صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







موسم المضاعفة

ابنة الرميصاء

 
بسم الله الرحمن الرحيم ..


الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، على ما يسر لنا من مواسم الإدراك وفرص اللحاق ، حمدا لمن بليلة القدر اختص أمة الإسلام وبمضاعفة الثواب وعدنا في بعض الأعمال والأيام ؛ والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، البشير النذير و السراج المنير ، معلمنا وأسوتنا سيدنا وحبيبنا من نفديه بأرواحنا ووالدينا ، محمد النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته وسار على نهجه إلى يوم الدين ، وبعد :

قال تعالى : "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ" . و عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : {الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَان} البخاري .
كم تمر علينا هذه الأيام دون أن نلقي لها بالا ، وارتبطت عندنا بالحج وتحريم القتال فمن كان بعيدا عنهما لم يلتفت لهذه الأيام إلا إن علم فضلها .. فهلموا نرى ماذا علينا في هذه الأيام ، ثم ندل من خلفنا .


*** *** *** *** *** *** ***


قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ( .."فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم" أي في هذه الأشهر المحرمة ، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى"وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ". وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام ، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله : إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء .. ) أ.هـ
وقال القرطبي رحمه الله: ) لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة ، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح ، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال ، وقد أشار الله إلى هذا بقوله" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً" .. ) أ.هـ


*** *** *** *** *** *** ***


فهذه فرصة لمن أثقله ذنب تكاسلت نفسه عن التوبة منه ، بل فرصة ذهبية لمن غرق في لُجّ الخطايا وضاقت عليه الأرض بما رحبت وتصاعدت نفسه ضيقا من غفلته أن قف وتأمل ؛ إثمك الآن مضاعف : ظلم لنفسك وانتهاك لحرمة الزمن ، فاملك زمام نفسك واكبح جماحها .. إن صدقت وصبرت في هذه الأشهر الحرم ، ومع تركك الذنب استكثرت من الطاعات في هذا الموسم الذي خُصّ بالكثير من الخيرات ، بإذن الله متى ما انتهت هذه الأشهر الحرم تكون النفس قد كرهت الذنب ومِنه أنفت ، فاستكثر من الاستعانة بالله وسؤاله بما علّمنا في كتابه {اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين} .
وأيّنا ليس ذاك ، أيّنا من الذنوب في براء ! فلنغتنمها فرصة لتوبة جماعية نصوح " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" .
للبر أبواب لا تحصى وللطاعة والخيرات أسهم لا تُعد ، فانظر إذا كان أجرها مضاعف ، وفي الأصل أن التقرب بشبر يوازيه تقربا بذراع فكيف يكون في هذه الأيام إذاً ؟! .
دعونا نتطهر ، ومن الذنوب نُعتق ..
دعونا نستكثر ، ومن ربنا نتقرب ..

وفي غمرة انشغالنا بملأ الصحف بالحسنات ، وتفريغها من السيئات .. لا ننسى إخوة لنا في العقيدة ما راعى فيهم المعتدي حرمة دم ولا زمن ، استفحل فيهم المُصاب .. فلربما بل يقينا إذا اهتدينا وعلى طريق الحق سرنا ، تركنا الذنب وإلى الطاعة اتجهت ركابنا ؛ دعائنا يكون أقرب للإجابة ، وحالنا لربنا أرضى فعلّنا نكون سببا في تعجيل النصر لهم وكشف الكربة عنهم .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
ابنة الرميصاء
  • كِتَابٌ عَزِيز
  • قال الحبيب
  • بَشَرٌ مِثْلُنا
  • وللنفس حكايا
  • متفرقات
  • بيننا كلمات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط