صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يا منسوبات الغرفة التجارية :
كيف بكن إذا كانت خصمكن
الطاهرة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

أميره الصاعدي


(( اختاره الله واصطفاه ، واختصه لنفسه وارتضاه ، فإنه تعالى طيب لا يقبل إلا طيب ، ومحمد صلى الله عليه وسلم طيب ؛ وله أيضاً من الأخلاق أطيبها وأزكاها .... وكذلك لا يختار من المنَاكِحِ إلا أطيبها وأزكاها ، ومن الأصحاب والعشراء إلا الطيبين منهم ، فروحه طيب ، وبدنه طيب ، وخلقه طيب ، وعمله طيب ، وكلامه طيب ، ومطعمه طيب ، ومشربه طيب ، وملبسه طيب ، ومنكحه طيب ، ودخله طيب ، ومخرجه طيب ، ومنقلبه طيب ، ومثواه طيب". زاد المعاد
هكذا وصف ابن القيم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومفهوم كلامه أن الله اختار لنبيه أشرف النساء وأفضلهن وأعفهن ، ومن تدابير الله لنبيه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة أن وفقه لبناء أسرة صالحة ، وأختار له زوجة شريفة فاضلة حازمة ، وذلك تمهيداً لبيت النبوة ، وتهيئة لحياة كريمة هادئة ، فخديجة رضي الله عنها كانت هي اللبنة الأولى لهذا البيت ، وكان اختيارها بتدبير من رب العالمين ، لتكون أهلاً لشرف بيت النبوة ، وخير معين للرسالة المحمدية .
وكان اختيار خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم زوجاً ، بناءً على معايير دقيقة تدل على رجاحة عقلها وكمال رأيها .

وقد عُرفت خديجة رضي الله عنها منذ الجاهلية بالطاهرة ، لطهارة سريرتها ، واستقامة سيرتها ، ومن خلال تأمل سيرة خديجة رضي الله عنها ، نقف عند هذين النصين :
1- عن ابن إسحاق قال : « وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ، ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشيء تجعل لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه ، وعظم أمانته ، وكرم أخلاقه بعثت إليه ، فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام .....الخ " .
2- وفي طبقات ابن سعد : قال حكيم بن حزام : « كنت أعالج البز والبر في الجاهلية ، وكنت رجلا تاجرا أخرج إلى اليمن وإلى الشام في الرحلتين ، .... ، وكانت لنا ثلاثة أسواق : سوق بعكاظ يقوم صبيح ليلة هلال ذي القعدة عشرين يوما ويحضرها العرب ، وبها ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد ، وهو يومئذ غلام " .
قال الشيخ إبراهيم الجمل عن خديجة " واتجهت إلى التجارة وساعدت الأقارب وفي مقدمتهم ابن أخيها حكيم بن حزام، ومع استقلالها الكامل في تجارتها كانت تستشيره، وتأخذ برأيه، وكثيرا ما كان يراقب رجالها في الأسواق ويقدم لهم خدماته."
(البيئة وأثرها في حياة السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها مجلة الجامعة الإسلامية ع 58)
وهذا يدل على أن خديجة رضي الله عنها ما كانت تخرج تزاحم الرجال في التجارة ، بل تستأجر من يتاجر لها ، وتوكل من ينوب عنها ، وعندما سمعت بصدق محمد صلى الله عليه وسلم وأمانته بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها ، وهي ذات الأسباب التي دعتها إلى نكاحه ، مما يجعلنا نستشف من هذه الحادثة وغيرها ، طهارة معدنها وكريم خلقها ورفيع أمرها وعلو منزلتها منذ الجاهلية ، فالحرة العفيفة الطاهرة ما كانت لتخالط الرجال وتزاحمهم ، وكان بإمكانها أن تسافر مع غلامها ورجال قومها الثقات ، لتباشر أمر تجارتها ، وما كان يمنعها من ذلك شرع ولا دين ، ولكنها الفطرة السليمة تقتضي قرار المرأة في بيتها ، وتوكيل غيرها في مهامها . بل تدل النصوص السابقة أن خديجة ما كانت تخرج في بلدها للبيع والشراء ، بل توكل أحد محارمها وهو ابن أخيها : حكيم بن حزام ، وهذا اعتراف منها رضي الله عنها بأهمية اعتماد المرأة العاقلة على محارمها وأقربائها من الرجال الأشداء على أعباء الحياة ومشاقها .
وفي فترة تحنث النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء ، كانت خديجة تلازم بيتها ، وتنتظر رجوعه ، فعندما دخل عليها خائفاً يرتعد ، استقبلته بحنان وخاطبته بلطف ، وهونت عليه وشدت من أزره ، فكانت نعم الزوجة الصالحة المثبتة لزوجها . قال ابن إسحاق : وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يسمع شيئاً يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس.
وهذا يلزم أنها قارة في بيتها ، متفرغة لشئون أسرتها ، لأن غالب الروايات بصيغة :
( يرجع إليها ) أو ( دخل عليها ) أو (حينما جاءها ) .
وروى البخاري عن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ " .
والله إن عيناي لتدمعان كلما قرأت هذا الحديث ، وتسألت في نفسي : أي امرأة تكون خديجة ؟! وأي عمل قامت به حتى يقرئها السلام ربها ؟! فهي امرأة تمشي على الأرض وذكرها في السماء .
وهناك لطيفة مهمة ذكرها ابن حجر حيث قال : " قِيلَ : إِنَّمَا بَلَّغَهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ رَبّهَا بِوَاسِطَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم اِحْتِرَامًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ لَهُ لَمَّا سَلَّمَ عَلَى عَائِشَة لَمْ يُوَاجِههَا بِالسَّلَامِ بَلْ رَاسَلَهَا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ وَاجَهَ مَرْيَم بِالْخِطَابِ ، فَقِيلَ لِأَنَّهَا نَبِيَّة ، وَقِيلَ : لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا زَوْج يُحْتَرَمُ مَعَهُ مُخَاطَبَتهَا ".
الله أكبر هذا جبريل الملك المأمون على الوحي ، يحترم خصوصية الزوج المسلم ، ويحترم غيرته فلا يباشر خديجة بالخطاب ، فأي أدب هذا ؟! وأي خلق جميل أفضل من هذا ؟! إنها التربية الربانية والأخلاق العظيمة ، لا أخلاق المخلطين والمطبلين ورافعي شعارات الزور " خديجة قدوتنا " .
قال السهيلي : " المناسبة في هاتين الصفتين - لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ - أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما دعى إلى الإيمان أجابت خديجة طوعا فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا نزاع ولا تعب بل أزالت عنه كل نصب وآنسته من كل وحشة وهونت عليه كل عسير فناسب كون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة المقابلة " .
كانت خديجة رضي الله عنها تؤمن الهدوء الشامل والاستقرار الكامل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكانت تأخذ الطعام إلى الغار إذا تأخر عليها صلى الله عليه وسلم ، وتكلأه بحبها إذا حضر إليها . قال الآجري في الشريعة " فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبرها بما يشاهد من الوحي ، فتثبته وتعلمه : إنك نبي ، وإنك عند الله كريم ، ويتعبد لربه عز وجل في جبل حراء ، فتزوده وتعينه على عبادة ربه عز وجل ، وتحوطه بكل ما يحب فبشرها النبي صلى الله عليه وسلم بما أعد الله لها في الجنة من الكرامة ، أمره الله عز وجل أن يبشرها ببيت في الجنة من قصب ، وهو الدر المجوف ، وقال صلى الله عليه وسلم : « خديجة بنت خويلد سيدة نساء عالمها ».
لكل ذلك ولغيره استحقت خديجة أن يقرئها السلام ربها ، ويبشرها ببيت في الجنة ، ولعل الجزاء من جنس العمل ، حافظت خديجة رضي الله عنها على بيتها ، ولزمته لرعاية زوجها وأولادها ، فناسب أن يكون لها بيت في الجنة . فهي عابدة لربها ومطيعة لزوجها وقور في بيتها ومربية لأبنائها .
ما سبق غيض من فيض من سيرة الطاهرة سيدة نساء العالمين ، قال الذهبي :" ومناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء.كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة، من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها، بحيث إن عائشة كانت تقول: ماغرت من امرأة ما غرت من خديجة، من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.ومن كرامتها عليه صلى الله عليه وسلم أنها لم يتزوج امرأة قبلها، وجاءه منها عدة أولاد، ولم يتزوج عليها قط، ولا تسرى إلى أن قضت نحبها، فوجد لفقدها، فإنها كانت نعم القرين. " .
هذه السيرة العاطرة للسيدة الطاهرة ، أما من يتاجر باسمها ، ويتجنى على سيرتها ، ويرفع رايتها باسم التجارة تارة ، وبغرض التنمية تارة أخرى ، ويدعون أنهم على خطاها يسيرون ، وبسيرتها يقتدون ، فقد أعظموا الفرية ، وأبعدوا النجعة ، وأخطئوا الطريق ، فطريق خديجة رضي الله عنها مستقيم لا اعوجاج فيه ، وظاهر لا لبس يعتريه ، وحق أبلج لا ظلام فيه ، أما صنيع هؤلاء النسوة المخلطات ، والنساء القائدات ، فتدليس جلي ، وتلبيس دنيء ، وتشريع باطل ، وقياس فاسد .
وإني أذكرهن بالله وأعظهن موعظة مشفقة ناصحة :
كيف بكن يوم يقف العباد بين يدي رب العالمين ، فيأتي كل خصم يجر خصمه ، وكل غال يحمل غلته ، وكل غادر يحمل لواءه ، فإذا بخصمكن خديجة الطاهرة ، خير نساء العالمين ، من أثنى عليها ربها ، وأقرئها السلام ، وبشرها بجواره ، قائلة : بأي حق اتخذتم سيرتي شعاراً ، وتجارتي قدوة ودثاراً ، أفلا ينتصر لها ؟!
وإذا بكن تحملن على ظهوركن أوزار من بعدكن من نساء الأمة اللاتي يسرن خلفكن بلا عقل ولا روية .
وإذا بكن تحملن لواء الدعوة بخروج النساء من بيوتهن ، مختلطات بالرجال ، حاسرات الوجوه ، مقررات للباطل ، مزورات للواقع ، ومخالفات لقوله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) ومتجاوزات لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } ، ولقوله تعالى ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) .
فيا نساء قومي أليس فيكن امرأة رشيدة ، تبصركن بعاقبة الأمور ، وتحذركن مغبة الظهور والبروز ، أليس معكن قائدة حكيمة ، تقودكن إلى بر الأمان ، وتجنبكن مخاطر الطريق والانسياق وراء الشعارات البراقة ، فالأمانة عظيمة والتبعة أعظم .
أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
وأن يجعلنا ممن ينصر الدين وأهله ، ويقبل الحق ولو على نفسه ، وأن يشرح قلوبنا لما يحب ربنا ويرضى ، وأن يسدد على الخير خطانا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية