صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







صوتان عاقلان من مصر .. ( نسخة لدعاة تغريب المرأة )

سليمان بن صالح الخراشي

 
في بداية القرن الماضي شهدت البلاد المصرية – بسبب المستعمر ومن اغتر به – ثورة جامحة نحو ما يسمى تغريب المرأة المسلمة ؛ غابت فيها عقول كثيرين أثناء حماسهم لهذا الأمر ؛ فلم يعودوا يُفرقون بين النافع والضار ، واستدرجوا من حيث لا يشعرون إلى التحرر مما فيه صلاحهم وسعادتهم الحقيقية ؛ رغم نصائح العقلاء الذين لم ينخدعوا بالطلاء الخارجي اللامع لدعوة التغريب ؛ بل نظروا إلى حقيقتها وعواقبها .

ومن هؤلاء العقلاء : الدكتورة الشهيرة ( بنت الشاطئ ) التي شهدت ذروة تلك الثورة الجامحة ؛ ولكنها – رغم حُسن ظنها بدعاة التغريب ومجاملتها لهم أحيانًا – لم تُخدع بالمظاهر عن المخابر ، فحذرت بنات جنسها ونصحت لهن .

يقول الدكتور محمد رجب البيومي في ترجمته لها عند ذكر مجيئها للقاهرة : ( لقد كانت فترة التدريس هذه حافلة بآراء جامحة تتحدث عن المرأة في منتصف القرن، وكأنها لا تزال في القرن التاسع عشر، مع أنها نالت من الحقوق ما رفع ذكرها، ولكن نفرًا من ذوات الصالونات المترفة تزعمن ما سميناه حقوق المرأة، وجذبن إليهن المتزلفين من كتّاب الشهرة والطنين، فاندفعوا إلى المغالاة في طلب حقوق لا تمت إلى النهضة الصحيحة في شيء، وكان من المنتظر من الجامعية النابهة في رأيهم أن تتسلم الراية، وأن تكتب ما يرضي رغبات المتأنقات من ذوات الأهواء المترددة في محافل السمر، وصالونات التباهي والافتخار، ولكنها رأت في جموحهن ما لا ترتضيه، حيث تعلم دور المرأة الحقيقي في تربية الجيل الناشيء، والاقتصار على مهام التعليم والتربية والتمريض والاقتصاد المنـزلي ؛ مما يرجع في صميمه إلى رسالة المرأة الحقيقة، فكتبت عدة مقالات صريحة في هذا الاتجاه.

فقالت في صراحة تصوّر واقعنا الراهن : " أشير في إيجاز إلى الخطأ الأكبر الذي شوَّه نهضتنا الباهرة، وأعني به انحراف المرأة الجديدة عن طريقها الطبيعي، وترفعها عن التفرغ لما تسميه خدمة البيوت وتربية الأولاد، فما من امرأة ظفرت عندنا بحظ من التعليم إلا تأبّت على هذا العمل، وكرهت أن ترضى بما رضيت به أمّها أسيرة الجدران، رهينة الأقفاص، وبهذا ضلت الحركة هدفها الأكبر والأنبل والأسمى، ذلك لأن مصر لم تخرج فتياتها من دورهن لتسد بهن فراغاً كانت تشكوه في ميادين الأعمال، وإنما أرادت من إخراجهن وتعليمهن أن تجد فيهن الأمهات المستنيرات المثقفات، يُخلفن لها الرجال والأبطال، وهذه هي اليوم ترى البيوت منهن مقفرة خلاء، أما الأبناء فتُركوا للخدم، وهم في مصر من نعلم من سوء الخلق وانحطاط المستوى، لقد كان لنا أمهات يعكفن على تربيتنا في تفان مؤثر، فاستبدلنا بهن لهذا الجيل من أبنائنا طبقة من الخادمات والمراضع والحاضنات، وويلٌ لأمة يصنع الخدم لها أبناءها، وإنما نشأ هذا الانحراف الضال نتيجة لخطأ كبير في فهم روح النهضة، ومغزى التطور، وجدوى التعليم ؛فتشابه الأمر علينا، ولم نعد نفرّق بين التعليم والاحتراف، ولا بين البيت والقفص، ولا بين الحرية والتحلل، وبلغ من سوء ما وصلنا إليه أن نادت مناديات بحذف نون النسوة من اللغة كأنما الأنوثة نقص ومذلة وعار".

( قال الدكتور البيومي معلقًا ) : هذا بعض ما كتبته بنت الشاطئ في هذا المقال الصريح، ولو وجدت من يؤازرها من بنات جنسها في هذا الاتجاه
لما شهدنا الآن هذا الخراب المدمّر في محيط الأسرة، بعد أن ألزمت الأزمة الاقتصادية أكثر الشباب بالبحث عن الزوجة الموظفة قبل كل شيء لتكون شريكة الكسب، ولا عليهما فسد البيت أو صلح! والبطالة الرهيبة التي تعانيها الأمة الآن سببها اشتراك المرأة في وظائف لم تُخلق لها أصلاً، ولو تركت هذه الوظيفة للرجل لفتح بيتاً وأنشأ أسرة، واكتفى بالضروريات في عيشه ؛ لأن الولع بالكماليات هو الذي أحدث هذا الخراب ) اهـ كلام الدكتور . ( مجلة الأزهر ، شعبان ، 1421 ) وفيه وفي كلام بنت الشاطئ موعظة وذكرى لمن كان في بداية الطريق ممن ظنوا السراب ماء ؛ لعلهم يتقون .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سليمان الخراشي
  • كتب ورسائل
  • رسائل وردود
  • مطويات دعوية
  • مـقــالات
  • اعترافات
  • حوارات
  • مختارات
  • ثقافة التلبيس
  • نسائيات
  • نظرات شرعية
  • الصفحة الرئيسية