صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يداً بيد لأحياء هذه الشعيرة العظيمة

الكاتبــة الغــادة


الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضيين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه أرسله إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا وصلى الله عليه وعلى أله وأصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة إلى سبيله وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه وأعلى كلمته ولو كره المشركين وسلم تسليما كثيرا أما بعد

إن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام بعث الله الرسل وأنزل الكتب لعباده ليقطع عليهم الحجة والمعذرة

قال الله تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة213

وقال جل في علاه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}النحل36

وقال الله جلّ وعلا ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108] .

قال ابن القيم رحمه الله: "ولا يكون الرجل من أتباع النبي حقًا حتى يدعو إلى ما دعا إليه النبي على بصيرة"

فالدعوة إلى الله من حين أن بدأ الله الخلق

لقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "الدعوة إلى الله الآن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته، لأننا نعيش زمانًا انتشر فيه الباطل وأهله، -والله- ما انتشر الباطل وأهله إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله"، فواجبٌ على كل مسلم ومسلمة أن يبلغ دين الله على قدر استطاعته بقدر ما عَلَّمَه الله تبارك وتعالى من العلم، ألم تحفظ آية من كتاب الله، ألم تحفظ حديثًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

روى البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتوبأ مقعده من النار ) .

وقال صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي وغيره بسند صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الله ( نضر الله امرءً )، رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لك بنضارة الوجه يا من تبلغ عن الله وعن رسوله، ( نضر الله امرءً سمع منا حديثًا فبلغه كما سمعه، فرُب مبلغ أوعى من سامع ) .

قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104

قد بين الله في هذه الآية الكريمة بأن الداعون و الآمرون و الناهون (هم المفلحون) الفائزون

وقال سبحانه
{ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }القصص87

والأدلة كثيرة لايمكن حصرها

أما فضلها فقد قال الله تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( من دل على خير فله أجر فاعله )

وقال عليه الصلاة والسلام ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لاينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لاينقص ذلك من آثامهم شيئا ) أخرجه مسلم

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي رضي الله عنه وأرضاه ( فولله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) متفق عليه

فهنيئاً لك أيها الداعية هذا الخير العظيم

إخوتي في الله بعد أن بينا حكم الدعوة إلى الله وفضلها لابد لنا من وقفات نتحدث من خلالها عن الدعوة مالها وما علينا

فمن هنا كانت كتابة تلك السطور عل الله أن ينفعنا بها وإياكم ويوفقنا لما يحبه ويرضاه
 

مـــــع الداعيـــــة المعلم العظيم

بداية نقف مع أعظم داعية مع الذي أنار الله به عقول الإنسانية وهدى به الله البشرية كيف لا وهو الذي تركنا على المحجة البيضاء فماترك لنا من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه بأبي هو وأمي

دعا إلى الله بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وجاهد في سبيل الله حق جهاده نصح الأمة دلهم على الطريق السوي طريق الحق المستقيم

لقي من الأذى ما لقي جش رأسه وانكرست رباعيته يوم أحد سالت إصبعه يوم حنين وضعوا سل الجذور على ظهره طردوه من بلده أدميت قدماه عند عودته من الطائف قالوا عنه مجنون فثبت وقالوا شاعر وكاهن فثبت نشا يتيما يوم أن كان للدعاة أبوان وعاش في بيت طيني يوم أن سكن الدعاة القصور والبنيان

فيا دعاة الإسلام أيا ورثة الأنبياء ليكن قدوتكم وأسوتكم محمد صلى الله عليه وسلم تفوزوا فوزا عظيما
 

ماذا على الداعيـــة قبل بدءه بالدعوة

1/ يجب عليه أن يخلص لله في كل أعماله وأقواله قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5

2/ يجب على الداعية أن يتسلح بالعلم النافع قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [البقرة

3/ يجب أن يطابق كلامه أفعاله لكي لا يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف 2/3

وقال الله جلّ وعلا ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]

كان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا"، أي كما يزل الماء عن الحجر الأملس، كم من مذكر بالله وهو ناسٍ له، وكم من مخوف من الله وهو جرئٌ على الله، وكم من تالٍ لكتاب الله وهو منسلخ عن آيات الله، وكم من مقرب إلى الله وهو بعيد عن الله، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال.
 

هكذا فلتكن أيها الداعيــــــــــــة

يجب على الداعية أن يتصف بهذه الصفات

1/ العلم لابد للداعية أن يعلم بأن هذا منكر لينكره وأن ذاك معروف ليأمر به

2/ الصبر جواد لا يكبو، وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم .

فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24

ولتعلم أخي أختي... بأن الطريق ليس مفروشا بالورود والزهور بل الطريق طويل ولا بد أن تواجهك عقبات ففي الحديث عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال }أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت : يا رسول الله ! ألا تدعوا لنا؟ ألا تستنصر لنا ؟ فقعد صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه وقال لقد كان من قبلكم يمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه .... ولكنكم تستعجلون { رواه البخاري

سبحان الله ..!! أي ثبات هذا .. أي صبر هذا

وإياك أن تستعجل قطف ثمار الدعوة وتكون كالكسعي الذي يصنع السهام ويرمى بها في الليل ويظن أنها لم تصب ما أراد فكسر القوس فلما أصبح رأى أنها قد أصابت فندم على كسرها ...بل اصبر فإنك لا تدري متى يحين قطف ثمار دعوتك

3/ الصدق كن صادقا مع نفسك أولا في حمل هم الدين كما ينبغي من قول وعمل ومن ثم مع الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119

فالصدق وسيلة لنجاح الداعية وهو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا

4/ التواضع اعرف قدر نفسك لا تضعها بغير موضعها فلا تنظر للعصاة بازدراء بل انظر إليهم بعطف وشفقة ولا تبخل عليهم بالنصح والإرشاد وكن عونا لهم ولا تكن عونا مع الشيطان عليهم فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم

5/ الرفق واللين والحلم
أيها الأحبة اشد ما نحتاج إليه أثناء دعوتنا إلى الله الرفق واللين والحلم فيجب على الدعاة أن يبدأوا دعوتهم مع المكلفين، ومع المخلوقين، ومع الناس برحمة، برقة، شتان شتان بين أن تبدأ الحديث مع مكلف أو مدعو بكلمة طيبة وابتسامة مشرقة، وبين قولك كذا كذا، أو يجب عليك كذا، أو افعل كذا بغلظة وقسوة، محال أن تستحوذ على قلبه، لكن افتح قلبه بكلمة رقيقة، افتح قلبه بابتسامة مشرقة
قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران:159] .

فبالرفق واللين نبني الجسور ونستطيع من خلالها أن نعبر القلوب

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسانا

ولننظر إلى خير البشر كيف كان حلمه صلى الله عليه وسلم

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام إعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري
 

الحكــــمة

﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ ﴾ [النحل:125] الحكمة: ليست كلمة يرددها داعية أو عالم، هكذا .

قال ابن القيم رحمه الله : الحكمة هي فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، وأركانها العلم، والحلم، والأناة، وآفاتها ومعاول هدمها:
الجهل، والطيش، والعجلة.

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل:125] ولاحظ أن الله وصف الموعظة بقوله الحسنة، ولم يذكر الحكمة بالحسنة؛ لأن الحكمة الحسن أصل فيها، ووصف ذاتي لها، لا يمكن أبداً أن توصف الحكمة بغير الحسن

وقال الله لنبيين كريمين هما موسى وهارون -على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[ طه: 43-44] قال قتادة: سبحانك ربي ما أحلمك، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً، إن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبد قال: سبحان ربي الأعلى
 

العـــــدل

أي أن يكون المنِكر عادلا فلا يجور على صاحب المنكر
فينسى فضائله ويضخم سيئاته وإنما يشهد له بحسناته وفضائله ويذكرها له
 

العاطفة الحية

نحن بحاجة إلى داعية يملك قلبا يحترق على واقع الإسلام والمسلمين وعلى أوضاع الأمة في مشارق الأرض ومغاربها

يعطف على إخوانه ويحقق قوله تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }الفتح29

إن المؤمن ينبغي أن يكون شديدا على الكفار رحيماً بالمؤمنين ويحقق في نفسه قوله صلى الله عليه وسلم
مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه البخاري

ومن هذه العاطفة ينبغي أن يملك الإنسان قلبا يتأثر لأخطاء المسلمين وانحرافهم عن الدين فيحزن لانتشار الفسق والمعاصي بينهم حزنا لا يدفعه لاعتزالهم إنما يدفعه لأن يشعر أنه كالطبيب معهم يحاول إنقاذهم ويجب أن تدعوه هذه العاطفة الغيرة على نفسه وزوجه وولده فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويمنعهم من ارتكاب ما يسخط الله عز وجل

فأهٍ .... ما أحوجنا إلى قلوب تحترق !!
 

الطموح

ويعني هذا أن لا يعيش الانساء لنفسه ودنياه إنما يعيش لأمته كما كان صلى الله عليه وسلم فيجب أن يكون المسلم والداعية طموحا ويسعى للارتقاء في هذه الدرجات وأن ينظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو دونه عقبات تواجهك أيها الداعيــــة فاحذرها

1/ إياكم وإتباع الهوى
فقد قال الله عز وجل { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }ص26

فإتباع الهوى خطير يصدك عن الحق ويجعلك ضالاً شقيا كأن تقول لك نفسك اقرأ القرآن فيقول لك هواك بل الأغنية اسمع ....تب إلى الله يقول له هواك لا تفعل .... وهكذا نعوذ بالله من الهوى

فالهوى إلها يعبد من دون الله {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه }الجاثية23

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ثلاث مهلكات إتباع الهوىواعجاب المرء بنفسه وشح مطاع )

2/وربما يواجهك كبر من قبل المدعو
خرج عليه الصلاة والسلام يعرض دعوته على أهل الطائف فما منعهم من قبول الدعوة إلا الكبر
قال أحدهم ما وجد الله إلا أنت يرسلك ؟!!
وقال الثاني أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان أرسلك
وقال الثالث إن كنت نبيا فأنت أعلى أن يكلم وان كنت كذابا فانا لا اكلم الكذابين
فما أجابوه!!!
هذا الكبر من المدعوين
نعوذ بالله منه

وفي صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام كان جالسا ورجل من الناس يأكل بشماله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كل بيمينك قال : لا أستطيع قال كل بيمينك قال لا أستطيع قال : لا استطعت قالوا فما رفعها إلى فيه إلا يبست وما منعه من الاستجابة لأمر رسول الله إلا الكبر ولذلك بعض الناس حرمهم الكبر من دخول الجنة والسعادة والاستقامة في الدنيا والآخرة

3/أهل الحق قليل وأهل الباطل كثير
ليعلم الداعية بأن الصراع بين الخير والشر من حين أن بدأ الله الخلق إلى قيام الساعة فأهل الخير قليل وأن الله لا يخلى الأرض من أعدائه والله سبحانه وتعالى يقول {و َقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13وقال {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }يوسف103 والقلة دائماً معها الخير

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ( أهل الإسلام قليل في أهل العالم وأهل السنة قليل في أهل الإسلام ) ولذلك قال سبحانه {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ }الأنعام116

نزل عمر رضي الله عنه وأرضاه السوق فسمع إعرابيا مسلما يقول اللهم اجعلني من عبادك القليل فأخذ عمر بمنكبه وقال ما هذا الدعاء قال يقول سبحانه {و َقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13

فدعوت الله أن يجعلني من هذا القليل قال عمر كل الناس أفقه منك يا عمر

لكن إخوتي في الله إياكم أن يثبط كم هذا الأمر( أي قلة أهل الخير ) عن الدعوة إلى الله لا فيجب عليك أن تدعوا وأجرك على الله فالله يقول { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }النور54

وهذا سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ولم يستجب له إلا القليل لكنه دعا ولم يبالي

4/ ومن عقبات الدعوة التي تحول بين الداعية وبين الناس جليس السوء

أرى ألف بان لا يقوم بادم *** فكيف ببان خلفه ألف هادم
متى يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا أنت تبنيه وغيرك يهدم

قال ابن القيم وهل كان اشئم على أبي طالب في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم من جليس السوء ولا تخفى هذه القصة على احد عندما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عمه قول لا إله إلا الله ليحاج له بها عند الله وكان عند راس أبي طالب أبا جهل وقيل عبد الله ابن أمية فقال له أبو جهل أترغب أن تموت على ملة غير ملة عبد المطلب

فانظروا إلى الجليس السيئ شؤم والله

فلتتنبه أيها الداعية إذا دعوت رجلا ولم يتأثر منك ودائماً في المعاصي فاعلم أن له قرين يؤزه وشيطان من شياطين الإنس معه يخلو به وهذا الذي يدمر عليك الدعوة تبني في الصباح ويهدمون في المساء

5/الفتور الذي يصيب الداعية

أيها الداعية الم تسمع قول الله تعالى
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33

ماذا تنتظر؟ لما الفتور والكسل؟ فك القيود وسارع إلى ما أمرك الله به من النصح والإرشاد لكل محتاج وإياك أن تكتم ما علمك الله إياه

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار القيامة )

وقال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159

فما فائدة علمك إن لم تنصح وتعظ الناس وتتحدث إليهم !!!

6/ انشغال الناس بدنياهم وترك أخراهم
للأسف الشديد ترى أكثر الناس إلا من رحم الله ينشغل بأمور هذه الدنيا من مأكل وملبس وبناء القصور وركوب أحدث أنواع السيارات ونسي أو تناسى بأن هذه الدنيا زائلة ومهما عشنا بها لابد لنا من الرحيل

باتوا على فلل الإجبار تحرسهم *** غلب الرجال فما أغنتهم الفلل
واستنزلوا بعد عز من قصورهم *** إلى قبورهم يا بئس ما نزلوا

فماذا قدمتم لأنفسكم إخوتي

قال رسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا شربة ماء )

وقال أيضا ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلى مما طلعت عليه الشمس ) صحيح ( وفي رواية وما غربت)

فحذا ري حذا ري أن توقعك هذه الدنيا بشباكها وتزين لك نفسها ومن ثم تتركك وما عندك شيء !!

نفتقر إلى أسلوب الإقناع ..

أحبتي ..

نفتقر إلى أمر مهم في دعوتنا إلى الله قد علمنا إياه قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..ألا وهو أسلوب الإقناع

اعلم بأني لن أوفي الموضوع حقه ولكن يكفينا حديثي رسول الله صلى الله عليه وسلم

‏إن فتى شابا أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه ‏ ‏فزجروه قالوا ‏ ‏مه ‏ ‏مه فقال ‏ ‏أدنه فدنا منه قريبا قال فجلس قال أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه ‏ ‏لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال فوضع يده عليه وقال ‏ ‏اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ‏

ما أروعه من أسلوب

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي حصين كم تعبد إلها ؟ قال سبعة ستا في الأرض وواحدا في السماء قال عليه الصلاة والسلام فأيهما تعد لرغبتك ولرهبتك ؟قال الذي في السماء قال يا حصين أما إنك إن أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك فلما أسلم حصين رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني كلمتين اللتين وعدتني قال : قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي

إذا لم تدعوا أنت فمن يدعوا إذاً ؟

إخوتي
يامن منّ الله عليه بالعلم النافع والعمل الصالح وآتاه من فضله العظيم يامن سخره الله ليكون عونا لأخيه ويشد على يديه كي ينجيه

ما بالك قصرت في دعوته .. وإن لم تدعوا أنت فمن ..؟!!

اعلم رحمك الله بأنك صمام الأمان لهذه الأمة وسبب نجاتها من الهلاك فإن فقدتك الأمة سيحل عليها عذاب الله أتعلم لماذا ؟؟

لأنك سكت عن إنكار الخبث وعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال الله تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78

عن زينب بنت جحش قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ يوما من نومه فزعا وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين إصبعيه السبابة والإبهام فقالت زينب : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ) رواه البخاري ومسلم

أبعد هذا ماذا ننتظر ؟!!

وقال عليه الصلاة والسلام ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجو ونجوا جميعا ) رواه البخاري

فخذ بيد أخيك واسحبه لشاطئ النجاة ينجوا وتنجوا معه
ولا تقل بأني لست أهلا لها ...إن ذنوبي كثيرة وما زلت أجاهد نفسي

فأقول لك أخي .. أختي
من منا لا يذنب ومن منا لا يخطأ لكن أنترك أنفسنا وإخواننا يغرقون في لجج المعاصي ونحن ننظر إليهم

ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد

مواقف بطولة وشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

أخوتي في الله
إن تاريخ العلماء والدعاة من سلف هذه الأمة حافل بمواقف الاستبصار ومواطن الذكرى مملوء بالدروس النافعة الرائعة والمواقف البطولية الشجاعة

هؤلاء العلماء الذين تحلوا بصفة العلم والعمل والتقى والزهد والجرأة على الحق والصلابة في التمسك بالعدل والمحافظة على حدود الشرع وحمل الدعوة لإقامة شرع الله في الأرض

فلنسمع أخبارهم

عبد السلام النابلسي
ملك الفاطميون البلاد المصرية سنة 853ه وزعموا أنهم من نسل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم زورا وبهتانا فأظهروا التشيع والرفض وعطلوا الصلوات وحاربوا أهل السنة وتوجه المعز الفاطمي إلى الإسكندرية فذبح فيها من علماء السنة من ذبح وكان أن أحضر بين يدي المعز العالم الزاهد الورع العابد التقي أبو بكر النابلسي

فقال له المعز بلغني عنك أنك قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت المصريين بسهم

قال النابلسي ما قلت هذا فظن المعز أنه رجع عن قوله فقال كيف قلت ؟ قال قلت ينبغي أن نرميكم بتسعة ثم نرميهم بالعاشر !!

قال ولم ؟ قال لأنكم غيرتم دين الأمة وقتلتم الصالحين وأطفأتم نور الإلهية وادعيتم ما ليس لكم

فأمر بإشهاره في أول يوم ثم ضرب في اليوم الثاني بالسياط ضربا شديدا مبرحا ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث فجيء بيهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن الكريم قال اليهودي فأخذتني رقة عليه فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين فمات رحمه الله

كم من عالم سقط على الطريق من أجل أن تعيش كلمة الحق وكم من عالم عذب وأهين من أجل أن تبقى كلمة الحق عزيزة عالية لا تنالها يد الظالمين !!!!

شيخ الإسلام ابن تيمية
أما الموقف الثاني فمع عملاق الإسلام المجدد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

دخل شيخ الإسلام يوما على ( قطلوبك الكبير ) وكان أميرا على بعض نواحي الشام –حين شكا إليه رجل من المسلمين من مظلمة له وكان قطلوبك فيه جبروت وتكلم معه في ذلك

قال قطلوبك أنا كنت أريد أن أجئ إليك لأنك عالم زاهد قال ذلك مستهزئا

فأجابه ابن تيمية لا تعمل علي در كوان ( كلمة فارسية ومعناه المكر والحيلة ) فقد كان موسى خيرا مني وفرعون كان شرا منك وكان موسى يجئ إلى باب فرعون كل يوم ثلاث مرات ويعرض عليه الإيمان !!!!

العز بن عبد السلام
المعروف بسلطان العلماء وله عدة مواقف جليلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن ذلك موقفه مع سلطان الديار المصرية فقد خرج ذلك السلطان في يوم العيد في موكب عظيم والشرطة مصطفون على جوانب الطريق وحاشيته يحيطون به والأمراء يقبلون الأرض بين يديه والعز رحمه الله يرى ذلك فنادى السلطان قائلا .... يا أيوب !

ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوأ لك ملك مصر تبيح الخمور ؟ فقال أو يحدث هذا ؟

فقال نعم في مكان كذا وكذا حانة يباع فيها الخمر فقال السلطان يا سيدي هذا أنا ما عملته هذا من عهد أبي فهز العز بن عبد السلام وقال أنت من الذين يقولون ( إنا وجدنا آباءنا على أمة ؟ !)

فأصدر السلطان أمرا بإبطال الحانة ومنع بيع الخمور وانتشر الخبر بين الناس ورجع العز إلى مجلس درسه فجاءه أحد تلاميذه يقال له الباجي فسأله قائلا يا سيدي كيف الحال ؟ فقال يابني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه فتؤذيه فقال يا سيدي أما خفته ؟

فقال والله يابني لقد استحضرت عظمة الله تعالى فصار السلطان أمامي كالقط !!!!

فرحم الله هؤلاء العلماء العاملين الآمرين بالمعروف والناهون عن المنكر غير خائفين في الله لومة لائم إنهم قوم شعروا بثقل الأمانة الملقاة على عواتقهم فشمروا لحملها وأيقنوا بحفظ الله لهم وتأييده إياهم فبذلوا في سبيل إظهار دينه كل ما يملكون

أفلا نكون مثلهم !!!

أسأل الله عزّ وجلّ أن يشرفنا وإياكم بالدعوة إليه، وألا يحرمنا وإياكم من كرامة البلاغ عنه، وألا يحرمنا وإياكم من دلالة الخلق عليه بحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

الكاتبة / أختكم الغادة

استعنت على كتابة هذا الموضوع بالمراجع الآتية
الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
عقبات في طريق الدعوة / الشيخ عائض بن عبد الخالق القرني
حتى لا تغرق السفينة / الشيخ سلمان بن فهد العودة
من أخلاق الداعية / الشيخ سلمان بن فهد العودة
علماؤنا ودعاتنا / عبد الرحمن الجامع

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
زاد الـداعيـة
  • شحذ الهمم
  • زاد الخطيب
  • فن الحوار
  • فن الدعوة
  • أفكار إدارية
  • معوقات ومشكلات
  • رسائل ومقالات
  • من أثر الدعاة
  • الصفحة الرئيسية