صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







أكـُـلّـنا محتاج .. إلى إسراءٍ و مِعراج ؟؟

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


مـِـمّا ورد من أخبار السيرة النبوية .. خبر تلك الرحلة العظيمة التي كرّم الله بها نبيه عليه الصلاة و السلام
و أسرى به إلى المسجد الأقصى ثم عُرِج به إلى السماء السابعة إلى سدرة المنتهى ..

لمّا أُوحي إلى رسول الله بالقرآن و أُمـِـر بالتبليغ ..
حاربه قومه و شددوا عليه ، و أظهروا العداوة له عليه الصلاة و السلام ، و هو الصادق فيهم و الأمين بينهم

حينما يكون الإنسان على حق و بيـّـنة ، و حينما يعلمُ من نفسه الصِدق و الأمانة ..
فإنه يتألّم حين يجد العداوات من حوله و يحزن حين يـُـكذّب أو يقذف بتـُـهـَـم كاذبة ..
و يتألم حين لا يستطيعُ كفَّ أذاهم أو مـنـْـعهم مِـن سوءٍ يريدون إلحاقه به .

فيهتمُّ الرسولُ عليه الصلاة و السلام لهذا الأمر و يغتمُّ له ، و يـَـحْزنُ على حال قومه و حال عمومته
الذين نصبوا له أنواع النكال و العذاب ..

صلّى الله عليكَ يا علمَ الهُدى = و استبشرتْ بقدومكَ الأيّامُ
هتفتْ لكَ الأرواحُ مـِـن أشواقِها = و ازيّنتْ بحديثكَ الأقلامُ

فلمّا شدد قريش على النبي صلى الله عليه و سلم خرج عليه الصلاة و السلام إلى الطائف لعلّه يجد قلباً يؤمنُ به ، أو مـُـعيناً يعينه على أمره ..

لكن أنـّـى له ذلك و القومُ حاقدون عليه يحسدونه على ما أتاه الله من فضله

و هكذا هي سُـنّة الله في خلقه ..
من اتخذَّ طريقَ الاستقامة شِرعةً له و منهاجاً .. فلابدَّ له أن يلقى أصناف الابتلاء
سواءً مـِـن أقرب الناس أو مـِـن أبـْـعـَـدهـِـم ..

فالابتلاء هو تمحيص الله لعباده ، ليعلم الصابِر منهم و ليعلمَ من ينقلبُ منهم على عقبيه .

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } محمد .

فلمّا وجد رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك الأذى من أهل الطائف
رجع إلى مكة ، يـُـكـْـمِل طريقَ دعوته
و في الطريق يقف عليه الصلاة و السلام يناجي الرحمن الرحيم
يناجي الحكيم العليم
يناجي العلي القدير
فيقول : [ اللهم إليكَ أشكو ضَعف قوتي و قِلة حيلتي و هواني على الناس ، يا أرحمَ الرحمين ، أنتَ ربي و رب المستضعفين ........... ] إلى نهاية الدعاء الذي وردَ عنه عليه الصلاة و السلام .

فيرجِع قافِلاً إلى مكة

ثم يُبشّر هُناك برحلة الإسراء و المعراج ..

كان عليه الصلاة و السلام مكروب ، مظلوم ، مضيوم
يريد أن يسلو خاطِره و يأنس قلبَه و يفرح ..

فيغيّر الله له حاله
و يسري به سبحانه عز و جل إلى المسجدِ الأقصى
و بعد أن وصل هُناك و صلى بالأنبياء
يُـعرَج به عليه الصلاة و السلام فيرى ملكوت الله ..
و يشاهِد السموات السبع جميعهن و ما حوتْ من مخلوقات ..

فينجلي عنه ما قد أهمّه ..

أقول :
إن تغيير الأوطان و الأماكن لـِـمـَـن قدّر الله عليهم بالابتلاء .. أمرٌ لابدَّ منه
إن أراد المُبتلى أن ينفّس عن خاطِره و يرتاح من العناء .

إنَّ اللهَ تعالى يقدّر علينا جميعاً أنواعاً من الابتلاءات و الأحزان ..
لكن المؤمن حقاً هو الذي يرضى بقضاء الله و قدره و لا يستسلِم

فيسعى جاهِداً كي يريّح النفس
لأن النفسَ إذا ارتاحت .. ارتاح الجسد .
و إذا ارتاح الجسد ، تهيأ للعِبادة ..

فهل جميعُنا محتاجون لتغيير الأوطان ؟؟

أقول :
نعم ، نحن محتاجون لذلك إذا ضاقت بنا الحياة و ضاقت علينا أنفسنا

نحتاج إلى كـَـسْـرِ الروتين اليومي ، ونحتاج إلى تغيير مكان إقامتنا
لأن الروتين ، أمرٌ مُفسـِـد للبدن و العقل ..

إني رأيتُ وقــوفَ المـاءِ يفسـدهُ = إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
والبدرُ لـولا أفـولٌ منه مـا نظرتْ = إليه في كلِّ حينٍ عَـيـنُ مُرتَقِـبِ
فـإن تغـرَّب هـذا عـزَّ مَـطْلَـبُهُ = وإنْ تَغَرَّبَ ذَاكَ عَـزَّ كالـذَّهَـبِ

من ابتلاه الله .. ليخرجْ إلى أرضِ الله الواسعة و يجعلْ من كِتاب الكون سلوان له
و ليقرأ في هذا الكِتاب و لن يملَّ منه ..
لأنّه كلما رأى صورة و آية ، انشدَّ عقله إلى أختها و تسلى بها
و كِتابي الفضاءُ أقرأُ فيهِ = صوراً ما قرأتُها في كتابِ
صوراً تُدهِشُ العقولَ و حُسناً = يَسكبُ السِّحرَ في الصخورِ الصِلابِ

فإذا خرجتَ تستجمُّ فاستحضِر معك ما قاله تعالى { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } يونس .

ففي مفارقة الأوطان .. اُنسٌ و سلوان

فما رحلة الإسراء و المعراج إلا دليل ..
و قصة الهجرتين أيضاً دليل ..

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ضَاق به الْحَال خَرَج مِن مكة

وكان عُمر رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين إذا اسْتَرَاث عليه الْخَبَر خَرَج إلى الْجُرف يستطلع الأخبار ..

وفي الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : [ هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟
قال : لقد لقيتُ مِن قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عَرَضْتُ نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت
فانطلقت وأنا مهموم على وجهي ، فلم أستفق إلا وأنا بِقَرْن الثعالب ، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني
فنظرت فإذا فيها جبريل ، فناداني ، فقال : إن الله قد سَمِع قول قومك لك وما رَدّوا عليك ، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ...... ] الحديث .

ففي الحديث خُرُوج المهموم ومفارقته لِمكانه ..

لكن ليكن ذلك الخروج ، خروج ترويح ، لا خروج تنغيص !

فألقي بهمومك خلف ظهركَ و ركّز نظرك في ملكوت السمواتِ و الأرض
أمّا إن أبيتَ ! و نقلتَ معك همومك ..
فإنَّ ..
الذي نفسه بغيرِ جَمالٍ = لا يَرى في الوجودِ شيئاً جميلا

قال أحدهم : السفرُ يُذهـِب الهموم .

و قال الحافِظ الرمهرمزي في كتابِه " المحدّث الفاضل " :
( و لو عرَفَ الطاعِنُ على أهلِ الرِحلةِ مِقدارَ لَذّةِ الراحِل في رحلته ، و نشاطِه عند فصوله من وطنِه و استلذاذ جميع جوارحه ، عِند تصرّف لحظاتـُه في المناهِل و المَـنازِل ، و البواطِن و الظواهِر ، و النظرِ إلى دساكِر الأقطار و غياظها ، و حدائقها و رياضها ، و تصفّح الوجوه ، و مشاهدة ما لم يرَ مِن عجائبِ البُلدان و اختلاف الألسنةِ و الألوان ، و الاستراحة في أفياء الحيطان و ظلال الغيطان .................. لعلمــّه أنَّ لذاتِ الدنيا مجموعة في محاسِن تلك المـَـشاهِد ، و حلاوة تلك المناظِر ، و اقتناص تلك الفوائد ، التي هي عند أهلِها أبهى من زَهْرِ الربيع ، من حيثُ حُرِمها الطاعِن و أشباهه ) أهـ .

فانظر إلى فائدة تـَرْكِ المكان ، و موادعة الخِلان ، و يكفيكَ حينئذ اليوم و اليومان .

فيا أيها الشاكي من بلاءٍ ألمَّ به ، وغَمٍ اعتراه ..
قــُم و انهض و ارحل في أرضِ الله
ثم عُد إلى وطنك و إلى مكانك و أنتَ مسرور البال ، و مُـغيـِّـر الحال ..

فإن قالت مهمومة : و أنِّى لي بالسفـَـرِ و التجوال ، و كيف أخرجُ و أنا امرأة
فلا محرمٌ يستصحبني و لا قــُدرة لي على الخروج ..

فأقول : غيّري مكانكِ و أنتِ في مكانك !

غيـّـري مكان نومكِ ،، و مكان أكلك
بل غيّري مواعيدهما و اكسري روتين حياتِك المـُـمِــل ..
استصحبي معكِ قصصاً اقرئيها .

فأكثرُ ما يفيد المهموم المحزون هي كُتب القِصص
لكن قِصص حق ، و ليست أساطير و أكاذيب !

و إن أردتِ فخير القصص هي سيرة الرسول عليه الصلاة و السلام
و الله لن تـَـجـِـدي أفضل منها و لن تملّي منها ، بل ستشعرين أن غمّكِ لا يساوي شيئاً أمام ما كابده رسول الله صلى الله عليه و سلّم .
و قبل هذا و ذاك ..
أقول :
إن أعظمَ ما يشرح الصدر و يقوّي البدن هو كلام الله
إذا تدبرناه و قرأناه فهو شفاءٌ لـِـما في الصدور

و ما الهمُّ و الغمُّ و الحُزن إلا أمراض في الصدور ..

و الله يقول { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } يونس .

أخيراً أقول :
إن السـَـفر يذهب هموم الصدر و يشرح البال
إذا عرف المهموم كيف يستغلُّ ساعاتِ سفره ..

تغرَّب عن الأوطان في طلب العُلى = و سافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
تفرُّج همٍّ واكتساب معيشة = وعلم و آداب وصحبة ماجدِ
تنحَّ عن القبيح و لا تُرِده = و مَن أوليتَه حسناً فزِدْه

و قرأتُ مرة ..
أن ابن القيّم ألّــف كتابه ( زاد المعاد ) و هو مسافـِـر !


اسألُ الله الإخلاصَ فيما كتبت و أن ينفع بكلماتي

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


كتبته
خبيرة



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط