بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الجهاد في الشيشان وواجب المسلمين تجاههم


فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله من كل سوء
ما حكم القتال مع إخواننا في الشيشان، وما واجب المسلمين تجاههم؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين أما بعد :
فقبل الجواب عن السؤال لا بد من ذكر لمحة قصيرة تبين مكانة الجهاد في الإسلام وفضله فأقول :
الجهاد ركن من أركان الإسلام وأصل من أصوله، لا يستقيم الدين ولا يأمن المسلمون من كيد أعدائهم إلا بإقامته ، وما استولى المسلمون على مشارق الأرض ومغاربها في عصر مضى إلا بالجهاد ، علما أن الجهاد من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله عز وجل ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) والجهاد كما أنه سبب لمحبة الله فهو سبب لغفران الذنوب ودخول الجنة ، قال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم) ، فأي عمل أفضل من عمل يكون سببا لحب الله تعالى ورسوله وغفران الذنوب ودخول الجنة، ولو لم يرد في فضل الجهاد والترغيب فيه إلا قول الرسول عليه الصلاة والسلام (لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب) لكفى .
وما ترك قوم الجهاد إلا أصيبوا بالذل والهوان حتى يراجعوا دينهم ويقيموا الجهاد ، قال عليه الصلاة والسلام (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).

أما الجواب عن السؤال ، فالسؤال ذو شقين :
الشق الأول : عن حكم الجهاد مع إخواننا في الشيشان ، فأقول : القتال مع إخواننا في الشيشان واجب وجوبا عينيا على كل قادر عليه حتى يوجد من يكفي لمقاومة الأعداء ، فإذا تحقق ذلك أصبح الجهاد معهم فرض كفاية.
الشق الثاني : عن واجب المسلمين تجاههم : فالإسلام يوجب على أهله الاهتمام بإخوانهم والحرص على دفع الشر عنهم وموالاتهم ونصرتهم، قال سبحانه وتعالى( وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) وقال عليه الصلاة والسلام (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وقال عليه الصلاة والسلام (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) ثم شبك بين أصابعه .
فإذا عرفت هذه النصوص التي قدمناها من حثه سبحانه وتعالى على الجهاد وترغيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيه وكان ما يلاقيه إخواننا في تلك البلاد من قتل وتشريد وهتك للأعراض ونكبات وإذلال لهم غير خاف عليك، أدركت أن واجب المسلمين حكاما وحكومات وشعوبا هو شد أزر أولئك المجاهدين ونصرتهم وإعانتهم ورفع الضر عنهم بكل ما أوتوا من قوة، وإذا تخلى المسلمون عن نصرة إخوانهم المجاهدين فسيضطر المجاهدون إلى طلب العون من أعدائهم كالهيئات الدولية الكافرة والبعثات التنصيرية الحاقدة كالصليب الأحمر وغيره.
والنصرة والإغاثة تكون بالنفس وبالمال وباللسان :
فأما الجهاد بالنفس فهو بمباشرة القتال للقادر عليه كما أسلفنا والانضمام إلى صفوف المجاهدين .
وأما الجهاد بالمال فهو لا تقل أهميته على الجهاد بالنفس بل هو متوقف عليه، فإن توفر المال لدى المجاهدين يمكنهم من تأمين احتياجاتهم مما تتطلبه حالة الحرب من عدة وسلاح وذخيرة وغير ذلك ، كما أن المجاهدين في حاجة ماسة إلى المال في مجالات أخرى كعلاج الجرحى وتأمين الطعام والشراب والكساء والغطاء وغير ذلك من متطلبات الحياة التي تفرضها عليهم حالة الحرب لاسيما في تلك البلدان الشديدة البرودة.
ولأهمية الجهاد بالمال حث الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه العزيز وقدمه بالذكر على الجهاد بالنفس كقوله تعالى (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) وقال أيضا (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) وقال أيضا (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) وقال عليه الصلاة والسلام (جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم) إلى آخر النصوص الدالة على تقديم الجهاد بالمال على النفس.
أما الجهاد باللسان فيشمل أمورا كثيرة منها ما يتعلق بالخطابة والإعلام مما يتضمن شرح أحوال المجاهدين وإيضاح ما يحصل لهم من انتصارات على العدو وبيان شراسته وفظاعة ما يلاقيه إخواننا من هجمات حاقدة تستهدف القضاء عليهم وحرق بلادهم وتشريد شعبهم وتوضيح ما تتناقله أيضا وسائل الإعلام الكافرة من أخبار مزيفة لا تمت إلى الحقيقة بصلة.
ومن مجالات الجهاد باللسان أيضا الدعاء للمجاهدين بالنصر والتأييد وإعلاء كلمة الله التي يقاتلون من أجلها، وكذلك على أعدائهم بالهزيمة والخذلان والتدمير.
وإن مما يؤسف له أن بعض الجهات الإسلامية تحاول منع من يريد الذهاب إلى تلك الجبهات الساخنة من شباب الأمة المتعطش للجهاد ونصرة إخوانهم المجاهدين، فتضع العراقيل في طريق وصولهم، وربما يقبض على من يحاول الوصول إلى هناك ويودع في السجون لا لشئ إلا لأنه يريد أن يقاتل في سبيل الله فحسبنا الله ونعم الوكيل ، نسأل الله تعالى أن ينصر دينه ويعلي كلمته إنه على كل شئ قدير وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

أملاه فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
بريده   2/8/1420هـ