صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







من فنون التعامل
ظاهرة التعلق بالأشخاص

فهد بن يحيى العماري

 
من فنون التعامل :
إن الناس في هذه الحياة أصناف متقاربة ومتباعدة في غالب شؤون الحياة ولذا كان لزاماً تنزيل الناس منازلها في ما يستوجب ذلك في الخطاب والتعامل وغيرها والتعامل كما قيل (فن من الفنون ) وقدوتنا في ذلك خير الأنام صلى الله عليه وسلم ولا يختلف في ذلك عاقلان ، وبدأت تظهر في أوساط الشباب ظاهرة أزعجت الكثير من المربين واختلفت آراؤهم في كيفية التعامل مع أصحابها وهي ظاهرة التعلق وقد تحدثت عنها في رسالة ( وفي الصراحة .. تكون الراحة ) وكيف الخلاص من هذه الآفة ، وفي هذه العجالة سيكون الحديث عن موقف المربين نحو هذه المشكلة وكيف التعامل مع الشباب الذين يتصفون بشيء من حسن الصورة أو التميع باختصار وخاصة أن هذا النوع بدأ في ازدياد نظراً لتغير مجريات الحياة ووجود الترف ودواعيه وانفتاح حضارة الكفر على المسلمين والتنافس بين الشـباب في هذا الأمر وحب المظهرية ، فليـس من المعقـول أن يتجاهـل أو لا يتكلم عنـه فالواقع يفرض ذلك وأعتذر من القارئ للاختصار ولكثرة التفريعات والموضوع له صور كثيرة نتيجة لتنوع أسبابه وأنواعه واختلاف السن والمحاضن فيصعب التشخيص والتقعيد لكل حالة بعينها لكن مالا يدرك كله لايترك جله أو بعضه وكم ترددت في الكتابة عن هذا الموضوع كثيراً ولما رأيت كثرة الأسئلة عنه والإشكالات تجاهه ووجود هذه النوعية في المحاضن التربوية وبعد استشارة في طرحه وتتميماً للرسالة السابقة كانت النتيجة كالتالي :
مواقف المربين وآراؤهم :

أولاً : موقف التفريط ولهم رأيان .
1- عدم قبوله في المحضن وذلك لأسباب أهمها :
أ- ردة فعل لبعض المشكلات داخل المحاضن التربوية.
ب- خوفاً على نفسه وعلى محضنه وأفراده من التعلق به وحدوث المشكلات والتهم .
ج- أنه يحتاج إلى مزيد من العناية والاهتمام .
د- صعوبة التعامل مع هذا النوع .
هـ- أن هذا النوع لايعول عليه في شيء .

2- قبوله لكن عدم المبالاة به والإعراض عنه وتهميشه لأسباب أهمها :
أ- أن هذا هو الأسلوب المناسب لتربيته .
ب- أن وجوده تحصيل حاصل .
ج- عدم معرفته بآثار إهمال هذا النوع .
هـ- أن يكل أمره لأحد الشباب .

نتائج هذا الموقف وآثاره :
أ- ضياع الفرد وتلقف أهل الشر له ومحاولة إفساده والعبث به والزمن هذا ليس كالزمن السابق فزمن السلف رحمهم الله ليس زمناً موبوءاً بالفساد وإذا لم يقبل في المحضن فإنه لن يذهب إلى أهل الشر أو يبحثون عنه ويدبرون المؤامرات له [ وهذا على رأي عدم القبول ] .
ب- وجود التعلق به وآثاره من قبل الأفراد [ وهذا على رأي الإهمال ] .

ثانياً : موقف الإفراط .
وهو الاهتمام والعناية به بشكل كبير وله أسباب أهمها :
أ- الحفاظ عليه من الفساد ومحاولة إصلاحه .
ب- حتى لا يتعلق به أحد من الأفراد .
ج- محاولة كسبه وتألفه .

نتائج هذا الموقف وآثاره :
أ- انشغال المربي به عن كثير من الأفراد والقدرات والأعمال .
ب- إساءة الظن بالمربي وفتح باب القيل والقال .
ج- اهتمام الآخرين بمظهرهم حتى يهتم بهم .
د- محاولة الإفساد بين المربي وهذا الفرد من قبل الأفراد وغيرهم .
هـ- التفكك داخل المحضن ووجود المشكلات والتحزبات والشحناء .
و- ضياع الأوقات معه بلا فائدة ومراقبته ومتابعته والدخول في دوامة لانهاية لها إلا الفشل الذريع .
ز- تجرؤ الفرد ذاته على المتربي لكثرة الخلطة معه ولين الجانب له.
ح- تفضيل المربي لهذا الفرد وتقريبه منه واستشارته والأخذ برأيه .
ط- عدم العدل بين الأفراد مما يشكك الأفراد في مصداقية التزام المربي وسلامة منهجه .
ي- إعجاب الفرد بذاتـه وغروره والتعالي على الأفراد ومن ثم تضيق به الدنيا ويكره المحضن وأفراده و المربي ثم النتيـجة الخروج من المحضن والسقوط والانتكاسة والعياذ بالله .

ثالثاً : موقف الاعتدال والوسطية (وأمتنا أمة الوسط) .
وهو لا إفراط ولا تفريط ، قبوله بلا إهمال ولا شدة اهتمام .
كيفية التعامل في منهج الوسط من خلال النقاط التالية :
منها ما هو وقائي قبل أن يتعلق به أحد ومنها ما هو حين وقوع التعلق وبينهما تداخل مع مراعاة السن حينما يكونان كبيرين أو صغيرين أو أحدهما كبير والآخر صغير .
1- غرس قضايا التواضع في الملبس والزهد في الدنيا وأن العبرة بجمال الباطن لا الظاهر وأن الله ينظر إلى القلوب لا الأشكال والأجسام (وأن البذاذة من الإيمان) (48) ومن أهم العوامل المساعدة على ذلك :
أ - القراءة في سير السلف الصالح .
ب- زيارة العلماء الزاهدين .
ج- تأمل أحوال الفقراء والمساكين .
د- رؤية ذلك على المربي .
2- زجر المتربين عن تربية الشعور ولبس الملابس الفاتنة وغيرها.
3- بيان حقيقة الأخوة في الله جل وعلا .
4- بيان حقيقة التعلق وأنواعه وآثاره ( والوقاية خير من العلاج ) .
5- بيان مقومات الصديق الصالح وكيفية اختياره .
6- ملء أوقات الأفراد وتكليفهم بما يقضي على الفراغ وهـم في منازلهم وإذا تربى هذا النوع تربية جادة ووجه للعلـم وغيره فإنه إن شـاء الله لن تميل به الأهواء ويوجد من هذ النوع من هو جاد في حياته في كثير من المحاضن .
7- الارتقاء بهم نحو أهداف سامية وغايات منشودة .
8- تكليف هذا النوع بالأعمال البدنية حتى يتعود على الخشونة واستخدام أسلوب الشدة معه في بعض الأحيان .
9- عدم الارتباط به كثيراً والبعد عن الخلوة به .
10- عند بعثه للقيام بعمل إما بعثه منفرداً أو على الأقل اثنين معه .
11- محاولة تغيير من يذهب معه لإيصاله إلى منزله إذا كان صغيراً أو للقيام بعمل وإذا ذهب المربي معه فيأخذ معه كذلك بعض الأفراد .
12- محاولة مراعاة تقسيم الأفراد في التقسيم الأسري في لأنشطة والرحلات والحراسة في المخيمات وأثناء الانتقال في السيارات وليكن لكل منهما عمل كنواب مشرفي الأسر أو الثقافي وغيرها بحيث ينشغل كل منهما عن الآخر بالعمل الذي كلف به .
13- التشديد في مسألة اللباس أثناء السباحة والرياضة ومتابعة الأفراد .
14- محاولة منع التجوال الثنائي في الرحلات والسفريات وإن كان ولابد فثلاثياً كالذهاب للحرم أثناء الصلوات عند الذهاب إلى مكة وليكن الطرف الثالث ممن له تقدير عند أحدهما أوكلاهما بحيث لا يحاولان إظهار التبرم منه والانفراد عنه .
15- عدم الاستماع للأفراد حول أي شخصين تثار حولهم قضية التعلق والتشديد في ذلك وعدم إتاحة الفرصة لأحد ولو كان من المقربين سداً لذلك الباب ومن ثم التأكد من ذلك دون شعور أحد بذلك .
16- عدم إدخال الأفراد في حلول قضايا التعلق مهما لزم الأمر .
17- إن كان المتعلقان اجتماعهم أمر لابد منه فإشغالهم بما يملأ وقتهم سوياً إن كان هذا التعلق لا يصل إلى فعل مكروه أو محرم أو يؤثر أحدهما على الآخر التزاماً .
18- استشارة المربين وأصحاب الخبرات .
19- التأني وعدم الاستعجال في اتخاذ القرارات .
20- عدم تكبير القضايا عند أدنى شك فهذا يسبب الانشغال الذهني والانصراف عن القضايا الأساسية في التربية .
21- أسلوب المصارحة مع المتعلقين عن قضية التعلق بحد ذاتها أمر له تبعات وسلبيات فالأولى تركه لكن يمكن الحديث معهما عن قضايا واضحة للعيان ككثرة اللقاءات والسفريات والسهر في غير فائدة وأمور تصل إلى درجة التحريم عند التأكد منها أو فعل ما لا ينبغي ويؤثر على التزامهم .
22- لنعلم أنه من خلال التجربة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت فلا بد لها من النهاية أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية إن كانت خالصة لله جل وعلا لأسباب ليس بسطها في هذا الموضع ولذا لا يستطيل المربي المشكلة وعلاجها .
23- الحذر من موقف الإفراط والتفريط خشية الوقوع في آثارهما .
24- آخر العلاج الكي فإذا تأزم الأمر واستفحلت المشكلة وأصبح الأمر يشكل بداية الانحراف والفتور لزم التفريق بينهما بنقل أحدهما إلى محضن آخر بأسلوب غير مباشر يظهر منه الايجاب لا السلب كأن يقال المحضن الآخر بحاجة إليك أو أنه أقرب إليك أو نقله إلى محضن أفراده كبار في السن إذا كان مقارباً لهم في السن حتى تستفيد وتفيد أكثر وإلا يمكن افتعال مشكلة يكون النقل عقاباًله فيها أو بمجرد خطأ يصدر منه يستحق النقل أو يحول من البداية إلى أحد المربين الذين يتقنون فن التعامل مع هذا النوع .

فهد بن يحيى العماري
مكة المكرمة
ammare1395@maktoob.com


احصل على نسخة من كتاب : فتح آفاق للعمل الجاد ..للشيخ فهد العماري

للقراءة : فتح آفاق للعمل الجاد
للقراءة : دعوة للمصارحة : أسباب ضعف العمل الدعوي
للقراءة : من فنون التعامل : التعامل مع ظاهرة التعلق بالأشخاص

للقراءة : أيها الجيل

---------------------
الهوامش

(48)  رواه أبوداود وابن ماجه والحاكم وصححه الألباني في الجامع برقم2877 والمعنى التواضع في اللباس والتجوز في الثياب .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية