صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكاية (السينما) و (المتشددين).

فهد بن صالح العجلان


قد نكون مجتمعاً لا يفهم، ولا يقرأ، ومستوى الوعي لدينا في انخفاض مستمرّ، وربّما نكون مغفّلين وبلهاء ..

إلا أنه ما زال فينا شيء من فهم وإدراك، ولم يصل بنا الغباء والبلاهة إلى الحدّ الذي تمرّر علينا (المحرّمات) الشرعية الظاهرة لنتعامل معها بشكل طبيعي فلا يبقى منكر لها إلا كلّ متطرّف متشدد بمجرّد أن يكتب على هذا المحرم (وفق الضوابط الشرعية) وبما ( لا يتعارض مع الشريعة السمحة).

(جميلٌ) أن يعتني المرء بأمر الضوابط الشرعية ويجهر في وسائل الإعلام بتعظيمها ومراعاته لها، ومن (السيء )غير الجميل أن يقف الأمر عند هذا الحدّ، فتسير الأمور على ما هي عليه ولا يبقى من أمر الضوابط الشرعية إلا الصوت والحبر والورق!

قصّة (السينما) في هذه الأيام تبدو كنموذج مجهري لانكشاف حقيقة هذا العبث المستتر بالضوابط الشرعية، وتعرية متقنة للممارسة السلبية الخفيّة التي تنافق هذا المجتمع المبارك فلا تقدر على تمرير المحرّمات إلا عبر بوّابة التأكيد على الالتزام بقيود الشريعة السمحة.

حكايتها .. تبرز فئة وفعالاً تحسب أنّها بمجرّد ملفوظة (الضوابط الشرعية) قد أبيح لها انتهاك كلّ الأحكام الشرعية على شاكلة من يكتب على لحم الخنزير ذبح على الطريقة الشرعية، فالقيمة الحقيقية لهذه (الضوابط) أن يصكّ بها في وجه المنكرين الغيورين، وأما الواقع فلا يعرف أحد ما هو الضابط الشرعي الذي يجزم أنهم لن ينتهكوه!

تبرّج ظاهر، واختلاط، وتقارب غير محتشم، وموسيقى .. في حال لا يخفى تحريمها على مسلم، ولا يتصوّر أن يكون فيها خلاف بين العقلاء فضلاً عن العلماء ..

ومع ذلك .. فكلّ ما في هذه السينما هو بحسب (الضوابط الشرعية) ووفق (القيم الفاضلة) وبما فيه (خدمة المجتمع)!

ويطلع علينا بيان [روتانا] ليقرّر( سنحرص على تقديم ما يتناسب مع خصوصية مجتمعنا وعاداته وتقاليده وما يتناسب مع شريعتنا السمحة) كما هي سيرة قنوات روتانا دوماً!

ولا يعارض هذه (السينما) الشرعيّة حسب رؤية الكتّاب والصحفيين إلا فئة قليلة من (المتطرّفين المتشدّدين) الذين لا يفقهون الحكم الشرعي، ويعارضون (كلّ جديد) ويرفضون (التقدم والانفتاح العالمي) ويسعون لدفع المجتمع نحو (التخلّف والهمجية).

طبعاً .. ما ترونه هو أول آثام السينما، ومن طبيعة أول كلّ شيء أن يكون محافظاً متزناً مداهناً.. فإذا رأيتم في أول الأمر (تبرّجاً) و (اختلاطاً) و(فساداً) حسب الشريعة الإسلامية السمحة ووفق الرؤية المعتدلة فإن (روتانا) تعدكم أن تمضي بكم في طريق الوسطية والاعتدال إلى (الرقص) و (التفسّخ) و (تهييج الشهوات) و (إثارة الغرائز) المنضبطة –جدّاً- بالقيم والأصول الشرعية بما يشهد به كلّ معتدل وسطي ولا ينكره إلا كلّ متطرّف عنيد!

أن يقع المسلم في الخطأ وهو مقّر معترف هو أمر (هيّن) في مقابل من يقع في الخطأ ويأبى إلا أن يكون صواباً، ويسير بالدليل الشرعي ليكون موافقاً له ودالاً على صحّة فعله بقطعية لا يشكّ فيها إلا الغلاة الجفاة، فهذا ليس مجرّد خطأ أو فعل محرّم لا يسلم منه أحد، بل هو تعدٍ على الشرع وتلبيس وتدليس على عباد الله لا يجوز السكوت عنه.

وأربأ بأحد يعظّم النصوص الشرعيّة أن يدافع ويذبّ عن مثل هذا ولو كان في حقيقة نفسه يودّ أن توجد السينما، فليكن هذا في مسار السلوك والهوى لا في دائرة التلبيس والتحريف للحكم الشرعي.

أبت حكاية (السينما) إلا أن تضع كلّ من يحرّم سلوكياتها ضمن ساحة المتطرّفين المتشددين، وهم –أي المتطرّفين هؤلاء- فئة قليلة جدّاً ليس فيها إلا (عبد العزيز بن باز) و (محمد بن عثيمين) و(اللجنة الدائمة للإفتاء) و(هيئة كبار العلماء) و (طلّاب العلم ) و (المشايخ) و (الدعاة) و (القضاة) و(أساتذة الجامعات) و ( المتخصصين) في العلوم الشرعيّة ..

فقط هؤلاء القلّة هم الذين يحرّمون السينما المعاصرة .. وما نقموا من السينما وما حاربوها إلا لانحرافهم عن (طريق الوسطية والاعتدال) الذي قد مضى على جادّته كتّاب الزوايا الصحفية ونجوم قنوات (روتانا)!
 

فهد بن صالح العجلان
كلية التربية-جامعة الملك سعود
fsalehajlan@hotmail.com
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية