاد، ولم تزل حجة الوداع منقولةً بمن يحصل بهم التواترُ عن مثلهم في كل عصر، فهذه كذلك. ص212
58- أخطأ من زعم أن ابن مجاهد أراد بهذه السبعةِ = السبعةَ التي في الحديث، حاشا ابن مجاهد من ذلك. ص216

(تم بحمد الله)
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

تغريدات

  • تغريدات
  • إشراقات قرآنية
  • غرد بصورة
  • غرد بفوائد كتاب
  • فنيات
  • نصائح للمغردين
  • الصفحة الرئيسية