صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شبابنا بعد المباريات . تشجيع أم ترويع ؟

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

سامي بن خالد الحمود

 
شبابنا بعد المباريات
تشجيع أم ترويع ؟
تحقيق الرائد / سامي بن خالد الحمود
Sami99100@hotmail.com
 

نحن بعواطفنا نحب كثيراً من الأشياء الجميلة .
لكن ما إن تتأمل عقولنا الآثار السيئة التي تفرزها هذه الأشياء ، أوما ينتج عنها من هدر الطاقات ، أوالانشغال عن آمال أسرنا وطموحات أوطاننا ، إلا ونكون مضطرين إلى إعادة حساباتنا من جديد ، لنتعامل معها باتزان واعتدال .

الرياضة تتصدر اليوم قائمة الاهتمامات عند طائفة كبيرة من الشباب في شتى أرجاء العالم .
وليس هذا غريباً ، فحيوية الشباب وعنفوانه من أهم عوامل اهتمام الشباب بالرياضة ممارسةً وتنافساً وتشجيعاً .
ومع حمى التنافس الرياضي ، وحرارة التشجيع الكروي شهدت المجتمعات ألواناً من الانحراف السلوكي متمثلة في الشغب الرياضي وما يتبعه من آثار سلبية .
الحقيبة التاريخية الرياضية مليئة بكوارث الشغب الرياضي ولعل من آخرها ما نشرته وسائل الإعلام خلال شهر صفر المنصرم من مقتل ما يزيد على( 130 ) شخصاً في غانا ، بعد مباراة بين الفريقين التقليدين للكرة الغانية ، وكان سبب الكارثة ثورة جماهير الفريق المهزوم مما دعا الشرطة إلى التدخل وتفريقهم بالغاز المسيل للدموع .
وبحمد الله ، فإن مجتمعنا لم يصل إلى الحالة التي وصلت إليها تلك المجتمعات ، إلا أنه ظهرت في الآونة الأخيرة بعض السلوكيات الخاطئة بعد المباريات من بعض شبابنا ، مما دعا المسؤولين بالجهات المعنية إلى الاهتمام بهذه الظاهرة ، والتصدي لها للحيلولة دون ما تحدثه من أضرار.

في هذا التحقيق .. اقتحمنا أوساط الشباب، واستطلعنا آراءهم حول ملامح هذه الظاهرة وأسبابها وأنسب الحلول للتصدي لها ، وذلك عبر استبيان اشترك فيه 232 شاباً من مختلف الطبقات .
كما كان لنا الالتقاء ببعض المسؤولين والأساتذة المختصين للإدلاء بآرائهم حول هذه الظاهرة وهم : سعادة اللواء / محمد أحمد البار مساعد مدير الأمن العام لشؤون الأمن الجنائي ، وسعادة الدكتور / مساعد إبراهيم الحديثي أستاذ علم الاجتماع الجنائي ومدير مركز البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ، وفضيلة الشيخ الدكتور / سعيد بن مسفر القحطاني الداعية المعروف .

• الرياضة في الإسلام :
في بداية التحقيق توجهنا إلى فضيلة الشيخ الدكتور / سعيد بن مسفر القحطاني بسؤال حول الرياضة في منظور الشريعة الإسلامية .
فأجاب فضيلته : (( الإسلام وهو دين الله الخالد الذي يتسم بالشمولية والكمال لم يهمل أمر الرياضة بل أحاطها بالعناية وشملها بالرعاية ، وتضمنت بعض نصوصه ما يفيد مشروعيتها ، ومارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أنواعها ، فقد سابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مرتين سبقته في الأولى وسبقها في الثانية .
وجاء في الحديث " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير " والقوة المقصودة هنا عامة يدخل فيها قوة الجسم والبدن ، ولأن هناك تكاليف وفرائض شرعية لا يمكن أداؤها إلا بواسطة الجسم كالجهاد والحج وغيره .
وبهذا يعلم أن ممارسة الرياضة جائزة ولكن بشرط عدم الوقوع في المحذور الشرعي مثل : كشف العورات أو إضاعة الصلوات أو التعصب المقيت والتشجيع الفوضوي )) .

• ما الذي يحدث في شوارعنا ؟
من خلال الرصد والمتابعة الميدانية لسلوكيات الشباب ، تبين لنا وجود عدد من المظاهر السلبية التي تحدث في الشوارع بعد انتهاء المباريات الرياضية لا سيما المباريات الهامة .

ومن هذه المظاهر :
1ـ إغلاق بعض الشوارع أو الأنفاق بواسطة سيارات بعض المشجعين ، ومن ثم ازدحام الطرق وعرقلة سير السيارات لا سيما سيارات الإسعاف والأمن والدفاع المدني وغيرها من المصالح الضرورية0
2ـ التفحيط داخل الأحياء أو الشوارع الرئيسية .
3ـ تجاوز الأنظمة المرورية كقطع الإشارات ، والسرعة والتهور في القيادة مما يسبب حوادث الدهس وتصادم السيارات .
4ـ قيام بعض الشباب بالتعدي على السيارات المارة لا سيما سيارات المقيمين كسيارة شركات الليموزين وغيرها ، ورمي السيارات بالعلب أو الحجارة أو البيض !!
5ـ مضايقة النساء ومعاكستهن ، وقد يصل أحياناً إلى التعدي عليهن داخل السيارة .
6ـ التعدي على بعض المرافق العامة أو الخاصة كواجهات ولوحات بعض المحلات التجارية .
7ـ تجمهر الشباب في الأحياء والشوارع .
8ـ المشادات الكلامية والألفاظ السوقية والسباب والشتم الذي يقع بين مشجعي الفرق ، والتي تنتهي أحياناً بمضاربات سيئة العواقب .
9ـ إزعاج السكان في الشوارع والأحياء بأصوات المنبهات ، أو برفع أصوات المسجلات بالموسيقى الصاخبة .
10ـ الرقص الجنوني أو ( هز الوسط ) الذي لا يليق بالشاب المسلم .
11ـ التجوال في الشوارع إلى ساعة متأخرة من الليل وإضاعة صلاة الفجر .
12ـ عدم التزام بعض المشجعين بقواعد السلامة بإهمال ربط الحزام ، بل قد يخرج بعضهم من نافذة السيارة أو فتحة السقف معرضاً حياته للخطر .

• مشاهد حية :
من خلال الاستطلاع الميداني التقينا بعدد من الشباب والكبار الذين شاهدوا أو تعرضوا لمثل هذه المواقف التي تحدث بعد المباريات .
ـ ( أبو علي 19 سنة طالب ) : شاهدت بعض الشباب بعد إحدى المباريات المنتخب قاموا باستيقاف سيارة ( آيسكريم ) ثم أخذوا بعض طفايات الحريق وفتحوها داخل السيارة .
ـ ( أبو صلاح 15 سنة طالب ) : شاهدت أحد الشباب يفحط بعد إحدى المباريات ثم انحرفت به السيارة فارتطمت بأحد الأعمدة في الشارع .
ـ ( أبو خالد البيشي 17 سنة طالب ) : خرجت بعد إحدى المباريات وكنت أرفع أعلام فريقي المفضل فقام مشجعوا النادي الآخر بكسر أنوار السيارة .
ـ ( نايف محمد صالح 18 سنة طالب ) : شاهدت ثلاثة من الشباب يضعون الأعلام على أكتافهم فاعترضهم بعض مشجعي النادي المنافس وحدثت بينهم مشادة كلامية ثم مضاربة نتج عنها طعن أحد الشباب بالسكين .
ـ ( أ 0 موظف ) : قام الشباب بإغلاق مسارات أحد الشوارع في الرياض عدا مسار واحد ، وكلما مرت سيارة مع هذا المسار قاموا بهزها هزاً شديداً تهتز معه قلوب راكبي السيارة .
ـ ( إبراهيم المجحدي 40 سنة معلم ) : بعد إحدى المباريات شاهدت بعض الشباب تجمهروا حول سيارة جمس بها مجموعة من النساء وقاموا بفتح الأبواب وضرب السائق ثم أخرجوا النساء وسحبوا عباءاتهن مع كل أسف .
ـ ( ع 37 سنة موظف ) و ( أبو مازن 27 سنة موظف ) : شاهدا موقفين مشابهين للموقف السابق في مضايقة العوائل .
ـ ( أ ب 19 سنة طالب ) : كنت أسير في شارع به حفريات ، فقام بعض الشباب برمي سيارتي بالحجارة .
ـ ( خالد عبدالرحمن السهلي 25 طالب ) : بعد إحدى المباريات كنت أمشي بسيارتي فقام بعض الشباب بجانبي بإغلاق الشارع ، ثم حضرت دوريات الأمن وقبضوا على الشباب ، وكادوا يقبضون علي لأني كنت بجوارهم لكن الله ستر .
ـ ( فتحي حكمي 19 سنة طالب ) : خرجت إلى الشارع وإذا بأحد الشباب يفحط بعد إحدى المباريات لكنه لم يسيطر على السيارة جيداً فارتطمت بالإشارة وتوفي الشاب في الحال .
ـ ( ج 30 سنة ) : شاهدت موقفاً في الملز أصيب فيه أحد المقيمين بشجة في رأسه بسبب فوضى الشباب بعد المباراة .
ـ ( بدر محمد الجميل 19 سنة طالب ) : كنت أمشي في أحد شوارع الرياض فقام بعض المتعصبين برمي البيض على سيارتي .
ـ ( محمد فيصل المشارقة 18 سنة ) : في إحدى المرات قام أحد الشباب بالتفحيط وصدم شخصاً كان بجانبي ، ونجوت بحمد الله .

• أسباب الظاهرة :
هذه الظاهرة لا شك أنها – كغيرها من الظواهر الاجتماعية – في الحقيقة إفراز لعدة أسباب متداخلة .
من خلال استبيان شارك فيه 232 شاباً قمنا باستطلاع آراء الشباب حول أسباب هذه الظاهرة ، وقد أسفرت حصيلة الاستبيان عن عدة أسباب . أبرزها ما يلي :
1- جاء في مقدمة الأسباب ضعف الوازع الديني وعدم مراقبة الله تعالى :
عدد الأصوات 128 بنسبة ( 55.1 % )
2- التجمعات والمسيرات بعد الفوز :
عدد الأصوات 127 بنسبة ( 54.7 % )
3- المجاراة وتقليد شاب من حوله :
عدد الأصوات 108 بنسبة ( 46.5 % )
4- إعطاء التشجيع والرياضة اهتماماً زائداً عن حد الاعتدال :
عدد الأصوات 100 بنسبة ( 43.1 % )
5- الشحن الإعلامي وتصريحات الرياضيين :
عدد الأصوات 97 بنسبة (41.8 %)
6- ضعف دور رجال الأمن :
عدد الأصوات 97 بنسبة (41.8 %)
7- ضعف الرقابة والتوجيه من الأسرة :
عدد الأصوات 94 بنسبة ( 40.5 % )
8- عدم التحلي بالروح الرياضية :
عدد الأصوات 85 بنسبة ( 36.6 % )
9- أسباب أخرى :
عدد الأصوات 28 بنسبة ( 12 % )


 

* وعن أسباب هذه الظاهرة قال سعادة اللواء / محمد البار : (( أسباب هذه المشكلة تكمن في عدة جوانب 0 منها : ضعف التوعية الإعلامية ، إضافة إلى ضعف الوازع الديني ، ووجود الفراغ الذهني لدى بعض الشباب وما يصاحبه من قلة الوعي والإدراك للمسؤولية ، وزيادة الحماس في هذه المناسبات مع توفر الإمكانيات لدى الشاب كالسيارات وغيرها مع عدم مراعاة الضوابط الأمنية ، كما أن غياب الدور الأسري في تربية الأبناء له دور في هذه الظاهرة 0 ومن جانب آخر قد يكون هناك تأثير من بعض وسائل الإعلام في إثارة الحماس بين الأندية والجماهير )) .

* وقال الدكتور / مساعد الحديثي عن أسباب هذه الظاهرة :
(( هذه الظاهرة ليست سوى إفراز وقتي لمشاكل اجتماعية وثقافية بدأ يعاني منها المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة ، وهي بمجملها تنحصر في سلبيات ما يمكن تسميته بفترة ما بعد الطفرة ، والتي تمثلت في ضعف المؤسسات الاجتماعية الأولية ( الأسرة ، المسجد ، المدرسة ) عن القيام بدورها في تنشئة الأجيال على أسس سليمة ، وكذلك الترف الاجتماعي ، والفراغ والبطالة ، وتوفر وسائل الاتصال ، مما أدى إلى نشوء جيل مترف ، يعاني من مؤثرات سلبية كثيرة ، وتصله رسائل متناقضة من وسائل الإعلام المتعددة وخاصة القنوات الفضائية .
وهناك أمر مهم آخر يتعلق بتحول التشجيع الرياضي للأندية إلى انتماء يغلب عليه التعصب ، وتحول المناسبات الرياضية إلى معارك فيها هازم ومهزوم مما يؤدي إلى تلك السلوكيات التي فيها تعبير غير منضبط ، إما بالفرح عند الفوز أو بالحزن عند الهزيمة .
وتلك المشاعر طبيعية لدى كبار السن ، ولكنها لدى المراهقين تتحول إلى عوامل تدمير ما لم يقم المجتمع بدوره في الضبط والمراقبة ، وتطبيق العقوبة عند الحاجة إليها )) .

* ومن جانبه قال الدكتور / سعيد بن مسفر القحطاني :
(( هذه الظواهر غريبة على مجتمعنا وسببها في نظري هو الفراغ النفسي وحب التقليد والمحاكاة ، وأيضاً عدم الردع من قبل السلطات الأمنية وعدم الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء ، وهذه الظاهرة إن لم يتم التصدي لها وإلا فإن هؤلاء سيتمادون وربما تقع منهم بعض التصرفات التي لا تحمد عقباها )) .

• ما هو الحل ؟ :
* يرى سعادة اللواء محمد البار أنه من الحلول المناسبة لهذه الظاهرة (( تكثيف التوعية الإعلامية من قبل وسائل الإعلام وتقديم برامج توعية موجهة للشباب ، ويمكن في هذا العدد التنسيق مع المختصين في مجالات التربية والتعليم لنشر الوعي بين الطلاب وتفعيل الدور الأسري للحد من هذه الظاهرة ، والتعاون مع الهيئات الدينية لإرشاد الشباب في المساجد والمناسبات الدينية ، إضافة إلى البحث عن سبل لامتصاص حماس الشباب بإنشاء الأماكن الترفيهية الشبابية)) .
* وقال الدكتور/ مساعد الحديثي : (( يكمن تلخيص الحلول في ثلاث كلمات : الفهم ، التوعية ، والحزم 0 فينبغي أولاً فهم الظاهرة بكل جوانبها وأبعادها من خلال الدراسات الميدانية الشاملة التي تستقصي أسبابها ، وخصائص الممارسين لها ، ووجهة نظرهم حيالها .
ويأتي ثانياً دور التوعية من خلال المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام لمناقشة القضية مع المختصين وتقديم رسائل غير مباشرة تخاطب الشباب وتحثهم على السلوكيات الحسنة وتبين لهم أخطار التجاوزات على أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم .
وأما الجانب الثالث فهو الحزم في التعامل مع المتجاوزين لأن الردع له تأثير ملموس في حالة فشل التربية والتوعية 0 ويبدو أن هناك تقصير في هذا الجانب ينبغي تلافيه ، والتعامل بالمفاهيم الدخيلة على مجتمعنا لن يؤدي إلا إلى المزيد من السلبيات .
والمسؤولية هنا تقع على كواهل الجميع ابتداءً بالأبوين ومروراً بالمعلم وإمام المسجد ورجل الإعلام ورجل الأمن وغيرهم 0 كما ينبغي أن يكون للأندية ومسؤوليها ومشاهير اللاعبين دور في تخفيف حدة التعصب والتعامل بالأخلاق الرياضية ، فلا بد من إشعارهم بمسؤولياتهم ، ولا بد من الاستعانة بهم في مهمة التصدي لهذه الظاهرة ))
* وعن الحلول المناسبة لمواجهة هذه الظاهرة قال الدكتور/ سعيد بن مسفر القحطاني :
(( أنسب الحلول في نظري لمواجهة هذه الظاهرة هو التعاون المشترك بين جميع الجهات ، فالأسرة مطالبة بعدم إعطاء السيارة للشباب في مثل هذه الظروف ، والجهات التعليمية يجب أن تقوم بدورها في التربية والتوجيه والتحذير من هذه السلوكيات .
والوسائل الإعلامية ينبغي أن تكثف التوعية بأضرار ونتائج هذه التصرفات والتحذير منها .
وفي النهاية يأتي دور الجهات الأمنية وذلك بالقبض على هؤلاء وإيداعهم السجـن وتقدير العقوبات الرادعة كالجلد مثلاً ليكونوا عبرة لغيرهم لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن ، وفي اعتقادي أن وقفة حازمة وعقوبات رادعة ستقضي على هذه الظاهرة ، وستقتلعها من جذورها بإذن الله )) .

• دور الإيمان والوعي الديني
لاشك أن الإيمان صمام أمان يضبط تصرفات الشاب ، ومتى اختل هذا الصمام تسربت السلوكيات السيئة إلى المجتمع الذي حوله .
الشاب المؤمن ينأى بنفسه عن هذه الأفعال ولو لم يكن فوقه رقيب يحاسبه أو نظام يعاقبه ، لأن في قلبه رقابة ذاتية ملازمة له وإن خلا عن أعين الناس وهي مراقبة الله تعالى .
إننا بتكثيف التوعية الدينية يمكن أن نصل إلى قلوب الكثير من الشباب ، فالإيمان يحمل الشاب على الاعتدال في اهتماماته فلا يكون التشجيع الرياضي مقدماً على مصالح الشاب نفسه أو أسرته فضلاً عما ينتظره منه دينه ووطنه .
الإيمان ينهى الشاب عن إيذاء الآخرين أو التعدي على حقوقهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " متفق عليه
وفي الحديث الآخر: " من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم " رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع 0 وهذا وعيد شديد على الشاب أن يضعه نصب عينيه .

• دور الأمن العام :
تبذل الجهات المختصة في الأمن العام جهوداً كبيرة في وضع الخطط والاستعداد المبكر للتصدي لهذه الظاهرة .
* وقد ذكر سعادة اللواء / محمد البار أن هذه الجهود تتضمن نشر الدوريات الأمنية قرب الملاعب الرياضية والميادين العامة المرتادة للمحافظة على الأمن ، وضبط وإيقاف من يقوم بمثل هذه التصرفات ومن ثم تطبيق العقوبة النظامية عليه ، وهناك جهود أخرى تتعلق بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات العلاقة لإقامة برامج التوعية الأمنية للطلاب وحثهم على تجنب مثل هذه التصرفات .
هذا وقد صدرت مؤخراً موافقة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية على اللائحة الخاصة بتطبيق نقاط المخالفات المرورية والتي جاء من ضمنها :
المخالفة : عرقلة حركة السير أثناء المناسبات الرياضية وغيرها .
العقوبة : حجز المركبة لمدة أسبوعين والغرامة بحدها الأوسط ، وفي المرة الثانية حجز المركبة لمدة شهر والتوقيف لمدة أسبوع والغرامة بحدها الأعلى .

• دور الإعلام :
* مع زيادة وسائل الإعلام وانتشارها وقوة تأثيرها في الفكر الرياضي للشباب تبرز أهمية الدور الملقى على هذه الوسائل .
لكن بعض هذه الوسائل قد تلجأ إلى أسلوب الإثارة الإعلامية غير المنضبطة ، واستخدام عبارات التحدي والاستفزاز في عرض الأخبار الرياضية عن اللاعبين أو الفرق .
وقد تظهر بعض هذه العبارات في تصريحات بعض منسوبي الأندية الرياضية حتى يخيل للقارئ أن القضية معركة تنتظر طبول الحرب ، لا مباراة تنتظر صافرة الحكم .
فمن الأساليب المثيرة - على سبيل المثال - : تعليق بعض الإعلاميين بعد فوز أحد الفرق بعبارات : ( القهر ) و ( الموت ) و ( كسر الخشوم ) وغيرها من عبارات الاستفزاز والتحقير التي تلهب عواطف الجماهير وتشحن قلوبهم بالتعصب المقيت .
وقد تعرض بعض الوسائل صوراً حية لبعض سلوكيات الشباب السيئة في الشوارع ، وهذا وإن كان قد يقع بحسن نية ، إلا أن في مضمونه الإشادة بمثل هذه السلوكيات .
إن المأمول من كافة رجال الإعلام إدراك المسؤولية الكلمة الملقاة على عواتقهم في توجيه الشباب ، ورفع درجة وعيهم ، وتحليهم بالروح الرياضية ، وترفعهم عن التعصب المذموم .
ومن أمثلة المعالجة الواعية في هذا الجانب ما نشرته بعض صحفنا اليومية في 21/2/1422هـ من إشادة صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة بانضباط الجماهير وتقيدهم بالأنظمة بعد المباراة النهائية على كأس خادم الحرمين الشريفين 0 وأضاف سموه أن هذا الأمر ساهم في منع الحوادث الأمنية و المرورية .

• دور الأسرة والمدرسة :
* وفيما يتعلق بدور الأسرة والمدرسة باعتبارهما أولى المحاضن التربوية التي يتربى فيها الناشئة قال الدكتور / مساعد الحديثي :
(( يقع على الأسرة المسؤولية الكبرى في تنشئة الأطفال على احترام القيم الاجتماعية ومعرفة الحدود التي يجب عدم تجاوزها ، ويأتي دور المدرسة مسانداً ومكملاً لدور الأسرة .
ولكن للأسف الشديد ، نظراً لانشغال الأبوين أو ضعفهما تخلت الكثير من الأسر عن دورها الاجتماعي المهم ، وبالتالي لم تستطع المدرسة معالجة الخلل الناشئ عن ذلك ، فأصبحت عملية التنشئة يشوبها القصور وبدت آثارها السلبية على سلوكيات الفرد في سن المراهقة 0 ولا بد من إيجاد آليات واضحة ودقيقة لتحمل الأسرة والمدرسة مسؤولياتهما نحو تنشئة الأجيال وبناء أسس للتعاون والتكامل بينهما ، وإعادة الهيبة لشخصية الأب والمعلم من خلال المناهج الدراسية ، ومن خلال الممارسة الفعلية ، ومن خلال القدوة الحسنة )) .

• من حلول ومقترحات الشباب :
ـ طالب جمع غفير من المشاركين في الاستبيان بتكثيف تواجد رجال الأمن ومنع التجمهر والمسيرات لأنها المناخ الخصب لهذه السلوكيات .
- كما رأى جمع منهم تطبيق العقوبات الرادعة بحق المخالفين ، وأردفها بعضهم بعبارة ( الضرب بيد من حديد !! )
ويقترح ( ح ع ع 23 طالب ) أن تكون عقوبة المتعدي على الآخرين فورية بالجلد في موقع المخالفة .
ويرى ( س ل ط 30 سنة موظف ) التشهير بالمعتدي وجلده بعد صلاة الجمعة .
- اقترح عدد من المشاركين اشتراك هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في توجيه الشباب ومنع حدوث المخالفات اللاأخلاقية في الشوارع .
- ( ب ص س 18سنة طالب ) : على كافة الرياضيين تجنب التصريحات الساخنة التي تؤدي إلى التعصب والعداء بين الأندية .
- ( أ ن الحمدان 30 سنة موظف ) : على رب الأسرة توجيه أبنائه وتحذيرهم من هذه السلوكيات وتذكيرهم مراقبة الله تعالى والمحافظة على سمعة أسرتهم .
- ( س ع ح 20 سنة موظف ) : على الآباء أن لا يسمحوا لبناتهم بالخروج مع السائق والتجول بعد المباريات لكي لا يتعرضن للمضايقات .
- ( عبدالله الزهراني موظف ) : أقترح وضع نشرات توعوية لبيان خطورة هذه الظاهرة والعقوبات المترتبة عليها .
- ( ك م م 19 سنة طالب ) : أقترح استخدام لوحات إرشادية في أماكن مرور تجمع الشباب .
- ( ف أ 19 سنة طالب ) : على الرياضي أن يرضى بالقضاء والقدر عند الهزيمة .
- ( عبدالله جبران خبراني 20 سنة طالب ) من يقوم بهذه الأعمال ليس رياضياً ولا يصلح أن يكون حتى ربع رياضي .
- ( أحمد حسن سفياني 21 سنة طالب ) : الفوز بالجنة ورضا الوالدين بعد رضا الله هو الفوز .

• إجابات ومواقف طريفة :
- لم تسلم أوراق الاستبيان المعدّ لهذا التحقيق من التعصب الرياضي ، حيث شن بعض المشاركين هجوما ً كلامياً وحملة شعواء ضد مشجعي الفريق الآخر وألقى باللائمة عليهم بقولـه : اسألوا جمهور نادي ..... لأنهم ...... وهم الذين يحدثون هذه التصرفات ، أما جمهور نادينا فهو جمهور واع ومثقف !!! ( يا عيني عليك )
ـ طفحت حواشي الأوراق بشعارات الأندية وألقابها وإنجازاتها ، بل وبأرقام فانيلات اللاعبين وألقابهم 0
بعضهم سمى نفسه : ( مجنون نادي .......) ، ووصف آخر فريقه بقوله ( سفير الكرة الأرضية إلى الكواكب الأخرى !!! ) ، وختم آخر إجابته بقوله ( ونصيحتي لكل من يقرأ هذا الاستبيان أن يشجع نادي .......) .
ـ على الرغم من تفاعل أغلب المشاركين في التحقيق ، إلا أنه ظهرت اعتراضات شاذة من قبل بعض الشباب الذين اتهموا هذا التحقيق بالتخلف 0 وقال بعضهم : ( أنتم متخلفين !! خلّوا الشباب على راحتهم ) ، بينما طالب آخرون بتخصيص أماكن لهم لممارسة التفحيط !!
- في إجابة صريحة جداً لأحد المفحطين ( أ 0س 20 سنة طالب ) عن سؤال حول مشاهدته أو تعرضه لموقف أو إيذاء ، أجاب بقوله : لم أتعرض لشيء لأني أنا أصلاً أقوم بهذه التصرفات وهم الذين يشاهدونني وليس أنا .
- أحد المشجعين تعرض شخصياً لعدة مواقف مؤذية فاعتزل التشجيع المحلي نهائياً وقرر الاحتراف خارجياً وبدأ يبحث عن بعض الفرق العربية والأجنبية لأنها على حد قوله : ( لا يحدث بسبب فوزها أي مشاكل هنا ) !!! .
ـ ( ر ت 24 سنة طالب ) ردّ على سؤال كيف تعبر عن فرحتك بفوز فريقك ؟
فقال : ابتسم مثل ابتسامة لبن .........

* ختاماً لا نزعم أننا في هذا التحقيق استوعبنا كافة الجوانب المتعلقة بهذه الظاهرة أسباباً وعلاجاً ، فإنها لا تزال بحاجة إلى تظافر الجهود من كافة المعنيين وذلك بدراستها وتحليلها وإيجاد إجراءات وبرامج منظمة لتحجيم أسبابها والحد من آثارها السلبية 0 على أن هذه الجهود لا بد أن تتبناها كافة الجهات ابتداءً بالبيت والمدرسة والمسجد ومنبر الجمعة والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام والأندية الرياضية وانتهاءً بالمجتمع بأكمله ، والله ولي التوفيق .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سامي الحمود
  • كتب وبحوث
  • محاضرات
  • كلمات قصيرة
  • منبر الجمعة
  • مذكرات ضابط أمن
  • تحقيقات ميدانية
  • مقالات وردود
  • معرض الصور
  • قصائد
  • فتاوى أمنية
  • صوتيات
  • الجانب المظلم
  • الصفحة الرئيسية