صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بالأمس

عطاء " أم معاذ "

 
(1)
بالأمس ..كانت تتراقص دنياي في عيني تضج شباباً..فأخشى أن تزل قدم لطرب قلب..
واليوم..أقف متفرجة..مازالت ترقص لكنه عبث عجوز تشتاق للحظة صبا..

(2)
بالأمس ...كنت أجد للألم طعماً..أتألم منه ولاأنساه..وتبقى ذكراه المُرة تطوف بي كلما سكنت لحظتي
واليوم..أجدني نسيت كيف يكون شعور الألم حينما تمر بي لحظات مؤلمة..

(3)
كم كانت وجوهم جميلة..وابتساماتهم رائعة..البشر على محياهم يرسم صورة صدق
اليوم..القبح لايستطيع أن يتوارى خلف الأقنعة ..بل يجاوزه حتى يتفلت مع الكلمات..

(4)
بالأمس..كان وجه دنياي رغم الألم جميلاً..
واليوم ..أرفل في ثياب العافية ولكن وجه دنياي بات قبيحاً..

(5)
بالأمس ..كان للحزن وجداً وللفرح فقداً..
واليوم..زار الفرح مدينتي..لكنه بلا ملامح..

بالأمس..كان طائراً حراً..يرقب الأرض من علو..يرفرف بجناحيه بزهو
فهو مع الناس وليس معهم..تجافى عن دنياهم وابتعد..
واليوم..حنّ الطير للهبوط..فاحتوشته الآفات من كل جهة..
فطال مكوثه في قيد..يعالج جراحات أمانيه..

بالأمس..
كان للرحيل وهاجس الرحيل مذاقاً حلواً..يطرد السآمة والملل..ويرغب في بلوغ غاية
وإن كانت عالية
واليوم
..أصبح الرحيل هاجساً يزوره ليخرجه من ضيق عطن أو فراراً من ضيق دنيا..إلى سعة مكان..

بالأمس
..رغم الضيق كان في سعة... ورغم الألم ..كان طيف الأمل لايفارق..ورغم الحزن
كانت شموع الفرح تضيء الظلمة..ورغم الجدب كانت تشتاق روحه لغيث..
واليوم..
علا صوت الفرح في مدينته فاستحالت دنياه بلاطعم..هجره الأحبة فبقى فارغاً من كل شيء..

بالأمس..
كانت ضحكاته المصطنعة رغم الحزن القابع في نفس عوناً له على بقاءٍ وتصبر..
واليوم
ضحكاته الحقيقية.لم تنجح في جلب سرور أو راحة بال..بل أبهتت كل شيء جميل
فاستحالت ألوانه بلا لون..

بالأمس
..كان هو ..هو ذاته..
واليوم ..
أضاع هو في زحمة هم..فضعف بصره وبصيرته فتوقف عن سير..

بالأمس
أحلام الطفولة الملونة تتراقص في عينيه..والدنيا تتسع بضحكاته
والهموم تمر سحاباتها دون أن تبقى في سمائه..فتعكر صفوه
واليوم..
بات الحلم يراوده.بين الفينة والفينة ..فيسعد بزورهِ...فيغمض عيني زمانه حتى لاتفر منه أحلامه..
فتدعه لواقعه الأليم ..

بالأمس..
كان للهمّة جناحي قوة..تعلوبه عن ماء راكد..أو دنيا غرارة
واليوم
أصبحت همته تغوص به حتى شرق بماء دنياه الآسن..

بالأمس
كان الأمل يضيء مدينته..يشرق مع شمس يومه..يحلق به عالياً عن سفول دنياه
واليوم .
مارس عبث الصبية في الأوحال فاتسخت يداه..

بالأمس..
كانت تغره ضحكاتهم..ترسم في فؤاده طهارة بواطنهم..تغريه بوصالهم
واليوم..
أدرك أن من وراء الضحكات ستور مكر..ومن وراء البسمات خناجر غدر

بالأمس..
كان ينظر للناس بعين نفسه..فيرسم لهم أجمل اللوحات بأجمل الألوان..
واليوم.
.أروه حقيقة تلك النفوس لتزداد دنياه قبحاً..وتظلم صورهم في نفسه

بالأمس ..
كانت تغره نفسه فيكبرها..ويزيد في تقديرها
واليوم..أدرك المسكين..أن مايراه في نفسه قد لايثمنه الآخرون وربما زهدوا فيه..وشروه بثمن بخس..

تمت
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صفحة عطاء
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط