صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







فَلنُحْكِم الرِّبَــاط..

نور الجندلي

 
إننا أفرادٌ من أمّةٍ عظيمة، نقطنُ عالماً متّسعاً عجيباً، كلّ دقيقة هو في تطوّر واندماجٍ ببعضه البعض، عالمٌ على جماله إلا أنه مخيف باتساعه، يشعرنا أحياناً بالرّهبة، أو الوجل في خوضِ غماره.
هو عالمٌ اتسعت فيه الأفكار، وتنوّعت الثّقافات، وتزاوجت الحضارات، حتى إن بعضاً منها قد اندثر، وبعضها قام على أنقاض حضارة أخرى، فأين نحنُ من كل هذا، وكيف نتصرّف بحكمة، فنسلك الطريق السّوي، ونسايرُ العالم في حضارته، دون أن نفقد هويّتنا النّابعة من إسلامنا ؟ هل نتخلّى عنها فنرتدي كلّ يومٍ زيّ حضارة مختلفةٍ لا تليقُ بنا، فنكونُ في أعين الآخرين أناساً بلا هويّة، ونكون بيننا وبين أنفسنا في ضياعٍ وتخبّط؟ كيف ستتكون شخصيّاتنا، وما هو السبيلُ لأن نسلك الطريق على بصيرة؟ ثم إننا نحتاج لأن نتحاور مع باقي الثقافات، ونتعرف على باقي الحضارات، فكيف سيكون التعارف، وما هو سبيل الحوار والتّعبير عن ذاتنا معهم ؟!
كلّها أسئلةٌ تلحّ علينا فنحارُ لها جواباً، والسببُ واحدٌ فاتصالنا بعقيدتنا مفقودُ! عدا أن كثيراً من الناس يجهلون ماهيّة العقيدة ، وأثرها وتأثيرها في حياة المسلم.
فلو عرف المسلمُ أن العقيدة تتصلُ اتصالاً مباشراً بعلاقة المسلم بربه ودينه ونبيّه ورسالته، وبأنها الرابط الذي يصله بكل مسلم في الأرض، وبالأمم الأخرى، وبأنَّ فيها إجابات شافية وافية عن ما يدورُ في داخله من أسئلة عن أمور القدَر والغيبِ والموتِ والحساب والآخرة، لأيقن أن دراستها هي من الأمور الملحّة في حياته.
العقيدةُ مأخوذة في اللغة من العقد، وهو الربط والشدّ والإحكام، فلنتأمل في حياتنا أكثر الأمور أهميّة بالنسبة إلينا، الزواج والبيع والشّراء والعملُ ألا نوثّقها بعقد يؤصلها، حتى لا تسير الأمور بفوضى فتضيع الحقوق ويضطرب النظام .
وكذلك عقيدة المسلم توثّق معرفته وعبادته ، وعلاقته بربه، وبنفسه وعلاقته مع الآخرين، كلها موثّقة بقوانين إلهيّة سامية تسيّر حياته إلى ما فيه الخير والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
وإن مما يفخر به المسلم هو انبثاق عقيدته من مصدر عظيم " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " ألا وهو القرآن الكريم، كلام الله العظيم، الذي فيه نجاة الإنسانية إن اتبعت أوامره واجتنبت نواهيه، وكذلك السّنة المطهّرة التي أتت شارحة شاملة وافية تبيّن كل غموض، وتفصّل كل مجملٍ بأسلوبٍ راقٍ رائع ليس له مثيل.
إن القرآن والسّنة أساس بناء المسلم الحق، أما الأعمدة فنهج السّلف من القرون الثلاثة الأولى من الصحابة والتابعين ..
هذه الأسس العظيمة التي منها تنبثق عقيدة أهل السّنة والجماعة، أمرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ" ، وحين أوصانا فقال : عليكم بالجماعة.
فكل ما خالف السّنة والجماعة فقد زلّت قدمه عن الصراط الذي ارتضاه الله لعباده المسلمين.
إنها عقيدة قائمة على التوثيق والدّليل، كاملة شاملة لكل زمان ومكان وبيئة ومجتمع إلى يوم القيامة، عقيدة نقيّة لنقاء مصادرها، باقية بوعد الله تعالى أن يحفظها بحفظ القرآن والسّنة، واضحة لا غبش قيها ولا غبار، معتدلة وسطيّة لا انحراف فيها ولا تطرّف أو تهاون.
فلنفتش في حضارات الأرض، ولنبحث في معتقدات البشر، فلن نجد أروع من عقيدتنا، لأنها ليست من صنع بشر، لا ولكن لأنها ربّانية .
كلّ ذلك يدفعنا إلى أن نؤسس ذواتنا التأسيس الصحيح، ونبني عقولنا وقلوبنا خير بنيان، وكل ذلك يشعرنا بحجم التقصير في تعلمها وهي بمثابة جذورُ شجرة الإيمان في داخلنا، فكيف سنحيا بلا جذور؟ العقيدة غذاءٌ المسلم بها يقوى ويشتد ساعده، ويمضي واثقاً لا يضعف ولا يتذبذب، ولا تتوه به السبل، فلنحكم أسسها ولنتغذى بعلومها، ولنمضي واثقين فنور الله معنا .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
نُورٌ ومِسك
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط