بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى الشيخ حمود العقلاء الشعيبي ..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين .. وبعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

فضيلة الشيخ :
رسالة أوجهها إلى مقامكم ، أراها من أقل الواجب تجاهكم ، فانظروها بعين العارف بتقصير كاتبها ، المدرك لقصور مرسلها ، إذ أنه لا يعدوا أن يكون ابناً صغيراً لكم ، ومحباً في الله لفضيلتكم .

فضيلة الشيخ :
لله دركم حين نطقتم ، وحين أفتيتم ، وحين بيّنتم ، فقد كان لكلماتكم وقـعُـها ، ولفتاواكم مكانتها ، فبالحق أعلنتم ، وبالأدلة الشرعيّة استدللتم ، ولم تألوا جهداً في البيان ، ولم تدّخِروا وسعاً في نُصحِ أهل الإسلامِ والإيمان ، فشكر الله سعيكم ، وبارك في علمكم وعمركم ، وجزاكم بالحسنات والإجور على جميلِ صنيعكم .

فضيلة الشيخ :
وكم على الأرض من خضراء مورقة ... وليس يُرجَم إلاّ من له ثمر
وفي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس يخسف إلاّ الشمس والقمر
سمعنا وقرأنا بعض ما قيل عنكم ويقال ، من تنقص أو إلصاق تهم ، أو محاولات لإسقاط مكانتكم ، وإلغاء فتاواكم ، وقد كان لبعض المشايخ نصيب في هذا الباب ، فخاضوا وقالوا وحكموا بغير الحق والإنصاف ، وأقول لفضيلتكم : لا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ، فهم قالوا بلا دليل ، وتنقصوا بلا برهان ، واتّهموا بلا بيّنة ، وتكلموا بغير كتاب وسنة ، وحكموا ظلماً ، بل وألّب بعضهم وحرّض ، وأعان عليكم بكلمات لم يُلقِ لها بالاً ، ألاّ في الفتنة سقطوا ، وفي الظلم والعدوان وقعوا ، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم .

فضيلة الشيخ :
طريق الحق مليءٌ بالشوك والأذى ، محفوف بالأخطار والمكاره ، وأنتم تسيرون على طريق الأنبياء ، فالابتلاء لا بد منه ، والطعنات أمر مؤكد ، والطاعنون كثر لا كثرهم الله ، والمتربصون على أهبة الاستعداد ، والخاذلون يترنحون ، والمخادعون يتلونون ، والمتذبذبون في حيرة واضطراب ، وبعضُ من يُحسنُ الظنُّ فيهم بغير الحق ينطقون ، وبالباطل يفوهون ، وللباطل يُبرِرون ، فالله الله أن تتأثروا بفعلهم ، أو تحزنوا لعملهم ، أو تضيقُ صدوركم بأقوالهم واتهاماتهم ، أو تلقوا بالاً لقيلهم وقالهم ، فانتصروا عليهم بثباتكم على الحق ، وتمسّككم بالكتاب والسنة ، ونصركم للهدى ، وسيركم في طريق الأنبياء ، ولا يفُـتَّـنَّ في عضدكم تكالبهم عليكم ، فإن الحق أبلج والباطل لجلج ، وما صدر عنكم أُسس بنيانه على تقوى من الله ، فالدليل الشرعي مستندكم ، وبه استدلالكم .

فضيلة الشيخ :
إن الأمّة الإسلامية في أمس الحاجة إلى وقفات العلماء الربانيين - وخصوصاً في عصرنا - الذي اختلطت فيه المفاهيم ، وتزلزل فيه بنيان العقيدة ، واشتدت فيه غربة الإسلام وأهله ، وأصبحت اليد الطولى فيه للباطل والمنكر ، وتكلم في الإسلام تحريماً وإباحة وتعليماً حتى قادة الصليب ، وخفتت فيه أنوارُ الحق ، وعلا فيه بنيان الكفر والفجور ، وقلّ فيه الناصر ، وعزّ فيه المنكِر ، وانبرى لتبرير الواقع من ظاهره الخير والصلاح ، ودافع عن المنكرِ والباطل من يُعدّ من أهل العلم ، ولذا : فالله الله أن يؤتى الإسلامُ من قِبلِكُم ، والله الله في الثباتِ على الحقِ ونصرِهِ وتأييدِ أهلهِ وفضحِ الباطلِ وهدمِ بنيانهِ ، فاستعينوا بالله واصبروا ، ولستُم وحدَكُم ، فلكم إخوة يقولون بقولكم ، ويسيرون على طريق الحق مثلكم ، أعلنوها قويّة مدويّة ، وأصدروا الفتاوى ، ونصحوا الأمّة ، فلا تستوحِشوا لقلّة السالكين ، وكثرة الهالكين ، فالطريق ناح فيه نوح ، وألقي في النار إبراهيم ، وذبح فيه يحي ، ونشر بالمناشير زكريا ، والله تعالى يقول : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } .

فضيلة الشيخ :
إن الدعوات لكم بالخير والتوفيق والتأييد ، والحفظ والتسديد ، تأتي من الصغير والكبير ، من ساحات الجهاد ، وفي السجود ، وفي المجالس ، وفي ساعات الإجابة ، وهذا من توفيق الله ونعمته وفضله ورحمته ، فالله أسأل أن يستجيب ، وأن يوفقكم ويحفظكم ويسددكم ويكفيكم كل شر وبلاء ، وأن يختم للجميع بخير الخواتيم ، وأن يجمعهم في جنته ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .

الواضح منتدى الفوائد

17/8/1422هـ