صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بعضُهم أولياءُ بعض

 لبنى شرف / الأردن


يا أخي في الهند أو في المغربِ *** أنا منك، أنت مني، أنت بي
لا تسل عن عنصري عن نسبي *** إنه الإسلام أمي وأبي
إخوة نحن به مؤتلفون *** مسلمون مسلمون مسلمون


إن المؤمنين قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف، بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان بالله، قال تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنٰتُ بُعْضُهُمْ أوْلِيآءُ بعضٍ يأمُرون بالمعْروفِ ويَنْهَوْنَ عن المُنكَرِ ويُقيمونَ الصَّـٰلوةَ ويُؤْتونَ الزَّكٰوةَ ويُطيعونَ اللهَ ورَسولِهِ أُوْلٰئِكَ سَيَرْحَمَهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزيزٌ حَكيمـٌ﴾ {التوبة:71}.
يقول الأستاذ سيد قطب : (إن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة، طبيعة الوحدة وطبيعة التكافل، وطبيعة التضامن، ولكنه التضامن في تحقيق الخير ودفع الشر "يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"..، وتحقيق الخير ودفع الشر يحتاج إلى الولاية والتضامن والتعاون، ومن هنا تقف الأمة المؤمنة صفاً واحداً، لا تدخل بينها عوامل الفرقة، وحيثما وجدت الفرقة في الجماعة المؤمنة فثمة ولابد عنصر غريب عن طبيعتها وعن عقيدتها هو الذي يدخل بالفرقة، ثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى ويدفعها، السمة التي يقررها العليم الخبير!).
ويبرز الولاء بين جماعة المؤمنين، ويبرز التضامن في ما بينهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من خلال التواصي بالحق وبالصبر، فالمهمة عسيرة، والأمانة كبيرة، وقد كان الرجلان من أصحاب النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر: (والعصر إن الإنسان لفي خسر)، ثم يسلم أحدهما على الآخر..[السلسلة الصحيحة:2648]، لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والصلاح، وعلى التواصي بالحق وبالصبر، ويتعاهدان على أنهما حارسان لهذا الدستور، وعلى أنهما من هذه الأمة القائمة على هذا الدستور.
يقول سيد قطب: (والتواصي بالحق ضرورة، فالنهوض بالحق عسير، والمعوقات عن الحق كثيرة: هوى النفس، ومنطق المصلحة، وتصورات البيئة، وطغيان الطغاة، وظلم الظلمة..، والتواصي تذكير وتشجيع وإشعار بالقربى في الهدف والغاية، والأخوة في العبء والأمانة، فهو مضاعفة لمجموع الاتجاهات الفردية، إذ تتفاعل معاً فتتضاعف، تتضاعف بإحساس كل حارس للحق أن معه غيره يوصيه ويشجعه ويقف معه ويحبه ولا يخذله..، وهذا الدين ـ وهو الحق ـ لا يقوم إلا في حراسة جماعة متعاونة متواصية متكافلة متضامنة على هذا المثال.
والتواصي بالصبر كذلك ضرورة، فالقيام على الإيمان والعمل الصالح، وحراسة الحق والعدل، من أعسر ما يواجه الفرد والجماعة، ولابد من الصبر، لابد من الصبر على جهاد النفس، وجهاد الغير، والصبر على الأذى والمشقة، والصبر على تبجح الباطل، والصبر على طول الطريق وبطء المراحل، وانطماس المعالم، وبعد النهاية.
والتواصي بالصبر يضاعف المقدرة، بما يبعثه من إحساس بوحدة الهدف، ووحدة المتجه، وتساند الجميع، وتزودهم بالحب والعزم والإصرار...إلى آخر ما يثيره من معاني الجماعة التي لا تعيش حقيقة الإسلام إلا في جوها، ولا تبرز إلا من خلالها..وإلا فهو الخسران والضياع).
إن الولاء في الجماعة المؤمنة لن يتحقق إلا إن تحقق في الأسر المسلمة، فلا تمزق، ولا خصومات، ولا قطيعة رحم، بل تعاون فيما بين أفرادها في سد حاجة فقيرهم، وتزويج أيمهم، ونصرة ضعيفهم، وإصلاح ذات بينهم.
ولن يتحقق الولاء إلا إن تحقق بين الجار وجاره، يقول عليه الصلاة والسلام: "كم من جار متعلق بجاره يقول: يا رب! سل هذا لم أغلق عني بابه، ومنعني فضله؟" [صحيح الترغيب:2564]، ويقول: "ليس بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله" [السلسلة الصحيحة:2181]، ويقول: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " [السلسلة الصحيحة:103].
ولن يتحقق الولاء إلا إن كان المؤمنون إخوة متحابين متعاونين مؤتلفين، يعين بعضهم بعضاً، وينصر بعضهم بعضاً، يسأل الأخ عن أحوال أخيه، ويتفقد الغني أخاه الفقير، فرحمة الله في صلاح الجماعة وتعاونها وتضامنها، فـ"الجماعة رحمة والفرقة عذاب"، كما قال عليه الصلاة والسلام [إسناده حسن، الألباني- كتاب السنة:93]، وقال أيضاً: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [صحيح الجامع:5849].
لا بد أن تكون أمة الإسلام أمة خيرة قوية واعية، قائمة على حراسة الحق والخير، متواصية بالحق والصبر في مودة وتعاون وتآخ، وإلا فإنه الضياع والخسران.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط