بسم الله الرحمن الرحيم

مات الإمام


يا عينُ جودي، فإن القلبَ منفطرُ …………. وليسَ يشفيه غير الدمعِ ينهمرُ
وكيف يُشفى من الأحزان ذو كَمَدٍ؟ …………. أم كيف يُطفى لهيبُ النار تستعرُ
وهل ترد الدموعُ فجعَ غائلةٍ؟ …………. أم يصرفُ النائباتِ الحزنُ والسهرُ؟
هي المنايا على المُنى مُحكمةٌ، …………. فلذةُ العيشِ شاب صفوها الكَدَرُ
والموتُ حق على العباد مُنحتمٌ، …………. فلا التوقِّي يرده ولا الحذرُ
كم من فتىً مُصبحٍ في بحر غفلته، …………. وموتُه الليلَ في الكتابِ مستطرُ
وجامعٍ دنس الدنيا لِوارثه، …………. والقبرُ عمَّا قليل سوف يُحتفَر
وخائضٍ في الدنى، ولا نصيبَ له …………. مِن زادِ أُخراه، والرحيلُ منتظرُ
كم من ظنون أحان الموتُ زخرفَها، …………. والظنُّ يخرسُ حينَ ينطقُ القدرُ

* * * *

مات الإمامُ، فسورُ العلم منثلمٌ، …………. والحقُّ باك، وعَظمُ الدينِ منكسرُ
مات الإمام، فصارمُ الجهادِ به …………. فلٌّ، وعينُ الهدى في الدمعِ تنغمرُ
مات الإمام، فمن للكفرِ يردعه؟ …………. ومن لِداء النفاقِ حين ينتشر؟
من للضلالِ يميط ظلَّ سدفتِه …………. كما يزيلُ سوادَ الدلجةِ القمرُ ؟
من للجهالات بالبرهان ينسفها …………. فتُسلم الروح، لا عينٌ ولا أثرُ؟
من للكلاب من الأحجار يُلقِمها؟ ……. والكلبُ يخرسه – إذا عوى – الحَجَرُ
من للأعادي إذا ما ذرَّ قرنهمُ؟ …………. من للأُلى جاهروا بالفسق أو كفروا؟
مات الإمام، وكان حجةً عَلَما …………. بحرًا من العلم لا يشوبه الكدر
قد كان يُبصَر عند كل معتركٍ …………. ليثاً، إذا استأسد النعامُ والحُمُرُ
وكان يُقصد عند كل نائبةٍ، …………. فيَجترِي، إن تولَّى مَن به خَوَرُ
وكان بالعلم يُحيي سُنَّةً دَرَست …………. كما يغيثُ مواتَ البَلقَعِِ المطرُ
وكان تُرجى الفتاوى منه زاهرةً …………. كالدرِّ في اللمعان، بل هي الدُّرر
المجد غايتُه، والحق رايته …………. والعُرْف عادته، وكُتْبه غُرر
وصَدعُه بالهُدى صِرفاً، وإن رَعدتْ …………. له أنوفٌ، بكلٍّ الكون مٌشتهِرُ

* * * *

إنَّا إلى اللهِ راجعونَ، فاصْطبري …………. يا نفسُ، ما فاز إلا المَعشرُ الصُّبُرُ
مات الإمام، وما ماتت مواقفُه …………. والفكرُ يبقى إذا ما غابتِ الصُّوَرُ
فلست أرثيهِ، إنما الرثاءُ لمن …………. فؤادُه بالهوى والغَيِّ مُنصَهرُ

الشيخ عصام البشير المراكشي المغربي
الخميس 10/11/1422