صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الأزهر والفاتيكان .. إلى أين ؟!

الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية


فى يوم الثلاثاء 17 مايو 2011 أعلن الأب لومباردى ، مدير المكتب الصحفى للكرسى الرسولى ، أن بنديكت 16 سوف يلقى أمين عام جامعة الدول العربية غدا ، الأربعاء18 مايو 2011 ، ثم أشار الخبر إلى أن وزير الخارجية المصرية ، نبيل العربى ، قد تم إختياره يوم الأحد 15 مايو 2011 رئيسا لجامعة الدول العربية خلفا للوزير السابق للشئون الخارجية ، عمرو موسى، الذى شغل هذا المنصب لمدة عشر سنوات. وينتهى الخبر بأن "نبيل العربى يُحترم لأنه هو الذى مهد الطريق للمصالحة بين فتح وحماس".

وفى 20 مايو أعلن راديو الفاتيكان : "أن مصر تتمنى تحسين علاقاتها مع الكرسى الرسولى"، بينما لم يعلن المكتب الإعلامى أى تعليق حول زيارة نبيل العربى للفاتيكان يوم الأربعاء 18 مايو 2011، وكان الأب فدريكو لومباردى هو الذى أعلن نبأ هذه الزيارة.

وقد أوضح راديو الفاتيكان "أن الأزمة بين الكرسى الرسولى والأزهر قد تكون فى سبيلها إلى الحل" ، مضيفا نفس الخبر السابق بنفس العبارات موضحا : "أن الوزير شخصيا هو الذى أعلن أن هدف زيارته للفاتيكان كان من اجل تحسين العلاقات بين مصر والكرسى الرسولى بعد الخلاف الذى وقع منذ مطلع العام".. ثم أضاف راديو الفاتيكان : "أن نداءات البابا من أجل حماية أفضل للأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط كانت قد أثارت غضب القاهرة" ... و"أن سفير مصر لدى الكرسى الرسولى قد تم إستدعائه للتشاور بينما مؤسسة الأزهر السنية العريقة قررت من جانبها وقف علاقاتها مع الكرسى الرسولى" ، مضيفا: "ومنذ ذلك الوقت قد تغير المناخ السياسى فى مصر ، وقد أوضح نبيل العربى أنه لم يسلم رسالة مكتوبة لمحاوريه فى الفاتيكان ، الذين هم : البابا والأمين العام للعلاقات مع الدول ورئيس المجلس البابوى للحوار الدينى، وإنما أعرب لهم عن رغبة الحكومة المصرية فى المصالحة وعزمها على تحسين مصير الأقباط ، مسيحيو مصر" .. وأوضح راديو الفاتيكان أن الدبلوماسى نبيل العربى قد نقل رسالة شفاهية من إمام الأزهر. و وفقا لسفير مصرلدى الكرسى الرسولى فإن الجانبين يتمنيان بشدة عودة الحوار " !!

ويعلق موقع الفاتيكان الذى نشر الخبر "أن هذه الزيارة قد تمت على خلفية الإهتمامات والآمال التى اثارتها الثورات فى العالم العربى وموقف الأقليات المسيحية فى المنطقة " !!

وفى يوم السبت 21 مايو 2011 كتبت جريدة "لا كروا" التابعة للفاتيكان نفس الخبر بتنويعات لغوية فى الصياغة موضحة ان الكاردينال جان لوى توران، رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان قد إلتقي يوم الأربعاء 18مايو بوزير الخارجية المصرى نبيل العربى الذى تم تعيينه حديثا أمينا عاما لجامعة الدول العربية ، وأنه أثناء هذا اللقاء "أبلغ الوزير تحيات رئيس جامعة الأزهر ، الأستاذ أحمد الطيب ، وأعرب عن رغبة الإمام الأكبر فى ان يتم تخطى الصعاب الحديثة التى وقعت فى العلاقات مع الكرسى الرسولى " ..

وأوضحت الجريدة أن ذلك الحوار "كان قد توقف منذ بداية العام بسبب تصريحات بنديكت 16 بعد الإعتداء الإرهابى يوم 31 ديسمبر على كنيسة قبطية فى الإسكندرية مما أودى بحياة 21 شخصا. وكان بنديكت 16 آنذاك قد إنتقد "الإضطهاد الدينى والتعسف وعدم التسامح الدينى الذى ينال اليوم من المسيحيين " ، موضحا : "أن الكلمات لم تعد كافية ولا بد من التزام محدد ودائم من جهة المسئولين عن الأمم ". وتضيف الجريدة : "أنه ردا ذلك وصف أحمد الطيب عبارات البابا بانها تدخلا غير مقبول فى الشئون الداخلية متسائلا: " لمذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين حينما كانوا يُقتلون فى حرب العراق؟"

وتنهى الجريدة مقالها بفقرة لها مغزاها، مشيرة إلى مكانة الأزهر وأن له علاقات ممتدة مع الكرسى الرسولى فى حوار الأديان الذى تتم لقاءاته مرتين كل عام ، و"أن الشيخ أحمد الطيب معروف بأنه معتدل ومن أنصار الحوار بين الأديان وأنه كان واحدا من الذين وقّعوا على الخطاب الذى تقدم به 138 من المثقفين المسلمين يرجون فيه البابا الحفاظ على الحوار الإسلامى-المسيحى ، وذلك عقب الخلاف الذى نشأ نتيجة لخطاب بنديكت 16 فى جامعة راتيسبون "!!

وفى 22 مايو أعلن موقع زنيت الفاتيكانى نفس الخبر قائلا : "الكرسى الرسولى أعرب عن إسعداده لمواصلة التعاون مع الأزهر ،أعلى سلطة للإسلام السُنى ومقره فى مصر ، "بعد أن أعلن الإمام الأكبر أحمد الطيب عن أمنيته فى تخطى الصعاب الحديثة التى اعترت العلاقات مع الكرسى الرسولى " !! وتكرر عرض نفس الفقرة بنقل توجيهها الى الكاردينال توران الذى "أعرب عن تقدير البابا بنديكت 16 للشعب والسلطات المصرية وعن إستعداد الكرسى الرسولى لمواصلة طريق الحوار الدينى والتعاون مع الأزهر مثلما كان ذلك متواصلا منذ عام 1998 " ..

وأيا كانت مراوغة العبارات التى صيغ بها نبأ زيارة السفير نبيل العربى للفاتيكان لتبليغه رغبة الحكومة المصرية ونقل تحيات الدكتور احمد الطيب والتعبير عن رغبتهما فى عودة العلاقات بين الأزهر والكرسى الرسولى ، فلا بد من الإشارة إلى التلاعب فى العبارات من جانب من صاغوا هذا الخبر فى كل من الفاتيكان والكرسى الرسولى ، وأنهم يتبعون نفس التكتيك الذى استخدموه أيام فضيحة راتيسبون أنهم يقومون بالتعتيم والتمويه على العديد من الحقائق ، ومنها :

* طلب البابا بنديكت 16 من هيئة الأمم المتحدة ، ومناشدتها التدخل لحماية الأقليات المسيحية ، وكان قد سبق له أن طالب بذلك اثناء زيارته للولايات المتحدة ، وهو ما يُعتبر تدخلا سافرا فى الشئون الداخلية لأى دولة.

* واقعة راتسبون التى أشارت إليها جريدة "لا كروا" الفاتيكانية دون ان تقول شيئا عن تفاصيلها ، هى تلك المحاضرة التى سب فيها ذلك البابا الإسلام والمسلمين ، مدارياً رأيه العنصرى المتعصب بإستشهاد من احد النصوص القديمة ، ولم يعتذر عن تلك الجريمة العلنية فى حق الإسلام والمسلمين حتى يومنا هذا وإنما تأسف من رد فعل المسلمين.

* صياغة الخبر بحيث يبدو ان كلٍ من الحكومة المصرية والأزهر يناشدان الفاتيكان والكرسى الرسولى وأنهما يتمنيان عودة العلاقات ، وسفر السيد السفير نبيل العربى ، فور تعيينه أمينا عاما لجامعة الدول العربية ، يكشف أن هناك ثمة أمور أخرى تدار فى كواليس الموضوع .. لذلك يتعيّن على كلٍ من الحكومة المصرية الحالية ومؤسسة الأزهر الأخذ فى الإعتبار بعدم السماح بتكرار فضيحة "خطاب ال 138" ، ذلك الخطاب الذي وقّعوا عليه جهلا أو عن عمد على أننا كمسلمين نعبد نفس الإله الذى يعبده المسيحيون وهو يسوع المسيح ، وألا يسمحا أبداً بعودة العلاقات مع الفاتيكان والكرسى الرسولى قبل ان يقوما بخطوات محددة والإعلان عنها بوضوح وهى :

* أن يقوم البابا بنديكت 16 بالإعتذار علنا ورسمياً عن سبه الإسلام والمسلمين فى محاضرة راتيسبون.

* ان يوقف قرار تنصير العالم الذى أصدره مجمع الفاتيكان الثانى سنة 1965، وكان من الذين صاغوه ، وتعديل وثيقة "فى زماننا هذا" التى إستبعد فيها الفاتيكان الإسلام من إنتسابه مباشرة لسيدنا إبراهيم ووضعه بين الديانات الأسيوية ، ويوقف عملية تنصير العالم التى يقودها بهيستريا محمومة ، فذلك القرار المستفز من أهم أسباب الفتن التى تندلع فى كل مكان فى العالم الإسلامى إن لم يكن سببها الرئيسى.

* وأن يعترف بالإسلام كديانة منزّلة من عند الله ، أنزلها المولى عز و جل بعد ان تم تحريف الرسالتين السابقتين.. ليترك الناس يعبدوا ما يشاءون ، ويهتم بشئون أتباعه ، بدلا من الإصرار على فرض عقيدة تمت صياغتها عبر المجامع على مر العصور..

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط