صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عرض كتاب "أرض الأنبياء"

بقلم: تقى محمد يوسف


بسم الله الرحمن الرحيم


في فلسطين، ليس هناك من يلعب دور البطولة المطلقة، فكلهم أبطال. كما أنه ليس هناك من يلعب دورا ثانويا، فكلهم أبطال. المرأة في بيتها تشجع زوجها، وتزرع حب الجهاد في نفس أطفالها. الأطفال يرمون الحجارة، والشيوخ يقودون الكتائب. الشباب بين مراقب ومهاجم، بين صانع الأسلحة وقاذفها. هذا هو حال فلسطين، جرح الأمة.

يأخذنا نجيب الكيلاني إلى عام 1948، تحديدا في مدينة حيفا. شعر الشيخ إسماعيل ريحان وكل من له عقل أن هذا اليوم ليس كمثله من الأيام. صوت طلقات المدافع ووقع الأقدام المتعطشة للدم كان واضحا. ومنذ تلك اللحظة تغيرت الأوضاع ... للأبد ... ليس في فلسطين وحدها، بل في معظم الدول العربية. فالشيخ إسماعيل الذي رحل هو عائلته عن حيفا بدأ يعمل في نقل الأسلحة، وابنته ضحى تعمل ممرضة في المستشفى وتعالج المرضى في المخيمات. أبو نجلاء الذي قُتل أفراد عائلته أمام عينيه وجب أن يسترد عافيته سريعا، أما ابنته نجلاء التي اختطفها الإسرئيليون استطاعت الهرب ولم تتنازل عن الانضمام لكتيبة من الكتائب؛ لتوقع باليهود أكبر الخسائر. في نفس الكتيبة كان الشيخ القصير ذو اللحية البيضاء يقود مجموعة من الشباب: خميس الذي ترك حيفا هو الآخر، وصالح الذي شعر بواجبه وجاء من مصر؛ ليشارك في المعركة، ونادر الذي كان من أغنى الأغنياء. وكما كان هناك أشخاصا مستعدين للتضحية بأغلى ما يملكون، كان هناك من يخون وطنه ليأمن على حياته وأمواله.

لم يكن هناك وقت للحزن أو التفكير في الخسائر. لم يكن هناك وقت إلا للتضحية ... التضحية حتى بالحب. كانت مبادئهم هي التي تحركهم، ولا شيء آخر. كان أهل فلسطين كلهم يبذلون ما في وسعهم، ولم يبالوا بالنتائج. نعم، فنحن مكلفين بالذل والاجتهاد والسعي في الطلب ... هذا ما سنحاسب عليه، لكن النتائج والنصر سيأتي في وقته. لا يهم من يراه: هم، أبناؤهم، أحفادهم ... ما يهم هو أنهم متأكدون من النصر. سيأتي النصر في يوم من الأيام، ولعله قريب!

استطاع الدكتور نجيب الكيلاني تصوير المشهد كاملا، ليس في فلسطين وحدها، بل في كل الدول العربية. كيف أثر هذا الحدث على فلسطين والدول العربية؟ كيف أثر على أهالي فلسطين وأهالي الدول العربية؟ هل ساعدنا فلسطين حقا أم ساهمنا في ازدياد الأوضاع سوءً؟ كنا على وشك الأنتصار، حتى أننا وصلنا إلى تل أبيب، لكن ظهرت الهدنة، والأدهى من ذلك أن تقبل بها بعض الدول العربية!

في هذه الرواية ستعيش مع أهالي فلسطين، ستفرح لفرحهم، وتحزن لمصابهم. ستغمرك السعادة عندما يحرزون انتصارا ولو كان صغيرا، وتغمرك الدموع عندما يخسرون فردا واحدا منهم.

أستطيع أن أقول بكل ثقة أن د/ نجيب الكيلاني أقنعني أن النصر ليس سهلا لكنه أيضا ليس مستحيلا، إنما نحتاج فقط أن نفيق من الغيبوبة التي نسينا أنفسنا فيها، يقول الكاتب على لسان أحد الشخصيات: "أنا لا أعتب على اليهود، ولكن أعتب على جماهيرنا التي استعذبت النوم، واستراحت للكسل، وخدعها الكبرياء!! ماذا كنا نفعل عندما كانوا هم يعدون العدة، ويعبئون الشعور العالمي، ويبنون المستعمرات والحصون؟" وأن أولى خطوات النصر أن نصنع سلاحنا بأيدينا، يقول الكاتب على لسان القائد القصير: "أليس مضحكا أن نحارب أعداءنا بسلاح نشتريه منهم ... أتدرون متى ننتصر؟ عندما نصنع سلاحنا بأيدينا، ولن نفعل ذلك إلا إذا كسرنا الأيدي التي تعوق انطلاقنا، هذه الأيدي هي الحكم الفاسد والاستعمار الذي يحميه". وأن الحياة أغلى من الموت، يقول القائد: "ليس المهم أن نضحي ونموت دون خوف، بل الأهم من هذا كله أن نصنع شيئا ... أن نحافظ على حياتنا من أجل المعركة التي قد تطول". وأن الجهاد في سبيل الله لم يعد درسا نتعلمه أو قصة نقرؤها، بل واقعا عمليا يحتاج إلى الإيمان بالله والصبر والتضحية، يقول والد صابر عند رحيل ابنه: "إنني كأب أقول لك ابق بجواري؛ حتى أسعد بك وبنجاحك في الحياة، لكني كإنسان مؤمن حر ... أقول لك اذهب لتدفع ضريبة الدم، لتححق لوطنك الكثير، ولعقيدتك السمحاء النصر، والحرية ... وتؤكد معاني الخير والعدل والحب".

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل