صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يوميات زوج مثالي! وزوجة نكدية!!

سارة بنت محمد حسن

 
- أبي أريدك أن تلعب معي
- ششششش
- أبي... انظر هذه لعبة جديدة أريدك..
- اسكت يا ولد ...ها انطلق ..هيا ...هيييييييييييييااااااااااااا

نظر الطفل إلى أبيه في حيرة ..ثم انصرف إلى غرفته...لقد اعتاد هذا على أي حال فقط كانت محاولة بائسة يائسة..
لم تكن عبارة الأب الأخيرة المتحمسة موجهه إلى ابنه ..بل كانت موجهه إلى ذلك اللاعب بالجهاز الذي يجلس أمامه الوالد مضطرب الفكر والجسم.
ذهب إلى أمه في المطبخ ..عندها يجد الصدر الحنون والحضن الدافئ..
- أمي ألن تلعبي معي
قالت له مبتسمة :

- ألم تكتفي بعد باللعب يا ولدي؟

قال وعيناه تبرقان في ضيق:

- ليس بعد ..ذهبت إلى أبي ليلعب معي فرفض..هل سترفضين أنت أيضا ؟

- لا لن أرفض يا صغيري ولكني أعد العشاء لنا جميعا ثم بعد ذلك أحكي لك قصة أنت وأخيك كعادتنا كل ليلة ثم تأويا إلى فراشكما.
ثم اقتربت منه وقبلته في رأسه وقالت في همس حنون:

- ولا تغضب لأن أباك لم يلعب معك فأنت تعلم أنه يكد ويتعب طوال النهار في العمل وأن المساء بالنسبة له وقت راحته فلا يستطيع أن يقضيه في صخب.

قال الطفل متبرما :

- لكنه يشاهد لعبة الكرة في المرئي ولا يعطيني أي وقت ولا يلعب معي أبدا ولا ..

قاطعته أمه في حزم:

- إنه يحتاج للراحة وأعتقد أنني أعوضك بوقت طويل نلعب فيه ونمرح ..كما لا يصح أن تتحدث عن أبيك بهذه اللكنة فهو يتعب ويكد من أجلك ..لكي يشتري لك ما تشاء من الألعاب أنت وأخيك، وهو يحبك جدا وغدا ستدرك هذا.

قال في عناد :

- لكني أريد أن يلعب معي أبي كما يلعب جارنا مع أولاده!

زفرت الأم في ضيق وقالت وهي تزم شفتيها:
- ألن ننتهي من هذا الكلام ؟؟!
سكت الطفل وانصرف إلى ألعابه منتظرا أن تحضِّر أمه العشاء لتوفي وعدها بحكاية القصص

**********

في الصباح خرج الوالد كعادته باكرا ..قبل أن يستيقظ أولاده ..
بالكاد وهو يفتح الباب متأهبا للخروج ..أسرع إليه الطفل
- أبي أين ستذهب؟؟؟
ربت على وجهه في حنان وقال في سرعة :
- ليس الآن يا صغيري ..فيما بعد ..فيما بعد
قالت الأم في سرعة :

- يا ولدي دع أباك الآن وسأجيبك أنا عما ترغب يا حبيبي

لكن ..كأن لمسة الأب الحانية للولد والتي تعد حدثا نادرا قد أنعشت في قلب الصغير أملا في أن يجيب الأب سؤاله فيسعد بسماع صوته وهو يحدثه!
- ستذهب للعمل ..أليس كذلك ؟؟
زفر الأب في ضجر وأشار إليه مودعا في عجالة وخرج مسرعا وصفق الباب
تقلصت ملامح الصغير في ألم..نظرته بائسة تنم عما يعتمل في قلبه ..رعشة يداه التي ربما لم يلحظها الفتى ...دمعة فرت لتتحول إلى بكاء ..بكاء
- أبي ..لا يحبني... لكنة منكسرة لا تليق بهذا الصوت البكر
نظرت له أمه في دهشة وذعر :

- ماذا تقول ..كيف يمكنك أن تظن أن أباك لا يحبك؟؟
- كذا أشعر ...ثم انفجر في البكاء المرير مفرغا فيه شحنات الانفعال التي ألمت به

مسكين يا صغيري كيف يشعر من هو في مثل عمرك الذي لم يتعد السنوات الست بهذه المشاعر السلبية ؟؟؟!!

**********

تزينت الزوجة فى انتظارزوجها ..لقد أخبرها منذ نصف ساعة أنه سيغادر الآن مقر الشركة.
جاء ولدها مسرعا من غرفته وخلفه أخيه يبكي
- أمي لقد أخذ أخي لعبتي..
نظرت الأم لولديها معاتبة

- صغيري لقد اقترب موعد وصول أبيك ..هل سيأتي مجهدا من العمل ليجدكما تتعاركان ؟؟ هيا أعط أخاك اللعبة

قال الطفل في لهفة:
- هل سيأتي أبي الآن ؟
ابتسمت الأم وقالت :

- نعم يا صغيري..سيأتي الآن وسنتناول العشاء سويا

ألقى الطفل اللعبة لأخيه وراح يتقافز في سعادة حتى دخل غرفته ..
مرت نصف ساعة أخرى ..والزوجة تتابع ساعتها في قلق..
بعد نصف ساعة أخرى تفقدت أطفالها فإذا هم قد ناموا والألعاب بين أيديهم على الأرض..ابتسمت في حنان وحملتهم إلى الفرش وهي تتنهد في أسى ..
اتصلت على جوال زوجها ..لم يرد ..مرت ربع ساعة ..ثم وجدته يتصل ..ردت في لهفة :
- ماذا حدث لماذا تأخرت ؟؟ مرت ساعة ونصف منذ أخبرتني بمغادرتك الشركة
أتاها صوته المرهق في ضجر:
- فاجأتني مشكلة فاضطررت لمواصلة العمل
- ولم تهتم بالاتصال بتلك المرأة التي تنتظرك في البيت ؟؟؟؟
- أوه ..أسف هل ستفتعلين مشكلة ؟؟

كان صوته نافذ الصبر ولم ترد أن تفاقم المشكلة فلاذت بصمت غاضب..
قالت في صوت أرادته هادئا لكنه أتى شاحبا مريرا:
- على أي حال ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ...شكرا على إهتمامك ..والآن هل أنتظرك أم أتناول الطعام وحدي؟
- بل انتظريني سآتي حالا إن شاء الله وسنتناول طعامنا معا!

أغلقت الهاتف وجلست على أقرب مقعد ..شعور بالضياع .بالخواء..ليست الأولى ولن تكون الأخيرة... هل هي قبيحة إلى هذا الحد؟؟.
أسندت رأسها على مسند المقعد ..وشردت تجتر الذكريات ..إنه يحبها..لا تشك في هذا ..بل لا هي تشك بشدة في هذا ...إنه يحب بيته ..أعني لا يريد خراب البيت ...أو لا ...هو ماذا ؟؟ هو يحست معاملتي..هل يحسن معاملتي ؟ امممممممم ...نعم ...بل لا ...فرت دمعتان ...أخشى أن أكون ممن يكفرن العشير ...
هل أنا ممن يكفرن العشير؟؟
إنه لم يبخل عليها بمال ..لم يحرمها من طلب يستطيعه ..لم يشتمها ولم يضربها أبدا ..تذكرت في درس العقيدة أن نفي الصفات المحض ليس مدحا ...وضحكت هو لم ولم ولم ...
لكن لحظة ليس قياسها منضبطا...إنه يفعل أشياء إيجابية أيضا ... يتحملها في ساعات الغضب ...
ابتسمت في مرارة وهي تتذكر كيف يحتمل غضبها ..إنه يستفزها وهو يزعم أنه لا يقصد هذا ...وهو صادق لكنه يستفزها ببروده العاطفي وتجاهله لمشاعرها ..وعندما تثور وهي نفسها لا تدري لماذا تثور يظل صامتا ولا يرد ....ربما غادر المنزل إلى أن تهدأ ...وهي لا تهدأ بهذا الأسلوب.. فينتهي الأمر بأن يصالحها بكلمات لطيفة على عجالة ثم يفعل ما يريد وينفذ ما يرغب فيه !
نظرت إلى السقف وزفرت في قوة وهي تحاول أن تتذكر أحداث حياتهما ...غيوم تحيط بالذكريات إحاطة السوار بالمعصم ....لا تستطيع تذكر كل شيء..بل لا تستطيع تذكر أي شيء...إنها .......
- يا إلهي أأنت نائمة هنا ؟؟
- امممممممممم
- لماذا لم تنامي في الفراش..هيا هيا إلى فراشك...
- من أنت ..بل ما أنت ..أهو أنت يا زوجي ؟؟ كم الساعة الآن ؟؟
- فيما بعد ..فيما بعد .
- هل سنأكل؟؟
- لا لقد تناولت طعامي في الشركة ..
- حقا ؟؟!!
قالتها في غيظ...

لولا أنه زوجها وأن أمها علمتها أن هذا عيب لقالت له في صراحة أنها لا تطيق رؤية وجهه البغيض..ثم ربما تضربة لكمة في عينه!! ..ضحكت في تشف وهي تتخيل عينه المتورمة..
لكنها تعرف ..لن تقول هذا ..لابد أن يستمر البيت وتغيظ الشيطان ...ثم إن أحدا لن يجد أن مبررها قوي..طلبتُ الطلاق لأن زوجي تناول الطعام بالخارج !! بل ولكمته أيضا في وجهه !! يالك من زوجة جاحدة ..مسكين هذا الرجل الذي تزوجك ..ضحكت مرة أخرى وهي تتخيل ردود أفعال الناس..
نظر لها ..لقد تأكد أنها جنت ..تتحدث في غيظ وغضب ثم تضحك !! يالي من مسكين أحتمل المرأة وتقلباتها المزاجية !!
تقلبت الزوجة على الفراش ثم نظرت في الساعة فوجدتها الواحدة بعد منتصف الليل ...أي بعد ما يقرب من أربع ساعات بعد قوله لها سآتي حالا..وانتظريني لنأكل سويا ..تنهدت في إحباط ثم وضعت الوسادة على رأسها وراحت تتمتم بأذكار النوم إلى أن راحت في سبات عمييييييييييييييييق.

********

أول مرة منذ زواجهما يختار الزوج البيت لقضاء الأجازة!
كانت سعيدة لكنها في الواقع لم تعرف كيف تتعامل مع زوجها !
فهي لا تعرف عنه سوى شيئين : اسمه وشكله !
اللطيف أنه كان في ذلك اليوم قرر قضاء الأجازة معهم ليبلغها خبر هام .......
لقد قرر أن يتزوج !
ظل يخطب في البيت ساعة كاملة وهو يقنعها في حماس أن التعدد حل لمشاكل الأمة!وأن الزوجة الصالحة هي التي تدفع زوجها إلى الأمام في هذا الأمر !
جلست تستمع له في ملل حقيقي وهي تضع يدها على خدها فكرت أنه ربما كان يقصد أن الزوجة الصالحة هي التي تدفع زوجها إلى الأمام ..من فوق الجبل ! ضحكت في تشف وهي تتخيله يسقط من فوق الجبل!
أنهى الزوج خطبته العصماء ورآها تضحك (الضحكة المتشفية السابقة) فقال في سعادة : كنت أعلم أنك ستقتنعي بكلامي لأنه الحق!
نهضت صامتة ثم قالت له في لا مبالاة: افعل ما شئت لأنه ببساطة لا فارق!
لكن تذكر قوله تعالى "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ " سورة الصافات - 24
--------------
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "كلكم راع فمسؤول عن رعيته" رواه البخاري
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من وال يلي رعية من المسلمين ، فيموت وهو غاش لهم ، إلا حرم الله عليه الجنة" رواه البخاري


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سارة بنت محمد
  • الأسرة
  • وسائل دعوية
  • درر وفوائد وفرائد
  • تربية الطفل المسلم
  • قضايا معاصرة
  • عقيدة
  • رقائق
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط