صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كنت في الثانية عشرة من عمري

د. نهى عدنان قاطرجي

 
بسم الله الرحمن الرحيم

اقدم لكم هذه القصة الواقعية حول التحرش الجنسي بين المحارم
كنت في الثانية عشرة من عمري

كان الليل طويلا بالنسبة لهيام التي لم يغمض لها جفن وهي مستيقظة تفكر كيف سيكون وقع ما تنقله إلى العائلة؟ هل سيصدقونها أم انهم سيتخلون عنها ويقفون في صف الجاني؟ هل سيضعون اللوم عليها ويعتبرونها السبب في جره إلى الفاحشة أم أنهم سيدركون أنها لم تكن سوى طفلة في الثانية عشر من عمرها؟

مهما كانت النتائج سأتحدث وأخبرهم؟ طبعاً أنا لا أتوقع أن يصدقونني جميعا، ولكن لو صدقني واحد منهم ووقف معي وساندني فإن هذا يكفيني ... ولكن ماذا لو لم يصدقني احد؟؟؟

أسئلة كثيرة كانت تدور في ذهن هيام وهي تمشي ذهابا وإيابا في بهو الغرفة ، لقد ترددت هذه الفتاة الصغيرة كثيرا قبل أن تتخذ قرارها وتعزم بشكل نهائي على إعلان الخبر الصدمة، وهي لم تقرر هذا الأمر إلا بعد أن شعرت بأن ما يحدث لها قد بدأ يحدث مع اختها... هنا أدركت ان إعلان الحقيقة لا يؤمن الحماية لها فقط وإنما يحمي أيضاً أختها الصغيرة ابنة الحادية عشر في العمر التي يظهر ان الجاني بدأ يرمي شباكه حولها، فإذا كانت هي قد دمرت حياتها فعلى الأقل يمكنها أن تنقذ حياة أختها الصغيرة؟؟

ولكن؟؟ لا .. لا.. إن هذا قد ينتج عنه أمور عدة، فمن يصدق بأن خالي... هذا الرجل الطيب يقوم بالتحرش بي والاعتداء علي؟ كيف سأواجه الشرطة والمحكمة والناس جميعا؟ لا ، لا استطيع، سأكتفي بالصمت وأراقب الوضع من بعيد إذا شعرت بأن الخطر بدأ يقترب من أختي ... عندئذ سأقتله، نعم سأقتله؟ وأنهي بذلك مأساتي وأحمي أختي منه؟

ما هذا الهراء؟ تقتلينه؟ وهل تستطيعين وانت الفتاة الرقيقة ابنة الخامسة عشر أن تواجه رجلا ضخما في الثلاثين من عمره؟ كيف تقتلينه؟ وبأية وسيلة؟ لو كان بإمكانك قتله لفعلت ذلك منذ ثلاث سنوات، ولما صبرت طوال هذه الفترة وهو يعتدي عليك ويغتصبك، ليس هذا فحسب بل هو الذي يهددك بالقتل... وتقولين بأنك ستقتلينه؟؟.... يا رب ساعدني ماذا أفعل؟؟؟

صوت أمها انقذها من أفكارها: هيام ، هيام استيقظي يا بنيتي فلقد جاء خالك؟
جاء خالي؟ جاء الوحش؟ جاء المجرم؟ وبدأت هيام تدور على نفسها في الغرفة وهي تردد الكلام بشكل هستيري، وبقيت على هذه الحالة برهة من الزمن إلى أن دخلت أختها الصغيرة إلى الغرفة حاملة بيدها علبة كبيرة مغلفة على شكل هدية ...

- انظري يا هيام ماذا أحضر لي خالي... انظري .. وقفزت الفتاة السعيدة بهديتها إلى السرير لتمزق ورق الهدية بسرعة وتنظر ماذا أحضر لها خالها ؟
عندئذ شعرت هيام بالنار تتأجج في داخلها، هذا هو الأسلوب نفسه الذي بدأه معي، لقد بدأ ينفذ خطته ؟ الموضوع لا يمكن ان أسكت عنه أبدا...
أسرعت هيام إلى خزانة الملابس وهي تقول بصوت عال مملوء بالثقة بالنفس: أنا قادمة يا أمي ....
 



بسرعة البرق، وخلال ثوان قليلة كانت هيام واقفة كالصخرة أمام خالها وأفراد عائلتها، والدها ووالدتها وأخيها الكبير...

وقف خالها بمجرد دخولها ومد يده ليرحب بابنة أخته ويقبلها كعادته كلما جاء لزيارتهم .... ولكن هذه المرة تختلف عن كل مرة ، فهيام التي قررت بأن تكسر حاجز الصمت لم تمد يدها لتصافحه، بل بقيت جامدة لا تتحرك وتنظر إلى الرجل الواقف أمامها نظرة مليئة بالازدراء والتحدي...

- آه.. حزرت أنت تشعرين بالغيرة لأنني لم أجلب لك هدية أيضا، لا عليك غدا إن شاء الله أحضر لك واحدة أكبر، قالها الخال وهو يقهقه بصوت عال و ينظر إلى أخته التي بدأت تنظر إلى ابنتها بشيء من الغضب...

- لقد أهديتني الكثير يا خال... إن ما فعلته معي لم يفعله خال مع ابنة اخته، اطمئن ...

لماذا تتحدثين مع خالك بهذه الطريقة يا بنت؟ قالها الأب بغضب، ليحذر ابنته بأنها تمادت كثيرا في تصرفاتها اللاأخلاقية .

تريد أن تعرف لماذا يا والدي العزيز؟ سأخبرك لماذا؟ لإن هذا الوحش الواقف امامك والذي يسمي نفسه خالي، بدأ يتحرش بي جنسياً منذ ...

- هيام ... هيام ... ماذا تقولين؟ قالها الخال بغضب ثم نظر إليها نظرة تحمل كثير من الوعيد والتهديد محاولا من خلالها تخويف ابنة أخته من الاستمرار في الكلام... ثم انتبه إلى نفسه وقال: أنا لم أفعل شيئا .... ما فعلته يفعله كل خال مع بنات أخته ... ماذا يعني قليل من الهدايا... لا شيء... لا شيء .

- ماذا تريد يا خالي الحبيب، يا خالي العزيز؟ لماذا تنظر إلي بهذه الطريقة؟ دعني أكمل وستعرف .. لا تقاطعني أرجوك .

- لا تقاطعها، قال الأخ الأكبر، وهو يضحك مستهزئا بأخته الصغيرة، إنها تلقي محاضرة، والأسئلة تأتي في نهاية المحاضرة ... تفضلي يا دكتورة أكملي..

- لا تضحك يا أخي، ولا تسخر مني ... فستضحك كثيرا بعد قليل ...

- هيا، اتحفينا بما لديك... إنك تضيعين وقتنا ، أنا لدي موعد.

- لن يأخذ الأمر كثير من الوقت، وتوجهت بكلامها إلى أمها، يا أمي إن هذه الهدايا التي يقدمها شقيقك إلى بناتك، لم يقدمها لوجه الله، فلقد أخذ الثمن مني غاليا، وها هو اليوم يخطط ليفعل الشيء نفسه مع أختي ...

- ما هذه السخافات التي تتفوهين بها. اسكتي يا بنت؟ اسكتي ؟ قالها الخال بصوت قوي وهو ينتصب قائما ويأمر ابنة أخته بالذهاب إلى غرفتها ... بنات آخر زمن؟ لم هذا الغضب كله؟ ماذا بك؟ لم تقل الفتاة شيئا. قالها الوالد والشك بدأ يساوره حول الثمن الذي تحدثت عنه ابنته؟ دعها تكمل ارجوك؟

- لتكمل ما تريد، أنا سأنصرف؟

- اجلس قالها الوالد هذه المرة بحزم، اجلس؟ اكملي يا بنت ماذا تريدين أن تقولي؟ وعن أي ثمن تتحدثين؟ هيا تحدثي قال الأب إلى ابنته بغضب ...

هنا بدأ التردد والخوف يظهران على الفتاة الصغيرة ، ولكنها استجمعت قواها وقالت: نعم ... نعم يا أبي.. اخذت تجهش بالبكاء وتقول بصوت متقطع، لقد قام هذا الوحش ... بأعمال منافية للحشمة... طوال السنوات الثلاث الماضية... وتوقفت عن الكلام، بعد أن غلبها البكاء .

- ماذا تقولين؟ هل رأيت فيلما سينمائيا بالأمس؟ وأخذ الأخ الأكبر يضحك بينما ينظر إلى أخته وهي تبكي بحرقة وألم.

- اسكت يا ولد ... قالها الأب بغضب... وضحي ماذا تقولين؟ وضحي با ابنتي ولا تخافي، نحن بجانبك؟

- بجانبها، ماذا أسمع؟ سأنصرف، لا أستطيع أن استمع إلى هذه المسرحية الهزلية، قالها الخال وهو يسرع باتجاه الباب ...

- عد إلى مكانك ...اجلس .... لن تغادر هذا المكان قبل أن تنتهي الفتاة من كلامها، اكملي يا ابنتي ، اكملي، قالها الأب بصوت مملوء بالقلق والترقب.

- نعم يا أبي، لقد كان هذا المجرم، ومنذ كنت في الثانية عشر من العمر يشتري لي الهدايا والألعاب ... ويغريني بالحلويات والسكاكر، إلى ان فوجئت به ذات يوم وهو يتحرش بي جنسيا ... واستمر في ذلك طوال السنوات الماضية ، وكنت طوال هذا الوقت أبكي وأرجوه ألا يؤذينني... ولكنه لم يستمع إليّ بل كان يهددنني بأنه سيقتلني إذا أخبرتكم بما فعل، وبأنني إن تكلمت فلن يصدقني أحد ... وكان يقول لي بأن ما يجري بيننا أمر طبيعي وهو يحدث في كل العائلات، وكنت اصدقه... ولا أخبر أحدا بما يحصل معي خوفا منه من جهة وخوفا من ألا يصدقني أحد من جهة اخرى ... إلى أن شاهدت على التلفاز ذات يوم برنامجا ينبه الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الأفعال بضرورة إخبار الأهل أو مراكز الشرطة أو أي مركز يهتم بهذه الحالات ... عندئذ عزمت أمري على أن أخبركم، وكان مما سرّع في الموضوع وأثار جنوني أنني بدأت أعيش مسلسل الأحداث التي مرت بي من جديد، ولكن هذه المرة مع أختي الصغيرة التي بدأت تتلقى الهدايا كما كنت أتلقاها سابقا ....

ما هذ الافتراء... هل تتلاعبين بنا يا بنت، قالها الأخ الأكبر وهو ينظر الى وجوه باقي أفراد العائلة التي يظهر أنهم لم يشاطروه الرأي، فالوجوم والشحوب كانا باديان عليهما ... ما بكم هل صدقتموها؟ هل يعقل هذا الكلام؟ ما رأيك يل خال؟ هل ما تقوله أختي صحيح؟؟؟ تكلم؟؟؟ وهب الولد الشاب إلى خاله يشده من عنقه وهو يصرخ: تكلم، تكلم، هل ما قالته أختي صحيح؟ تكلم...

- طبعا... طبعا غير صحيح، طبعا، هل يعقل هذا....

-أنا أنا... يا خال ... وبكت الفتاة وهي تصرخ وتقول: كنت أعلم بأنكم لن تصدقونني ؟ كنت أعلم، سأقتل نفسي ... سأقتل نفسي، واسرعت الفتاة إلى المطبخ وجاءت بالسكين ووضعته على عنقها ... ووقفت أمام الجميع ... سأقتل نفسي كي استريح مما أنا فيه وأريحكم من العار...

- أسرع الأب يأخذ السكين من ابنته ويضعها فوق بطن الرجل مباشرة وقال له: تكلم، قل الحقيقة، هل ما تقوله ابنتي صحيح؟ تكلم؟ إني أسمعك .

خاف الخال وقال بصوت يرتجف: نعم صحيح، ولكنها هي السبب فقد كانت ترتدي الملابس المغرية أمامي، هي التي جرتني إلى الفاحشة، أنا لم افكر بها يوما...
- هي يا ظالم، هي ... ابنة الثانية عشر من العمر تغريك، أنت يأ اخي تفعل هذا بي وبابنتي، أنت ؟ أنت ؟ وهجمت الأم بدورها على أخيها تريد أن تقتله. وهنا استغل الخال فرصة انشغال الوالد بتهدئة الأم المفجوعة، وقام بفتح الباب وهرب منه مسرعا....
 



مرت دقائق وكأنها ساعات... الصمت يلف المكان... وكأن الجميع يخشى أخذ المبادرة بالكلام.... الأب ينظر إلى زوجته نظرة فيها كثير من اللوم والعتب ، بينما الأم منكسة الرأس تنظر إلى الأرض ، تضع رأسها بين يديها تهزه يمنة ويسرة وكأنها سمعت للتو خبر وفاة عزيز عليها .... بعد ذلك رفعت رأسها ونظرت إلى ابنتها وقالت: سامحينني يا ابنتي لم أكن أعرف أنك تعانين كل هذه المعاناة ، سامحينني ...

-أتذكرين يا أمي كم مرة توسلت إليك ألا تتركينني معه لوحدنا، وانت لم تستمعي إلي... مرات عدة جئت لأخبرك ثم خفت من ذلك نظرا لشدة تعلقك بأخيك، خفت ألا تصدقينني ولذلك تراجعت ...

- سامحينني يا ابنتي كان يجب أن أكون أكثر انتباها ... الآن تذكرت ... يا الله كيف لم انتبه لذلك؟! مرات عدة وجدت آثار كدمات على جسدك... وتلك الكوابيس التي كانت تمنعك من النوم ... وذلك الرعب الذي يظهر على وجهك كلما سمعتني اذكر اسم خالك أمامك ... كل هذا ولم انتبه... سامحينني يا ابنتي ... سامحينني، كان عليّ أن أكون اكثر قربا منك، وأن استمع إليك، وأهتم بمشاكلك، وأناقشك همومك، لقد اخطأت بحقك يا حبيبتي... لا تؤاخذينني

- الآن وماذا ينفع؟ كان يفترض... سأريك كيف سأنتقم من هذا الوحش.

- أبي أرجوك أنا لا أضع اللوم على أحد، المهم الآن أنني ارتحت من هذا الكابوس، المهم ألا أعود لرؤية هذا المجرم من جديد...

-هذا هو المهم، المهم أن نعرف كيف سنداري هذه الفضيحة؟ على كل حال افعلوا ما بدا لكم انا ذاهب، قالها الأخ وتوجه إلى الباب مسرعا خوفا من أن يناديه والده ويمنعه من الخروج .

- ماذا ستفعل هل ستشتكي على أخي وتضعه في السجن؟
هذا ما يهمك... أنت خائفة على أخيك، ولا تهتمين لأمر ابنتك؟

-لماذا تحدثني بهذه اللهجة، ما ذنبي أنا ... لو كنت أشك بتصرفاته ولو للحظة لما سمحت له بدخول عتبة الدار، وهل هناك أخت في العالم تشك بأن شقيقها يعتدي على بناتها... أنا اتسبب بالضرر لابنتي؟ وأجهشت بالبكاء...

-على كل حال المهم الآن ألا يخرج هذا الكلام من إطار هذه الغرفة، مفهوم، غدا صباحا تأخذين الفتاة إلى الطبيبة النسائية لتجري عليها الكشوفات اللازمة... وبعد ذلك نرى ماذا نفعل ؟ وأنت أيضا يا هيام، لا أريد أن يعرف أحد بما اصابك، أنت لا زلت صغيرة يا بنيتي، وهذا الكلام يلحق العار بك ويؤذي مستقبلك، فقد لا يتقدم لك أحد للزواج إذا افتضح أمرك .... تأكدي يا صغيرتي بأن أحدا لن يصدق بانك تعرضت لهذه التحرشات، لذلك ما عليك إلا أن تتكتمي على الأمر ومع الوقت ستنسين الموضوع وكأن شيئا لم يكن... اتفقنا ... قومي الآن يا ابنتي اغسلي وجهك وتعالي لنتناول طعام الغذاء ... هيا ...

قامت الفتاة إلى الحمام لتغسل وجهها وتخاطب نفسها وتقول: هذه هي النتيجة؟! طبيبة نسائية؟! وأنا من يعيد لي ما ذهب من عمري... من يعيد لي راحتي وسعادتي وثقتي بالناس ... من يعيد لي حقي... من يعيد لي حبي للحياة ... من.. من ... حسبنا الله ونعم الوكيل ... حسبنا الله ونعم الوكيل ... واجهشت بالبكاء رافعة يدها إلى السماء تدعو ربها أن ينقذها مما هي فيه، فهو وحده القادر على ذلك...

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.نهى قاطرجي
  • مـقـالات عامة
  • مـقـالات نسائية
  • مـقـالات موسمية
  • مـقـالات الأمة
  • المكتبة
  • القصة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط