صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







خدمة للعربيّة.. مَسَخَتْها!

 أ.سحر المصري


هل وصلتك يوماً رسالة على الجوال أو البريد الالكتروني وبقيت وقتاً طويلاً فارهاً فاك تحاول فكّ رموزها وترجمتها إلى العربيّة حتى ضاق صدرك دون جدوى؟! علماً أنها عربيّة المنشأ أجنبيّة الكتابة؟!
لست أتكلّم بالألغاز وإنما أعني كتابة البعض للّغة العربية بحروف لاتينية مستعينين ببعض الأرقام التي تعارفوا عليها لتحلّ مكان بعض الأحرف العربية غير الموجودة في اللغة الأجنبية مثل حرف الحاء (يُرمَز إليه برقم 7) والعين (رقم 3) والهمزة (رقم 2) وغيرها.. فتصبح كلمة رحمة مثلا: ra7ma وهكذا..
ويدأب الشباب العربي على اعتماد هذه الطريقة في التراسل بحجّة أنهم لا يحسنون الطباعة باللغة العربيّة أو أنهم لا يملكون لوحة مفاتيح عربيّة أو أن جوالهم لا يدعم اللغة العربيّة.. هذا وإن كان حجّة مقبولة للمغتربين ولمن يفتقر فعلياً إلى هذه الأمور إلاّ أنّه حجّة واهية مرفوضة عند القاطنين في البلاد العربيّة ولو فعلوه عن حسن نيّة..

فقد استمرأت غالبيّة الشباب هذا النوع من الكتابة حتى اعتمدوه في كل نواحي مراسلاتهم أو مشاركاتهم حتى في الجوال والمنتديات أو الفايسبوك والتويتر بل إن البعض يدافع عن هذا الاستخدام ويعتبره ثورة ناتجة عن ثورة الاتصالات في زمن السرعة والحاجة إلى تبسيط الأمور!
وقد وُلِدَت الفكرة عند شاب من أصل لبناني يعيش في أميركا إبّان الحرب الصهيونيّة على لبنان في يوليو 2006 حيث سمع أن منطقته قد قُصِفَت.. ومع تعطل شبكة الاتصالات في لبنان فقد دخل إلى النت وحاول عبثاً البحث عن أخبار الغارات في بعض المواقع الإخبارية العربية دون جدوى لأنه لم يكن يملك لوحة مفاتيح عربية.. فأحس بضرورة إيجاد طريقة للبحث على الشبكة الرقمية من خلال كتابة كلمات عربية بأحرف لاتينية وهكذا كان موقع “يملي” وهو محرّك بحث يحوِّل أيّ كلمة عربية مكتوبة بالأحرف اللاتينية إلى اللغة العربية، مع إعطاﺀ احتمالات عدّة للكلمة الواحدة... وقد حصل هذا الشاب “حبيب حداد” على براءة اختراع لهذا “الإبداع” ويعمل الآن على تطوير موقعه بعد الرواج الكبير في كل العالم..
ومن الواضح أنّ الحاجة هي التي دفعت بشباب مغترب إلى استحداث وابتكار طرقاً جديدة للتواصل مع العالم العربي.. ولكن ما هي الحاجة عند 84% من العرب لاستخدام الأحرف اللاتينية بدلاً من الأحرف العربيّة للتواصل والحوار؟! حتى أن البعض أصبح يُساق سوقاً إلى استعمالها دون وعي لخطورة هذا الأمر على هويته العربيّة!
بنظري فإنّ الأمر لا يعدو عن كونه استهتاراً بهذه اللغة وأصالتها ومحاولة مسخها –ولو بدون قصد- وانهزامية نفسية أمام كل ما هو غير عربي وكذلك كسل لدى العامّة في تعلّم الطباعة باللغة العربيّة في وقتٍ نحن بأشد الحاجة إلى العودة إلى أصولنا ونبذ ما من شانه أن يُبعِدنا عن هويّتنا والأهم من هذا كله فالحاجة مُلِحّة إلى التمسّك بلغتنا الأمّ التي هي لغة القرآن وأهل الجنّة!
اللغة العربيّة تئنّ من هجرة أبنائها فمتى يشعر أهل العرب بخطورة تسويق أفكار تساهم في تدهور مستوى اللغة العربية عند الأفراد وتسلخهم عن هوية وحضارة وثقافة لو وُزِنت كل ثقافات الأرض بها لرجحت كفّتها؟!
إنّ اللغة العربية تتعرّض لذبح بطيء وعلى يد أبنائها قبل غيرهم.. فتراهم يطبِّقون مساعي أعداء الأمّة لإبعادهم عن لغتهم وجذورهم وتاريخهم حتى إذا ما غُيِّبوا عن هذا كله لم يعد تسكنهم لهفة لإعادة أمجادهم بل هو إنغماس في الحياة الدنيا حتى النخاع! وبعد النجاح في مشروع نبذ اللغة العربية الفصحى يروِّجون لمسخٍ أشد وأعتى متمثِّلاً بلغتنا التي تحوّلت إلى أرقام وحروف لاتينية!
لعلّ عشّاق الضاد يثورون ثورة رجلٍ واحد ويُبدِعون أفكاراً “متطوّرة” تناسب هذا العصر ويُبسِّطون تعلّم العربية التي تستصعبها فئة كبيرة من الشباب لبُعدِهم عنها بسبب الغزو الفكري والإعلامي والثقافي..
ولعل شبابنا يلتفت إلى جمال لغتهم الأُم وعظمتها فيبدأون السير في طريق العودة إليها بفخر ورضا!

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سحر المصري
  • اجتماعية
  • أُسرية
  • دعوية
  • بوح روح
  • جراح أُمّة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط