صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بيوتات سادت ثم بادت...." البرامكه "

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
ستبقى على مر التاريخ قصة ما أصاب البرامكة من نعيم.. وما آلوا إليه من جحيم !!مضرباً للأمثال.. فى أن الدنيا لا تبقى على حال..
وان أغدقت بالأموال.. فمآلها للزوال....
فسبحانه مقلب القلوب ..ومصرف الكروب ..
لاتاسفن على غدر الزمان لطالما....... رقصت على جثث الأسود كلابُ لاتحسبن برقصها تعلوا على أسيادها....... فالأسد أسد والكلابُ كلابُ ستبقى الأسود مخيفةٌ في أسرها ........ حتى ولو نبحت عليها الكلابُ فبداية توليهم كانت فى148 هــ استعمل المنصور على الموصل خالد بن برمك, وسبب ذلك انه بلغه انتشار الأكراد بولايتها وإفسادهم, وفيها ولد الفضل بن يحي بن خالد بن برمك لسبع بقين من ذي الحجة قبل إن يولد الرشيد بن المهدي بسبعة أيام , فأرضعته الخيزران أم الرشيد بلبنها , فكان الفضل بن يحي أخاً الرشيد من الرضا عه ولذلك يقول سلم الخاسر

أصبح الفضل والخليفة هارون *** رضيعي لبان خير ِ النساء ِ

وورد على المنصور انتقاض الموصل والجزيرة وانتشار الأكراد بها فعين خالد بن برمك ,وفى163هــ تجهز المهدي لغزو الروم وأخذ معه يحي بن خالد بن برمك وكان إليه أمر العسكر والنفقات والكتابة
وفى170 هــ , كان يحي بن خالد يتولى أمر الرشيد بأمر الهادي وهو الخليفة ,ثم مات , فاستوزر الرشيد يحي بن خالد وقال له : قد قلدتك أمر ُ الرعية, فاحكم فيها بما ترى , واعزل من رأيت واستعمل من رأيت, ودفع إليه خاتمه فقال إبراهيم الموصلي :

ألم تر الشمس كانت سقيمة *** فلما ولى هارون أشرق نورها[
بيمين أمين الله هارون ذى الندى *** فهارون واليها ويحي وزيرها

وفى سنة175 هــ, عقد الرشيد البيعة لأبنه الأمين وعمرة خمس سنين, والذي سعى فيها هو خاله قدم الى الفضل بن يحي بن برمك وقال له انه ابنك وخلافته لك؟ فوعده بذلك وسعى فيها حتى بايع الناس له بولاية العهد

وفى176هــ ,ولى الرشيد الفضل بن يحي جرجان وطبرستان والري وغيرها في خمسين ألفاً وحمل معه الأموال وطلب منه إن يقضى على يحي بن عبد الله بن الحسن, ثم إن الفضل لاطف يحي بن عبد الله وأملّه إلى إن جاء به إلى الرشيد الذي أعطاه الأمان ثم سجنه فمات في السجن وعظمت منزلة الفضل عنده ثم وردّ أمر مصر إلى جعفر بن يحي بن خالد , وعظم آل برمك عند الرشيد بإتيانهم بيحى بن عبد الله بن حسن حيث سعوا بالصلح بين العباسيين والفاطميين,وفى ذلك يقول مروان بن حفصة:

ظفرت فلا شلت يدٌ برمكيهٌ *** رتقت بها الفتق الذي بين هاشمِ
على حين أعيا الراتقين التئامه *** فكفوا وقالوا ليس بالمتلائم

178هــ,فوّض الرشيد أمور دولته كلها الى يحي بن خالد البرمكى , ووصل الفضل بن يحي إلى خراسان وغزا ماوراء النهر من بخارى , وبنى الفضل بخراسان المساجد والرباطات
180هــ,سار جعفر بن يحي بن خالد الى الشام للعصبية التي بها ومعه القواد والعساكر والسلاح والأموال , فسكن الفتنه وأطفأ الثائرة وعاد الناس الى الأمن والسكون وفيها عُزل الفضل بن يحي عن طبرستان والرويان
وكان جعفر في الشام لم يدع فرساً ولا رمحاً ولا سيفاً الا استلبه من الناس وفى ذلك يقول الشاعر :

لقد أوقدت بالشام نيرانُ فتنةٍ *** فهذا أوان الشامٍ تخمدُ نارها
إذا جاش موج البحر من آل برمكٍ *** عليها خبت شهبانها وشراُرها

182هــ بايع الرشيد لولاية العهد لأبنه المأمون بعد الأمين وسلّمه الى جعفر بن يحي سنة خمس وثمانين ومائه 185هــ استأذن جعفر بن يحي في الحج والمجاورة, فأذن له فخرج في شعبان واعتمر في رمضان وأقام بجدّة مرابطاً الى إن حج في هذه ألسنه187هــ أوقع الر شيد بالبرامكه, وقتل جعفر بن يحي:

أسباب النكبة:
إن الرشيد كان لا يصبر عن جعفر وعن أخته عباسة بنت المهدي , وكان يحضرهما إذا جلس إلى الشراب,فقال لجعفر : أزوجكها ليحل لك النظر إليها ولا تقربها, فإني لاأطيق الصبر عنها , فأجابه الى ذلك, فزوجها منه , وكان يحضران معه , ثم يقوم عنهما, وهما شابان , فجامعها جعفر , فحملت منه, فولدت له غلاماً فخافت الرشيد فسيرته مع حواضن له الى مكة , فأعطته الجواهر والنفقات, ثم إن عباسة وقع بينها وبين بعض جواريها شرّ, فأنهت أمرها وأمر الصبي إلى الرشيد, فحج هارون في هذه ألسنه, وبحث عن الأمر فعلمه.
قيل إن الرشيد دفع يحي بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على الى جعفر بن يحي بن خالد فحبسه, ثم دعا به ليله, وسأله عن بعض أمره فقال : أتق الله في أمري , ولا تتعرض إن يكون غداً خصمك محمد صلى الله عليه وسلم فوا لله ما أحدثت حدثاً, ولا آويت محدثا, فرقّ له, وقال : اذهب حيث شئت من بلاد الله, قال : فكيف أذهب ولا آمن أن أؤخذ؟ فوجه معه من أداه الى مأمنه وبلغ الخبر الفضل بن الربيع من عين كانت له من خواص جعفر , فرفعه الى الرشيد, فقال : ما أنت وهذا ؟ فعله عن أمري !!
ثم أحضر جعفر للطعام, فجعل يلقمه ويحادثه, ثم سأله عن يحي فقال : هو بحاله في الحبس,!!
فقال : بحياتي؟
ففطن جعفر فقال : لاوحياتك!
وقصّ عليه أمرة, وقال : علمت أنه لامكروه عنده فقال : نعم ما فعلت! ما عدوت ما في نفسي فلما قام عنه,قال : قتلني الله إن لم أقتلك فكان من أمره ما كان!
ومن الأسباب:
إن جعفر ابتنى داراً غرم عليها عشرين ألف ألف درهم, فرُفع إلى الرشيد وقيل هذه غرامته على دار فما ظنك بنفقاته وصِلاته وغير ذلك!!
وهو أقوى الأسباب’ ما سُمع من يحي بن خالد وهو يقول:وقد تعلق بأستار الكعبة في حجته هذه: اللهم إن كان رضاك إن تسلبني مالي وأهلي وولدي فأسلبنى إلا الفضل , ثم ولى ّ , فلما كان عند باب المسجد رجع , فقال مثل ذلك, وجعل يقول: اللهم انه سمج بمثلى إن يستثنى عليك, اللهم والفضل فلما انصرفوا من الحج ونزلوا الأنبار , ونزل الرشيد العمرُ نكبهم!!
إن على بن عيسى ماهان سعى بموسى بن يحي بن خالد واتهمه في أمر خراسان, وأعلم الرشيد انه يكاتبهم ليسير إليهم, ويخرجهم عن الطاعة, فحبسه ثم أطلقه.
كان يحي بن خالد يدخل على الرشيد بغير إذن , فدخل عليه يوماً وعنده جبرائيل بن بختيشوع الطبيب, فسلّم فرد الرشيد رداً ضعيفاً ثم أقبل الرشيد على جبرائيل, فقال : أيدخل عليك منزلك أحدٌ بغير أذن؟ قال : لا , قال : فما بالنا يدُخل علينا بغير أذن؟ فقال يحي : ياأمير المؤمنين ما ابتدأت ذلك الساعة, ولكن أمير المؤمنين خصّنى به, حتى إن كنت لأدخل وهو في فراشه مجرداً, وما علمت إن أمير المؤمنين كره ما كان يحبّ, فإذا قد علمت فإني سأكون عنده في الطبقة التي تجعلني فيها , فاستحيا هارون وقال : ما أردت ما تكره!
* كان يحي إذا دخل على الرشيد قام له الغلمان, فقال الرشيد لمسرور: مُر الغلمان لايقومون ليحي إذا دخل الدار , فدخلها فلم يقوموا, فتغيّر لونه, وكانوا بعد ذلك إذا رأوه أعرضوا عنه قال ابن كثير : إنما قتلهم لأنه كان لايمر ببلد ولا إقليم ولا قرية ولا مزرعة ولابيت إلا قيل هذا لجعفر .
ويقال إن البرامكة كانوا يريدون إبطال خلافة الرشيد وإظهار الزندقة, وأتى الرشيد بأنس بن أبى شيخ كان يتهم بالزندقة, وكان مصاحباً لجعفر, فدار بينه وبين الرشيد كلام ثم أخرج الرشيد من تحت فراشه سيفاً وأمر بضرب عنقه, وكان الرشيد في اليوم الذي قتل فيه جعفراًكان هو وإياه راكبين الى الصيد, وخلا به وطيبه بالغالية, فلما كان وقت المغرب ضمه إليه وقال له : لولا إن الليلة ليلة خلوتي بالنساء ما فارقتك, فاذهب الى منزلك واطرب عيشاً حتى تكون على مثل حالي فأكون أنا وأنت في اللذة سواء فلما أنصرف فما هو إلا إن ذهب من الليل بعضه حتى أوقع به من البأس والنكال , وقد سئل الرشيد عن سبب قتل البرامكه فقال : لو أعلم إن قميصي يعلم ذلك لأحرقته

جود يحي
قال إسحاق الموصلي : كانت صلات يحي لمن تعرض له إذا ركب مئتي درهم.

بلاغته
قال يحي لما نكب : الدنيا دول, والمال عارية, ولنا بمن قبلنا أسوة, وفينا لمن بعدنا عِبرة ووقّع يحي على ورقة محبوس: العدوان أوبقه, والتوبة تُطلقُه.
وكان يحي بن خالد لايقضى حاجة إلا بوعد, ويقول : من لم يبت على سرور الوعد لم يجد للصنيعة طعماً (أبناءه )

الفضل بن يحي:
, من رجال الكمال ولى خراسان وعمل الوزارة, وكان فيها من اسخي من جعفر , ولكنه يضرب بكبره وتيهه المثل وكان أخاً للرشيد من الرضاعة, مات كهلاً سنه اثنتين وتسعين مسجوناً , وكان قد أخرب بيت النار الذي ببلخ وكان جدهم برمك رئيس فيه وفى ذلك يقول مروان بن حفصة في قصيدة يمدح بها الفضل :

كفى لك فضلاً أن أفضل حرّة *** غذتك بثدي والخليفة واحد
لقد زنت يحي في المشاهد كلها *** كما زان خالداً في المشاهد

ومن جوده انه مرّ بعمرو بن جميل التميمي وعمرو في مضربه يطعم الناس, فلم يقف الفضل ولم يسلم عليه فوجد عمرو في نفسه , فلما نزل الفضل قال ينبغي لنا إن نعين عمراً على مروءته, فبعث إليه بألف ألف درهم.
وكان الفضل عبساً بسراً وكان سخياً كريماً , وكان أخوه جعفر بن يحي طلقاً بشراً وكان بخيلاً, وكان الناس الى لقاء جعفر أميل منهم الى لقاء الفضل , ولم يزل الفضل محبوساً في حبس الرشيد حتى مات سنة ثلاث وتسعين 2

لما نكب الرشيد البرامكه مرّ الرقاشى بالفضل بن يحي مصلوباً فقال :

أما , والله , لولا خوفُ واشٍ *** وعينٌ للخليفة لاتنامُ
لطُفنا حول جذعك ولاستلمنا *** كما للناس بالحجر استلام!
فما أبصرت بعدك, ياابن يحى , *** حساماً حتفه السيف الحسام
على اللذات والدنيا جميعاً *** ودولةِ آل برمكٍ السلام!

قال ابن المنصور كنت يوماً في مجلس الفضل بن يحي فأتاه الحاجب فقال : إن بالباب رجلاً قد أكثر في طلب الأذن وزعم إن له يداً يمت بها فقال : أدخله!
فدخل رجلٌ جميلٌ الوجه رثّ الهيئة, فسلم فأحسن, فأومأ إليه بالجلوس فجلس, قال له ما حاجتك؟ قال : قد أعربت بها رثاثة هيئتي وضُعف طاقتي قال : أجل فما الذي تمّت به ؟ قال : ولادة تقرُب من ولادتك, وجوار يدنو من جوارك, وإسمي مشتق من ا سمك!!
قال : أما الجوار فقد يمكن إن يكون كما قلت, وقد يوافق الاسم الاسم, ولكن ما علمك بالولادة ؟ قال : أعلمتني أمي أنها لما وضعتني , قيل انه ولد الليلة ليحي بن خالد غلام وسُمى الفضل, فسمتني فُضيلاً, إعظاماً لاسمك إن تلحقني به , فتبسم الفضل وقال : كم أتى عليك من السنين؟ قال : خمس وثلاثون ن سنه, قال : صدقت هذا المقدار الذي أتيت عليه قال : فما فعلت أمك؟ قال توفيت رحمها الله !
قال : فما منعك من اللحوق بى ؟
قال : لم أرض نفسي للقائك لأنها كانت في عاميه وحداثة تقعدني عن لقاء الملوك!
قال : يا غلام أعطه لكل عام مضى من سنيه ألفاً, وأعطه من كسوتنا ومراكبنا ما يصلح له, فلم يخرج من الدار إلا وقد طاف به إخوانه وخاصّة أهله
جعفر: قال الذهبي : وما أدراك ما جعفر ؟ , له نبأ عجيب وشأنُ غريب فبقى في الارتقاء في رتيبة شرك الخليفة في أمواله ولذاته وتصرفه في الممالك ثم انقلب الدست في يومٍ فقتل وسجن أبوة وإخوته إلى الممات فما أجهل من يغتر في الدنيا!!
كان من مُلاح زمانه وسيماً ابيضاً جميلاً فصيحاً مفوهاً أديبا عذب العبارة حاتمي السخاء , وكان لعّاباً غارقاً في لذات دنياه ولى نيابة دمشق فقدمها في سنه ثمانين ومائة, فكان يستخلف عليها ويلازم هارون, وكان يقول إذا أقبلت الدنيا عليك, فأعط, فإنها لاتفنى وإذا أدبرت فأعط منها فإنها لاتبقى
يقال انه وقع ليله بحضرة الرشيد زيادة على ألف توقيع, ونظر في جميعها, فلم يخرج شيئا ً منها عن موجب الفقه
ولما أصيب جعفر وجدوا له في جرة ألف دينار , زنة كل دينار مائة دينار مكتوب على صفحة الدينار جعفر

واصفر من ضرب دار الملوك *** يلوح على وجهه جعفر
يزيد على مائةٍ واحداً *** متى تعطه معسراً يوسر

بلاغته:
وكان أبوه يحي بن خالد قد ضمّه الى أبى يوسف القاضى حتى علّمه وفقهه, وغضب عليه الرشيد في آخر أمرة فقتله ونكب البرامكه لأجله, قال ثمامه بن أشرس النميرى : ما رأيت أبلغ من جعفر بن يحي والمأمون وقال جعفر بن يحي : الحظّ سِِمط الحكمة به تُفّصل شذورها, وينظم منثورها.
قال ثمامة قلت لجعفر : ما البيان؟ قال : أن يكون الأسم محيطاً بمعناك, مخبراً عن مغزاك, مخرجاً من الشركة, غير مستعان عليه بالفكرة

علاقته بالشعراء
كانت علاقته قويه بالشعراء منهم العتابى , الذي أراد الرشيد إن يقتله فما زال جعفر بن يحي البرمكى يستعطف الرشيد عليه حتى عفا عنه الرشيد, فقال العتابى يمدح جعفر

مازلت في غمرات الموت مُطرحاً *** قد ضاق عنى فسيح الأرض من حيلي
ولم تزل دائباً تسعى بلطفك لي *** حتى اختلست حياتي من يدي أجلى

كان أبو علقمة الثقفى صاحب الغريب عند جعفر بن يحى في بعض لياليه التي يسمر فيها , فأقبلت خنفساء إلى أبى علقمه فقال : أليس يقال إن الخنفساء إذا اقبلت الى رجل أصاب خيراً, قالوا : بلى ! قال جعفر بن يحي : يا غلام أعطه ألف دينار , قال : فنحوها عنه , فعادت إليه , فقال : يا غلام أعطه ألف دينار فأعطاه دينار , قال : فأنشد جعفر مرثية ابن أبى حفصة لمعن بن زائدة التي يقول فيها :

كأن الشمس يوم أصيب معن *** من الإظلام ملبسة جلا لا

فاستجادها جعفر فوهب له عشرة آلاف درهم
قال أبو قابوس النصراني: دخلت على جعفر بن يحي في يوم بارد فاصابنى البرد, فقال : يا غلام اطرح عليه كساء من أكسية النصارى فطرح على ّ كساء خز قيمته ألف فلما انصرفت الى منزلي فأردت إن البسه في يوم عيد فلم أصب له في منزلي ثوباً يشاكله فكتبت له

أبا الفضل لو أبصرتنا يوم عيدنا *** رأيت مباهاة لنا في الكنائس
ولو كان ذاك المطرف الخزّ جبُه *** لباهيت أصحابي بها فى المجالس
فلا بد لي من جبة من جبابكم *** ومن طيلسان من جياد الطيالس

قال فبعث لي بتخوت خمسة ومن كل نوع تخت , فما انقضت الأيام حتى صلب جعفر, فرأوا أبا قابو س تحت جذع جعفر يزمزم, فأخذوه إلى الرشيد فقال له ما كنت قائلاً تحت جذع جعفر , قال ترحمت عليه وقلت في ذلك:

أمين الله هبّ فضل بن يحي *** لنفسك أيها الملك الهمام
وما طلبي إليك العفو عنه *** وقد قعد الوشاة بنا وقاموا
نذرت على ّ فيه صيام حول *** وان وجب الرضي وجب الصيام

علاقته بالعلماء
لما بلغ سفيان بن عيينة قتل جعفر بن يحي , وما نزل بالبرامكه, حول وجهه الى الكعبة , وقال : اللهم إنه كان قد كفاني مؤونه الدنيا, فاكفه مؤونه الآخرة وقوع النكبة:
لما عاد الرشيد من الحج, أرسل مسروراٍ الخادم ومعه جماعة من الجند الى جعفر فدخل عليه ليلاً وعنده أبو زكار المغنى يقول :

فلا تبعد, فكل فتى سيأتي *** عليه الموت يطرقُ أو يغادى
وكل ذخيرة لابد يوماً *** وإن كرمت تصير الى نفادِ

قال مسرور : فقلت له : يا أبا الفضل, الذي جئت له هو والله ذاك, قد طرقك, أجب يا أمير المؤمنين, فوقع على رجلى ّ يقبلهما, فقال : حتى أدخل فأوصى!!فقلت : أما الدخول فلا سبيل إليه, وأما الوصية فاصنع ما شئت, فأوصى بما أراد , وأعتق مماليكه وأتتني رسل الرشيد تستحثني, فمضيت به إليه, فأعلمته وهو في فراشه, فقال : ائتن برأسه, فأتيت جعفر فأخبرته, فقال : الله , الله! والله ما أمرك بهاالا وهو سكران, فدافع حتى أصيح أو راجعه في ثانيه , فعُدت لأراجعه, فلما سمع حسي قال : أئتنى برأسه! فرجعت إليه فأخبرته, فقال : آمره , فرجعت’ فحذفني بعمود كان في يده, وقال : نُفيت من المهدي , إن لم تأتني برأسه لأقتلنك! قال : فخرجت فقتلته وحملت ُرأسه إليه, وأمر بتوجيه من أحاط بيحى وولده وجميع سبيه, وأحاطوا الفضل بن يحي ليلاً, فحُبس في بعض منازل الرشيد, وحبس يحي فى منزله, وأخُذ ما وجد لهم من مال , وضياع ومتاع, وغير ذلك,وأرسل من ليلته الى سائر البلاد في قبض أموا لهم ووكلائهم ورقيقهم وأسبابهم وكلّ ما لهم, فلما أصبح أرسل جيفة جعفر الى بغداد, وأمر أن ينصب رأسه على جسر ’ويقطع بدنه قطعتين, تنصب كل قطعه على جسر , ولم يعرض الرشيد الى محمد بن خالد بن برمك وولده وأسبابه, لأنه علم برآءته مما دخل فيه أهله, وقيل كان يسعى بهم ثم حبس يحي وبنيه الفضل ومحمداً وموسى محبساً سهلاً, ولم يفرق بينهم وبين عدّة من خدمهم, ولا ما يحتاجون إليه من جارية وغيرها, ولم تزل حالهم سهلة الى أن قبض الرشيد على عبد الملك بن صالح فعمّهم بسخطه, وجدد لهم التهمه وضيّق عليهم قال سلام بن الأبرش : دخلت على يحي بن خالد وقت قبضه, وقد هتكت الستور, وجمع المتاع, فقال : هكذا تقوم القيامة, قال : فحدثت الرشيد فأطرق مفكراً!!

أحوالهم بعد النكبة:
لما قتل جعفر بن يحي قيل لأبيه : قتل الرشيد ابنك ؟ قال : كذلك يقتل ابنه! قيل : وقد أخرب ديارك!قال : كذلك تخرب دياره!فلما بلغ الرشيد ما قاله , قال : قد خفت ان يكون ما قاله لأنه ما قال شيئاً إلا ورأيت تأويله!!
وقال يحي بن خالد بن برمك:لما نُكب : الدنيا دول, والمال عارية, ولنا بمن قبلنا أسوة, وفينا لمن بعدنا عبرة ولما نكبوا قال شاعر :

الآن استرحنا واستراحت ركابنا *** وأمسك من يحدو ومن كان يحتدى
فقلُ للمطايا قد أمنتِ من السري *** وطي َ الفيـــــافي فدفداً بعد فدفدِ
وقُل للمنايا قد ظفرتِ بجعفرٍ *** ولن تظفــــــــــــــري من بعده بمسودِ
وقل للعطايا بعد فضلٍ تعطلي *** وقُل للــــــــــــــرزايا كلّ يومٍ تجددي
ودونك سيفاً برمكياً مُهنداً *** أصيب بســــــــــيفٍ هاشمي مهندِ

عن محمد الهاشمي –صاحب صلاة الكوفة – قال دخلت على أمي في يوم عيد أضحى , وعندها امرأة برزة في أثواب دنسه رثه , فقالت لي : أتعرف هذه؟ قلت : لا! قالت : هذه عباده أم جعفر بن يحي بن خالد , فسلمت عليها ورحبت بها, وقلت لها: يا فلانة حدثيني ببعض أمركم , قالت :أذكر لمك جملة كافيه فيها اعتبار لمن أعتبر , وموعظة لمن فكر, لقد هجم على مثل هذا العيد وعلى رأسي أربع مائة وصيفه , وأنا أزعم أن جعفر ابني عاق بى , وقد أتيتكم فى هذا اليوم , والذي يقنعني جلدا شاتين, أجعل أحدهما شعارا والآخر دثار

رؤيا جعفر:
قال ثمامة بن أشرس : بتّ ليلة مع جعفر بن يحي بن خالد, فانتبه من منامه يبكى مذعوراً فقلت : ما شأنك ؟ قال : رأيت شيخاً جاء فأخذ بعضادتى الباب وقال :
كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامرُ
قال فأجبته:

بل نحن كنا أهلها فأبادنا *** صروف الليالي والجدود العواثرُ

فوزيه منيع الخليوى
للسنه عضو الجمعيه العلمية السعوديه

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط