صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حتى لا يُغرقنا الطوفان

دلال الضبيب


يتردد على مسامعنا بين فترة وأخرى أخبار الزلازل والكوارث والأعاصير .. وباختصار –الكوارث طبيعية- التي تجلجل القلوب وترْهب النفوس. ومن إعصار كاترينا إلى زلزال الهند وباكستان الذي بلغت قوته سبع درجات بمقياس ريختر و قتل فيه أكثر من3500 شخص، ويتراءى أمام أعيننا مشاهد البيوت المحطمة والمنازل المتهشّمة وأشلاء الجثث المترامية في الشّوارع وتحتَ الأنقاض. شواهدْ يرتعشُ لها البدن ويقشعرّ لرؤيتها و يقف عندها القلب المؤمن ويتأملها ويتفحصها كثيراً قبل أن تتلاشى من ذاكرتهْ.

فكمْ من كارثةٍ صارت في أصقاع الأرض ومشارقها .. وَ أراضٍ من حولنا أصابها امتحان الله وقوته، و برحمة الله وعفوه نجانا سُبحانه منها، ولو تأمّل المرء قليلاً لوجد أنّ الله تعالى قد نجانا بنعمة الإسلام .. وبامتثالنا لأوامره واجتنابنا لنواهيه، فكم من قومٍ هلكوا لطغيانهم واستكبارهم، فعندما نقرأ كتاب الله تعالى .. يزيد إيماننا بأنه سبحانه قدِ ابتلى الأمم من قبلنا لمعصيتهم لهُ وإعراضهم عنْ ذكره، فعذّبهم في دنياهم وتوعّدهم في آخرتهم. فالله تعالى الخالق البارئ بيده كلّ شئ، بيده هلاكُنا ونجاتنا، بيده رزقنا ومثوانا، وما قصّ لنا تلك القصص إلا لنأخذ العظة والعبرة، و لا تقترف أيدينا ما فيه هلاكُنا .. وما الحوادث في هذا العالم إلا شواهد أُخرى تُبت لنا في كلّ يوم أنّنا ما خُلقنا إلا لنعبدَ الله تعالى ولا نُشرك به شيئاً، والاستكبار والكفر والاستنكار ما همْ إلا بداية النهاية.

قرأت ذات مرّة حكاية صارت بين حلاّق وزبون في أحد المحلات الصغيرة في إحدى الدوَل الأوربية، بدأت عندما دخل رجلٌ قاصداً الحلاق ليُهذّب شعره، وعندما جلس صاحبنا .. بدأ الحلاق بسرد القصص والحكايا ولملة أطراف الحديث لنسجها، وبَلغَ فيهم الحديث عن الإيمان، قال الحلاّق: "أنا لا أؤمن بالرب."، سأل صاحبنا بعفوية:"لماذا؟"، فرد:" أنا لا أؤمن حتى بوجوده فكل الدلائل التي حولنا تُشير إلى ذلك"، "كيف؟" علق الزبون."تأمّل الدُنيا و الحال وراء هذا الزجاج، وراقب تعاسة الناس وحزنهم، أنظر إلى ذلك المُتشرّد .. كلّ يوم في هذا الوقت أجده يخرج متسحباً من ناصيته في داخل الزقاق القذر في محاولة يائسة لإيجاد شئ يسدّ به جوعه ويروي ضَمأه، وانظر إلى هذا الطفل الجالس في الكرسي الذي أمام محلي .. يتيم الأب له أمٌ ينهُش المرض جسدها كل يوم، ولو وسعت نطاق نظرك .. فلا تغفل عن الدول الفقيرة والأكيد أنها تحت خطّ الفقر. أوبعد كلّ هذا يُقال أنه يوجد رب؟ رحيم؟ عطوف؟ ويترك خلقهُ هكذا؟ .... لا أعتقد". صمت صاحبنا ولم يُعقّب على الرجل حتى فرغ، فدفع إليه الحساب وتيسّر وبعد دقائق عاد إلى الحلاق وقال: "أنا لا أعتقد بوجود حلاق واحد في هذه المدينة" ضحك الرجل واستنكر: "ألا تراني؟" ردّ عليه:" إذاً لماذا أرى الكثير من الرجال بشعر طويل وآخرين غير مُهذّبين؟" رد عليه:"لأنهم لم يأتوا إليّ!" ابتسم صاحبنا وقال:"كذلك الله".
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية