صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كنا "نسمع جعجعة ولا نرى طحنا"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


وزارة التربية بحاجة لمعجزة، فنحن نحتاج لبناء كثير من المدارس الحديثة والمجهزة بأحدث وسائل التعليم وبمدرسين على درجة عالية من الكفاءة والإبداع، وأعتقد أن الأمير خالد قادر - بإذن الله - على تحقيق الكثير من هذه الأمنيات الصعبة.


إننا دون أدنى شك لا ننكر قدرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الإدارية المتميزة وعشقه للإتقان، فعندما غادر الأمير خالد "أبها" حزنت عليه وعلى أهل "أبها" فقد كنت أراه في كل من أركانها التراثية، البهية بتراثها الذي ينبض بالحياة وبأهلها الذين لم تغير الحضارة الغربية معالمهم الأساسية، هذه توليفة اندمج معها الأمير خالد قلبا وقالبا، وعندما غادر إمارة مكة حزنت أيضا، فقد كان حازما مع مخالفي أنظمة الحج والعمرة، ساعيا لتسهيل مسيرة الحجاج والمعتمرين النظاميين. وكثيرا ما سألت أهل مكة وجدة خاصة البسطاء منهم عن رأيهم في الأمير خالد بعد السنوات الأولى من تكليفه بإمارة المنطقة، وهل حقق إنجازا شعروا به في حياتهم اليومية، فكانوا وعلى الأغلب يذكرون أن ما يتسم به من حزم نفع المنطـقة كثـيرا، إذ طبـق النـظام ولم يجـامل في تطبيـقه، كما سمعت أنه كـثير التجول، فعمـله مـيداني أكثر منه مكتبي.. فقد كان يتابع العمل بنفسه.

ولكن بمجرد تكليف الأمير خالد بوزارة التربية والتعليم قلت لنفسي: كيف له أن يتعامل مع ميراث ثقيل من الإخفاقات.. في وزارة كلفت برعاية التعليم النظامي في بلاد شاسعة الأطراف، بلاد جل سكانها من الشباب المعنيين في التعليم إما كطلاب أو عاملين أو أولياء أمور، ميراث يزداد ثقله يوما بعد يوم بسبب الكثافة السكانية التي تلقى بثقلها على هذه الوزارة، فمع المبالغ الضخمة المرصودة لها في الميزانية العامة للدولة عاما بعد عام، ومع الخطط التي نسمع بها ولا نرى أثرها، فحالنا معها يقول "نسمع جعجعة ولا نرى طحنا"، ومع عزيمة كثير من رجالها وإخلاصهم.. إلا أن الوزارة لم تحقق المأمول منها، بل لم تحقق نصف ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

إن وزارة التربية والتعليم مثلها مثل وزارة الصحة بحاجة إلى فريق عمل لا يتحرك إلا من خلال خارطة يتم إعدادها بالتعاون مع خبراء عالميين من اليابان أو ألمانيا على سبيل المثال، وما اختياري لهاتين الدولتين إلا لأنهما استطاعتا أن تفيقا وتزدهرا بعد حرب عالمية أتت على الأخضر واليابس، وزارتنا بحاجة لفريق خارجي يقيم معطياتها التعليمية والإدارية بشكل دوري على أن يرفع تقاريره بشكل مباشر للوزير، ولكل منطقة على حدة.

فما الذي يستطيع أن يقدمه الأمير خالد لهذه الوزارة ولمنسوبيها من معلمين وإداريين وطلاب على اختلافهم بنين وبنات، فكثير من هؤلاء يشعرون بالظلم ويطالبون بالإنصاف.. فالزوجة المعلمة قد لا ترى أسرتها إلا في العطل الأسبوعية، بل هناك من لا ترى عائلتها إلا في الإجازات الفصلية، فهي تعمل في شمال البلاد وهم في شرقها وهكذا دواليك، هذا إذا استطاعت الحصول على إجازة اضطرارية، وهناك من تخاف على حياتها بسبب رحلتها اليومية الطويلة والمضنية لعملها.. ذهاباً وإياباً، وهناك طلاب يعتقدون أن أصواتهم لا تسمع، ولن يفسح لها المجال لذلك.

إن الدارس لفلسفة الأمير خالد في إدارته أينما كانت يدرك أنه لا يحبذ التحضير المسبق للزيارات التفتيشية، بمعنى أنه لا يصدق كل ما يرى ويسمع، وأنه يتحرى الحق ويبحث عنه، ففي أول جولة لسموه منذ توليه الوزارة طلب تغيير مسار زيارته المقررة فبدلا من التوجه إلى مدارس جنوب الرياض توجه إلى أقرب مدرسة مستأجرة فكانت مدرسة "حاطب بن أبي بلتعة"، وهناك حرص على المرور من باب الطوارئ وعلق على مستوى النظافة، ثم توجه إلى بعض الغرف الإدارية، وكان في جولته على المدارس ذلك اليوم حريصا على الوقوف على مهارات الطلاب ودخول بعض الفـصول الدراسية والاستماع لبعض المعلمـين، والوقوف على مستوى الطلاب في القراءة خصوصاً طلاب الصفوف الدنيا.

إن وزارة التعليم بحاجة لمعجزة فنحن نحتاج لبناء كثير من المدارس الحديثة والمجهزة بأحدث وسائل التعليم وبمدرسين على درجة عالية من الكفاءة والإبداع، وأعتقد أن الأمير خالد قادر بإذن الله على تحقيق الكثير من هذه الأمنيات الصعبة بالجلوس إلى إدارة "أرامكو" إذ لديها القدرة على بناء المزيد من المدارس في كافة المحافظات مع تكفلها بالصيانة، فخدمة المجتمع تحتم عليها الاستمرار في هذا التوجه وبشكل تصاعدي، والأمر لا يتوقف عندها فبالإمكان مساهمة الشركات الكبرى بمثل ذلك على سبيل المثال سابك.. سكيكو.. معادن... شركات الاتصالات موبايلي وزين.. إلخ

وليت الأمير خالد يوجه بالمزيد من الاهتمام بالعلوم الإنسانية كمواد الدين على اختلافها، واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا، فهي علوم ترتبط بالهوية وبالجذور الدينية والوطنية، ومن الخطورة بمكان التعامل معها على أنها مواد ثانوية لا شأن لها، كما يحاول البعض تصويرها، وإذا ما نظرنا لدول مثل اليابان أو ألمانيا سنجدها تولي المواد التي لها علاقة بالهوية الوطنية كثيرا من الاهتمام، وهو ما يتوجب علينا فعله.

لقد طرح الأمير خالد في افتتاح مؤتمر "فكر 12" في دبي أسئلة أتمنى أن تكون جزءاً من رسالة وزارة التربية والتعليم، فقد قال: (هل تجاوزنا أسوار الجهل؟.. هل أنخنا ركاب الفكر في واحة الحضارة؟.. هل بنينا قصور عروبة المعرفة؟.. واحتضنا إسلام المبادئ والقيم؟.. هل أعملنا العقل في الإبداع والابتكارات والمبادرات؟.. أم اكتفينا بالنقل والاستعارات؟.. ولبسنا ثيابا غير ثيابنا؟.)

نحن بحاجة إلى خطط تنفذ على أرض الواقع ورجل اعتاد مراقبة العاملين تحت يده كثير من التقدير والحزم.. والله المستعان
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط