صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مقالات ورسائل حول فتوى الشيخ اللحيدان حفظه الله

فتوى أصحاب القنوات الفضائية - د. خالد بن عبد الله المزيني

اضاءات على فتوى الشيخ اللحيدان - د. مهندس/ عبدالله بن صالح الخليوي

الرويبضة والشيخ اللحيدان .. سجالٌ محسومٌ سلفا ! - عبد العزيز بن محمد المطوع

رسالة لفضيلة الشيخ صالح اللحيدان -  بندر العتيبي

(ولايحيق المكر السيء إلا بأهله) - أ.د. ناصر العمر

رسالة عاجلة إلى الشيخ صالح اللحيدان - حامد خلف العُمري

نص اللقاء الكامل للعلامة اللحيدان مع التلفزيون السعودي حول فتوى قتل ملاك الفضائيات

اللحيدان .. السنيدي ..( إن فاتك اللحم لا يفوتك المرق )! - حامد خلف العُمري

  نصر واصل يؤيد اللحيدان ويدعو لمعاقبة محرفي الفتاوى

هذهِ فتوى الفضاءِ فمتى القضاءُ ؟ - أحمد بن عبد المحسن العساف

قراءات في معركة (فتيا اللحيدان) - عبد العزيز محمد قاسم

ظاهرة الهجوم على العلماء في الإعلام السعودي   ... د. عبد الرحيم السلمي

مناصرة للشيخ اللحيدان في مواجهته للمفسدين  .. عبدالعزيز الجليّل

جوهر القضية في مسألة فتوى الفضائيات ... موقع المسلم

هياج بني علمان على الشيخ اللحيدان: العداء للإسلام تجاوز مرحلة "التقية"

 تحسبوه شراً لكم  ... د. إبراهيم الفوزان

ليس دفاعا عن الشيخ....وإنما عن الحق .. ا.د محمد بن علي الهرفي
 


فتوى أصحاب القنوات الفضائية
د. خالد بن عبد الله المزيني
 

لقد كتب الله للفتوى أن تبقى مالئة الدنيا وشاغلة الناس، هذا ما أكّدته وسائل الإعلام العالمية كال- (BBC) وَ ((CNN إذ تولت إعادة نشر الفتوى التي أصدرها الشيخ الفقيه صالح بن محمد اللحيدان، رئيس أعلى هيئة قضائية في المملكة العربية السعودية، الذي أمضى في المجال العدلي ما ينيف على نصف قرن، حول القنوات الفضائية التي تنشر الفسق والرذيلة، وقنوات الشعوذة والسحر، النفّاثات في العقد، المفسدات للبلد، ووالد وما ولد.
وقد انقدحت الشرارة الإعلامية للفتنة من موقع إيلاف الإلكتروني، ثم انعقد دخانها بعد أن تلقفت الخبر وسائل إعلامية عربية، لينتقل بعد ذلك صعداً إلى بؤرة الإعلام العالمي، ويحتل المرتبة الأولى في النشر على مواقع إعلامية عريقة على شبكات الاتصال العالمي، ويحوز درجة: أكثر الأخبار قراءة، ونشراً، وطباعة، وإعادة إرسال، مما يؤكد نجاح الفتوى في تحقيق مقصودها، وهو لَفْتُ نظر أصحاب هذه القنوات المتوالدة يوماً فيوماً، إلى خطورة العبث بالعقائد، وبث الشبه الخطافة، وتمريغ الأخلاق الفاضلة، وخلخلة التماسك الاجتماعي في الأمة.
والفتوى المقصودة جاءت جواباً لسؤال ورد إلى الشيخ عن أصحاب القنوات الفضائية الذين يجلبون بالبرامج السيئة في شهر رمضان، وبالأخص في وقتي المغرب والعشاء، وهما وقتان يكتنفان ذروة الارتقاء الإيماني عند المسلمين في هذا الشهر الكريم.
وقد بدت الفتوى واضحة، حملت لغةً وعظية مسترسلة سهلة، يفهمها كل أحد، لكن عندما بلغت موضع العقوبة القضائية المستحقة لهؤلاء، انتقلت إلى التعبير بأسلوب قضائي مكثّف، قد تنبو عنه أفهام البعض، فيفسرونه على غير مراد الشيخ، الذي عبّر بمهنية فقهية عالية، تقاصرت عنه أفهام غير المختصين، على أنه عبر باللغة التي يعقلها عامة المشتغلين بعلوم الشريعة؛ فبعد أن قرر العقوبة الأخروية لهؤلاء، أردف ببيان ما يمكن أن تصل إليه العقوبة الدنيوية، لو أُحيلت القضية بدعوى من جهة مختصة إلى القضاء.

وفي هذا الموضع تحدث الشيخ "تفقّهاً"، ولم يصدر حكماً باتّاً، ولهذا صدّر العبارة بقوله: " قد يحلُّ قتله"، ومثل هذه العبارة يفهم المختصون في الشأن الفقهي أنها ليست تقريراً نهائياً للحكم، وإنما هي تفقّه وتقليب لأوجه النظر في المسألة، من باب الاستئناس والاعتضاد، لا الاحتجاج والاعتماد، و"التفقّه" هو: أن يذكر الفقيه بعض أوجه المسألة، واحتمالات الرأي فيها، دون أن يُعدّ هذا مذهباً له، وكثيراً ما يُستند في هذه التفقّهات إلى مبدأ التخريج الفقهي، وهو استلهام مبدأ معتمد عند الفقهاء، وبناء رأي جديد في مسألة جديدة تأسيساً على ذلك المبدأ، وهي طريقة معتمدة عند عامة أصحاب المذاهب الفقهية، وتخريجاتهم مبثوثة في مدوّناتهم الفقهية، بل قد قال أبو عمرو بن الصلاح الشافعي عن هذه الطريقة: "عليه العمل، وإليه مفزع المفتين من مددٍ مديدة" (1) اه-.
هكذا ينبغي أن تُفهم الفتوى من حيث الصناعة الفقهية، وهكذا فهمها من يتابع هذا البرنامج الشعبي، كما فهم سائر الفتاوي المماثلة في القديم والحديث، لكنها كانت فرصة لمن يريد الاقتناص والاصطياد في مناسبة ساخنة كمناسبة شهر سبتمبر الحالي الذي بُثّت فيه الحلقة.
استفتح الشيخ فتواه بتذكير هؤلاء بأن وزرهم مضاعَف، ونصحهم بالابتعاد عن نشر التشكيك في العقائد والفِطَر، وبث الفحش والمجون والخلاعة.
ثم أردف بأن "من يدعو إلى الفتن إذا قُدِر على منعه ولم يمتنع قد يحلّ قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل؛ جاز قتلهم قضاءً"اه-، هذا كلامه نصّاً وفصّاً.
ثم أسند الشيخ رأيه بآية المائدة، وهي قوله تعالى: "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" . [سورة المائدة:32]، وأن الإنسان قد يُقتل بالنفس، أو بالفساد في الأرض.

هذه خلاصة الفتوى والحدث، وسوف أعلق بتعليقات مقتضبة، هي أربع نظرات: فقهية، وسياسية شرعية، وقانونية، وأخلاقية:

أ - النظرة الفقهية: من حيث الصناعة الفقهية فقد أجمع المسلمون على أن أحكام الشريعة دائرة على حفظ الكليات الخمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وأن الاعتداء على هذه الخمس أو التغرير بها، موجب لإيقاع العقوبة المناسبة، التي تتناسب مع الجرم؛ لأن هذا الإخلال من شأنه إيقاع الفوضى في البلد، والتوثّب على الحرمات، وحصول الاضطراب في الأمة، ثم يختلف الفقهاء بعد ذلك في تحديد العقوبة في كل واقعة بحسبها. هذا هو القدر الفقهي في المسألة.
ومعروف عندهم فقهًا: أن التعزير عقوبة غير مقدرة (عقوبة مفوّضة)، وأن تحديد العقوبة المناسبة متروك لنظر القضاء، الذي يتولى الفصل بالعقوبة المناسبة، التي تردع المجرم وتستصلحه، وتحمي الجماعة من الإجرام، ذلك أن في التعزير حقاً لله؛ لأن إخلاء البلاد من الفساد واجب مشروع، وفيه دفع للضرر عن الأمة، وتحقيق النفع العام.
وأما فيما يتعلق بتحديد نوع العقوبة التعزيرية وقدرها فهذا شأن علم السياسة الشرعية، وفي هذا الموضع يتحدثون عن: درجات العقوبة التعزيرية، وهل يمكن أن تصل إلى القتل، هذا بعد اتفاقهم على مشروعية التعزير، وأن الغرض منه الزجر، أي منع الفاعل من المعاودة، ومنع غيره منها؟
وبلوغ العقوبة التعزيرية إلى القتل مختلف فيه بين الفقهاء، والأصل عندهم: أنه لا يبلغ بالتعزير القتل، قال تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ" . [سورة الإسراء:33]، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعًا: "لا يحل دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" .
وقد ذهب طائفة من الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز القتل تعزيرًا في جرائم معينة، بشروط مخصوصة، منها: قتل الجاسوس المسلم إذا تجسس على المسلمين، ومن ذلك: قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة كالجهمية، وهو مذهب الإمام مالك وطائفة من أصحاب الإمام أحمد، ومنعه آخرون.
وأجاز الإمام أبو حنيفة التعزير بالقتل فيما تكرر من الجرائم، إذا كان جنسه يوجب القتل، كما يُقتل من تكرر منه اللواط أو القتل (2).
وأجمع العلماء - كما قال القاضي عياض في الشفا -، أجمعوا على وجوب قتل المسلم إذا سب النبي صلّى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً". [الأحزاب:57]، وألحقوا بهؤلاء كل من لا يندفع شره إلاّ بذلك، كالساحر والزنديق الداعي إلى زندقته.
وصرح أبو العباس ابن تيمية بأن "من لم يندفع فساده في الأرض إلاّ بالقتل قُتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين، والداعي إلى البدع في الدين" (3) ، واستدل بقوله تعالى: "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" . [سورة المائدة:32]، وجعل هذا الحكم من باب دفع الصائل، الذي إذا لم يُكفّ شرّه إلاّ بالقتل قُتل.
قال أبو العباس ابن تيمية (4): وقد يُستدلّ على أن المفسد إذا لم ينقطع شره إلاّ بقتله فإنه يُقتل، بما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أتاكم وأمرُكم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" . (5) اه-.
على أن قول الفقهاء بأنه يمكن أن يبلغ التعزير القتل؛ لا يعنون أن القاضي يبدأ بقتل الجاني، بل يتدرج به من أخف العقوبات: كالتوبيخ مثلاً، ويتصاعد به إلى ما فوق ذلك إن عاد، وهكذا.

ب - النظرة السياسية الشرعية:

يتحدث الفقهاء عن الضوابط التي يجب أن تراعيها الفتوى، من حيث الفقه ومن حيث السياسة الشرعية، فالأصل أن يلتزم المفتي بالحدود الفقهية المنضبطة، وهي حدود تراعي التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، لكن إن ظهرت للمفتي المصلحة في التشديد على المكلف كان له ذلك بمقدار ما يحصل الردع والزجر.
ومن أمثلة ذلك: ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - من الفتيا بعدم قبول توبة القاتل عمداً (6) ، فقد ورد عنه ما يقيِّد هذا الإطلاق، وأنّ المراد الزجر والتغليظ، بحيث يكون إطلاق القول بعدم القبول مطلقاً - ولو فيما بينه وبين الله تعالى - خطأً على هذا الحبر الجليل (7) ، فعن سعد بن عبيدة قال: "جاء رجلٌ إلى ابن عباس فقال: لِمَن قَتَلَ مؤمناً توبةٌ؟، قال: لا، إلاّ النار!، فلما ذهب قال له جلساؤه: ما هكذا كنتَ تفتينا، كنت تفتينا أنّ لمن قتل مؤمناً توبةً مقبولةً، فما بالُ اليوم؟، قال: إني أحسبه رجلاً مغضباً يريد أن يقتل مؤمناً، قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك". (8) ، فهذا من جنس السياسة الشرعية، التي يتعاطاها المفتي، بحسب حال السائلين، لطفاً أو عنفاً (9) ، كما قال الصيمري:"إذا رأى المفتي المصلحة أن يفتيَ العامي بما فيه تغليظٌ، وهو مما لا يعتقد ظاهره، وله فيه تأويلٌ؛ جاز ذلك زجراً له، كما رُوي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن توبة القاتل فقال: لا توبة له (10) ، وسأله آخر فقال: له توبة، ثم قال: أما الأول فرأيت في عينه إرادة القتل فمنعته، وأما الثاني فجاء مستكيناً، قد قتل فلم أقنطه" (11) اه-.
وقد استند الشيخ صالح في فتواه إلى هذا الأصل، وأسسه على آية المائدة، وقول البعض إن الآية نزلت على سبب، يمكن للشيخ أن يجيب عنه بأن: العبرة بعموم اللفظ.
فهذا ضربٌ من السياسة شرعي، وستظل مبادئ السياسة الشرعية أصولاً كليةً يفيءُ إليها الفقهاء والمفتون ليَطِبُّوا منها لأدواءِ الأمة ما شاء الله، ولن تتطرّق إليها عواملُ الغِيَرِ والتنسُّخ، وإن تغيَّرت بعض صورِها وتطبيقاتِها. فهي باقيةٌ ما بقيَ الفساد في الواقع أو في المتوقَّع، على ما قاله عمر بن عبد العزيز: "تحدث للناس أقضيةٌ؛ بقدر ما يحدثون من الفجور" (12) ، وقد استحسن الإمام مالكٌ منه هذه القاعدة، وكانَ بها حَفِيّاً (13).

فهذا الخليفة الراشد قد جوّزَ كما ترى إحداثَ الأقضية واختراعها؛ على قدر اختراع الفُجّار للفجور، وإن لم يكن لتلك المحدثاتِ أصلٌ (14) ، ولئن جازَ تصرُّف الفقيه على هذا النمط في القضاء والحكم؛ فإن جوازه في الفتيا من باب أولى، فإنهما يشتركان في أنهما إخبارٌ بالحكم الشرعي، وينفرد القضاء بكونه ملزماً، فإذا جاز الإحداثُ في القضاء، الذي هو متعلق بحقوق العباد فيما بينهم، مع ما هو معلومٌ من المشاحّة في هذا الباب، فإنّ هذ ا ينتج أنَّه في الفتيا أهون من هذا الوجه.
والفتاوي الزاجرة يعتبرها الفقهاء في كثيرٍ من فتاويهم وأقضيتهم وأبحاثهم، ولا يختلفون في أهميتها واستعمالها في محالّها، واختلافهم في تطبيقاتها إنما هو راجعٌ إلى اختلافِهم في تحقيق مناطاتِها، إما لتعارض الأدلة، أو تفاوتِ ما بينهم في الخبرة، وسبرِ الواقع المعيش، كما لو تفشّى المنكر في بلد ما، واطلع عليه بعضهم وخفي على آخرين.
وهل تُبتغى الشريعة إلاّ لسياسة الخلق بها:

وَلَيســــت أصـولُ الشرعِ إلا سياسة *** إِلهــيّةً تحـــذو من العـــلّة المجــرى

ج - النظرة القانونية:
هناك فتاوي لا يحسن أن تصدر إلاّ من أرباب الولاية الشرعية، ويمكن أن نسميها "فتاوي ولائية"، تعالج أوضاعاً عامة في الأمة والدولة، لا يُحسِن علاجها أفراد المفتين، وقد كان القرن الأول من هذه الأمة هم النموذج المحتذى لمن بعدهم، وكانوا في باب الفتيا أشدَّ تحرزاً من غيرهم، مع وفور العلم، وكثرة الفقهاء آنئذٍ، إلاّ أنه لم يكن يفتي - غالباً - في الشأن العام إلاّ ذوو الولاية من فقهائهم، حتى إن الفاروق عمر -رضي الله عنه- قال يوماً لأبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-: "ألم أُنَبَّأ أنك تفتي ولست بأمير، وَلِّ حارَّها من تَوَلَّى قارَّها" . (15) ، أي: اترك شديدها لمن تولى هيّنها، فجعل الحرّ: كنايةً عن الشر والشدة، والبردَ كنايةً عن الخير والهين، والقارُّ فاعلٌ من القر: البرد، أراد: ولِّ شرها من تولى خيرها.
وبين أيدينا فتوى ولائية تولى حارها من يتولى قارها، وصدرت من أهلها الذين هم أهلها، ولو أن قائلها غير الرجل الأول في المؤسسة القضائية والعدلية والحقوقية في المملكة، الذي أمضى نصف قرن من الزمان في تدبيرها، لكان لقائل أن يقول شيئاً، لكن أما وقد صدرت من هذه القامة العلمية الولائية فلا تثريب من حيث الشكل والمضمون، قال محمود قابادو (الشاعر التونسي):

إِذا أحــكــم الإنســانُ ظـاهرَ منصبٍ *** وَباطِنــَه علمــاً مَضى فيــه عــزمــُهُ

وإن كان من حق الفقهاء الآخرين أن يبدوا أنظاراً مختلفة حول أصل المسألة بالعلم والعدل.
على أن الخلاف الفقهي في المسألة قد حُسم عملياً (لا علمياً)، أعني على سبيل القضاء والتنظيم العام، وذلك بالقرار الصادر من هيئة كبار العلماء عام 1401ه-، الخاص بموضوع إفساد الأخلاق والإخلال بالأمن، المبني على كتاب الملك خالد للشيخ عبد الله بن حميد - رئيس المجلس الأعلى للقضاء - آنذاك، والشيخ عبد العزيز بن باز - الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء - آنذاك، تغمّدهم الله جميعاً بواسع رحمته.
وكان نص القرار يتعلق بمفسدي الأخلاق من مروّجي الخمور والمخدرات، وفيه: أن المفسد في الأرض بترويج المخدرات بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعا وشراء أو إهداء "إن كان ذلك للمرة الأولى فيُعزّر تعزيراً بليغاً بالحبس ..., حسبما يقتضيه النظر القضائي وإن تكرر منه ذلك فيُعزّر بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان ذلك بالقتل؛ لأنه بفعله هذا يُعتبر من المفسدين في الأرض، وممن تأصل الإجرام في نفوسهم، وقد قرّر المحققون من أهل العلم أن القتل ضرب من التعزير..."، ونظراً إلى أن هذه الجرائم من القضايا الخطيرة التي "قد يُحكم فيها بالقتل تعزيراً، فإنه ينبغي أن تختص بنظرها المحاكم العامة، وأن تُنظر من ثلاثة قضاة كما هو الحال في قضايا القتل والرجم, وأن تُرفع للتمييز، ثم للمجلس الأعلى للقضاء لمراجعة الأحكام الصادرة بخصوصها؛ براءة للذمة واحتياطاً لسفك الدماء". (16) اه-.

د - النظرة الأخلاقية:

في كل مرة تظهر فتوى يستغربها بعض الناس تفزع وسائل الإعلام إلى الفقهاء والدعاة والوعاظ لالتقاط تعليقاتهم إزاءها، واستمزاج آرائهم حيالها، ويحصل أن ينقسم هؤلاء إلى مؤيد ومخالف ومتحفظ، ولا تثريب على أي من هؤلاء، ما التزموا حدود الأدب العلمي، فإن حق التعبير مصون شرعاً، وهو المعبّر عن مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للمتأهلين له، لكنك واجدٌ أحيانًا ردودًا مجافية لحد الإنصاف، نائية عن اللياقة العلمية، كالنبز بالجهل والتعجل والهوى، أو الرمي بتسويغ الإرهاب مثلاً.

ولأن قضية النقد لفتاوي العلماء ذات حساسية بالغة، فمطلوب من المنتقد العناية بالألفاظ التي يعبر بها عن رأيه، باعتبار أنه يتحدث تعقيباً على قول سبقه، وللمعقب من الروية والأناة ما ليس للمبتدئ الذي صدرت منه الفتوى أولاً، ولذا فالمعقب المصرح لوسائل الإعلام معني بمراعاة أخلاقيات التعقيب العلمي وأهمها:

أ - التجرّد عن الهوى:
وذلك أن الكلام في الفتوى الدينية قربة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، فكان لازماً على العبد أن يُحضر فيها الإخلاص، ويكون نقده ابتغاء وجهه سبحانه، لا ابتغاء حظوظ النفس وأهوائها.
ب - التأدّب مع أهل العلم:
وهذا من تمام المروءة الإنسانية، فإن النصيحة إذا لم توضع في قالب التلطف والرفق، عُدَّت شغباً على متلقيها.
ومما يندرج تحت هذا الضابط أن يُنتقد القول، دون التعرض لقائلة بالعيب والذم، فإن هذا هو مقتضى العدل والإنصاف، فضلاً عن كونه أدعى إلى قبول النقد بين زملاء الفن الواحد.
وتذكير لإخواننا الإعلاميين - وفقهم الله -: أن يقدِّروا عقول الجمهور، الذي شبّ عن الطوق، وصار يمحص المقول والمنقول، ويفتش عن البدائل النقية، ويتمكن من الوصول إلى الحقيقة من مصدرها الأصلي، ويلمسها بيديه، دون أدنى كلفة، فالمواثيق الإعلامية العالمية تضع هذه الوسائل على المحك، بعد أن تنكبت المعايير الشرعية العالية، المتوَّجَة بقول ربنا تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" . [الحجرات: 6].
لقد اختصم رجلان إلى الإمام مالك - رحمه الله -، وكان أحدهما شاعرًا، فحكم مالك على الشاعر لصاحبه، فغضب الشاعر وقال لمالك: والله لأقطعن ظهرك هجاءً، فقال له مالك: يا هذا؛ أتدري بم وصفتَ نفسك؟ بالسفه والدناءة، وهما اللذان لا يعجز عنهما أحد، ولكن عليك بما تنقطع الرقاب دونه، الكرم والمروءة (17).
فالمروءةَ المروءةَ أيها الناس.

والشكر والثناء لبعض وسائلنا الإعلامية، وبعض إعلاميينا الفضلاء، الذين نجحوا غير مرة في الاختبار، ولم يستخفَّهم جفاء الإعلام المادي، ولم يستفزَّهم أهل الأهواء والغلو والفساد، وكل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، وتبّت يد الباغي وتبّ.
والله تعالى يهدينا إلى سواء السبيل.

--------------------------------------
(1) أدب الفتوى؛ لابن الصلاح (44)، وقارن بآداب الفتوى؛ للنووي (28)، بل إن المتأخرين من المصنفين في المذاهب أخذوا يخرّجون على تخريجات من سبقهم من أصحاب التخريج في المذهب، انظر مثلاً: القواعد والفوائد الأصولية (184).
(2) أحكام القرآن للجصاص 1 / 61 ، وابن عابدين 3 / 184 - 185 ، والقرطبي 6 / 151 - 152، وتبصرة الحكام ص 193 ، 206 ، والمهذب 2 / 268 ، والأحكام السلطانية للماوردي ص 212 - 213 ، وكشاف القناع 4 / 74 - 76 .
(3) السياسة الشرعية (99).
(4) السياسة الشرعية (99).
(5) أخرجه مسلم (3/1480).
(6) انظر في قبول توبة القاتل عمداً فيما بينه وبين الله تعالى: تفسير الطبري (5/221)، حاشية ابن عابدين (6/549)، مغني المحتاج؛ للشربيني (4/2)، كشاف القناع؛ للبهوتي (6/178)، ومجموع الفتاوي؛ لابن تيمية (34/173).
(7) انظر: شرح الزرقاني على موطأ مالك (3/46).
(8) أخرجه ابن أبي شيبة (5/435)، قال الحافظ ابن حجر: "رجاله ثقات"، ثم قال: "وروى سعيد بن منصور، نا سفيان قال: كان أهلُ العلم إذا سئلوا عن القاتل، قالوا: لا توبة له، وإذا ابتلي رجلٌ قالوا: له تُبْ، وفي المعنى: ما أخرجه أبو داود، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصائم، فرخَّصَ له، وأتاه آخر فسأله؛ فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخٌ، وإذا الذي نهاه شابٌّ " اه- من تلخيص الحبير (4/187).
(9) انظر نحو هذا في توجيه النووي لقول من منع قبول توبة القاتل، في شرحه لصحيح مسلم (17/82).
(10) أخرجه الطبري في تفسيره (5/218).
(11) آداب الفتوى؛ للنووي (56)، وانظر نحو هذا في: شرح مسلم؛ للنووي (11/173).
(12) الرسالة؛ لابن أبي زيد القيرواني (131)، الذخيرة؛ للقرافي (8/206)، شرح الزرقاني على الموطأ (4/44)، وهذا لا يعارض النهي عن الإحداث في الدين؛ لأن النهي عن الإحداث في التعبدات، وقول عمر إنما هو فيما سواها من العاديات، كالمعاملات والخصومات، وانظر: الاعتصام؛ للشاطبي (3/4)،كفاية الطالب الرباني (1/56).
(13) الشرح الكبير؛ للدردير (4/174).
(14) الاعتصام؛ للشاطبي (1/181).
(15) سنن الدارمي (1/73)، وقوله رضي الله عنه: © وَلِّ حارَّها من تولى قارَّها ®، أي: وَلّ شديدَها من تولى هينها، قال ابن الأثير: "جعل الحرَّ كنايةً عن الشر والشدة، والبردَ كنايةً عن الخير والهين، والقارُّ فاعلٌ من القر: البرد، أراد: ولِّ شرها من تولى خيرها، وولِّ شديدها من تولى هينها "اه-، النهاية؛ لابن الأثير (4/38)، وانظر: لسان العرب؛ لابن منظور، مادة (قرر) (5/83)، عون المعبود؛ للعظيم آبادي (12/119).
(16) مجلة البحوث الإسلامية (12/78).
(17) قضاة قرطبة للخشني(134).



اضاءات على فتوى الشيخ اللحيدان
د. مهندس/ عبدالله بن صالح الخليوي


كمهندس نووي تعلمت الدقة في تخصصي الذي يتعامل مع أدق مكونات هذا الكون الذرة، ,اسقطت تلك الدقة على كافة أمور حياتي فأورثني ذلك ولله الحمد نظرة صائبة قل أن تخطيء، وحكما محايدا قل أن يعتوره هوى أو ميل. إن مما يحز في نفسي ونفوس الكثير من أبناء هذه البلاد الطيبة المباركة هو التسرع في الحكم على الناس واتهام النيات والخروج باستنتاجات وقد يصاحب ذلك كله تصفية حسابات ، وننسى في خضم انفعالاتنا أننا جاوزنا كل الخطوط الصفراء والحمراء.

الاضاءة الأولى : الشيخ صالح اللحيدان غني عن التعريف علم في رأسه نار محل ثقة ولاة الأمر ومن أشد محاربي الفكر التكفيري، وعالم نحرير متمكن لم يكن يوما من الأيام معارضا أو مشاكسا بل كان صمام أمان طيلة حياته الوظيفية ولا زال.

الاضاءة الثانية :
إذا كانت الفتوى قد تم تسجيلها من شهور وأعيد بثها تزامنا مع أحداث سبتمبر فهذا بلا شك يعطي انطباعا قاتما بأن هناك من يخطط لاحراج الشيخ وقبل ذلك احراج الدولة عبر الافتئات على الشيخ أولا وعبر اجتزاء النص ثانيا، ونقل العبارات المختارة مجردة من سياقها، وهذا بلا شك إن كان كذلك فيدل على نية مبيتة، وجنوح عن الحقيقة بنقل غير آمن لقول الشيخ.

الاضاءة الثالثة : الاسلام جاء لحفظ الضرورات الخمس النفس والدين والعقل والعرض والمال فمن قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض يقتل، ومن سلب مالا يقام عليه حد السرقة، ومن هتك عرضا يقام عليه حد الزنا، ومن سب الدين أو استهزأ به يعزر، ومن أفسد العقل بالمخدرات أو الأفكار المنحرفة أو نشر العهر يعزر. إذا كان ذلك محل اتفاق فيما بيننا فإننا ندرك خطر هذه الفضائيات التي تبث سمومها بلا حسيب ولا رقيب، وكم راح ضحيتها آلاف مؤلفة من شبابنا، وكم خلفت وراءها منمآس يندى لها الجبين.

الاضاءة الرابعة: فن الصحافة يقوم على الاثارة، إما عبر المانشيتات العريضة الملفتة أو الأخبار الساخنة أو الصور المعبرة، وكل هذا محل اتفاق، لكن الذي ليس كذلك بل هو خروج  على الميثاق الصحفي والأمانة والأخلاق هو الاجتزاء من تصريح أي مسؤول اجتزاء يخدم غرض المجتزيء دون اعتبار للعرف الصحفي ولا أمانة النقل. الاجتزاء المجرد من السياق وتكبيره وتلوينه وتشكيله وتهويله هو بلا شك ممارسة هابطة وبلبلة مغرضة وفتنة مضلة وتصرف ممجوج مرفوض.

الاضاءة الخامسة :
الافتئات على علماء الشريعة وعلماء العربية أمر ملاحظ ومشاهد، احترام التخصص شبه معدوم إن لم يكن معدوما بالكلية، فهل يعقل أن يكون المهندس طبيبا أو العكس، وهل يعقل أن يكون الطيار مدرسا أو العكس. إذا لماذا يكون الدين كلأ مباحا يرتع فيه من شاء. إن مراجعة النص وتقويمه وشرحه ومعرفة المراد منه أمر لايجيده دهماء الناس سيما إذا كان نصا احترافيا قاله راسخ في العلم يعرف كل حرف فيه ويعرف مايقول ومايدع.

الاضاءة السادسة:
الشيخ لما ظهر مجددا على التلفزيون لم ينكر ماقاله أو يتملص منه بل شرح المقصود بأسهل العبارات وأوضحها مستعرضا تأريخه في خدمة دينه ووطنه وكأن في ذلك اشارة إلى من نذر حياته في سبيل الله لن يكون في يوم من الأيام معول هدم أو أداة فتنة.

الاضاءة السابعة :
في تصريح الشيخ أو فتواه قال (من يدعو إلى الفتن إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحل قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل؛ جاز قتلهم قضاءً) وقد في العربية إذا جاء بعدها الفعل المضارع تفيد التشكيك، لأن الأمر موكول إلى القضاء برمته، ولو قال الشيخ ( حل قتله) بصيغة الماضي لأفادت التأكيد، وهذا الملحظ غفل أو تغافل عنه من نقل أو اجتزأ فتوى الشيخ.

الاضاءة السابعة:
هذه الشنشنة نعرفها من أخزم، وكم شنشنوا وشنشنوا، وكم تطاولوا وبدعوا ا واتهموا وكأنهم أوصياء على هذا المجتمع الأبي الطاهر. إن من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ليتألم لما آل إليه حال الكثير من القنوات الفضائية والتي أقبلت بخيلها ورجلها تحارب الفضيلة وعقيدة هذه الأمة، حتى  القبل التي كانت خطا أحمر في بعضها أصبحت تمارس بكل وقاحة وتبرز للمشاهدين ، حتى المقاطع الساخنة المفسدة للذوق العام أصبحت تجلب بكل جرأة واستهتار بقيم المجتمع وإرثه وعقيدته. 

الاضاءة الثامنة :
الأمن هو الهاجس الذي أقلقنا طيلة العقد الماضي إبان التفجيرات التي هزّت قلوبنا قبل ممتلكاتنا، والتي أحدثت شرخا عميقا وجرحا نازفا في بنية المجتمع، وكان للدولة وفقها الله جهود جبارة في محاربة الفكر الضال المنحرف. إن نشر هذه الفضائيات للمجون هو بلا شك له انعكاساته الخطيرة على أمننا واستقرارنا، فالفضائيات تدرس الحب في كل صوره وأشكاله وتلقنه أولادنا وبناتنا. وكم من شباب وشابات ذهبوا ضحية هذا الاسفاف والاستخفاف.

الاضاءة التاسعة : قول الشيخ : قد يحل قتله قضاء، أي للقضاء أن يعزره تعزيرا يصل إلى القتل إذا نصح( بضم النون وكسر الصاد) ولم ينتصح، ولو تأملنا في تأريخ القضاء في المملكة لم نجد رجلا حكم القضاء بقتله في ظروف مشابهة. حتى أن تارك الصلاة الذي يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل، لاأعرف ان رجلا أقيم عليه الحد في هذه البلاد لأنه يرفض أن يصلي. والقضاء للجاهلين في القضاء والأحكام القضائية يمر بمراحل عديدة ويتداوله مجموعة كبيرة من القضاة ويتطلب مداولات طويلة قبل اصدار الحكم النهائي.

الاضاءة العاشرة :
من قال أن هذه الفتوى تحرض على الارهاب وتشجع الشباب المتهور أن يمارس القتل في وضح  النهار لملاك هذه اتلفضائيات. أقول لمن قال ذلك : لقد أبعدت النجعة وتكلفت صعود القمم. كان بودي أن تكون عونا لهذا الشيخ الجليل الذي أفنى سحابة عمره في خدمة دينه وأمته ونافح عن دين الله في كل محفل لاأن تقول مايفرح أعداء الفضيلة. لن أخوض في النيات فتلك مردها إلى الله لكني فقط أضع علامات استفهام كبيرة. إذا كنت تنصح الناس بحسن الظن وأن المسلم يجب أن يلتمس لأخيه العذر ويحمل كلامه على أحسن المحامل ولا يتسرع في الحكم عليه فمابالك تهب فمسارعا إلى شجب واستنكار هذه الفتوى .

الاضاءة الحادية عشر:
ماهي المصلحة من اثارة هذه البلبلة؟ من المستفيد؟ من المحرض؟ من الدافع؟ ماذا يريدون؟ ماهي غاياتهم وأهدافهم؟ إن من نشر مقالات في صحف أجنبية يؤلبها على دولتنا وبلادنا هل هذا يريد خيرا بنا وبأمننا؟ إن الدين متجذر في قلوب أمتنا ولن نرضى له بديلا، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. إن من أثار ( أثاروا)  هذه الفتنة يجب أن يساءل أو يساءلوا عن دوافعهم وأهدافهم وأن تتصرف معهم الدولة بما يحقق أمن هذا الصرح الشامخ. 

الاضاءة الثانية عشر:
كثرة المتعاطفين والمؤيدين لفتوى الشيخ في كل وسائل الإعلام تدل دلالة واضحة أن قيم ودين هذا المجتمع وأخلاقياته ومبادئه خط أحمر لايجب تجاوزه أبدا. والدولة وفقها الله تدرك أن العلماء الربانيين هم صمام الأمان إذا تلاطمت الفتن وتكلم الرويبضة.

الاضاءة الثالثة عشر :
الصراع بين الحق والباطل طويل طويل قديم قدم هذه الأرض وسيستمر الصراع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. إن من يريد تغريب هذا البلد وهدم قيمه وأخلاقه ومبادئه هو ينفخ في  قربة مهترئة أو يغرف الماء بغربال. فأما الزبد فيذهب جفاء واما ماينفع الناس فيمكث في الأرض. إن الحملة الشرسة على رموز هذه البلاد من علماء ومصلحين لها دلالاتها وقد تؤدي إلى مالا يحمد عقباه، ومن على هذا المنبر أناشد الدولة أن تبذل وسعها في عدم تمكين هؤلاء الأدعياء من بث سمومهم وأفكارهم ، وايقاف تطاولهم على العلماء الربانيين.
 



الرويبضة والشيخ اللحيدان .. سجالٌ محسومٌ سلفا !
عبد العزيز بن محمد الغفيلي المطوع
 

روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه ؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!!

لا أعلم _ وأنا أقرأ تلك الحادثة _ كيف تبادر إلى ذهني بسرعةٍ تفوق الوصف ذلك العنوان الذي وسمه مدلِّس صحيفة ( إيلاف الإلكترونية ) بقوله : " اللحيدان يستقبل الذكرى السابعة لأحداث سبتمبر بفتوى قتل جديدة "، ولكن من يدرك سلفاً أن من حُرِم الأصول حُرِم من الوصول فقد أزاح عن عقله غشاوة الاستغراب .

توالت ردود الأفعال من المتردية والنطيحة سواء أكانوا أفراداً من إعلاما ، وكأنما دُبِّرت هذه الردود بليل ! و مازال شيخنا الضئيل صامداً كالجبل الأشم ، لا لشيء إلا أنه لا يرضى بظلم أهل الذمة فضلاً عن أهل الملة ، ودليل ذلك ما ورد في الحوار الذي أجراه معه ( سليمان العيدي ) من الدعاء لهؤلاء بالهداية والعودة إلى جادة الصواب .

إن الحليم ليحتار مما يسمعه ويقرأه من كتابات تجاه من رزقهم الله نور البصيرة ، وصفاء السريرة ، من أناسٍ يصدق عليهم قول أحد العباد عندما سئل عن شر الناس فأجاب بقوله : من لا يُبالي أن يراه الناسُ مسيئاً!

فعلاً .. هؤلاء لا يبالون بما يقولون أو يكتبون ولعل السبب في هذه الردود والمقالات والبرامج التي أفردت لها بعض القنوات الفضائحية مساحات واسعة بعد فتوى شيخنا يكمن في كساد بضاعة أصحابها الأمر الذي حملهم ما هم ليسوا بأهل له !

من يرقب ردود هؤلاء ( كتاب ، مفكرون أو مخرفون ، ممثلون ومخرجون وهذا من المضحك ... إلخ الشرذمة ) يرى أنها عبارة عن مقالات إنشائية مضطربة ، اعتمدت على ابتسار فتوى فضيلة الشيخ ، ولم تحسن الاستتار للأسف ! متعامين أن شيخنا _ حفظه المولى _ لا يبحث عن مجد شخصي ، أو انتصار آني ، فقد كفاه خير الورى بتركته وورثِه ، وما يحدث ليس بجديد على فضيلة الشيخ ، ولا على غيره من أمثاله عِلماً وعُمْرا ، الذين تكسرت تحت سفوحهم أجيال من صناديد الفكر وأساطين المنطق فضلاً عن من تلقفوا رايتهم البالية بآراء فجة ، ورؤى ناقصة ، وبالتالي فأيسر مايمر بهؤلاء العلماء ( الوحول ) .

شيخنا _ بحمد الله تعالى ومنته _ لم تزده هذه الترهات إلا رسوخاً وثباتا ، وفضاؤه قادر على ابتلاع أي سابح فيه

يا ناطح الجبلَ العالي ليَكْلِمه *** أَشفق على الرأسِ لا تُشْفِق على الجبلِ

إن ما حفزني على المشاركة حول هذه الردود هو أن أصحابها باتوا يشكلون ظاهرة مريبة ، وبالتالي فإن نقض ردودهم أنكاثاً من كل من آتاه الله علماً يكشف عن كتاب خاضوا في ( كل ) المجالات الدينية والدنيوية رغم افتقارهم إلى العلم الشرعي، والتأصيل المعرفي، ومنهج البحث العلمي ، ولعل مرجع ذلك كساد بضاعتهم كما ذكرت مما أوقعهم في حيص بيص ! وبالتالي فقد ( كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) وتناسوا أن الناس محاسبون على كلامهم ، وبالتالي يجب عليهم ألا يقولوا إلا حسنا ،فقد عُرف بداهةً أن من تكلم بغير فنه أتى بالعجائب .

إن العجب كل العجب يكمن في تجرؤ بعض الكتاب على التطاول بحق علمائنا والخوض في فتاواهم والانتقاص منها ومنهم .

يقولون هذا عندنا غير جائزٌ ومن أنتم حتى يقال لكم عند؟

كم والله نتمنى إن كان لهؤلاء بقية من عقل وعلم أن ينفقوه في سبيل الدفاع عن حوزة الدين المنتهكة، لا أن يشدوا عضد أعداء دينهم وأمتهم الذين لا يشفي صدورهم إلا التقليل من شأن الإسلام وأهله ، فحماة الثغور ليسوا ممن يخدعهم الخب، بحيث لا يأخذون حذرهم، حيث يتواصى الفارغون بأخذ الإسلام من أطرافه والنيْل من مفرداته، فكل الذين دخلوا جحور الحضارة الغربية قبل التحصن

نسلوا منها، وليس في غيابهم إلا الحشف وسوء الكيل، والذين يخوضون في الفتيا وهم ليسوا من أهلها، أو يجادلون في قضايا الدين، وليسوا من أهل الذكر ، يكونون مثار سخرية، ولن يظفر بالاحترام من هؤلاء إلا من هو على جانب من العلم والوعي والسيطرة التامة على قضاياه وإن اختُلِف معه ، ومثله من عرف قدر نفسه فلم يخض في القضايا الكبرى حتى يستكمل المعلومة، ويجود المنهج، ويتقن الآلة ، والخبيرون بالمعارف والمذاهب يعرفون الأدعياء بسيماهم، وما ارتبكت مسيرة الأمة إلا حين انبرى للقضايا الكبيرة من لا يحسن الورود ولا الصدور ؛ كهؤلاء الشانئين الذين قد حرموا _ للأسف _ من الدعاء المأثور (رحم الله امرأً كف الغيبة عن نفسه) فهم كالفراش يبحثون عن الأضواء، لكنهم يحترقون قبل الدخول في دوائرها، ولا يضرون الحقائق شيئاً، والعداء مع هؤلاء وأعوانهم ماض إلى يوم القيامة، وكل من (سَفِهَ نَفْسَهُ) وتقحم سوح ما يجهل فقد أثار الشفقة والسخرية ، فلا يستقيم ظل والعود أعوج .

أعان الله شيخنا الفاضل على ثلة المتذيلين ، وسدد رأيه عندما يحاول أن يضعهم أمام أنفسهم عسى أن يرعووا، ويستعملوا ما وهبهم الله في طاعته . هدى الله الجميع وردهم إلى الحق رداً جميلا.
 


رسالة لفضيلة الشيخ صالح اللحيدان
( لا إيلاف ولا غيرها تنال منكم يا فضيلة الشيخ )
بندر العتيبي


الحمد الله الذي جعلنا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، واختصنا بهذه الخيرية لنتميز عن باقي الأمم ، فالعالم والمتعلم والمربي والمسئول وجميع شرائح المجتمع عليهم القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلا حسب استطاعته ، وحسب ما يقتضيه المقام ، ووفق الضوابط الشرعية .

هذه الميزة الرائعة جاءت متوافقة مع الطبيعة الإنسانية التي تميل غالباً إلى الشهوات ، وإلى الشبهات ، قال تعالى في قصة يوسف مع امراءة العزيز : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (يوسف : 53) ، هذه النفس تحتاج دوماً إلى من يذكرها بالله ، أو يردعها عن فعل الظلم والبغي ، قال تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )(الذاريات : 55) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (‏ ‏انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه) ، فكم من ظالم ومظلوم في مجتمعنا اليوم بحاجة إلى نصرة وفق المنهج النبوي الرشيد .

واليوم ننعم في بلادنا المملكة العربية السعودية بتطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال الجهاز الرسمي "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ، وكذلك من خلال جهود العلماء والدعاة الربانيين المخلصين الذين نحسبهم كذلك والله حسيبهم ، عن طريق الفتاوى والنصائح والإرشاد المسموع والمقروء ، ومن ذلك ما سمعناه من فضيلة الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجلس القضاء الأعلى – حفظه الله- في سؤال موجه إلى سماحتة عبر برنامج نور على الدرب، بيَّنَ فضيلته أن أصحاب القنوات عليهم وزر كل من يشاهد ما يبثونه من خنا وفسق، وأن من يدعو إلى الفتن والفساد من المفسدين في الأرض، وإذا لم يندفع شرهم جاز قتلهم "قضاءً"

بعد هذه الفتوى تصدت عدد من القنوات الفضائية والمواقع على الانترنت لنشرها وتبنيها لكن ليس على محمل الاستفادة من الفتوى وإنزالها منزلها الذي قصده الشيخ ، وإنما للتجريح والتشفي من فضيلته وبتر كلام الشيخ وتأويله بما يوافق أهواهم ورغباتهم ، فجاءت العناوين رنانة تحمل في طياتها كثيرا من الحقد والغش والخداع ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .

إن الدعوةَ إلى الله كما تعلمون يا فضيلة الشيخ هي طريقُ الأنبياء والمرسلين ، وعلى رأسهم أولو العزم منهم كما قال تعالى فيهم مثبتا نبيه صلى الله عليه وسلم على الصبر في سبيل الدعوة إليه: ( ‏فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) ( الأحقاف : 35) ، يا فضيلة الشيخ أن مما يدل على مصداقيتك في الدعوة – ولا نزكي على الله أحدا- أنك لم تقف موقف المشاهد لهذا الزخم الكبير والمتلاطم من الافتراءات على فضيلتكم ، ولم تكتفي ببيان صحفي تختفي خلفه ، بل صدعت بالحق جهارا نهارا ، وعلى مرأى ومسمع من الجميع ، فلله كم هو جميل ورائع أن تضرب مثلا للكل في كيفية الصبر والاحتساب في سبيل تبصير الناس بدينهم ، وفي الرد على الشبه والفتن بكل حكمة وتأن ، وكيف أن الداعية يجب أن ينطلق من ثوابت راسخة وقوية ، ومن ثم يتمسك بها ويدعو إليها بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن لا يتزعزع ويغير مبادئه عند أدنى مواجهة .

وهذا زمان الصبر من لك بالتي *** تفوز بها يوم اختلاف المصادر
ودارت على الإسلام اكبر فتننة *** وسلت سيوف البغي من كل غادر

ولنتأمل ما ذكره الشيخ عبد الرحمن بن حسن –رحمه الله- في المورد العذب الزلال في كشف شبه أهل الضلال حيث ذكر " فصل في إيذاء أهل الباطل لأهل الحق : وهذا شروع في الجواب المشار إليه سابقا، وقد كنت عزمت أن أتتبع كلامه وأجيب عنه تفصيلا، ثم إنه عرض لي ما يجب أن يكون هو المقصود بالذات مما قدمته حماية لجانب التوحيد والشريعة. ثم بدا لي أن أقتصر في جواب الرجل لما في الاقتصار من رعاية الصبر والاصطبار؛ لأنا لو أجبناه بكل ما يليق في الجواب لم نسلم من أمثاله ممن ينسج على منواله، كما هو الواقع من أكثر البشر قديما وحديثا مع كل من قام بالحق أو نطق بالصدق. فكل من كان أقوم في دين الله كان أذى الناس إليه أسرع والعداوة له أشد وأفظع. وأفضل خلق الله رسله وقد عالجوا من الناس أشد الأذى، حكمة بالغة. قال الله تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً) ، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جدا. ينبئك عن تفصيل هذا ما ذكره الله تعالى في كتابه عن أنبيائه لما دعوا أممهم إلى التوحيد كيف قيل لهم؟ وما خوطبوا به؟. وتأمل ما جرى لخيار هذه الأمة كالخلفاء الراشدين وسادات أصحاب سيد المرسلين من أعدائهم كالرافضة والخوارج ونحوهم، وما جرى لأعيان التابعين ومن بعدهم من أعيان الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح وأحمد بن نصر الخزاعي وأمثال هؤلاء ممن لا يمكن حصرهم، ولو ذكرنا جنس ما جرى لهم من الأذى لطال الجواب. والقصد هو الاقتصار، ومن أراد الوقوف على ذلك فعليه بالسيَر والتاريخ ولله درّ أبي تمام حيث يقول:

وإذا أراد الله نشر فضيلة *** طويت أتاح لها لسان حسود

وقال أبو الطيب:

وشأن صدقك عند الناس كذبهم *** وهل يطابَق معوج بمعتدل؟ " انتهى المقصود

إن الكل يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقكم ، وإن كنتم يا فضيلة الشيخ تعملون في الخفاء ، إلا أن جهودكم الكبيرة حفظكم الله بارزة لا يستطيع أن يخفيها غربال من الجهل والتلبيس مما نشر من بعض الفضائيات والقنوات والمغرضين ، إن حياة الشيخ العلمية في الإفتاء وفي القضاء التي تتجاوز 50 عاما ، لهي أكبر دليل على التأصيل والقدرة العلمية والفقهية ، مما يمنع معه أن تصدر منه فتوى عن جهل أو عدم روية أو تخالف قواعد الشيخ التي قررها سابقا ، وكما قال الشيخ النجيمي - وفقاً لجريدة "الجزيرة" السعودية - "فضيلة الشيخ هو من كبار العلماء وعضو في هيئة كبار العلماء منذ تأسيسها، وأن هناك قنوات سحر ومجون وعنف ومفسدة للأخلاق، والشيخ يتكلم بلغة قضائية عالية ومن منطق قضائي قانوني صحيح وهو التعزير، فهو يرى بجواز وصول التعزير إلى القتل كما يرى جمهور العلماء ولم يقل الشيخ بأنه يجوز للأفراد قتل هؤلاء بل يتم ذلك عن طريق القضاء"، فكلام الشيخ واضح ولا يعتريه شبهة إلا من كان في قلبه ريب أو ميل ، والله الهادي إلى طريقه القويم .

إن بثباتكم على الحق والاهتداء به يا فضيلة الشيخ ، واستمراركم في الدعوة والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قدوة حسنة تثبت الكثيرين ، وتردع الكثيرين ، إن في ثباتكم ثبات أقوام يا فضيلة الشيخ ، ولكم فيمن كان قبلكم أسوة حسنة ، فقد قال الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب في " قوله تعالى عن أصحاب موسى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ) (السجدة:24) ، فأخبر سبحانه أنه جعل منهم أئمة يأتم بهم من بعدهم، لصبرهم ويقينهم، إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، فإن الداعي إلى الله لا يتم له أمره إلا بيقينه للحق الذي يدعو إليه، وبصيرته به، وصبره على تنفيذ الدعوة إلى الله باحتمال مشاق الدعوة، وكف النفس عما يوهن عزمه؛ فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره سبحانه، وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحق وأولى بهذا الوصف من أصحاب موسى، فهم أولى بمنصب هذه الإمامة " .

لمحة : لكل من تطاول على الشيخ واتهمه واتخذه ذريعة للبروز الإعلامي أو لتحقيق مآرب خاصة ، رويدا على نفسك ، و أقصر فإن الحق والهدى أبلج وأبقى ، والله من وراء القصد.
 


(ولايحيق المكر السيء إلا بأهله)
أ.د. ناصر العمر
 

الحمدلله رب العالمين الذي رفع شأن العلماء والمؤمنين (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وقصم ظهور الظالمين والمعتدين ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، وصلى الله وسلم على الهادي البشير والسراج المنير الذي حمى ورثته فروى عن ربه جل وعلا ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب))، (( والعلماء هم ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولادرهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر)) وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد: فقد تميزت بلادنا بحمدالله بتماسك وترابط شخصياتها العلمية والشرعية والفقهية منذ نشأتها، ظهرت آثار ذلك على كافة جوانب المجتمع والراعي والرعية لعقود طويلة.

غير أن هذا التماسك والترابط تعرض لبعض الاهتزاز مؤخراً، وظهرت بلبلة تثيرها فئة قليلة وشرذمة منبوذة لكنها تترك أثراً صاخباً لا لشيء إلا لأنها تحتكر أغلب وسائل الإعلام المتنوعة وتتحكم بها، ومن البدهيات أن الهدم أسهل من البناء.

وتتركز جهود هذه الفئة في الهجوم على مظاهر التدين، والأخلاق الحميدة، والاعتزاز بالإسلام شريعة وتحاكماً وقيماً، وتنوعت أساليبهم وبرامجهم لتغيير هذا البعد العميق والأصيل في هذه الأرض وتاريخها البعيد. وهم بإذن الله واهمون ومخذولون (فاصبر إن وعد الله حق ولايستخفنك الذين لايوقنون)، (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض).

ومن أبرز برامجهم وخططهم، الهجوم على العلماء ومحاولة إسقاط الرموز الشرعية، ومن ذلك ماحصل قبل مدة من هجوم على فضيلة الشيخ/ عبدالرحمن البراك، ثم على فضيلة الشيخ/ صالح الفوزان، عندما صدعوا بالحق وجهروا به، ولما لم يجد هؤلاء السفهاء من يردعهم ويحد من سفههم استمرأوا ذلك واستمروا عليه.

ومن آخر ما حدث في هذا النهج تلك الهجمة المريبة التي أثيرت مؤخراً حول إجابة فضيلة الشيخ/ صالح بن محمد اللحيدان عن ملاك القنوات الفضائية المفسدة لعقيدة الأمة، وعقول أبنائها، وصفاء تاريخها.

ولما لهذه القضية من تبعات وآثار قريبة وبعيدة كان لزاماً أن أقف معها وقفة تميط اللثام عن بعض أبعادها، وتحقق التضامن مع شيخنا وفقه الله وسدَّده.

فأولاً
أؤكد على أهمية التثبت ودقة النقل التي يفترض بالإعلام الرصين الذي يحترم متابعيه أن يلتزم بها عندما ينقل خبراً أو يناقش قضية، ويفترض بالجمهور أن يسقط ويتجاوز أي إعلام يهدر هذه القيمة ويتلاعب بها التزاماً بقوله سبحانه: ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين).

وثانياً:
تكون الطامة أكبر إذا مارس هذا الإعلام تحويراً وتحريفاً للحقائق، وتشويهاً للقيمة الاعتبارية للأشخاص بعامة وللعلماء بخاصة، خدمةً لأهداف غربية مفضوحة، ويكون هذا التشويه شنيعاً إذا كان يمس شخصية علمية شرعية تحظى باحترام وقبول المجتمع حكاماً ومحكومين، فما بالك إذا كانت هذه الشخصية رئيس مجلس القضاء الأعلى وبوزن منصبه السيادي الذي يتسنمه، والمساس به يتعدى شخصه إلى المنصب الذي يمثله.

وثالثاً:
إن إثارة الصخب الإعلامي حول أي موقف علمي شرعي يجهر به علماء المملكة ودعاتها تذكيراً للناس بعظيم حق الله ووجوب التزام أحكامه وشريعته، ماهي إلا سياسة يراد بها صرف الأنظار عن حقيقة القضية وجوهر الفتوى، وتشتيت الأذهان عن مشروعهم التغريبي الفاسد، وهذا بالتحديد هو ماحدث تجاه فتوى الشيخ في هذه القنوات وما تبثه من استخفاف بدين المسلمين وقيمهم وأخلاقهم وأحكام دينهم وتوجيهها نحو شخص الشيخ وتاريخه في القضاء وأسلوبه، والاجتزاء المبتور لفتواه في مقاضاة ملاك هذه القنوات، وردعهم ومعاقبتهم بما يكف شرهم، وخصوصا أنهم يبثون وبكل إصرار ودعم وتوسع برامج وأفلام ومسلسلات ذات مخاطر وأبعاد تظهر سريعاً وتمتد لأزمنة طويلة، علماً أن الشيخ قد أشار لعظم جرم هؤلاء المفسدين وإلى خطورة صنيعهم الذي قد يصل بهم إلى حد القتل قضاءً إذا اكتملت شروطه وظهرت أركانه القضائية المعروفة عند أهل الشأن.

فلم يُستعظم ذلك وهو يصدر من رئيس أعلى سلطة قضائية في بلادنا؟

وكيف يستغرب وهذه أجهزة القضاء في أغلب الدول تقبل الترافع ضد أجهزة الإعلام إذا أساءت إلى أخلاق الناس وقيمهم، وخصوصاً في مجتمعاتنا المسلمة، والمملكة العربية السعودية ممن يختص بإعدام مروجي المخدرات درءاً لفسادهم ؟

أفلا نعلم أن إفساد هؤلاء وضررهم أشد من إفساد مروجي المخدرات فقد انتهك أصحاب القنوات أعظم الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع بحمايتها ؟

ثم ألسنا نعلم أن العديد من هذه القنوات المفسدة ملاكها من أهل هذا البلد، فهم قد أساءوا لوطنهم وشوهوا الصورة الشائعة عن بلاد الحرمين في عيون العالم الإسلامي لسنوات طويلة ؟

أفليس من مصلحة المملكة أن تظهر البراءة من هذه القنوات وما تبثه عبر موقف قوي كهذا من رئيس أعلى سلطة قضائية؟

ثم إن الدعم الحقيقي لهم يأتي من الدعايات والاتصالات ورسائل الجوال التي يجنونها من هذه البلاد، أفليس من المصلحة أن يتاح للناس أن يقاضونهم حتى تحجب هذه الفرص المالية عنهم فيرتدعوا؟ بل هو تنبيه للناس على خطورة دعمهم، وأنه إعانة لهم على الإثم والعدوان المحرم في الكتاب والسنة (وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان).

وتعجب حين يتاح لوسائل إعلام متعددة أن تنال من شخص رئيس مجلس القضاء الأعلى عند تناوله لإمكانية مقاضاة جهة معينة وبحيثيات محددة، وهو المتخصص في القضاء بل يرأس السلطة القضائية العليا بالبلاد، وخصوصاً أنه ثبت للجميع عمالة بعض هؤلاء للغرب وسفاراته، ونكرانهم لنهج بلادهم وخيرها، ويتأكد ذلك يوماً بعد آخر.

كيف يعقل أن يحدث هذا! ونحن هنا لانتحدث عن اجتهادات فردية أو شبابية متعجلة، ولا عن مقولة عابرة وغير مقصودة لذاتها، بل نحن نتحدث عن إجابة واضحة وصريحة، تم تسجيلها قبل بثها بأربعة أشهر، وتم الاتفاق على بثها مع بداية الشهر الفضيل نصحاً للناس ولأصحاب القنوات، كما أوضح الشيخ في مقابلته التوضيحية، فإذاً؟

لِـمَ أُخِّر بث كلمته إلى هذا الوقت بالذات كما ألمح الشيخ؟ ومن ثم لماذا تبدأ الإثارة من وسيلة إعلامية منبوذة لاتحترم أدنى معايير الإعلام المرعية؟ ثم يتسابق الآخرون للنقل عنها دون تحقق أو روية؟

وكيف يسمح لهذه الفئة الشاذة أن تنال من عموم الناس ناهيك عن الرموز وبهذا المستوى حتى نالت من شخص رئيس مجلس القضاء الأعلى وأقدم عضو بقي في هيئة كبار العلماء.

وهنا لابد من القول أن أهم سبب في تقديري لهذه القضية وإثارتها بهذا الحجم العالمي، هو التاريخ الحافل والطويل للشيخ/ صالح اللحيدان – حفظه الله – وأثره في مسيرة القضاء بالمملكة، مع صرامة الشيخ المعروفة إزاء كثير من الضغوطات التي تعرض لها القضاء في البلاد، ومن المعلوم بأن مما تتميز به المملكة العربية السعودية القضاء الشرعي الذي يطبق فيها، وإن رمز هذا القضاء هو الشيخ/ صالح اللحيدان – حفظه الله – وقد كان سداً منيعاً صلباً ضد كثير من المحاولات القديمة والحديثة التي جرت وتجري لتغيير مسيرة القضاء في المملكة، والهجوم المتكرر على القضاء والقضاة تحقيقاً لمآرب لاتخفى.

وفضيلة الشيخ/ صالح اللحيدان – وفقه الله – له تاريخ معروف مشهود في خدمة دينه وبلده، وقد عرف بتفاعله الإيجابي مع كثير من قضايا المجتمع ومستجداته، ومسيرته العلمية والدعوية يضاهي عمرها نصف قرن، وهو بقية جيل العلماء الرواد الذين تواصت الأمة بتقديرهم والاعتراف بفضلهم.

وقبل أن أنهي هذه الأسطر أشير إلى أن هناك ممن كتب عن فتوى الشيخ حاول أن يحرف الكلم عن مواضعه، ويفسره بما يخدم غرضاً في نفسه، وذلك بأن زعم أن هذه الفتوى تخدم فئة عرفت بخطأ مسلكها وانحراف منهجها وغلوها، وهذه الدعوى مردودة على صاحبها من وجوه كثيرة:


منها:
أن كلام الشيخ واضح ومحدد ضمن الأطر القضائية والأساليب الشرعية المرعية وليس من حق الأفراد الافتئات على الدولة في الحكم والقضاء .

ومنها :
أن تلك الفئة لو أخذت بفتاوى العلماء المعتبرين لما وقعت فيما وقعت فيه ولما آل مصيرها لما آلت إليه، ردهم الله إلى الحق رداً جميلاً.

ومنها:
أن غالب شبابنا والحمدلله من العقل والحكمة والتروي والرجوع إلى علمائهم فيما هو أقل من ذلك فكيف إذا كان الأمر يتعلق بالدماء والأنفس، وقد أفادتهم الأحداث مزيداً من النضج والتبصر.

ومنها:
أن الشيخ قال حقاً فمن وظفه في باطل لم تكن له في الحق حجة، كمن يستدل بآيات من القرآن في غير مواضعها، أو يزعم أن آيات وأحاديث الحدود تثير فتنة وتسبب قتلاً دون ضابط.

وأذكِّر من زعم ذلك واتهم الشيخ بدعم أولئك بقول الله تعالى ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً)، وبقول النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يعد خصال المنافقين: (( وإذا خاصم فجر))، فليتقوا الله وليتوبوا إليه قبل فوات الأوان.

وختاماً،
علينا أن نحذر من خذلان العلماء، فالمسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله ولايسلمه، ولننتبه حتى لانقع ضحية لتلبيسات هؤلاء الأفاكين، أو لسقطات بعض المحسوبين على العلم وتصريحاتهم المتعجلة البعيدة عن التثبت والروية.

كما علينا جميعاً أن نعلن تأييدنا لموقف الشيخ وفقه الله وأعانه، ودعمنا لجهره بالحق وصدعه به وصبره وثباته عليه ولنحافظ على وحدتنا الشرعية والأخلاقية والاجتماعية التي يريد هؤلاء أن يخترقوها ويحرفوها عن مسيرتها الطويلة، خيب الله آمالهم ورد كيدهم في نحورهم، وحمى بلادنا وبلاد المسلمين من شرورهم.

والله أسأل أن يوفق ولاة الأمر لما فيه خير الإسلام والمسلمين وأن يجعلهم يداً واحدة مع العلماء والصادقين في وجه كل مفسدٍ ومخرِّب ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
 


رسالة عاجلة إلى الشيخ صالح اللحيدان
شعر: حامد بن خلف العُمري

يا شمسُ كيف تنالك الشهب *** أم كيف تطفئ نورك الحجبُ
يا نخلة الخيراتِ باسقةً *** هل هزك الأقزام أم تعبوا
قذفوك بالأحجار إذ عجزوا *** فانهال منك عليهم الرطبُ
فتذوقوا . لكنهم لفظوا *** إذ كانت الأفواه تلتهبُ
فسعوا لنشر مقولة زُعمت *** قالوا القصيرة طلعها خرِبُ
و توهموا أن الحقيقة قد *** تخفى إذا ما أُكثر الصخبُ
لكنَّ دعوى القوم قد سقطت *** و الله أظهر زيف ما نسبوا
فلقد تراءى الناسُ ما فعلت *** أفواههم و تبين السببُ
فبقيت رمزاً للعطاء و قد *** أشقى دعاة الزور ما كسبوا
 



اللحيدان .. السنيدي ..( إن فاتك اللحم لا يفوتك المرق )!
حامد خلف العُمري

بدا أن حدة الهجمة الشرسة الظالمة ضد سماحة الشيخ صالح اللحيدان في طريقها للإنقشاع , خاصة بعد تسرب انباء عن إمكانية الملاحقة القانونية للمتطاولين على الشيخ , و ذلك بتطبيق المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية بحقهم ( ما حدا بالبعض منهم إلى التخفي خلف جدار من الأسماء المستعارة ! ) , و لعل من أسباب انكسار حدة هذه الهجمة أيضاً دخول بعض مشاهير المفتين في العالم الاسلامي على الخط موافقين للشيخ في فتواه الشهيرة (1)
بيد أنه من الملاحظ أن المتصيدين في المياه العكرة يحاولون استغلال هذه الزوبعة و الخروج منها بأكبر المكاسب الممكنة , و على طريقة ( إن فاتك اللحم لا يفوتك المرق )! فمن الملاحظ أن سهام البعض قد بدأت الآن في التوجه صوب المقدم الذي طرح السؤال على الشيخ , وهو الإعلامي الناجح الدكتور فهد السنيدي , ومن امثلة ذلك ما كتبه أحدهم في مقال نشره أحد أشهر المواقع العربية التي تولت كبر إثارة هذه الزوبعة , يتهجم فيه على الدكتور فهد و بلغة أقل ما توصف بأنها (شوارعية )! (2) 
و كما هو معلوم لدى الكثيرين , فالدكتور فهد السنيدي يعد من أنجح المقدمين في العالم العربي , بل أنه حصل على الترتيب الأول على المذيعين في الوطن العربي بحسب الجائزة العالمية لخدمة العمل الإسلامي في مجال الإعلام لعام 2005 , و قد التحق بـ إذاعة القرآن الكريم عام 1414هـ وأصبح واحداً من أهم المذيعين بها , أما الإعلام المرئي الفضائي فقد التحق بـ قناة المجد الفضائية قبل انطلاقها وسجل عدداً من البرامج التي شكلت رصيداً افتتاحياً للقناة أسهمت في انطلاقتها بكل راحة وأمان , ومن هذه أشهر هذه البرامج : برنامج ( ساعة حوار ): وهو أول برنامج مباشر ينطلق من الرياض للقناة حيث استضاف فيه عدداً من الشخصيات العربية والعالمية في شتى مجالات السياسة والاقتصاد والفكر. وهو برنامج حاز على مراكز متقدمة في نسبة المشاهدين، فقد حصل على المركز الأول حسب تصنيفهم له في البرامج الدينية من حيث محتوى وأسلوب الطرح في استفتاء أجرته قناة دريم , وفي دراسة تجميعية تسمى (TRP) حصل برنامج (ساعة حوار) على أعلى نسبة مشاهدة خلال ثلاثة أشهر في قناة المجد بالإضافة إلى مراكز متقدمة تراوحت بين الثالث عشر والثامن على أكثر من مائتي برنامج حواري عربي. وهناك دراسات أخرى أكدت تميز البرنامج ومنها ما أجرته كلية الإعلام بـ مصر حيث نال هذا البرنامج بشكل خاص مراكز متقدمة وصلت في بعض الفترات إلى المركز الثالث على مستوى مصر , و من البرامج أيضاً برنامج ( صفحات من حياتي): وهو برنامج يوثق حياة أعلام الأمة حيث قابل فيه أكثر من ثلاثمائة شخصية عربية وإسلامية حكت تجربتها بكل وضوح ودقة. (3)
و يتضح مما سبق أن أبا ياسر يعد من الكفاءات الإعلامية النادرة , و لذلك فإن من المهم لدى البعض إسقاطها و لو كان ذلك بأعذار أشبه ما تكون بعذر الذئب الذي فتك بالحمل , إذ أنه وعلى فرض صحة قولهم بأن فتوى الشيخ اللحيدان ستنشر الإرهاب و ستدمر العالم أو ستقوض النظام الشمسي ! فما ذنب المقدم الذي طرح السؤال ؟ هل من الممكن أنه هو من لقن الشيخ تلك الإجابة !
ختاماً , أذكر اخي أبا ياسر( والذي له الحق علينا في الذب عن عرضه ضد هواة الإسقاط و التشويه) بأن يحتسب ما سيناله من سهام أولئك الحاقدين , و ليعلم ان ذلك إنما هو ضريبة الثبات على المبادئ و حمل الرسالة و عدم التخلي أخلاقيات الإعلامي المسلم الشريف, في وقت قلَّ فيه من يتصف بهذه الصفات , و ليكن لك في شيخك سماحة الشيخ اللحيدان أسوة في الصبر على شماتة الشامتين و التي لم تقتصر على الأعداء , بل ناله الكثير من سهام الاقربين !

وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً ** على المرء من وقع الحسام المهند


........................................
1. http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=89258
2. مقال :( فتوى القتل توليدية منغلقة ولا ولاية للقضاء السعودي )
3. ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
 



نصر واصل يؤيد اللحيدان ويدعو لمعاقبة محرفي الفتاوى

الإسلام اليوم/ صحف
17/9/1429 11:51 م
17/09/2008
 

أكد فضيلة الشيخ الدكتور نصر فريد واصل (مفتي مصر السابق) أن فتوى الشيخ صالح اللحيدان، (رئيس مجلس القضاء الأعلى بالسعودية) صحيحة، مشدِّدًا على أن من يدعو إلى الفتن إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحلّ قتله؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو العمل إذا لم يندفع شرّهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم بعد إخضاعهم للقضاء.
وقال واصل في حوار له بجريدة "الجمهورية" الحكومية بمصر: لابد أن أقف على ما قاله الشيخ اللحيدان أولاً، خاصة وأنه عالم معروف بعلمه وعطائه، كما أنه رئيس مجلس القضاء الأعلى، أي أنه قاضٍ، ولن يفتيَ إلا بعد أن يكون قد محَّص الفتوى، كما أنني باعتباري من علماء الأزهر ومفتٍ سابق، لا يجوز لي أن أُعلّق على رأي عالم ما إلا إذا وقفْتُ على كل ما قال.
وأضاف أن الفتوى كما نُقلت عنه في رده على أحد مستمعي الإذاعة، الذي سأله عن الموقف من مُلاك الفضائيات التي تثير الفتنة عبر برامجها غير اللائقة، قال فيها بالنص: "إن من يدعو إلى الفتن إذا قُدر على منعه ولم يمتنع قد يحلُّ قتلُه؛ لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو العمل إذا لم يندفع شرّهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم بعد إخضاعهم للقضاء".
وتابع فضيلته يقول: إذن الرجل يتحدث عن القضاء والمحاكمة، ويقول قد يحلّ قتلهم، أي أنه يقصد أنه إذا ثبت على مُلاك الفضائية أو غيرهم أنهم مفسدون في الأرض -وذلك من خلال قنوات قضائية، وإجراءات تتمثل في نصحهم أولاً إلى آخر الخطوات الشرعية في زجر المفسد ومحاولة إعادته إلى جادة الصواب- فإن على وليِّ الأمر -أي القاضي هنا- أن يعزِّره بعقوبة قد تصل إلى القتل، وقد يحكم عليه إذا تبين له ذلك بأنه من المفسدين في الأرض، ويحاكمه بعقوبات المفسدين.
ونفى فضيلة الدكتور واصل أن تكون مثل هذه الفتوى تضرّ بالإسلام وبصورته لدى الآخرين، الذين يعتبرونه دينًا يحجر على حرية الرأي، وقال: الإسلام مسئول عن تنظيم الدنيا، أي أن به قانونًا يجب على الملتزم به أن يطبّقه، ومادام يتضمن في قانونه أن من يفسد في الأرض ويتسبب في إفساد الناس له عقوبة معينة، فليس لأحد أن يعترض على ذلك؛ مادام قد رضي بهذا الدين. ومضى فضيلته يستطرد متعجبًا: أنا أتساءل بدوري، إذا كان الذين يعتبرون أن تنفيذ الأحكام الشرعية بما يحمي أمن الوطن الذي يدين بالإسلام قد يضر بصورة الإسلام، فلماذا لا تعتبر أوروبا والغرب أن الزواج المثلي -أي زواج الشواذ- يضر بصورة الغرب لدى الآخرين؟ ولماذا لا يكون هناك احترام للقيم والمبادئ لكل حضارة وقيم. إن ديننا يأمرنا أن نحاسب من يفسد في الأرض بعقاب معيّن، فما العيب إذا طبقنا أمر ديننا مادمنا نؤسّس أحكامنا على قاعدة صحيحة؟.. ولماذا تهاجَم الآن القنوات التي تنشر الفكر الديني هجومًا شرسًا ولا يتكلم أحد؟ فإذا ما هوجمت قنوات العُري والفساد، من خلال أحكام يتضمنها قانون ويعرفها الجميع، أصبحت صورة الإسلام مشوهة كما يقولون! ألَا يعرف الجميع أن هناك تمويلًا مرصودًا من جهات خارجية لإفساد المجتمعات الإسلامية، وصرفها عن ثقافاتها؟؟. والمتتبع لما يبثّ من مواد درامية يجدها تطبيقًا لما هو مطلوب في إطار أسماء برّاقة، ومنظمات دولية لا نعرف لصالح مَنْ تعمل. كذلك محاولات تشويه صورة الإسلام في الإعلام الغربي هي محاولات قائمة، سواء صدرت فتوى هنا أو هناك، أو لم يصدر.
وحول طريقة التعامل مع من يحرّفون كلام العلماء قال فضيلة مفتي مصر السابق: للأسف! فإن كل ما يتعلق بالدين لا يهتم به أحد، أما إذا كان الكلام في حق مسئول -ولو كان بسيطًا- قامت الدنيا ولم تقعد، وعُوقب المتحدث إذا ثبت خطؤه، أما الكلام في حق الله ودينه فلا يُعِيرُه أحد اهتمامًا، حتى ولو أفسد على الناس حياتهم ودينهم، رغم أنه يجب أن يعامَل المحرِّف لكلام العلماء قاصدًا، نفس معاملة من يفشي أسرارًا عسكرية؛ لأنه يضر بأمن الوطن والمواطن، لذا أطالب بتشريعٍ خاص يحمي العلماء من تحريف غير العلماء أو من يأخذون عنهم، فإذا عرف المحرّف أو المجتزئ أن عقابًا ينتظره لم يكتب إلا الصدق، ولم يكتب إلا ما هو متأكد منه؛ لأن كلمة واحدة قد توقع حربًا وفتنًا، والله تعالى يقول: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً»[الأنفال:25].
 



هذهِ فتوى الفضاءِ فمتى القضاءُ ؟
أحمد بن عبد المحسن العساف
 

أحدثتْ فتوى الشيخِ صالح اللحيدان- حفظه الله - حولَ جوازِ قتلِ المفسدينَ مِنْ ملاكِ الفضائياتِ بعدَ مقاضاتِهم لأنَّهم نشروا الشركَ والسحرَ والشعوذةَ وبثّوا الفجورَ والمجونَ عبرَ قنواتِهم التي تنجَّسَ منها الغلافُ الجوي والمشتكى لله وحده. وقدْ طارتْ هذه الفتوى في جميعِ الأنحاءِ وصارتْ الخبرَ الأولَ لكثيرٍ مِنْ الوسائلِ الإعلاميةِ وأخذتْ نصيباً واسعاً مِنْ الشرحِ والتحليل؛ ولا شكَ أنَّ في ذلكَ تأكيدٌ على عِظَمِ الفتوى وأهميةِ العلمِ وعلوِّ كعبِ أهله.

وحيثُ أنَّ الخوضَ في الإفتاءِ شأنُ العلماءِ إذْ لا مكانَ لغيرِ الراسخينَ في العلمِ للحديثِ عَنْ مثلِ هذهِ النوازلِ الخطيرةِ التي قالَ فيها شيخُ القضاةِ وكبيرُ المدافعينَ عَنْ حِمى القضاءِ الشرعي كلمتَه التي اهتزتْ لها قلوبٌ وارتعدتْ منها فرائصُ أقوامٍ باتوا يحسبونَ كلَّ ضوءٍ بارقٍ لمعانَ السيفِ فوقَ مفارقِهم، ولأجلِ ذلكَ فليسَ مِنْ العدلِ ولا مِنْ العقلِ أنْ يُناقشَ هذهِ الفتوى مَنْ كانَ جاهلاً بالعلمِ الشرعي ولوْ كانَ عالماً بغيره؛ وهذهِ بدهيةٌ غائبةٌ مَعْ الأسفِ عندَ التطبيق؛ وإلاَّ فكما يُشنَّعُ على مدَّعي الطبِ فأدعياءُ العلمِ أولى وأحقُّ بالزجرِ والتوبيخ.

وأولُ ما يتبادرُ للذهنِ بخصوصِ هذه الفتوى هو تفاعلُ الإعلامِ معها سلباً وإيجاباً؛ فمِنْ خبرِ الإعلامِ النشرُ المحرَّفُ للفتوى عبرَ مواقعَ وقنواتٍ ينتسبُ بعضها للمملكة وصرفُ الحديثِ عنْ جوهرِ الفتوى إلى مصالحَ وحساباتٍ خاصة؛ وهذا النشرُ جريمةٌ تمسُّ كيانَ الدولةِ في شخصِ أحدِ أهمِ ثلاثِ شخصياتٍ في الحكومة! إضافةً إلى أنَّها إساءةٌ غليظةٌ بحقِّ الشيخِ الجليلِ وتسفيهٌ لوعي المجتمع، ولا ندري متى يلتفتُ المصلحونَ لإعلامِنا الذي باتَ يمارسُ الخيانةَ العظمى تجاهَ بلادِنا الطاهرةِ مرَّةً تلوَ المرَّة؛ وعقوبةُ الخيانةِ العظمى تنتظرُ أولى الأحلامِ والقدرةِ والنُّهى فهلْ مِنْ مجيب؟

ولا نغادرُ ساحةَ الإعلامِ دونَ الإشارةِ المريرةِ إلى تعاملِ كثيرٍ مِنْ الصحفِ وكتَّابِها مَعْ هذهِ الفتوى مِنْ حيثُ النقلُ والتحريفُ والتوظيف؛ وإنَّ المتابعَ لبعضِ صحافتِنا في كثيرٍ مِنْ قضايانا ليظنُّ أنَّ الصحافةَ المحليةَ باتتْ طابوراً خامساً يغرزُ خنجره المسمومَ في خاصرةِ الوطنِ ليمزِّقَ تماسكَه ويقضيَ على سرِّ وحدتِه المتميزة؛ فيا للهِ كيفَ يُتركُ مثلُ هؤلاءِ يعيثونَ فساداً في بيتِنا الكبير؟ ومتى يُعادُ ترتيبُ صحفِنا حتى لا تكونَ صوتاً واحداً يصفُ رأيَ أقليةٍ منكفئةٍ عِنْ همومِ مجتمعِها منكبَّةٍ على أولوياتٍ حزبيةٍ لخدمةِ البُعداءِ والإضرارِ بالمجتمع.

وللعلماءِ الفضلاءِ الكبراءِ موقفُ صدقٍ وثباتٍ تجاهَ الأحداثِ والمستجدات؛ ولقدْ أضحتْ مشاركةُ العلماءِ الرَّبانينَ في معركةِ الإصلاحِ والتصحيحِ ضروريةً في هذهِ المرحلة؛ ومِنْ أبجدياتِ هذهِ المشاركةِ التواصلُ الدائمُ مَعْ ولاةِ الأمرِ والتشاورُ مَعْ العلماءِ والمتخصصينَ إضافةً إلى حملِ رايةِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عنْ المنكرِ ومقارعةِ المفسدينَ الشانئينَ حتى يخنسَ الباطلُ ويعلو الحقُّ والخير. وممَّا يُشارُ إليهِ أهميةُ كونِ الاجتهاداتِ المخالفةِ غيرَ مخذِّلةٍ ولا مرجفة؛ فكلُّ رأيٍ بشريٍ عرضةٌ للصوابِ والخطأِ بيدَ أنَّ رعايةَ حقوقِ أهلِ العلمِ وحفظَ مكانتِهم واجبٌ لا يتعارضُ معْ إبداءِ آراءٍ أخرى؛ فالشغبُ شأنُ البطالينَ والهياجُ ديدنُ الفارغينَ؛ وأهلُ العلمِ وطلابُه أبعدُ الخلقِ عنْ هاتينِ الخُلَّتين.

وتزدادُ المسؤوليةُ على الدولةِ المسلمةِ المحكِّمةِ لشرعِ الله؛ فهذهِ الفضائياتُ مسجلةٌ بأسماءِ مواطنيها وأبنائِها في الغالب؛ وعلماءُ المسلمين الذين ظلوا أوفياءَ للحقِّ عقوداً طويلةً يتعرَّضونَ لحملةٍ لا تعرفُ التوقيرَ أوْ الالتزامَ بالمهنيةِ الإعلامية. وإنَّ السهامَ الطائشةَ التي تساقطتْ مِنْ كلِّ حدَبٍ وصوبٍ على الحسبةِ وتعليمِ البناتِ والفتيا وشؤونِ الحرمينِ والدَّعوةِ وأئمَّةِ المساجدِ وخطباءِ الجمعِ ومؤسساتِ العمل الخيري ثمَّ تجرأتْ على عددٍ مِنْ العلماءِ الكبارِ لتقفَ اليومَ عندَ القضاءِ بنظامهِ وشيوخهِ لمْ يبقَ لها مِنْ شيءٍ تستهدفه سوى هيبةِ الحكمِ إلاَّ إنْ سبقَ الكتابُ وأُخمدتْ نارُ القومِ التي يزداد ضرامها يوماً بعدَ يوم؛ ولا نعلمُ سبباً وجيهاً لحمايةِ الصحفيينَ والإعلاميينَ منْ المثولِ أمامَ القضاءِ الشرعي كما أنَّ كثيراً منْ المراقبينَ ينتظرونَ تدخلَ الدولةِ لحمايةِ العلماءِ الذينَ تستشيرهم وتلتزمُ برأيهم في بعضِ المسائل؛ ولعلَّ فتوى الشيخِ أنْ تكونَ سبباً مباركاً لبدءِ محاكمةِ مجرمي الإعلامِ المرئي والمقروءِ والمسموعِ ويالهُ مِنْ فتحٍ يسجلُّ لمنْ سيبدأه؛ والأجرُ عندَ الله.
وأما عامةُ النَّاسِ فموقنونَ بأثرِ هذهِ الفضائياتِ السيئِ على قلوبِهم وجيوبِهم وعلى مستوى أبنائِهم السلوكي والفكري بالإضافةِ إلى حربِها الصريحةِ على القيمِ النبيلةِ والمعاني الساميةِ مِنْ الحشمةِ والعفافِ واحترامِ الكبيرِ وغيرِ ذلكَ مِنْ الخلالِ الحميدةِ التي ترتضيها الفطرُ السليمةُ وتقبلها الجبلَّةُ العربيةُ الأصيلة، ومعْ وجودِ هذا القدرِ مِنْ الاقتناعِ واليقينِ إلاَّ أنَّ التحركَ العمليَ مِنْ قبلِ أفرادِ المجتمعِ ضعيفٌ للغايةِ إلى درجةِ العجزِ عنْ ترتيبِ مشاهدةِ هذهِ القنواتِ فضلاً عنْ تطهيرِ البيوتِ مِنْ دنسِها؛ وهيَ حالٌ مِنْ حالاتِ الانفصالِ بينَ الفكرةِ والسلوكِ وبينَ التنظيرِ والتطبيقِ التي تعاني منها مجتمعاتُ المسلمين، وهذا لا يمنعُ مِنْ أنْ يُقالَ للنَّاسِ كافَّة: كونوا معْ أولياءِ اللهِ ضدَّ أولياءِ الشيطان.

وفي مجتمعنا المباركِ قياداتٌ فاعلةٌ ومؤثرة؛ كطلابِ العلمِ وأساتذةِ الجامعاتِ والمحتسبينَ والأثرياءِ والوجهاءِ ومعلمي مدارسِ التعليمِ العامِّ إضافةً إلى الخطباءِ وأئمةِ المساجدِ وروادِ العملِ الخيري والاجتماعي والمربينَ والكتَّابِ والمدربينَ وانتهاءً بجمهرةِ المثقفينَ والقراءِ النابهينَ مِنْ الجنسين؛ ومِنْ أمثالِ هؤلاءِ البررةِ ننتظرُ الخيريةَ والبركةَ والريادةَ لمجتمعنا إصلاحاً وتصحيحاً ونصرةً للحقِّ وأهلهِ وتخليصَ أوطاننا مِنْ المجرمين وتعزيزَ مكانةِ الدولةِ في العالمِ الإسلامي قاطبة.
 

أحمد بن عبد المحسن العسّاف-الرياض
الأربعاء 17 من شهرِ رمضانَ الأغرِّ عام 1429
ahmadalassaf@gmail.com
 



قراءات في معركة (فتيا اللحيدان)
عبد العزيز محمد قاسم / كاتب وإعلامي سعودي
 

أخذت فتيا الشيخ صالح اللحيدان مساحة عريضة في الإعلام المحلي والعالمي، ولا زالت أصداؤها تتجلجل في كل العالم. وفي تصوري ـ كإعلامي ومتابع للساحة الشرعية ـ أن التأجيج الإعلامي الذي صاحب الفتيا، يتحمل وزر هذه الزوبعة التي ارتدت علينا كمجتمع، سلبا.

وكنت قد شاركت مساء الأحد الفارط في حلقة نقاش بقناة (الحرة) للحديث عن هذا الموضوع الشائك، وأبديت استغرابي من نقل فتوى الشيخ اللحيدان العامة من إذاعة القران الكريم، والتي لا يحرص على الاستماع إليها عادة إعلاميو موقع ليبرالي، مثل (إيلاف)، ثم تضخيمها بهذا الشكل، في مشهد تراجيكوميدي متسارع.

وأنا بودي مناقشة هادئة لعقلاء المحتجين، والذين أخذتهم غضبة عارمة من الفتوى، إذ يوجد للفتوى أخوات تصل للمئات في تراث علمائنا الفقهي، ومن يبحث في فتاوى ابن إبراهيم وابن باز وابن عثيمين وغيرهم من العلماء السعوديين، فسيجد عبارة ( يستتاب وإلا قتل)، دع عنك فتاواهم في تارك الصلاة، والبنوك الربوية وغيرها من موضوعات فقهية شتى. بل إن نظامنا القضائي أخذ من بدايات التأسيس بتلك القاعدة القضائية التي اتكأ الشيخ اللحيدان عليها، ويقيم الأحكام والحدود عبرها إلى يومنا هذا، ودونكم أحكام الإعدام لمهربي المخدرات ومروجيها.

ما يجعل مثلي يتساءل: لماذا التشنيع الآن، وفي هذا التوقيت؟ وهل للموضوع أبعاد أخرى تحركها أيدي خفية خلف المسرح، يدفعون باتجاه تقاعد إجباري للرجل عبر هذا التأجيج الصاخب غير البريء.

عموما، لمست كمتابع للحدث بأن محاولة تحطيم صورة الشيخ اللحيدان انقلبت للضد، فقد زادت شعبية الرجل كثيرا في أوساط المحافظين وطلبة العلم، وبات الرجل أسطورة، وخصوصا بعد ثباته على فتواه بل وقطعه للطريق بدهاء كبير لمن يريد دق أسفين بينه وبين السلطة السياسية، والرجل بات يطلق عليه من قبل مريديه: العالم المجاهد وسلطان العلماء، وحتى أولئك المحافظين الذين لديهم بعض الخصومة المناطقية معهم، باتوا يدعون له بسبب تبرمهم مما يعرض في الإعلام الفضائي.

الأخطر في الموضوع من وجهة نظري كمراقب، أن التأجيج الإعلامي بلور موقفا للشرعيين في السعودية، وبات هؤلاء يتنادون اليوم بضرورة البناء على ما فعله الشيخ اللحيدان الذي علق الجرس برأيهم، وانتقل بموقف العلماء الذي لازموه طيلة عقدين من الزمن بالنصح والتوجيه والشجب والاستنكار فقط، إلى المطالبة بمحاسبة المسؤول عن الفساد، وتقديمه للمحاكمة. وتلك نقلة نوعية مهمة للشرعيين، وحدثني أحدهم أنهم بصدد مخاطبة المجامع الفقهية والرموز العلمائية في العالم الإسلامي لاتخاذ موقف قوي مما يحدث من فساد أخلاقي عبر الفضائيات، وضرورة إشهار ذلك وتبيانه، لأن كتم العلم خيانة للميثاق الذي أخذه الله على العلماء، ولعل في حديث ابن جبرين ومفتي مصر السابق نصر فريد واصل، بداية إرهاصات لمثل هذه الحملة.

بل حتى الشيخ عبدالمحسن العبيكان، الذي لم يفوت فرصة الدخول في المعركة مع خصمه الدائم فاصدر بيانا يرد فيه على الشيخ اللحيدان، قال بوجوب محاكمة من ينشر الفساد في الفضائيات، بل واعتبرها من أكبر الجرائم، وإنما اختلف مع خصمه العتيد في موضوع القتل، وعجبت من إغفال وسائل الإعلام العالمية ذلك، التي اكتفت فقط بسطور تفنيده على ما قاله اللحيدان.

شهدنا خلال اليومين الماضيين دخول علماء ودعاة في صف الشيخ اللحيدان مدافعين عنه، في مقابل حشد هائل من الكتاب العرب، والذين بدورهم شنعوا كثيرا على الفتوى واعتبروها دموية ووحشية، وستمتد آثار الفتوى لحقبة ليست بالقصيرة، وسيستدعيها الفريقان في كل خصومة قادمة.

وبالرغم من أن التكفيريين وشباب القاعدة لا يعترفون بالشيخ اللحيدان ويصفونه بعالم السلطان، إلا أنني شخصيا أرى أن منظريهم سيهتبلونها فرصة للتأكيد على أدبياتهم المتطرفة. ولا أستبعد أبدا تكرار قصة فرج فودة التي أسأل الله أن يجنبنا أمثالها، وأن يعيد ملاك القنوات النظر في برامجهم التي تجاوزت كثيرا في الآونة الأخيرة، ليقطعوا الطريق من الأصل على مثل هذه الفتاوى.

أخيرا، الشيخ صالح اللحيدان تحول الآن إلى رمز يتمترس خلفه التيار الديني بكل طوائفه، وهي معركة جديدة في الحرب الطويلة بين الليبراليين والإسلاميين في السعودية، إلى الدرجة أن مثقفا إسلاميا مكلوما، كمحمد الحضيف، فُجع ـ وأسرته ـ من الشيخ اللحيدان في حقبة زمنية مضت، يتعالى بكل نبل عن جراحاته النفسية الموغلة في الألم، ويكتب بفروسية نادرة خليقة به، ويتوجه للطيف الإسلامي بالنداء، بأن الوقت ليس وقت طعن وتصفية حسابات مع الرجل، فاللحيدان بات رمزا للتيار الديني في هذه المعركة، وطالب أولئك الحانقين على اللحيدان من الإسلاميين بعدم الانتهازية وتلبس الروح الأنانية.
 


ظاهرة الهجوم على العلماء في الإعلام السعودي
د. عبد الرحيم السلمي | 20/9/1429

-1-

لم يعد يخفى على أحد أن الإعلام المحلي يمارس استراتيجيّة مبرمجة في اسقاط العلماء واحتقارهم بطرق مختلفة من خلال مقالات أو أخبار أو برامج تليفزيونية وغيرها، فأحياناً يُتهمون بضعف التفكير أو السطحية أو التسرع أو الإرهاب والدموية ودعم التطرف وغيرها من الأكاذيب الملفقة، وهذه الاستراتيجيّة للإعلام المحلي لاتستثني أحداً سواء كانوا رسميين أو غير رسميين، فهي تستهدف العالم الشرعي الذي يفتي وفق منهج أهل السنة والجماعة، ويرفض المجاملة لأهل العلمنة والانحلال الأخلاقي ممن تخصص في إفساد المسلمين بشتى الطرق.

وقد تولى كِبرْ هذه الاستراتيجية المبرمجة الصحافة المحلية والمهاجرة، والقنوات الممولة برأس مال سعودي مثل ( إم بي سي، والعربية، وإل بي سي) وغيرها التي أصبح العالم الإسلامي كله يشتكي من إفسادها وتبنيها للمشروع الأمريكي في المنطقة، من خلال التسويق لأفكاره ومواقفه السياسية ومشروعه الشامل في بلاد المسلمين.

وأصبحت هذه الصحافة الصفراء، والقنوات الفضائية مثار تندر على المجتمع السعودي الذي يكرر في كل يوم حمايته للإسلام ودفاعه عنه، لقد شوهت هذه الصحافة والقنوات سمعة السعوديين في العالم كله، وأصبحت أداة هدامة للإسلام وعقيدته وقيمه وعلمائه دون حياء أو خوف من المحاسبة.

فقد تعرضت هذه الوسائل الهدامة لكبار العلماء مثل الشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالرحمن البراك والشيخ صالح اللحيدان، والمفتي، والقضاة والمحتسبين، والدعاة، ومناهج التعليم، وحلقات القرآن، والعمل الخيري، وكافة الأنشطة التي يقوم عليها العلماء وطلاب العلم.

وقامت الصحافة والقنوات الفضائية بنشر الكفر المستبين، والدعوة إلى السحر والانحلال الأخلاقي فإذا نقدهم أحد هاجموه واتهموه بالإرهاب والتكفير والدعوة إلى العنف.

إن هذا الاحتقان الخانق سوف يؤدي إلى الانفجار إن لم يتداركه العقلاء من المسؤولين، فترك هذه الفئة الضالة تسرح وتمرح دون محاسبة هو من أبرز أسباب الاستفزاز للمجتمع الذي لن يدوم صبره طويلاً، وليس من مصلحة بلادنا تفجيره من الداخل في وقت يحاصره تحديات كبرى تستدعي التلاحم والاتفاق على حقائق الإسلام ومحكماته.

إن الأسلوب الأمثل في معالجة الخصومات يكون بالمحاكمة، فترك الأمور هكذا لن يستفيد منه إلاّ الطرف الظالم، والمرافعة سوف تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي، والإعلام ليس جهة خارجة عن القانون، ولا يجوز أن يعزل من المحاكمة وكأنه جهة مقدسة، معصومة لا تعرض على المحاكم.
 

-2-
فتوى الشيخ اللحيدان في محاكمة القنوات الفاسدة


إن مطالبة الشيخ صالح اللحيدان بمحاكمة القنوات المفسدة للمجتمع مطالبة منطقية ومشروعة لتفريغ الاحتقان وفك الاشتباك بين العلماء ومعهم المجتمع الإسلامي في كافة بلاد المسلمين، وهذه القنوات الهابطة والمدافع عنها من العلمانيين المنافقين المندسين في صفوف المسلمين.

ومن الطبيعي أن يقوم هؤلاء المنافقون باتهام الشيخ اللحيدان بالدعوة إلى العنف وتشجيع الشباب على القتل وغير ذلك الموال المكرر، وهي حيلة للهروب من المحاكمة.

إن "المحاكمة" و "المرافعة" تحصل في بلادنا في كافة الحقوق سواء أكانت جنائية أو مالية أو اعتبارية، وهي الكفيلة بوضع الأمر في نصابه، ولو أن كل منتهك للحقوق هرب من المحاكمة فإن من حقّ عصابات القتل والسرقة والمخدرات وغسيل الأموال وغيرها من الجهات أن تهرب من طلب "المحاكمة"، وتقوم باتهام القضاة والجهات العدلية بأنواع التهم.

والغريب حقاً أن الليبرالية في العالم كله تطالب باستقلال القضاء، وعدم التدخل فيه، وضرورته لحل القضايا العالقة إلاّ الليبراليون في المملكة فهم يبغونها عوجا لعدم رضاهم بالتحاكم إلى الشريعة الإسلامية وهذه سمة المنافقين، وللهمجية والبلطجة، التي أصبحت سمة أخلاقية لدى هذه الفئة الضالة، إن السكوت عن هذا العبث في بلادنا جريمة منكرة لا تليق بنا، ونحن القلعة الأخيرة من قلاع الإسلام الصامدة في وجوه أهل الكفر والعلمنة ودعاة التغريب والفساد.

وهذا يدل على ضرورة التعجيل بفتح باب الحسبة أمام القضاء على هذا العبث، ثم القضاء يحكم بالعدل ولا يقرّ الشكاوى الكيدية، ولا أدري لماذا الخوف من فتح باب الحسبة في المحاكمة؟! لأن إغلاقه لا مبرر له، فإن كانت الجهة المحتسب عليها منحرفة وتضر المجتمع فإن الحسبة عليها ستوقف الانحراف والضرر عن المجتمع، وإن كانت بريئة فيجب معاقبة صاحب الكيد وعدم قبول الدعوى دون دليل، والأمر في نهايته يعود إلى القضاء وأجهزة الدولة التنفيذية المأمورة بالمحافظة على الدين والدفاع عنه.

-3-
كيف تعاملوا مع فتوى اللحيدان؟

ولهذه الفئة الضالة طريقة ملتوية في التعامل مع فتاوى العلماء وآرائهم تأتي في سياق الهجوم المبرمج عليهم، حيث أظهروا فتوى الشيخ اللحيدان على أنه يطالب بقتل ملاك القنوات بطريقة عشوائية ثم استدعوا السند والظهير والمعين لهم دائماً وهو الغرب الكافر ليكون وسيلة ضغط خارجية على تسويق مشروعهم الإفسادي في الداخل.

وهذه خيانة وطنية اعتاد عليها الليبراليون وهي من أبرز سماتهم بعد أحداث سبتمّبر، وقد تكرر كثيرا تعاونهم مع الحكومات الغربية الكافرة للضغط على بلادهم وشواهد ذلك كثير مثل:

محاربة العمل الخيري، وتغيير المناهج، وحرية الإعلام حرية فوضوية، ومحاربة هيئات الحسبة، وفتاة القطيف وغيرها من الشواهد.

إننا لسنا بحاجة إلى الدفاع عن فتوى الشيخ، ومحاولة توضيحها، فهي واضحة ولكننا أمام طائفة تعرف الحقيقة وتلتوي عليها لأهداف خبيثة.. وهذه الطائفة الضالة تظن أن هذه الفترة فرصتها الذهبيّة للتحكم بالمجتمع بأسره من خلال الضغط الخارجي، وبسبب اعتمادها على القوى الخارجية فهي تتعامل بجرؤة غير مسبوقة والمشهد السعودي بكل تقاسيمه يؤكد ذلك، فالارتباط بالسفارات الأجنبيّة والتنسيق معها أمر مشهود معروف، ولا يخفى على أحد أن هذا انتهاك لسيادة الدولة حكومة وشعباً، وهي خيانة وغدر للأمة والتاريخ.

ولا ينقضي العجب من جرأة هذه الطائفة المتمردة على عقيدة المجتمع وقيمه، ومن ذلك مطالبة تركي الحمد بمحاكمة الشيخ اللحيدان بسبب أن اللحيدان يطالب بمحاكمة أصحاب القنوات الفضائية. حسناً: ليكن شعار المرحلة المحاكمة، ولنفتح الأمور المغلقة، وليحاكم الجميع بمن فيهم من يقول (الله والشيطان وجهان لعملة واحدة). والتحاكم سيكون للشريعة الإسلامية بطبيعة الحال إلاّ إذا طالب هؤلاء الدولة بالتحاكم إلى الطاغوت والكفر بالله فحينئذٍ نعرف من هو المسلم ومن هو الكافر. (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (سورة الأنفال 42).

وحينها تتميّز الصفوف وتظهر الحقيقة، وهذه هي النتيجة الأخلاقية الكبرى للمحاكمة.

-4-
مسؤولية الدولة

بعد أن وصل الأمر إلى هذا المستوى المفضوح في الجرأة والوقاحة على عقيدة المجتمع وقيمة وأخلاقه وأهل العلم فيه فلا يجوز أن تبقى الدولة صامته أمام هذه الانتهاكات المتكررة، ويجب أن توضح الأمور، وتميّز الحقائق.

فالدولة قامت على عقد اجتماعي بسببه رضيها الناس وهو مبرر السمع والطاعة لحكامها، هذا العقد هو"الحكم بشريعة الله، والدفاع عن دينه" وهذا أوان الحكم بالشريعة الإسلامية في أعقد الأمور الفكرية والثقافية في مجتمعنا.

ولا ريب أن هذه الطائفة الضالة التي عملت كل هذه الفوضى الاجتماعية هي طائفة محدودة وأقلية تتخفى في المجتمع، أما المجتمع العريض فهو معظّم لأهل العلم ودعاته.

والمسؤولية ملقاة على الدولة (حكومة ومجتمعاً) في إيقاف تنمّر هذه الفئة المنحرفة، ووضع حدٍ لتجاوزاتها وعبثها.

 


مناصرة للشيخ اللحيدان في مواجهته للمفسدين
عبدالعزيز الجليّل | 20/9/1429
 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ،،

فمن سنن الله عز وجل التي لا تتحول وكلماته التي لا تتبدل سنة الصراع بين الحق والباطل بين المصلحين والمفسدين ليعلم الله عز وجل من ينصره ورسله ومن يفسد في الأرض ويمكر فيها والله عز وجل عالم بذلك قبل خلق الناس وإنما يقدر الله عز وجل ذلك ليظهر للناس وليجزي الذي أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، ولله عز وجل الحكمة البالغة .

قال الله عز وجل { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ [البقرة:251] وقال عز وجل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }[بالأنعام123] وقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك ) [مسلم:2865]

وإن الناظر اليوم لما تبثه القنوات الإفسادية في بلدان المسلمين ونخص منها تلك القنوات التي يملكها ويديرها مفسدون من بني جلدتنا وينتسبون إلى ديننا ليأخذه العجب والاستنكار والغضب لله عز وجل لما تقوم به هذه القنوات ولا سيما مجموعة ( mbc ) من إفساد للضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بصيانتها وحفظها وهي ( الدين والنفس والعقل والعرض والمال ) .

ويطرح هنا سؤال ملح على أرباب هذه القنوات :


ما حكمكم على ما يطرح في قنواتكم هذه ؟
أهو من الفساد الذي يبغضه الله عز وجل أم من الإصلاح الذي يحبه الله عز وجل ؟
إن قلتم إنه إصلاح فقد كذبتم ورب الكعبة وغالطتم أنفسكم وكنتم كمن قال الله عز وجل {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ }[النمل:14]

إذ كيف تقولون عن ما ينشر في قنواتكم من السحر والشعوذة وإظهار عورة المرأة والإثارات الجنسية والأفلام الخالعة والموسيقى الصاخبة وتبجيل دين النصارى وإظهار صلبانها إلى آخر مسلسل الإفساد ، كيف تقولون عن هذا إنه إصلاح ؟

وإن قلتم إنه إفساد فما الذي دفعكم إلى هذا ؟ أهو خيانة الأمة بنشر الشر فيها وتنفيذ مخططات الأعداء عليها أم هو الدنيا الفانية أم ماذا غير ذلك ؟

وإذا كان هذا من الإفساد عندكم فلماذا تغضبون إذا قام المصلحون غضبة لله تعالى وحذروا منكم ومن إفسادكم ؟ لماذا تقيمون الدنيا أنتم وأهل حزبكم من الصحف والجرائد والمجلات إذا حذركم الناصحون وناصحوكم ؟

وحتى لا يقال إن اتهام هذه القنوات بالإفساد إنما هو كلام عام غير موثق أسوق فيما يلي بعضاً من خبث القوم وأمثلة من سعيهم في الأرض لإفساد عقائد المسلمين وأخلاقهم وأعراضهم وعقولهم وأختار من بين هذه القنوات قناة ( mbc ) التي يملكها وللأسف أناس من بني جلدتنا يتكلمون بألسنتنا وينتسبون إلى ديننا نسأل الله عز وجل أن يكف شرهم عن المسلمين .

قام أحد الغيورين على دينه وأخلاق أمته بإجراء دراسة عن مجموعة ( mbc ) أسماها : أم بي سي ومكر الليل والنهار قال فيها :

"أجريت هذه الدراسة على ثلاث قنوات من هذه المجموعة هي: MBC2 و MBC4 و MBC Action واخترت هذه القنوات لتقاربها في الوسيلة والطريقة فكلها قنوات مترجمة عن برامج وأفلام أجنبية، أما قناتي MBC1، MBC3 فالأولى تعتمد على البرامج والأفلام العربية، والثانية متخصصة ببرامج الأطفال، فلهما مجال بحث آخر، وتم تسجيل ثمان ساعات متواصلة لكل قناة بشكل عشوائي ، واخترت ثمان ساعات لأستنتج ما يدور في ثلث اليوم الواحد بأسلوب علمي منهجي ، والثلث كثير .

وسيكون الحديث عن ثلاث محاور وهي :

أولاً عقائد فاسدة :


تحتوي قنوات mbc على عدد من الانحرافات العقدية من أبرزها :
تقديس الصليب، واللجوء له في أحلك الظروف، فذلك الجندي الذي يطلب منه التقدم في أرض المعركة وفي نقطة قتل فيها كثير من أصدقائه يقبل الصليب ثم ينجو من موت محقق، إن المظاهر النصرانية واضحة في هذه القنوات من خلال إظهار كنائسهم وتوديعهم لموتاهم ومقابرهم التي ينتشر فيها الصليب، ففي فيلم City hall يظهر العمدة وهو يقبل تابوت الصغير الذي قتل أثناء تبادل لإطلاق النار بين الجندي وأحد المجرمين، ثم يفعل إشارة الصلاة النصرانية (باسم الآب والابن وروح القدس ).فالدعوة للنصرانية دعوة خفية تبثها هذه القنوات وهي أخطر من الفضائيات التنصيرية التي توجه خطابها بشكل مباشر.

ومن الأفكار التي شاهدتها في هذه القنوات الدعوة للكهانة والسحر ففي إعلان للمشاركة في فيلم Harry Potter هذا الفيلم يحتوي على دعوة صريحة للسحر والشعوذة وتعلمها ولننظر لنص الإعلان:

"فائزان محظوظان يسافران (للأردن) يقيمان في فندق فاخر سيزوران موقع التصوير والالتقاء بأبطال الفيلم .. للاشتراك أرسل كلمة (عرَّاف) " ثم تعلن أرقام لكثير من دول منها السعودية. ومن الأفكار التي بثتها هذه القنوات تعظيم الأصنام وعبادتها والعكوف عندها واعتقاد أنها هي التي تصرف الكون كما في فيلم The Ttiumph of love

مسلسل لنشر السحر والشعوذة على قناة ام بي سي اكشن

تقول ام بي سي عن هذا المسلسل وفي موقعها الرسمي " تدور أحداث المسلسل حول كريسس انجل الذي يتخذ من السحر وسيلة للترفيه والتسلية ،إنه يسعى ليجعل السحر جزءا من حياتنا اليومية ؛ويخطط إنجل لتغيير ذلك المفهوم من خلال الحيل الفذة والبارعة، مثل أن يشعل النيران بنفسه لمدة 46 ثانية دون أن يقي نفسه بأي وسيلة من الوسائل، وأن يجعل الناس في الشارع يطيرون من أماكنهم في تحد صارخ للجاذبية الأرضية ويقوم بالعديد من حركات خفة اليد.. ويعتقد إنجل أن السحرة قد أصبحوا عتيقي الطراز ولم يعد لهم أي صلة بالمجتمع."فانتازيا/سحر".

وتقول احد التقارير عن هذا المسلسل " انتظروا المزيد مما لم تنشره قناة الام بي سي في موقعها عن حقيقة هذا الدجال الأمريكي ودعوته لعبادة الشيطان باسم المسيح عليه السلام مما سجلته مواقع نصرانية قليلة في أمريكا ضده وتحدث عنه الأمريكان أنفسهم بينما كتمته عن مشاهديها هذه القناة "

فيلم كرتوني يعلم أطفال المسلمين صلاة النصارى في قناة MBC3

الدمام (سبق): طالب عدد من متابعي مجموعة قنوات الـ mbc بإعادة النظر في برامجها ، وبالذات الخاصة بالأطفال و التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية في دول الخليج . وخص متابعو المجموعة مسلسل كرتوني شهير يذاع على قناة mbc3 باسم ( يوغي ) بالنقد ، موضحين أن المسلسل يظهر الصليب كثيرا و شخصياته تعلم المتابعين صلاة النصارى ، وتزعم أن هذه الصلاة تساعد على الانتصار في أي شي و أن " قوة الصليب تعرف الإنسان ما يدور في عقل صديقه " .

مراسل العربية يستهزئ برسول الله عليه الصلاة والسلام و بجبريل عليه السلام

فقد ذكر هذا الخبيث المجرم في مقطع موثق حديث مكذوب ملفق يستهزئ فيه بالرسول عليه الصلاة والسلام وبجبريل عليه السلام اذ قال ان هناك حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام بان من اطعم إخوانه صلت عليه الملائكة إلا جبريل ظل واقفاً ينتظر الشاي ، عياذاً بالله

ثانياً: أمركة المجتمع :

كل الأفلام التي تم رصدها هي أفلام أمريكية وتصور حال المجتمع الأمريكي، وتحاول من خلال نشر هذه الأفلام نشر القيم والأخلاق الأمريكية، كما أن تعظيمها للشرطي الأمريكي وقدرته الفائقة والخيالية على الإنجاز وتجاوز الأزمات والنجاح يسبب حالة من الهزيمة النفسية في نفوس المسلمين، وهنا أتسأل هل أصبحت قنوات الـ MBC أداة إعلامية يحركها البنتاغون ؟!

ثالثاً: نشر الفاحشة والشهوات:


إن هدف إثارة الشهوات الكامنة ونشر الفاحشة والدعوة الصريحة للزنا واضح في هذه القنوات وهذه بعض الأمثلة :

ففي فيلم Jake in progress حث على الزنا الصريح وإقامة العلاقات المحرمة ،حتى المرأة الحامل لكي يأتيها (الطلق) عليها أن تعاشر شخصاً غير زوجها، إن تلك الصورة التي تجمع تلك المرأة الحامل مع ذلك الشاب الذي دعته، وقد أقاما علاقة محرمة تثير الاشمئزاز وتدعو للفحش والعهر.

وفي فيلم Popular شباب وفتيات يتنافسون على الصداقة والعلاقة المحرمة.

وفي فيلم Star Raving mad دعوة صريحة للفاحشة –أيضاً-، تقول الفتاة في ملابسها الفاتنة لذلك الرجل قوي البنية :" إذا سُمح لك بارتكاب خطيئة غير أخلاقية وغير حضارية، وفي اليوم التالي لن يذكر أحد ذلك فماذا ستفعل؟! "، كيف حال الشباب والفتيات وهم يشاهدون مثل هذه المواقف المثيرة لهم ؟!

والفكرة الأساسية لفيلم The Ttiumph of love مبنية على أن الحب يغير كل شيء، فنشاهد الأميرة الجميلة التي أخذت تبحث عن حبيبها حتى تقمصت شخصية شاب وسيم فأغرت الكاهنة بالحب، ثم توجهت إلى الكاهن فتعرف على شخصيتها الحقيقية حتى أغرته بالحب، إلى أن وصلت إلى حبيبها الذي تبحث عنه، وقالت الفتاة حينها: " يستطيع الحب أن يشوش عقل أي كان حتى عقل عقلاني شهير "

وفي نظرة فاحصة للإعلانات التجارية نجد أنها تسوق المواد الإعلانية عن طريق إثارة شهوات الجمهور، وإلا ما شأن مشروب "البسيبسي" بذلك الرقص المثير من الشباب والفتيات، وما الرابط بين إعلان لمكيف وبين عارضة الأزياء، بل رأينا في إعلان (سفن أب) امرأة شبه عارية مضطجعة على ماء الشلال الراكد وبجوارها سرير آخر يأتي شخصية "سفن أب" ويضطجع بجوارها وهي تنظر إليه بإعجاب وميل وكأنها تنظر لشاب في غاية الجمال.

إننا أمام حملة فكرية شهوانية مدمرة تحتاج منا إلى وعي وعمل جاد للوقوف أمام هذا السيل الجارف من الإفساد في الأرض.

ام بي سي تعرض فيلماً جنسياً لمدة ربع ساعة


عرضت قناة MBC 2 الفضائية فيلماً مترجماً بعنوان The Specialist .واحتوى الفيلم على مشاهد جنسية محظورة تخللت فقرات الفيلم والتي امتدت إلى أكثر من عشر دقائق .وشاهد المتابعون للقناة مشاهد فاضحة لم يتعود المشاهد العربي على رؤيتها من خلال قنوات المجموعة الإعلامية واسعة الانتشار .يأتي ذلك بعد سلسلة من الانتقادات وجهت لإدارة القناة التي تحظى بمتابعة من أفراد العائلة العربية والأطفال تحديداً عندما طالب أولياء أمور وتربويون بضرورة إيقاف القناة او الحد من عرض المشاهد ( الساخنة ) في أفلامها .ومن المتوقع أن يتم اتخاذ إجراء عقابي بحق القناة بعد هذه الحادثة أسوة بقناة أجنبية عامة عرضت مشاهد مماثلة وتم إيقافها واستبدلت بقناة وثائقية .

المسلسلات التركية والترويج للدياثة ( وسيلة mbc الإفسادية الجديدة )


بالإضافة إلي ما تحتويه هذه المسلسلات من عهر وتعري للنساء وشرب للخمور وقبلات وغيرها فيلاحظ تركيزها على الترويج للدياثة وقتل الغيرة من خلال النقاط التالية:-
تتقبل شخصيات المسلسل أن يكون هناك عشيق لأمه أو لأخته أو لابنته بل ويحرّم عليه أن يُحاسب على ذلك.
يستقبل الرجل في هذا المسلسل أمر حمل أخته الغير شرعي بكل رحابة صدر.
يعتبر الإجهاض في هذه المسلسلات حلاً طبيعياً مقبولاً لمشكلة.
يقبل الولد الغير شرعي للفتاة وللشاب في العائلة ويستقبل بالأرز والورود ويصبح طفلهم المدلل

كما يعتبر نجم مسلسل نور مهند من أكبر نجوم مجلات إباحية تروج للمثلية الجنسية وتزاوج الذكور في ما بينهم حيث تصدر أكبر هذه المجلات في باريس وارويا وبعدها التحق مهند بإحدى وكالات عرض الأزياء المعروفة باختراعها للملابس المثيرة جنسيا واسمها "ساكسس" بفرنسا بعد أن توسطت له أمه للالتحاق بها. (أ.هـ من أم بي سي وكر الليل والنهار).

هذا غيض من فيض الفساد المنظم والموجه لعقيدة الأمة وأخلاقها وأعراضها فما الموقف الشرعي من هذه الممارسات والداعمين والمنفذين لها ؟ وهل يلام من غضب لله عز وجل وتصدى لفساد المفسدين وطالب بمحاكمتهم . إن ما قام به فضيلة الشيخ اللحيدان حفظه الله تعالى من تجريم لملاك هذه القنوات ووجوب محاكمتهم عن ما يقومون به من إفساد الدين والأمة وأعراضها ومثولهم أمام القضاء الشرعي هو أقل ما يكون في حقهم فإما أن يتوبوا ويكفوا عن ظلمهم لأنفسهم بما يتحملونه من أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم وعن ظلم الأمة وخيانتها أو يحكم فيهم القضاء الشرعي بما يناسب جرمهم التعزير كل بحسبه والتعزير أدناه التوبيخ وأعلاه القتل تعزيزا حسب شناعة الجرم والإفساد وهذا على كل حال إلى القاضي ومالدى المدعي من بيانات وليس إلى آحاد الناس ، أما أن يتركوا دون حسيب ولا رقيب ثم يريدون من الأمة وعلمائها أن تسكت عليهم وهم يغتالون دينها وعقولها وأعراضها وإذا تكلم أحد عن جرائمهم شنعوا عليه ، فهذا لن يكون إن شاء الله تعالى وبارك الله في الشيخ اللحيدان وسدد قوله وعمله وهذا واجب أهل العلم بما أخذ الله عليهم من الميثاق لتبيننه للناس ولا تكتمونه .

ولا ينبغي لأهل العلم أن يضعفوا أمام هجمات الصحف ومحاولة تشويه سمعتهم ، ولا ينبغي أن يقفوا موقف المدافع ، فإن الله مؤيدهم وإن الحق وقوة الحجة معهم وأهل الباطل ضعاف وحجتهم داحضة واهية ومدموغة قال الله عز وجل {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }[الأنبياء: 18] وقال سبحانه { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }[الرعد: 17]

وختاماً أقول لهؤلاء المفسدين الظالمين أنفسهم والمعرضينها لسخط الله عز وجل :
ألم تسمعوا قول الله عز وجل {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }[النور :19]
وهل ما يقومون به يحفظ للأمة أعراضها وأخلاقها أو يشيع الفاحشة فيها ؟ هل تحملون العذاب الأليم في الدنيا والآخرة جزاء إشاعتكم الفاحشة في قنواتكم ؟

يا أيها المفسدون الظالمون لأنفسهم وأمتهم :

أذكركم بموعظة الله تعالى إذ يقول : {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ }[سبا: 46]، فماذا عليكم لو قام كل فرد منكم مع نفسه أو مع صاحبه ، ثم فكرتم فيما أنتم عليه من فساد وصد عن سبيل الله عز وجل .

هل أنتم مقتنعون بما تفعلون ، وبما تتسببون به لأمتكم من الشرور ؟ وهل هذا يرضي الله تعالى ويجلب النعيم لكم في الآخرة ؟ إنكم إن قمتم لله عز وجل متجردين مثنى أو فرادى ، وفكرتم في ذلك فإن الجوب البدهي هو أن الفساد والإفساد الذي تمارسونه على الأمة لا يحبه الله عز وجل ، بل يمقته ويمقت أهله ، وسيأتي اليوم الذي يمقت فيه أهل الفساد أنفسهم ، ويتحسرون على ما فرطوا وضيعوا وأفسدوا وذلك في يوم الحسرة ، حيث لا ينفع التحسر ولا التندم .

إن الذي يكره الخير وأهله ، وينشر الفساد ، ويصد عن سبيل الله تعالى إنما هو بين أمرين لا ثالث لهما : إما أنه لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، وما الحياة عنده إلا هذه الدنيا فهو يسعى ليجمع فيها ويظلم ويفسد ، لأنه لا يرجو اليوم الآخر ولا يخافه ، أو أنه يؤمن بالله واليوم الآخر ، لكن الدنيا وزخرفها ومناصبها أسكرت عقله ولبه ، فأصبح في غفلة شديدة عن الآخرة ونعيمها وعذابها حتى استمرأ الفساد ، وصارت الدنيا أكبر همه يلهث وراءها ، ويجمع حطامها ولو كان عن طريق الفساد والإفساد ، ومثل هذا الذي يؤمن بالآخرة ولكنه في غفلة شديدة عنها ، مثل هذا لا عقل له ، كما أن الأول لا إيمان له ، وقد يخسر إيمانه في النهاية ، والحاصل أن تتداركوا ما بقي من عمركم في التوبة إلى الله عز وجل قبل حلول الأجل ، حيث لا ينفع الندم ، واعتبروا بمن ذهب ممن هو على شاكلتكم بدون توبة ، وماذا بقي له من الذكر في هذه الحياة الدنيا .

قارنوا من مات من أهل الخير والصلاح كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وقبله الإمام أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وبعدهم الإمام محمد بن عبدالوهاب ( رحم الله الجميع ) لقد بقي ذكرهم عند الناس كأنهم لم يموتوا ، مع ما نرجوه لهم من الأجر العظيم في الآخرة ، قارنوا هؤلاء بمن مات من أهل الشر والإفساد الذين لم يبق لهم ذكر البته ، لا .. بل بقي الذكر السيء ولعنات الأمة تلاحقهم عند ذكرهم ، مع ما يخشى عليهم من عذاب الله سبحانه يوم يقوم الناس لرب العالمين ، فأي الفريقين أشرف مكانة وأهدى سبيلاً ؟

نذكركم بيوم الحسرة والندامة ، يوم يتبرأ منكم الأتباع ، وتتبرؤون من الأتباع ، ولكن حين لا ينفع الإستعتاب ولا التنصل ولا التبرؤ ، بل كما قال تعالى : {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ }[البقرة: 166] نذكركم بالأثقال العظيمة التي ستحملونها يوم القيامة من أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علم إن لم تتوبوا ، قال تعالى {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }[النحل: 25]

أيها الظالمون كيف بكم إذا وقفتم بين يدي الله عز وجل وحاكمتكم الأمة إلى بارئها عز وجل عن خيانتكم للأمانة والتسبب في إضلال أبناء المسلمين وإفسادهم ؟ ماذا أنتم قائلون لربكم وما هي حجتكم ؟ لا تنسوا هذا اليوم العظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين فإنه قريب وليس بينكم وبينه إلا أن تموتوا ، نسأل الله عز وجل لكم الهداية والتوبة ، كما نسأله سبحانه أن يحبط فسادكم ويكف شركم عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

والحمد لله رب العالمين ،،،

 


جوهر القضية في مسألة فتوى الفضائيات
موقع المسلم
 

لاشك أننا إزاء أي عارض يدهمنا نكون بحاجة إلى قدر من التروي والتثبت وتقليب الأمر من كافة جوانبه، وحيث كانت "الفتوى" ـ أو "التصريح" بأي توصيف كان ـ التي وردت على لسان سماحة الشيخ صالح اللحيدان (رئيس القضاء الأعلى) حفظه الله بشأن ملاك القنوات الفضائية مثار جدل في الأوساط المحلية والعربية والإسلامية والعالمية؛ فإننا نحتاج إلى تحرير القضية بشكل هادئ من عدة زوايا:

الأولى:
أن معظم ـ وليس كل ـ من تحدثوا بشأن الفتوى ناقدين مسألة القتل التي وردت بصيغة احتمالية في فتوى الشيخ، قد أرادوا التركيز أكثر على منطقة تبعد مسار الحديث عن جوهر القضية، وهو هذا الذي يعرض في كثير من القنوات الفضائية مما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، ونحوا بها في اتجاه مسألة القتل ذاتها.

ومقتضى العدل أن نفرق بين مسألتين: قضية الفساد الأخلاقي وكذلك العقدي المنتشر في كثير من القنوات العربية، وضرورة التصدي له نصحاً وإرشاداً بالموعظة الحسنة وبالتقاضي إن لزم الأمر، ومسألة الحديث عن قضية القتل ذاتها لملاك القضايا كسقف عقابي تحدث عنه الشيخ بلفظ "وقد يقتل".

ومن المهم ألا يحدث خلط للأمور في الساحتين الإعلامية والثقافية؛ فإن المسألة الأولى جسيمة وهي بحاجة لمعالجة حضارية تضع في الاعتبار أننا لسنا حراساً على الفضاء وعلى الأقمار الصناعية من جهة، وأننا معنيون مع ذلك بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تدعونا لأن نقول لا للفساد بكافة صوره.

كما أن المسألة الثانية هي محل نقاش فقهي بين ذوي الاختصاص والعلم وهم المسؤولون أمام الله قبل الناس عن تبيان الحكم الشرعي وتوضيح الفتاوى بما أخذ الله على العلماء من ميثاق البلاغ.

الثانية:
أن مقام الحكم غير مقام الفتوى، وأن دون تنزيل الأحكام على الواقع مستويات يدركها العالمون، ولا ينبغي الخلط بين ما يقال على العموم وما يتنزل على الخصوص وعلى الأحوال بعينها.

الثالثة:
أن هيبة القضاء في كل بلاد العالم له احترامها وتقديرها، من دون أن ندعي لأحد عصمة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثَم نرى أن الغوغائية التي تعالج بها مثل هذه الأمور على صفحات الصحف وعلى شاشات الكمبيوتر والتلفزيون لا تؤدي ـ إن لم تعالج بشكل حكيم ـ إلا إلى تصدع في بنى المجتمع وأصوله وثوابته، وأن ما يجري من خلط للأمور وتوجيه دفة الحديث إلى هذا الاتجاه أو ذاك طبقاً لتطلعات البعض إلى تأليب الرأي العام ضد العلماء عموماً وتحميل ردات الفعل الخارجية أكثر مما تحتمل، هو ما ينبغي أن ينظر إليه كمسألة ثالثة خارجة بشكل ناشز عن السياق التفاعلي للفتوى مهما كانت آراء الموافقين أو المخالفين لها.

وإذا كان بعض المغرضين قد نفخ في نار ردود الأفعال ليجني مكتسبات خاصة وفقاً لحساباته الضيقة؛ فعلى الجانب الآخر تتجلى أهمية وعي أولي النهى وتفويتهم تلك الفرصة عليهم.

والله نسأل أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد..

 


هياج بني علمان على الشيخ اللحيدان: العداء للإسلام تجاوز مرحلة "التقية"
موقع المسلم

ما إن صدر عن فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في المملكة العربية السعودية، موقف واضح يدعو إلى الحزم في مواجهة طوفان الزندقة والشعوذة والمجون الهابط من قنوات فضائية تبث على أقمار صناعية "عربية"، ما إن صدر هذا الموقف الجلي، حتى انطلق فحيح الأفاعي التغريبية في جوقة منسّقة تطاولت على الرجل وتعادي فتواه جهاراً نهاراً، الأمر الذي يوضح انتقال عبيد الغرب من مرحلة التقية حيث المراوغة والخداع اللفظي والتظاهر بحصر الخصومة مع بعض العلماء، في استغلال رخيص وخبيث لموجة سعار سادتهم في الغرب، الذين يشنّون حملة صليبية صريحة ضد الإسلام والمسلمين، تحت ستار حربهم المزعومة على الإرهاب.

وقد توزعت الأدوار بين هؤلاء السفهاء، لكنها اشتملت على جملة من الأمور الهزلية، بعد أن سقطت ورقة التوت عنهم، وأفلسوا من أساليب المخاتلة التي باتت مفضوحة أمام عامة الناس فضلاً عن علمائهم ومفكريهم ونخبتهم المثقفة الأصيلة الواعية بحقيقة المؤامرة التغريبية القديمة الجديدة.

فهنالك من اتهم الشيخ ب"التسرع" وعدم التدرج!! كذا والله!! في حين دعا آخرون إلى الاقتصار على ما زعموا أنه "مواقف أخلاقية"!! وذهب فريق ثالث إلى ادعاء أن بعض الغلاة قد يستغلون فتوى الشيخ لتكفير مخالفيهم وقتلهم!! وراوغ صنف آخر من هؤلاء الفَجَرة متسائلين عن تعريف الفساد الذي ورد في اتهام الشيخ اللحيدان لفضائيات الفجور والتهتك ونشر الشبه التافهة عن ثوابت الدين وقطعياته التي تزعج الغرب الصليبي وتستفز عملاءه في بلاد المسلمين.

وقد تناسى المنافحون عن ناشري الزنا والسحر والضلال، أن المفتي -في أي زمان ومكان- يجب عليه الصدع بالحق، فليس هو المشرّع لكي يتدرج!! وتجاهل أولئك الخونة عمداً أن صبر الأمة كاد ينفد من حجم الجراءة على قيمها من أصحاب دكاكين الفساد والإفساد ومن طول المعاناة من أذاهم، فكيف يوصف موقف أهل العلم بالتسرع إزاء شر استطال واستفحل حتى بات بلا قيود ولا حدود؟. ألم يبلغ المدافعين عن إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا نبأ استبطاء العقلاء مواقف العلماء الكبار من هذا الشر المستطير الهازئ بكل مقدساتنا بلا وازع ولا رادع؟ أليس ذلك هو ما يغذّي الخوارج ضد الأمة ويساند أباطيلهم؟

وبصرف النظر عن حجم الهزل في تصدّر الشيطان للوعظ والدعوة إلى المواقف الأخلاقية من أناس لا خلاق لهم البتة بل هم أعداء معلنون لكل قيمة أخلاقية، نقول لهم:ألم تجأر الناس بالشكوى المريرة والمديدة من ممارسات هذه الفضائيات الحقيرة فما بال أصحابها لا يستجيبون؟أليس في قوانين سادتهم في الغرب زواجر فعلية ضد الخارجين على القانون؟أم أن ما يحل لسادتهم حرام على ولاة أمور المسلمين وقضاتهم ومسؤوليهم؟

أما استغلال الضالين فتوى الشيخ فهو كذب بواح، لأن فئة الضلال تستثمر العكس لنشر تكفيرها الظالم للأمة بمختلف شرائحها باعتبارها راضية-زعموا-بالكفر الصريح!!ثم إن هذه الذريعة المتهافتة تعني-والعياذ بالله-منع القرآن الكريم والسنة الشريفة، لأن رؤوس الضلال يستغلون بعض الآيات والأحاديث ويحرفونها عن مواضعها ويُخْرجونها من سياقها لتدعم باطلهم!!ثم إن الشيخ دعا إلى معاقبة المفسدين عن طريق القضاء الشرعي وبعد استنفاذ الوسائل الرادعة الأخرى، فما بالهم قد تعاموا عن ذلك.

وأما الفساد فتعريفه في شرع الله محدد بمنتهى الدقة، ومن كان يجهل ضوابطه فعلاً فليسأل أهل العلم العاملين الذين يقع على عاتقهم بيان ما لديهم من علم مؤصل مبني على الأدلة الشرعية الراسخة، وليس على التشهي أو البحث عن إرضاء العباد.ولنا أن نسأل تلك الإمّعات:أليس الحض على العلاقات الجنسية المحرّمة في دين الله أليس فساداً في الأرض؟أوليس بث السحر والتشجيع على الشعوذة من أشد أنواع الفساد والإفساد؟وهل التشكيك في قطعيات الإسلام مادة فكاهية بريئة حتى لا ترد في نطاق الفساد؟

ألا قد شاهت وجوههم وظهرت أنيابهم فوجب على الدولة وأهل الاختصاص كافة أن يضعوا حدّاً لتطاولهم على مقدساتنا التي لا يساوم مسلم عليها.

 


 تحسبوه شراً لكم
د. إبراهيم الفوزان | 19/9/1429

‏ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد،،،

لقد ارتفعت أصوات الناس حنقاً على تطاول السفلة من أقزام الصحافة والإعلام على سماحة الشيخ صالح اللحيدان – رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية – وحق لهم ذلك، وكيف يلام من يغضب لله ويعادي في الله ويوالي في الله (ذلك بأن الله مولي الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم). إن النيل من العلماء والوقيعة بهم من قبل أعداء هذا الدين الذين وصفهم الله بأبلغ وصف فقال في سورة المنافقون (هم العدو فاحذرهم) لهو دليل على تمادي الباطل واستطالته ونفوذه.

ففي وقت قريب تكلموا في فتوى سماحة الشيخ ابن جبرين في حزب الله الرافضي وأجلبوا عليه، وبعدها بفترة وجهوا سهامهم لسماحة الشيخ عبدالرحمن البراك ووصفوه بأنه من رؤس التكفير عندما فضح مقالاتهم الكفرية، وبعد ذلك اجتمعوا على منازلة سماحة الشيخ صالح الفوزان، ثم انتهى بهم المقام إلى التشكيك في أعلى سلطة قضائية في البلد سماحة الشيخ صالح اللحيدان واتهموه بأنه داعية ارهاب وقتل عندما أنكر على ملاك القنوات الفضائية المنحرفة التي تبث السموم وتفسد العقيدة والدين والأخلاق، ووصفه لهذا العمل بالإفساد في الأرض وجواز الحكم على هؤلاء المفسدين بالقتل قضاءً.

نعم إنها معركة الحق والباطل التي قدرها الله على عباده (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) فماذا يريد هؤلاء من هذه الضجة والإجلاب على العلماء الربانيين؟ إبعاد الناس عن المرجعيات الشرعية لتفرغ لهم الساحة فيعيثوا في افكار الناس وأخلاقهم فساداً فتمسخ هويتهم الإسلامية ويصبحوا لقمة سائغة للتغريب والتنصير والإستعمار، هكذا يريدون! لكنهم يمكرون (ويمكر الله والله خير الماكرين) لقد ساءهم بقاء العلماء قامات شامخة في أرض هذه البلاد يقولون الحق ويذبون عن حياضه وينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. سدد الله علماءنا وحفظهم من كل سوء ومكروه وأبقاهم ذخراً للإسلام والمسلمين.

إن طريق الإبتلاء هو طريق الأنبياء (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) رواه أحمد. فلا يستغرب أن يبتلى العالم الرباني ويوصف بالإرهاب والتكفير، فقد وصف بأقبح من ذلك من هم أفضل وأحب إلى الله وهم الأنبياء، وصف محمد صلى الله عليه وسلم بالسحر والكهانة والجنون وغيرها من الأوصاف النابئة. وقد ابتلي محمد صلى الله عليه وسلم بأعظم مما يبتلى به العلماء فقد تعرض له المشركون بأنواع الأذى والظلم والطرد وكان مع ذلك كله ثابتاً على دينه لا يغير فيه ذلك شيئاً.

وقد ابتلي العلماء في السابق بأعظم مما نراه في مجتمعنا، فها هو إمام أهل السنة أحمد بن حنبل يضرب بالسياط ويعلق في السقف ويحبس، كل ذلك ليقول القرآن مخلوق. فصبر رحمه الله حتى أظهر الله أمره ورفع ذكره وذهب شانئوه أدراج الرياح، حتى إنه لقب بالإمام الوارث والصديق الثاني. وها هو شيخ الإسلام ابن تيميِّة يؤذى ويسجن السنين الطويلة لا يرده ذلك عن قول الحق الذي أوجبه الله عليه (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: هذا توبيخ من الله وتهديد لأهل الكتاب الذين أخذ الله عليهم العهد على ألسنة الأنبياء أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن ينوهوا بذكره في الناس فيكونوا على أهبة من أمره فإذا أرسله الله تابعوه فكتموا ذلك وتعوضوا عما وعدوا عليه من الخير في الدنيا والآخرة بالدون الطفيف والحظ الدنيوي السخيف فبئس الصفقة صفقتهم وبئس البيعة بيعتهم. وفي هذا تحذير للعلماء أن يسلكوا مسلكهم فيصيبهم ما أصابهم ويسلك بهم مسلكهم، فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئا فقد ورد في الحديث المروي من طرق متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" أ. هـ.

إن ضيق المنافقين ذرعاً بفتاوى علماءنا لدليل على مكانة الفتوى وقوة تأثيرها وهذا ما كان محل شك عند البعض سواء من العامة أو العلماء أنفسهم، فقد أثبتت الفتوى التي تنطلق من منطلقات صحيحة وتوجه للأمور المصيرية التي تؤثر في واقع الأمة ومستقبلها وتقف ضد محاولات تغييب الأمة ومسخ هويتها أنها في غاية التأثير والأهمية. ولهذا يمكن أن يقال أن هذه الهجمات الخبيثة من أذناب الغرب الذين يكلِّبون الأعداء على وطنهم وأبنائه لهي في حقيقتها خير لنا لنستيقظ من سباتنا ولينجلي ظلام التدليس واللعب بعقول الناس ويظهر نور الحق ويعرف الناس حقيقة المنافقين وعداوتهم للمسلمين وولاءهم للكافرين.

ومن الخير أيضاً أن يتنبه العلماء لحساسية المرحلة المعاصرة وضرورة الوقوف يداً واحدة في مواجهة هذه الحملات الشرسة التي تستهدف النيل من الإسلام وأهله، وأن يقطعوا الطريق أمام كل من يريد تغريب البلاد وإبعادها عن دينها بقول كلمة الحق والصدع بها. وصدق الله إذ يقول في حادثة الإفك وهو سبحانه أصدق القائلين (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) سورة النور. يقول الإمام القرطبي رحمه الله في تعليقه على هذه الآية: والخير حقيقته ما زاد نفعه على ضره. والشر ما زاد ضره على نفعه. وإن خيرا لا شر فيه هو الجنة. وشرا لا خير فيه هو جهنم . فأما البلاء النازل على الأولياء فهو خير; لأن ضرره من الألم قليل في الدنيا، وخيره هو الثواب الكثير في الأخرى. فنبه الله تعالى عائشة وأهلها وصفوان، إذ الخطاب لهم في قوله " لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم " ; لرجحان النفع والخير على جانب الشر. أ. هـ.

حفظ الله علماءنا وسددهم وثبتهم على الحق (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون).

 



ليس دفاعا عن الشيخ....وإنما عن الحق
ا.د محمد بن علي الهرفي


لا أعتقد أن الشيخ صالح اللحيدان بحاجه إلى من يدافع عنه , فهو قد تكفل بالدفاع عن نفسه ، وأنا لي تحفظ على أداء القضاء الذي يرأسه الشيخ ولقد كتبت أكثر من مرة أنتقد القضاء, ومع هذا كله فقد رأيت أن هناك هجمة شرسة غير مبررة على الشيخ من داخل بلادنا ومن خارجها,وأعرف أن هذه الهجمة مفتعلة بعيده عن الحق,لا تستهدف الشيخ بقدر ما تستهدف الإسلام الذي تطبقه بلادنا,وبقدر ماتستهدف القضاء الشرعي الذي يسود أحكامنا, مهما قيل عنه لكنه يبقى شوكه مؤلمه في حلوق الذين لا يريدون أن يكون للإسلام أي دور في حياتنا وفي شريعتنا.أن هذه الهجمة التي لم يكن الشيخ بذاته هدفا لها وإنما القضاء الذي يمثله هو الذي جعلني أدافع عن الحقيقة التي أرها واضحة للعيان, هذه الحقيقة التي تعامى عنها كل الذين انتقدوا فتوى الشيخ بمن فيهم أولئك الذين يلبسون عباءة الدين ،وأعماهم الحقد والهوى إلى النظر إلى الحقيقة ومناقشتها بموضوعية وعقلانيه بحسب ما أمرهم به الدين وقواعد العلم.

وسأضع فتوى الشيخ في إطارين اثنين لا يمكن أن تحتمل ثالثا.

الأول:هل الفتوى صحيحة من الناحية الشرعية؟. الثاني:هل من المناسب أن يقولها الشيخ في هذا الوقت أم لا.

فتوى الشيخ ركزت على توجيه النصح إلى أصحاب القنوات الفضائية أن يتقو الله وان لا يبثوا ما يفسد عقائد الناس مثل:السحر والشعوذة ،والتمثيليات التي فيها الشرك ،وكذلك الابتعاد عن نشر الخلاعة والمجون، فإن لم يبتعدوا عن فعل كل ذلك فعلى السلطة أن تمنعهم فإن لم يمتنعوا فإن على السلطة أن تعاقبهم فمن لم يردعهم العقاب فمن حق السلطة أن تحيلهم إلى القضاء ،ومن حق القضاء أن يحكم عليهم بالقتل ،وفي توضيحه اللاحق لفتواه قال : إن القاضي لا يخرج من مكتبه لقتل الناس وإنما هناك إجراءات طويلة معروفة عند القضاة حتى يتم الفصل في القضايا.هذا ملخص فتوى الشيخ ودعونا ننظر إلى كيفية ردت الفعل وكيف حملت هذه الفتوى ما لا تحتمله عمدا وللأهداف سبق أن أشرت إليها..

فتوى الشيخ بثتها إذاعة القرآن الكريم ولست أدري لماذا جاء بثها متزامنة مع ذكرى أحداث \"الحادي عشر من سبتمبر\" والمعروف أن إذاعة القرآن الكريم ليست مسموعة بالشكل الذي نرغبه عند الموصوفين بالتدين فضلا عن سواهم ، ولهذا أعجب كيف التقطها مراسل إيلاف مباشرة !! مع أن إيلاف معروفة التوجه و لا أظن أن مراسلي إيلاف مرتبطين بإذاعة القران الكريم بهذه الصورة ولكن لعل هناك شيء آخر جعلهم يلتقطون هذه الفتوى التي اعتبروها صيدا ثمينا يصعب تركه وتم نشرها بالموقع ،ومباشرة حرصت قناة العربية ـ وهي كذلك معروفة التوجه ـ على بث هذه الفتوى مرارا وتكرار واستضافة من يعلق عليها بحسب مقاييس هذه القناة ،ثم تتابعت القنوات العربية والأجنبية على بث الفتوى والتعليق عليها واستضافة أشخاص أقل ما يقال عنهم أنهم بعيدون عن فهم الفقه الإسلامي والشريعة وقد تسابق هؤلاء في ذم الشيخ والسخرية به ومطالبته بالتوبة والاعتذار عما بدر منه من أخطاء قاتله في حق العباد والبلاد والإسلام.

ولم تكن الصحف العربية أقل من الفضائيات في الهجوم على الشيخ وفتواه والسخرية منه واتهامه بالإرهاب أو التشجيع عليه..

شخصيا لا ألوم هؤلاء فهم بعيدون عن فهم الإسلام وتعليقاتهم تدل على حقد واضح على الدين الإسلامي,ولو كانوا غير ذلك لناقشوا الفتوى بطريقة علمية على اقل تقدير..

اللوم في نظري يكال للأستاذ عبدالمحسن العبيكان لأن المفترض فيه أن يكون منصفا بغض النظر عن طبيعية علاقته المتوترة بالشيخ وأظنه يقرأ قوله تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)كان بودي أن يناقش الفتوى هل هي صحيحة أم خاطئة ولماذا؟؟ولكنه ترك ذلك كله ليتحدث عن أثارها من وجهة نظره التي يختلف معه عليها معظم الناس,وأسرف في هذا كثيرا حتى فاق كل الذين تحدثوا عنها من مسلمين وكفار..

وقال العبيكان:إن هذه الفتوى تدعم الإرهاب وتدعم الفئة الضالة ـ أي القاعدة ـ وأنه سيكون لها مردود سلبي على سمعة القضاء والبلاد والإسلام وانه قدمها للإرهابيين على طبق من ذهب وان أعداء البلاد سوف يسعون للنيل من الإسلام بدعوى انه دين القتل والإرهاب والفساد.وقال الأستاذ:........ ، وقال: ......... ، لم اجد في قوله شيئا صحيحا وليته تروى قبل أن يطلق هذه الأحكام على الشيخ اللحيدان وقبل أن يقّدم هو لبعض أعداء البلاد فتوى يستغلونها للإساءة للبلاد ودينها.

لم يعترض احد فيما اعلم على صحة فتوى الشيخ بل أيده وبقوه مفتي مصر الأسبق الشيخ \"نصر فريد واصل\" ولهذا سأعتبرها صحيحة لا غبار عليها وبالتالي فإنه لا يحق لأحد كائن ما كان أن يعترض على فتوى تتفق مع دين الأمة وقواعدها حتى من غير المسلمين فضلا عن المسلمين أنفسهم..

هذا ديننا ويجب ان نعتز به ونرفع رؤوسنا بكل أحاكمه لا يهمنا من يعترض عليه على أن الاعتراض عليه ليس وليد اليوم وإنما وجد من مئات السنين ولا يزال حتى اليوم.

تطبيق الإسلام لايسيء إلى سمعة بلادنا ولا لقضائها بل يرفع من قدرها ومن قدر قضاتها ويجعل بلادنا أكثر احتراما في عيون أعدائها فضلا عن محبيها فالأمة التي لا تحترم دينها لا يحترمها احد..

مسألة أخرى أثارها الأستاذ العبيكان كما أثارها غيره بنفس الروح وكأن الجميع يصدرون من معين واحد ،وهي مسألة أن هذه الفتوى تدعم الإرهاب ،وأن الأرهابين سوف يستفيدون منها من قتل الناس وأعجب من هذه المقولة المتهافتة فالإرهابيون لا ينظرون إلى فتوى الشيخ ولا سواه ليمارسوا جرائمهم فقد مارسوها من سنوات ومازالوا ولم ينتظرو فتوى من احد وأجزم أن الأستاذ العبيكان يعرف أنهم لا يثقون بالشيخ اللحيدان ولا يستمعون إليه كما أنهم لا يثقون بكل علماء السعودية وبالتالي فالقول أن هذه الفتوى هي التي ستجعلهم يرتبكون جرائم بحق البلاد لا صحة لها على الإطلاق وإنما هي تمحل وأوريد بها الإساءة إلى الشيخ والبلاد أيضا حكومة وشعبا .

أما النيل من الإسلام ومن بلادنا فليس جديدا علينا فكارهون للإسلام من الغربيين هاجموا بلادنا وإسلامنا قبل هذه الفتوى ،وسيستمرون في هجومهم سواء أسمعوا بها أم لا ؛لأن الذي يدفعهم كراهيتهم للإسلام واقرأ إن شئت ماقاله عن الإسلام قديما وحديثا بل ماقاله \"باباهم\"قبل فترة وجيزة عن الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم فهل كان هذا البابا ينتظرون فتوى اللحيدان حتى يحمل على الإسلام وعلى بلادنا!؟

وبالمناسبة فإن للأستاذ العبيكان فتوى لا تختلف عن فتوى الشيخ اللحيدان ـ هذا إن أردتُ أن ألوي عنقها كما فعل هو ـ فالعبيكان أفتى في ملحق الرسالة يوم : 15\\7\\1429هـ :أن مشاهدة المسلسلات التركية حرام شرعا وعرضها حرام وان هذا حكم شرعي لا يختلف فيه اثنان. ومقتضى هذه الفتوى أن قناة\"\"MBC التي تعرض هذه المسلسلات ترتكب حرام وأن أصحابها يرتبكون حرام فبالتالي هم كفار باعتبارهم مصرون على هذا المحرم المجمع عليه ،والكفار مرتدون وعقوبتهم القتل!!.

هل يقبل الأستاذ هذا التفسير الذي استعمله هو في تفسير فتوى الشيخ اللحيدان؟

أما الشيخ القرني فقد رفض الفتوى!! لماذا ترفضها ياشيخ؟؟ لم يقل شيئا ربما لمجرد الرفض حتى يساير الركب..

ثم قال لنا شيئا أكتشفه حديثا: أن الفتوى ليست رأيي نبي!! ومن قال لك ياشيخ إن اللحيدان نبي!! لكنه كان لطيفا جدا مع الشيخ عندما أعلن-جزاه الله خير- انه يحسن الظن بالشيخ لعلمه بفضله, لكنه مع هذا الأحسان طالبه بتوضيح فتواه!!

والعجب أن يرفض الفتوى ثم يطالب بتوضيحها!!ألم يكن من الأفضل أن يصمت حتى يسمع التوضيح!!

ربما أراد أن لا يعد أن لا يفوت الفرصة عليه..

لست ادري هل كان الذين يتباكون على أصحاب القنوات خوف عليهم من القتل جاد في هذا البكاء؟هل كانت دموعهم حقيقه؟هل ظنوا أن الشيخ أو الإرهابيين الذين سوف يصدقون فتوى الشيخ قادرون على قتل أصحاب القنوات التي تنشر كل ما قاله الشيخ اللحيدان؟ ليتهم احترموا عقول الناس بل ليتهم احترموا عقولهم أليس من الغرابة أن تصمت كل الفضائيات العربية والأجنبية والصحف التي سارت على نفس الطريق عن فتوى حاخامات الصهاينة الذين أفتو أن قتل المسلمين وأطفالهم حلال ـ طبعا بدون الرجوع للقضاءـ ! .

لماذا لم تتحرك قنواتهم على إثارة الرأي العام على اليهود ودينهم؟

لماذا لم يتراجع الحاخامات عن هذه الفتوى وادعوا أنها تمثل دينهم؟؟

لماذا لم يقولوا إنها تسيء لهم ولمعتقداتهم؟؟وإذا جاز الصمت عن أصحاب القنوات غير المسلمة وعن الأشخاص غير المسلمين فلماذا صمت كل من حمل على اللحيدان وفتواه مع انه لا يمكن مقارنتها بما قاله أولئك الصهاينة؟؟

بعض الغربيين والأمريكان أباحوا زواج المثليين وزواج المحارم ولم يقولوا أن هذا العمل الذي يرفضه الأديان والأعراف يسئ إلى سمعتهم ودينهم, فلماذا يطلب المسلمين أن لا يعلنوا عن حقائق دينهم بحجة أن هذا الإعلان يسئ إليهم وإلى بلادهم ودينهم؟؟إنه الضعف والاستخذاء ولا شي آخر..

وبالرغم من كل ما قلته فإنه لو قدر أن يكون لي من الأمر شيء في هذه الفتوى لفضلت أن لا يذكر الشيخ مسألة القتل وان يعبر عنها بأي شيء آخر والسبب هو معرفتي المسبقة بأننا ضعفاء وان الضغوط علينا كبيرة وان مصيبتنا من داخلنا ومن خارجنا, وان هناك من يرصد كل كلمة يقولها رمز من رموزنا ويستغلها ضدنا لكن الاستدراك شيء وتحميل الفتوى مالا تحتمل شيء آخر لكنه الضعف المخجل أحيانا والحقد على بلادنا ورمزها احيانا اخرى..

كلنا نطالب بإصلاح القضاء وكلنا نطالب أن يكون مستقل عن كل المؤثرات وكلنا نعرف المعوقات الهائلة التي تمنع سير العمل في المحاكم بصورة جيدة, وأشياء وأشياء أتمنى أن نراها صالحه في قضائنا ومحاكمنا..

لكن هذا شيء وماقيل عن فتوى الشيخ شيء آخر لا يمت لكل ذلك بصله..ومن غرائب هذه الفتوى وعجائبها إنها جرفت مقدم البرامج السيد فهد السنيدي,فقد اصدر وزير الأعلام أمرا بمنعه من تقديم أي برامج في إذاعة القرآن وسواها عقابا له عن صدود هذه الفتوى!! والمحير هو ماسر علاقة مقدم أي برامج بما يقوله الضيف!!إذا كان هناك عتب أو عقوبة إن جازة فهي على المتحدث وليست على المقدم فما السر في توجيهها هذه المرة على مقدم؟؟

كنت أتمنى أن معالي الوزير لم يفعل مافعله, فالظلم ظلمات يوم القيامة, كما إن كل مقدم سيضع يده على قلبه خشية أن يحتسب الوزير أي خطأ على الضيف فيوقف مقدم البرامج!!.

لكن الأمل أن يعود كل شيء كما كان عليه وألا تحمل الأمور فوق ما تحتمل .

 



نص اللقاء الكامل للعلامة اللحيدان مع التلفزيون السعودي حول فتوى قتل ملاك الفضائيات


من كان يظن أن سماحة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى تراجع في فتواه فهو واهم ولم يفهم أو لا يريد أن يفهم ما قاله الشيخ لغرض في نفسه ، فالشيخ وفقه الله وضح بإيجاز كامل أن الفتوى كانت في أواخر شهر جمادى الأولى في الرياض ، وأن من نقل كلامه قطع الكلام من مبدأه ومن وسطه لحاجة في نفسه ، فهو لم ينقل الكلام نصاً عندما بدأ بالنصح لأصحاب القنوات بأن يتقوا الله ، وأن لا يسعوا إلى بث أي شيء مما يفسد عقائد الناس مما يتعلق بالسحر وأنواعه ، والتمثيليات التي فيها شركيات ظاهرة ، وما يتعلق بنشر الخلاعة والمجون ، وما يتعلق بالمضحكات التي لا تليق برمضان ، واستهزاء برجالات العلم ورجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

حيث أكد الشيخ وفقه الله أن هؤلاء المسؤولين والباثين لهذه المنكرات إذا لم يمتنعوا ، أومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك ، أنهم يعاقبون ، ومن لم يردعه العقاب واستمر في إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة قتلهم قضاءاً ، ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل ، وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للإدعاء لهيئة الإدعاء العام و يسمع القاضي ويصدر بعدها الحكم ، ويمكن قراءة ملخص ما قاله الشيخ والذي وضعته باللون الأزرق .

كما أتمنى من الأخوة قراءة ما قاله الشيخ كاملاً ، فهو كلام مؤثر جداً ، وقد أعجبتني ثقة الشيخ بنفسه ورسوخه كرسوخ الجبال ، كما أعطى في ثنايا الكلام رسالة إلى الحاقدين والشانئين .
فهل يفهم هؤلاء الحمقى الدرس .

أبو لـُجين إبراهيم

 

لـُجينيات / النص الكامل للحوار الذي أجراه التلفزيون السعودي فجر اليوم الأحد 14 رمضان 1429 هـ مع فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى بشأن فتوى قتل ملاك الفضائيات .

تناقل الناس فتوى سماحتكم التي سئلتم فيها في البرنامج الإذاعي / نور على الدرب / والمتعلقة بما تبثه الفضائيات خلال شهر رمضان المبارك وقد حرفت هذه الفتوى وتناقلتها الأوساط المغرضة عن وجهتها وعن ما تفضل به سماحتكم وعن ما أدلى به سماحتكم للإذاعة .

س / الفتن الكبيرة التي يجلبها أصحاب القنوات الفضائية وعلى وجه الخصوص في شهر رمضان المبارك وتركز برامجها السيئة على فترتي المغرب والعشاء على المسلمين فما هي نصيحتكم للمشاهد وما هي أيضا نصيحتكم لأصحاب القنوات.

ج /
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخرين نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين وبعد:

سئلت هذا السوأل وقبل الدخول في إيضاح ما كانت الإجابه به أحب أن اتحدث عن نفسي وإن كنت لا أحب الحديث عن النفس ولا أحرص على المظاهر الإعلامية ولا الكتابات الصحفية رغبة في الإنشغال بغير ذلك ومع هذا فعندما تدع حاجة الى ما عليه الإنسان يكون مثل ذلك من باب المصلحة العامة وما نشر في الفضائيات والقنوات والمغرضين كأنهم معنيون بتاريخ حياتي، وذكروا بدئي في القضاء بعد أن كنت في الإفتاء، أنا كما يعلم العارفين بي وليعلم من لم يكن لم يعرف أنا من المتخرجين من كلية الشريعة عام 1379هـ ، وفي أوائل سنة 80 تعينت مع سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه سكرتيرا له في الإفتاء وبقيت معه، وكنت والحمد لله والمنة والفضل له كنت محل الثقة وتقديرهم وأحترام رأيهم.

وفي عام 83 نقلني رحمة الله عليه الى محكمة الرياض ليهيئني لرئاستها وذلك في أول رجب عام 83 وجلست فيها ، وفي أوائل عام 84 توليت رئاسة المحكمة وبقيت فيها الى 5 محرم عام91 ثم انتقلت الى الهيئة القضائية العليا وتحولت فيما بعد الى مجلس القضاء الأعلى وأستمريت في هذا العمل في حياتي القضائية في الإفتاء وفي القضاء تتجاوز 50 عاما ، كل هذا العمل في أعمال هامة ، فيما يتعلق بالتحصيل العلمي تخرجت من الشريعة وقرأت قرأة وشرحا وتعليقا مؤطأ الإمام مالك في المسجد على الجماعة وصحيح البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي طيلة هذه السنين التي مضت، وترتيب مسند الإمام أحمد بن عبدالرحمن البنا الساعاتي، كل هذه الكتب العظيمة الهامة قرأتها على الناس في المسجد إماما وتكلمت عن معانيها مع ما يحتاجها القضاء من مراجعة لكتب الفقه والاصول والقواعد الفقهية، وفي حياتي لم أكن أتمتع في إجازة طيلة حياتي الماضية الإ بشهر واحد كما لم أكن أتمتع بإجازات خاصة ، ومن فضل الله علي وعلى العمل أنني لم أتغيب عن العمل لمرض الإ مرتين في أمر خفيف والحمد الله على منه وكرمه وجوده، ولقد تعاملت مع العلماء الذين هم كبار علماء المملكة ومن يتصل بهم ، فكنت والحمد لله محل تقدير العلماء على رأسهم الشيخ محمد بن إبراهيم ويليه تلامذته ومن في طبقتهم الشيخ عبدالرزاق عفيفي وأستاذنا الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ عبدالله بن حميد وتلك الطبقة وكنت عضو في هيئة كبار العلماء من أول عام 1391هـ ولا أزال فيها ، وفيما يتعلق مع الملوك تملك المملكة بعد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه الملك سعود وكان الملك عبدالعزيز يوم وفاته وأنا في الثالثة والعشرين عاما / رجل / لكن التعامل مع الملك سعود كان محدودا قليلا لعدم طوال مدته بعدما كنت مسئولا في العمل في القضاء ثم مع الملك فيصل والملك خالد والملك فهد رحمة الله عليهم أجمعين ومع الملك عبدالله وسمو ولي عهده وكبار المسئولين في الدولة من أصحاب السمو الملكي وأصحاب المعالي الوزراء الذين لهم صلة بي ولي بهم صلة.

كنت في كل ذلك والحمد لله أتمتع بحسن الصلة والتقدير منهم والذين كان كثير منهم في الوقت الحاضر دوني في السن والذين يمكن أن يكونوا قريبين في السن هم كبار الأمراء وقلة فيما أظن من الوزراء ، هذه بالنسبة لي للحياة ، بالنسبة للمشاكل في عام 85 لا تعرض قضية هامة تمس أمن الدولة وتضايق المواطنين والمجتمع إلا وفي الغالب أنا داخل فيها قضاء ودراسة بعد القضاء وأمثال ذلك ، فهذه الحياة لا تدل على أن الإنسان يتكلم في فتوى عن جهل أو عدم رويه أو إدراك .

وأما الفتيا فأنا من عام 80 فأنا مكلف بالفتيا في الحرم في الحج ، عام 80 كلفني الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه و 20 رجلا من الزملاء أهل العلم ندرس في الحرم موسم الحج بكامله وأستمريت على الفتيا بالنسبة لمناسك الحج طيلة هذه المدة مشاركا ومن عام 1404هـ كلفت بدروس الحرم في رمضان وما بعده والحج وإن كنت تخلفت أنا عن المواصلة في الحج للإنشغال والإزدحام وفي الدروس الصيفية عدة سنوات فكنت والحمد لله محل رضى المستمعين وأهل العلم ومن يتصل بي من داخل المملكة وخارجها وهذا فضل الله جل وعلا وإحتمال قادح لايستغرب تأثر شيخ الإسلام بن تيميه ، كما كثر المعترضون عليه، أنشد ابياتا أذكر واحد منها يعرفها المتعاطون للأدب يقول فيها :

لو لم تكن لي في القلوب مهابة *** لم تكثر الأعداء في تقدح

فلا ألوم من يتضايق من ان يكون إنسان موفق لأي عمل من الأعمال وإذا صار الشنئان والإزدراء ممن هم دون المستوى فأستشهد إشارة أو لا تكلم في أهل العلم وانتقد الرسل من قبلهم وأما من جانب الأدب قيقول أبو الطيب المتنبي في قصيدته مطلعها :

لك في القلوب منازل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة باني كامل.

فهي هذه القصيدة فإذا جاءت المذمة من نقص في عقله أو إيمانه أو حسبه فها لايضير يكفيني ما يقول الشاعر الأول :

إذا رضيت عني كرام عشيرتي *** فلا زال غضبانا علي لئامها

فانا إذا كنت أتمتع فيما أظن برضى الله جل وعلا ثم برضى ملوك بلادي وكبار رجالهم من إخوانهم ونوابهم فلا أبالي فيمن دونهم الا نني احب لكل مسلم ان يوفقه للصواب في أموره كلها وأن يهديه سواء السبيل ، وأنا ما أقول لمن يسيئني الا حسبنا الله ونعم الوكيل .

هذا مجمل خلاصة احببت ان اقولها في بداية الحديث ، واما ما يتعلق بالسؤال الذي سمعت نصه الآن من الدكتور سليمان بارك الله فيه وأسرني أنه هو الذي حضر لإيراد ما سمعت هذا السؤال كان تسجيله فيما يظهر أنه في شوال 6 لهذا العام أوفي أواخر شهر 5 في الرياض لما سجلت حلقات رمضان فأجبت عليه إجابة من ينفع المستمعين بداية بمن يكونون معنيين في السؤال وهم أصحاب البث في القنوات الفضائية ومن يستمع لهم لإن الخطاب الذي يراد به ان يكون نافعا يوجه لأكبر عدد ممكن رجاء ان ينفع الله به وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ـ رب مبلغ أوعى من سامع ـ قد ينقل الواحد ما سمعه لغيره ولايكون وهو ينقله فاهم أبعاد ما نقل فينقله لمن هو افقه منه وأكثر إيضاح لمراميه وهذا ماكنت أرجو وأهدف له حين أبديت ما أبديت وما كنت أظن أن أحد جريئا على التجريح والتشويش وقطع الكلام من مبدأه أومن منتهاه أو من وسطه لحاجة في نفسه ما كنت أتوقع هذا لانني لا أسعى لغيض أحد ولا للإساءة الى أحد ، لم يسرني كثيرا أن يصل إحساني باللسان أو بالشفاعة أو نحو ذلك بالنصح والإرشاد الى أكبر عدد ممكن وأنا ان لم أكن مفتي أتلقى الفتاوى عبر الهاتف وفي مقري في العمل وفي منزلي وفي الدروس التي القيها والمحاضرات التي يلح علي ، وأن وقتي كما يعرف كل من يعرف أنني في القضاء وفي دراسة القضايا ـ القتل والرجم والأموال والتعزيرات والحدود وغير ذلك ـ يستدعي من الواحد أن يكون باذلا جل ما يبذله من وقته في خدمة هذا الجهاز الذي أعتبره ولله الحمد أميز قضاء في العالم وإن لم يرضي المغرضون لإن هذا القضاء إنما يعتمد على مفهوم من كتاب الله جل وعلا ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابه رضي الله عنهم أجمعين ومما أجمع عليه سلف الأمة من عهد القرون الثلاثة التي شهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون كما في حديث عمران بن الحصين وعبدالله بن مسعود المخرجين في الصحيح حيث قال / خير القرون الذي بعثت فيهم/ وهؤلا الصحابه ثم الذين يلونهم وهؤلا أتباع التابعين الذين لم ينقرضوا إلا في حدود منتصف المائة الثانية من الهجرة ، وما جاء بعدهم من أهل العلم فهو إنما هو تفريع وأستنباط وإيضاح ما فهموه من كلام أولئك أو ما نقلوه فالحمد لله على كل حال ثم أني تكلمت عن هذه المحطات ولا شك أنني لست راضيا عن كثير من القنوات الفضائية وإن كنت ألقيت كلمات في قنواتنا وفي قناة المجد واعتذرت عن غيرها .كا إم بي سي طلبوا مني في أول تأسيسها فرفضت أن يكون قبلي تسجيلات غنائية ومجونية وأن تأتي بعد كلامي تسجيلات من هذا النوع,, قلت لا مانع إذا نفذتم هذا الشرط قبل البداية لا يكن سبقني كلام من هذا القبيل ولا يكون فلا عندي مانع من التسجيل, لكن يظهر هذا يشق عليهم أو لا يناسب سياستهم فلم يسجلوا عندي فيما أعلم شي من ذلك.

أما تسجيلات التلفاز فأنا من تأسيس التلفاز في المملكة وأنا ألقي فيه في بعض السنوات حلقات رمضان التفسيرية كلها كنت أتولى ذلك ,أتذكر في بداية الملك خالد أو في أوائل الملك فهد ثم بعد كثر الشغل عندي فكنت لا أستطيع أن أسجل.

هذه الحلقة التي أثارت واستثارت من حرف فيها ولم ينقل الكلام الذي قلته نصا أنا بدأتها بالنصح لأصحاب القنوات بأن يتقوا الله ويخافوا وأن لا يسعوا لبث شيء مما يفسد عقائد الناس كما يتعلق بالسحر وأنواعه وتمثيليات فيها شركيات ظاهرة وما يتعلق بنشر الخلاعة والمجون وما يتعلق بمضحكات التي لا تليق برمضان واستهزاء برجالات علم أو رجالات أمر بمعروف أو نهي عن المنكر أو غير ذلك مما لا يليق ببسيط الناس أن يتعناها فكيف بمحطات تبث على الهواء فنصحت هولاء عليهم أن يتقوا الله ولا يسعوا لإفساد الناس وأن من قلدهم أو تأثر بفسادهم و تضرر بإعتناق بعض الأفكار التي يسلكونها أنه يتحمل وزره لكنهم يتحملون مثل أوزاره لأن من دعا سنة سيئة تحمل وزر دعوته وتحمل أمثال أوزار من يتبعونه عليها فكنت في كلامي أنصح لاؤلئك القنوات أن يتقوا الله في الأمة الإسلامية ألا يسعوا لبث ما يشوه أخلاقها أو يدعوها للتساهل في أمر دينها أو يجرها على الخلط في أمر العقائد بالسفاهة والسحر والشعوذة وغير ذلك.

وأن هؤلاء المسئولين والباثين إذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك أنهم يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة قتلهم قضاء، ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة للإدعاء لهيئة الإدعاء العام و يسمع القاضي ويصدر أحكامه إذا ظهر له أن المدعى عليه ممن يستحقون العقوبة القاسية ثم يرفع هذا للجهات المختصة في تدقيق الأحكام ثم يرفع بعد ذلك للجهة التي هي أعلى منها فإن مراحل القضاء في المملكة ليست درجة واحدة.

الدرجة الأولى تأتي الثانية إذا اقتضت الحال منها الإحتياط للقضاء والإحتياط للأحكام التي تصدر أو إذا لم يرضى المحكوم عليه ترفع إلى جهة تدقق وهيئة تدقق الأحكام والقضايا الكبار التي تصل إلى القتل أو في ما حكمه ترفع إلى هيئة أخرى أعلى الهيئات تلك تدرس وكل ذلك على منهاج الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة فهذه الفتوى التي تعرضت لأمر السحر والشعوذة وأمر العقيدة وأمر الأخلاق والنهي وأشرت إلى الإستدلال بالآيات الكريمة التي فيها إشارة إلى أن من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا فأشرت إلى ذلك إشارة لم أكن أتوقع أن الأمر سيؤول بعد أربعة أشهر أو حولها إلى تناقل قنوات الفضاء أو ربما محطات أجنبة أو يتلقفه أناس من داخل المملكة وما يسمعون كامل الجواب فيظنون
رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء الذي أمضى فيها قرابة أربعين سنة في هيئة كبار العلماء راح من راح و لازلت والحمد لله باقيا بل إن التشكيلة الأولى لهيئة كبار العلماء لم يبق منهم على قيد الحياة إلا أنا الآن فإن تشكيلهم الأول في حياة الشيخ محمد بن إبراهيم كانوا من 14 نفرا كنت أحدهم ولم يبقى منهم إلا سواي وأنا في الطريق كما يقول الشاعر العربي "وأراني طرادة في أثرهم طرد أنوار....إلخ"، فهذه سنة الله في الأشياء لايتوقع من عاش هذه المدة ساد في هذه الحياة العملية وعايش هذه المراحل العملية وآخى وزامن وعاش تحت رئاسة كبار العلماء في هذه البلاد لايتوقع أن يكون متسرعا كالتسرع الذي حرفوا أو قلبوا وقال أنه حكم على ملاك الفضائيات بالقتل لكني لا أقول إلا أسأل الله أن يهدي المغرضين سواء السبيل وأن يصلح أفهامهم جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم العباد كما أسأل الله سبحانه وتعالى لهذه المملكة بالخصوص أن يزيدها الله ثباتا على الهدى وحسن التمسك به وصلابة في الوقوف في وجه المغرضين لإعزاز أمر هذا الدين فإن هذه البلاد ما عاشت هذه المدة وحصلت تلك التقلبات على الدول المجاورة من ثورات وإضطرابات وتردد وبقيت هذه الدولة بحمد الله ثابتة سائرة على المنهج التي هي عليه إلا لأنها ولله الحمد على الحق ولم تكن على الباطل وتلتمس رضا الله والمصطفى صلى الله عليه وسلم /من إلتمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس/ وفي لفظ عاد ذاموه من الناس حامدين له/ وفي لفظ /عادوا راضين له/ .

أسأله جل وعلا أن يزيدها ثباتا وأن يملأ صدر خادم الحرمين وصدر ولي عهده وصدر أصحاب السمو ألأمراء والمسئولين في هذه الدولة على مختلف مجالسهم وأعمالهم وسائر من في هذه البلاد أن يملأ قلوبهم بالإيمان ويجعل كل واحد منهم يراقب الله قبل أن يراقب الناس ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس كما أسأله جل وعلا أن يوفق ولاة المسلمين في كل مكان في هذا الشهر المبارك وعلى رأسهم في ذهني وقلبي ولي أمرنا وأعوانه أن يوفقهم جميعا لنصرة هذا الدين وإيضاح الحقائق لأعداء الإسلام وبيان أن هذا الدين الإسلامي هو الدين الحق الذي قال الله عنه-(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)- الآية(إن الدين عند الله الإسلام ) وأن يديم علينا شرف هذا الإنتساب وأن يبارك في قيادتنا ويرزقها حسن تقدير الأمور وجودة الإختيار لأهل العمل وأن يمتعنا بصحة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسائر المسلمين في هذه الدولة وأن يديم ثبات هذا الملك لأسرة آل سعود التي قامت أول قيامها مع شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب على نصرة العقيدة وتحكيم الشريعة وحراسة الأخلاق و أن يديم ثبات هذه الدولة وتوارث حكمها لأخفاد ذلك الإمام الذي قام يوم قام ولم يكن أعز من في البلاد ولا أقواهم قوة وجيشا ومنعة ولكن صاحبه وتمسك بما هو أقوى شيء في الوجود صافح العقيدة الصافية وصاحب الشريعة الحنيفية السمحة ودافع عن الملة الحنيفية فأعلى الله قدره وثبته وأورثه هذا الملك العظيم.

ثم ختم بالسؤال من الله جلت قدرته وعلى مكانه واستوى على العرش أن يهدي ضال المسلمين ويفرج كرباتهم وينصرهم على أعدائهم ويقضي دين كل مدين من المسلمين ويشفي كل مريض من المسلمين ويحقق للأمة الإسلاميه في هذا الشهر المبارك العزة والشرف والمجد للإرتقاء كما أسأل الله جل وعلا أن يحفظ المسلمين في كل مكان وأن يصون هذه الدولة ويحفظها من كيد الأعداء وتربص المجرمين وأن يصلح شعبها كلهم إنه جل وعلا مجيب الدعاء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلموبارك على نبينا محمد .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية