صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بهجة النفوس ...

 لبنى شرف / الأردن

 
لا يهتم كثير من المسلمين اليوم بنظافته ونظافة المكان الذي هو فيه ، فترى أحدهم أشعث أغبر ثائر الرأس ، تكاد تموت من رائحة عرقه المنتنة ، وإذا رأيت أظافره القذرة أصبت بالغثيان ، وكأنه لم يستحم منذ شهر أو أكثر ، هذا عدا عن ملابسه المتسخة ، أو ذات الألوان العشوائية ، أما قال عليه السلام :" من كان له شعر فليكرمه " ، وقال :" أحسنوا لباسكم ، وأصلحوا رحالكم ، حتى تكونوا كالشامة بين الناس " ؟ وعن جابر بن عبد الله قال : أتانا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره ، فقال :" أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره ؟! ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة ، فقال : أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ؟! " . فلماذا هذه العشوائية في اللباس والألوان ؟ ولماذا هذا الهندام الملخبط ؟ ولماذا هذه البقع من أثر الطعام أو العرق أو الجلوس على الأرض المتسخة والأرصفة ؟ .

إن العيون رمتك إذ فاجأتها = وعليك من مهن الثياب لباس
أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت = واجعل لباسك ما اشتهته الناس

إن الهندام الحسن ، والمظهر الجميل ، والرائحة الطيبة ، تبعث البهجة في النفوس ، فهي بطبيعتها تنجذب إلى هذه الصورة الجميلة ، وليس هذا من الكبر في شيء ، فقد قال رجل للنبي عليه السلام : إن الرجل منا يحب أن يكون ثوبه حسنا ، ونعله حسنا ؟! فقال :" إن الله جميل يحب الجمال " . وليس من الزهد التبذل في الثياب ، فقد جاء رجل إلى النبي عليه السلام وعليه ثوب دون – زهيد – فقال له :" ألك مال ؟ " قال : نعم . قال :" من أي المال ؟" قال : من كل المال قد أعطاني الله تعالى . قال :" فإذا آتاك الله مالا ، فلتر نعمة الله عليك وكرامته " .

حسن ثيابك ما استطعت فإنها = زين الرجال بها تعز وتكرم
ودع التخشن في الثياب تواضعا = فالله يعلم ما تستر وتكتم
فخسيس ثوبك لا يزيدك رفعة = عند الإله وأنت عبد مجرم
ونفيس ثوبك لا يضرك بعدما = تخشى الإله وتتقي ما يحرم

كثيرة هي السلوكيات القذرة المنتشرة بين المسلمين اليوم – وللأسف - ، فترى أحدهم يعبث بأنفه ، أو يتنخم ويبصق في الطريق ، أو يعطس ويسعل في وجه من أمامه دون أن يضع شيئا على فمه ، أو لا يغسل يديه وفمه بعد الأكل و قبله .

أما عن إلقاء القاذورات في الشوارع والطرقات فحدث ولا حرج ، فالحدائق والمتنزهات والطرقات العامة تشكو من طغيان ابن آدم واعتدائه عليها ، فهو يلقي بالأوساخ على الأرض بدلا من وضعها في سلة المهملات ، وكأن المطلوب منه أن يحافظ على نظافة سلات النفايات بدلا من المحافظة على نظافة الطريق العام ، فإماطة الأذى عن الطريق صدقة ، ومن يلقي الأذى في الطريق فعليه الوزر . قال عليه السلام :" أمط الأذى عن الطريق فإنه لك صدقة " . فالمسلم بوازع من عقيدته وإيمانه يميط الأذى عن الطريق حتى لا يتأذى الناس ، ويكنس أمام منزله و متجره ويحرق فيه البخور ذا الرائحة الطيبة والمنعشة ، أما عندما يغيب الإسلام عن حياة المسلمين سنرى أكوام القمامة مكدسة في أرقى الأحياء وعليها الذباب الذي ينقل الأمراض ، كما هو حاصل اليوم في بلادنا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

أمر آخر ، وهو الدخول بالأحذية إلى داخل البيوت ، فهذا ليس من النظافة في شيء ، بل ولا حتى من الطهارة ، فبيوتنا اليوم ليست مفروشة بالرمال والحصى ، فكيف تدخل إلى بيتك وإلى غرفة نومك بحذائك الذي دست به على الأذى والقاذورات ، بل ربما والنجاسات وأنت لا تدري ؟! ألا يمشي أولادك حفاة في البيت ، ويزحفون ، ويلتقطون الأشياء من على الأرض ويضعونها في أفواههم ؟ ألا تصلي أنت وأهل بيتك على الأرض ؟ فلماذا إذن لا تتحرى النظافة والطهارة في بيتك ؟ .

أيها الإخوة ، من قال بأن عامل النظافة في بلادنا لابد أن يكون بهذه الصورة المزرية ؟ ثيابه متسخة ، ويلتقط الأوساخ من الطريق بيديه دون قفازات ؟ أليس من الأفضل أن يلبس ملابس نظيفة ، وأن يضع كمامة ، ويلبس القفازات الخاصة بهذا العمل ؟ أليس هذا أليق به كإنسان أولا ، ولحمايته من الأمراض ثانيا ؟ .

أيها المسلمون ، ديننا هو دين النظافة ، ويحثنا على النظافة ، فالاغتسال والوضوء وخصال الفطرة كلها تشير إلى أهمية الاعتناء بالنظافة ، ونبينا عليه السلام كان مثالا راقيا يحتذى في النظافة ، فقد كان يحب الطيب ، ويكره الريح الخبيثة ، وقد روي عن أمنا عائشة – رضي الله عنها – أنها صنعت لرسول الله عليه السلام جبة من صوف ، فلبسها ، فلما عرق وجد ريح الصوف ، فخلعها ، وكان يعجبه الريح الطيبة ، وكان يعرف بريح الطيب إذا أقبل .

بعد هذا نقول ، حتى نصبح كالشامة بين الناس والأمم ، فلابد من أن نسمو ونرتقي بنظافتنا المادية والمعنوية ، وأعني بالمعنوية نظافة العقل من الخرافات والآوهام والأفكار السقيمة والشبهات ، ونظافة القلب من الشهوات والضغائن والأحقاد ، ونظافة اللسان من الفحش والسب والبذاء ، قال عليه السلام :" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" ، ولابد من أن نربي أولادنا على النظافة منذ نعومة أظفارهم ، فمن شب على شيء شاب عليه .

بقلم : لبنى شرف /الأردن

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط