صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سهيلة زين العابدين..والتجديد فى الدين!

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
كان من حقي أن أتساءل عن المفاهيم الخاطئة التي خرجت بها الأستاذة سهيلة زين العابدين لما هو معلوم من الدين ,وثابت عند المسلمين!! وخاضت في مسألة تغيير الخطاب الديني ,الذي رأت إن تأثري به هو الذي دعاني للرد عليها !! وإنما الذي دعاني هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (28\231): « وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: إنه يثقل علي أن أقول فلان كذا وفلان كذا.. فقال: إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهل: الصحيح من السقيم؟ فادعت اننى اتهمتها بالكفر ؟؟!!بسبب نقلى لقول ابن تيمية "الإجماع المعلوم يكفر مخالفة كما يكفر مخالف النص" وبغض النظر عن هذا الاتهام التحريضي الذي يحتاج إلى أدلة عالية الجودة قبل إرساله كلاماً في الهواء !! لا استطيع أيضاً أن افترض فيها حسن النية بالحاقى بركب المستشرقين ؟!!

1. الفرق بين مفاهيم الشرع وسلوكيات المسلمين:
أولاً: ذكرت الكاتبة ما يقارب من 15 مسلكا من معاناة المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية , اعتبرتها إفرازات للثوابت الدينية , والنصوص الشرعية التي تفضل الرجل على المرأة!! وترى اننى لاأدرى ما يدور حولي مما ينشر يومياً من تجاوزات ضد المرأة؟؟ وهذا قول لايقل فداحة عن رأيها الذي وقع فيه دعاة الليبرالية في بلادنا ! معتبرين إن الليبرالية هي التي ستجلب لنا الحرية والديمقراطية؟! والأمثلة التي ذكرتها من احتقار و حرمان للمرأة من ميراثها أو ضربها أو حرمانها من أبناءها,....."لاننكر وجودها ولا نقرها ,بل وأرى إن الدين برئ منها وأتى بما بضادها ؟! ولكن تعميم هذه الحوادث على المجتمع بأكمله أمر غير مقبول ,وألا فلتأتنا الكاتبة الفاضلة بالإحصائيات والأرقام عليها!!
وثانيا: ما يحدث في المجتمع السعودي من إفرازات ليس مختصاً به وحده , فهذه جميع شعوب العالم تنؤ بكاهلها بأشكال مستترة ,وحوادث منتشرة ! من احتقار لكرامتها ,ومساس باستقلاليتها!!

1. ادعاءها استواء حال السلف والخلف في الاجتهاد :
قالت الكاتبة " علماؤنا المتأخرون لهم عقول يفهمون بها كما لعلمائنا الأوائل ,وقصر فهم الإسلام على حقبة معينة من الزمن فيه إفقاد الإسلام خاصيته المتميزة وحرمان البشر من الاستفادة من تطور الفكر البشرى..وما يصلح لمجتمع في زمن قد لايصلح له في زمن آخر... "
قلت: إن هذا الرأي أصبح مطية يركبُها مَنْ يريدُ أنْ يردَّ أقوالَ الأئمة المتقدمين، والسلفِ الصادقين بلا حُجةٍ ولا بُرهان، ومَنْ يريدُ أن يمرر آراءه الشاذة، وأقوالَه الضعيفة , والمعروف شرعا إن السلف إذا اجمعوا على أمر لم يجز لمن أتى بعدهم إن يخالفهم ويخرق الإجماع ، وفي الصحيحين من حديث عَبيدة السلمانيّ عن عبدِ الله بن مسعود قال :(( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير ؟ قال: قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)) وكما قال عبدا لله بن مسعود -رضي الله عنه- :"مَنْ كانَ منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئكَ أصحابُ محمد؛ أبرّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا يهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم" مجموع الفتاوى ( 4/157-158 وقال الإمام ألشاطبي-رحمه الله-( كما أن اعتبار النصوص من غير اعتماد على الفهم الوارد عن السلف فهي مؤدية الى التعارض والاختلاف )أهـ( 3/288) ا لموافقات ). وأما المتأخر فله حق النظر والاجتهاد في النوازل التي لم يرد فيها نص أو الترجيح فيما اختلف فيه المتقدمون .

2. مخالفتها للإجماع:
الكاتبة لاتعتبر الإجماع في مسألة دية المرأة على النصف من دية الرجل ,وترى انه ليس هناك" إجماع مستيقن" وهذا تشكيك في أصل حجية الإجماع ونسف لدليلٍ عظيمٍ من أدلة الفقه الإسلامي ! ومن نصوص الأئمة على أن مواطن الإجماع لا يجوز فيها الاجتهاد، قال الشافعي في الأم (216/6): ومعنى الاجتهاد من الحاكم إنما يكون بعد أن لا يكون فيما يرد القضاء في كتاب ولا سنة ولا أمر مجتمع عليه، فأما وشيء من ذلك موجود فلا" , وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10/20): «وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة»اهـ ثانيا: وشيء آخر لم يكن ثمة داعٍ لذكره، وهو قول الإمام أحمد بن حنبل "من ادعى الإجماع فقد كذب"، لأن نقل مثل هذا الكلام دون بيان معناه ومراد الإمام منه يوهم إنكار حجية الإجماع، مع ان الإمام أحمد يحتج بالإجماع مسألتنا هذه ,وإنما مراد احمد التثبت فى الأجماعات المتأخرة التي ادعيت بعد عصر الصحابة ، وقد ذكر العلماء من الحنابلة وغيرهم معنى هذا القول المنقول عن الإمام أحمد، وأنه ليس إنكاراً للإجماع، ثالثا: اعتبارها برأي متأخر ,لايقدح في صحة هذا الإجماع لذا اشترط أهل العلم في اعتبار المخالف أن يكون من أهل العصر، لا ممن جاء بعدهم، وأقوال العلماء في ذلك كثيرة، منها: قول الآمدي في الأحكام «296/1» لو أجمعت الأمة على حكم ثم جاء من بعدهم مجتهد يرى في اجتهاده ما يخالف إجماع الأمة السابقة لم يجز له الحكم به، بل وجب عليه الرجوع إلى الأمة. اهـ

3. ردها للإجماع في "دية المرأة على النصف من دية الرجل" لقول أثنين ليسا من أهل السنة ومعروفين بالشذوذ وخرق الإجماع:
هناك عشرون إماماً ينقلون الإجماع على التنصيف منهم: الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (6\106) قال: «لم أعلم مخالفاً من أهل العلم –قديماً ولا حديثاً– في أن دية المرأة نصف دية الرجل». وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى { وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمناً إلا خطـأ } : «وأجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل. , وقد نقل إجماع أهل السنة والجماعة الإمام الشافعي، وابن المنذر، والطحاوي، والطبري، وابن عبد البر، وابن قدامه، وابن حزم، وابن تيمية، والقرطبي، وابن رشد، والشوكاني، وكثيرٌ غيرهم, كالكاساني في بدائع الصنائع «254/7»، والسرخسي في المبسوط «79/26». وأما ابن علية والأصم، فهما مبتدعان ضالان لا قيمة لخلافهما، لأنهما ليسا من أهل السنة أصلاً.
فابْن عُلَيَّةَ (ت 218هـ) هذا مبتدعٌ ضال. وصفه الذهبي في السير (9\113) بأنه: «جهميٌّ شيطان». وقال عنه كذلك: «أحد كبار الجهمية. وممن ناظر الشافعي». وقال عنه ابن حجر في لسان الميزان (1\34): «جهمي هالِك. كان يناظر ويقول بخلق القرآن». وقال عنه الإمام ابن يونس: «له مُصنّفات في الفقه، شِبه الجدل». وقال عنه إمام الأندلس ابن عبد البر: «له شذوذٌ كثيرة. ومذاهبه عند أهل السنة مهجورة. وليس في قولِهِ عندهم مما يُعَدُّ خلافاً».
وأما أبو بكر الأَصَمّ (أستاذ ابن علية) فقد وصفه الذهبي في السير (9\402) بأنه: «شيخ المعتزلة». وقد ألف كتاب "خلق القرآن"، والعياذ بالله. وكما قيل: «الأصم، كان عن معرفة الحق أصم ! ولولا شذوذه وخرقه للإجماعات لما سَمِعَ به أحد! حتى قال عنه إمام الحرمين أبو المعالي الجو يني : «وهذا الرجل لا يُسَمّى إلا عند مخالفة الإجماع والانسلال من رِبقة الهدى والإتباع». فكيف بعدها تحتج برأيهما الشاذ .

4. قدح الكاتبة في عالمين من الأئمة هما ابن قدامه وابن القيم:
اتهمت الكاتبة العالمين إنهما عاشا في العصر المملوكى الذي طفت على سطحه عادات وتقاليد جاهلة , وان نظرتهما إلى المرأة دونية بسبب ماتربيا عليه, وان قوامة الزوج عند ابن القيم هي لون من القهر؟؟؟ فانظر أيها القارئ إلى هذه الاتهامات الباطلة التي لادليل لها إلا الظن الذي حذرنا الله عزوجل منه , فهل يليق بالكاتبة إن تنتقص أئمة شهدت لهم الأمة بالصدق والتجرد ,وسعة الاطلاع ,والذود عن الإسلام وتتهمهم بالعنصرية ضد المرأة وهنا أتساءل معها هل كان الصحابة متأثرون ببيئتهم وهم يشاهدون الوحي, وهل كان الفقهاء التابعين في العصر الأموي متأثرون ببيئتهم وهل كان فقهاء أتباع التابعين في العصر العباسي متأثرون ببيئتهم , فهكذا يمكن اتهام جميع الفقهاء على مر العصور, واذا أخذنا قلنا ان الشيخ القرضاوى عاش في زمن الاستعمار والأنهزامية فتأثر ببيئته مما جعله يوافق اطروحات العصر فى مساواة المرأة بالرجل .

5. تقوية حديث الدية:
أما حديث معاذ فى الدية فقد أخرجه البيهقى بإسناد ضعيف ولكن تعضده الأثار الصحيحة عن الخلفاء الراشدين ,ويثبت به الأجماع كما انعقد الأجماع فى مسائل كثيرة على احاديث ضعيفة. وخفاء دليل الإجماع علينا لايسوغ رده ,قال ابن عبد البر: وقد وردت آثار كثيرة في المسألة يقوي بعضها بعضاً، منها رواية صحيحة وقد أشار لها البيهقي بقوله في السنن الكبرى (96/8): ورواه شقيق عن عبدا لله بن مسعود وهو موصول)، وهي ما أخرجه الشافعي في كتاب الأم (177/7): قال: أخبرنا شعبة عن الأعمش عن شقيق عن عبدا لله في جراحات الرجال والنساء: تستوي في السن والموضحة، وما خلا فعلى النصف". فهذا الأثر كما ترى صحيح في غاية الصحة، بل روى الشيخان بإسناد الشافعي هذا أحاديث كثيرة، وأهل العلم بالحديث يعلمون أن هذا الإسناد لايمكن الطعن فيه بحال، لاسيما وهو من رواية شعبة بن الحجاج. اهـ ثانيا:وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (411/5) قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن شريح قال أتاني عروة البار قي من عند عمر أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل". الشاهد صحيح الإسناد وقال الحافظ بن حجر في الفتح (214/12) عقب رواية هشيم هذه: "سنده صحيح إن كان ألنخعي سمعه من شريح"، وصححها الشيخ ناصر الدين الألباني في إرواء الغليل (307/7).

واكتفى بهذا القدر من الكلام ,.واعتذر عن مواصلة الحديث معها ,لأن خلافنا معها ليس في الشهادة ولا في الدية أوفى الجنايات أو الولاية! إنما خلافنا معها في الأصول فنحن ننزل المرأة منزلتها التي أنزلها الشارع الحكيم ,وهى تطالب بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة!واني لأتساءل لماذا جعل الشرع عصمة الطلاق بيد الرجل؟ولماذا اسقط الجهاد عن المرأة ؟ ولماذا جعل إذن خروجها من بيتها وصومها بأذن زوجها؟ ولماذا جعل الآذان والإمامة من وظائف الرجل.. وغيره كثير, مما يدلل على إن الشارع لم يساو بينهما في جميع الأمور!وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (238/4): "ولهذا لو شهدت خديجة وفاطمة وعائشة ونحوهن ممن يعلم أنهن من أهل الجنة لكانت شهادة إحداهن نصف شهادة رجل، كما حكم بذلك القرآن، كما أن ميراث إحداهن نصف ميراث رجل، وديتها نصف دية رجل، وهذا كله باتفاق المسلمين".


فوزيه منيع الخليوى
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة.
Om.sofian@hotmail.com


نشر فى ملحق الرساله بجريدة المدينة 29/جماد الأول 1428
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط