صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشماتة

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وكفى ، وصلاة وسلاماً على نبيه الذي اصطفى ، وعلى آله وصحبه ومن بسنته اقتدى ، وبهديه اهتدى . . وبعد :
محور مهم من محاورنا التي تناولها في هذه العجالة ، وهو الشماتة بالآخرين والاستهزاء بهم والسخرية منهم ، قال الله عز وجل في جملة ما بيّن لعباده من الآداب والأخلاق الفاضلة : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } [ الحجرات11 ] .
السخرية : هي الاستهزاء والازدراء .
والشماتة : السرور بما يصيب أخاك من المصائب في الدين والدنيا وهي محرمة منهي عنها .
ومن المعلوم أن الله تعالى جعل الناس في هذه الحياة الدنيا طبقات ، فيخاطبنا جل وعلا بوصف الإيمان ، وينهانا أن يسخر بعضنا من بعض ؛ لأن المفضِّل هو الله عز وجل ، وإذا كان هو الله ، لزم من سخريتك بهذا الشخص الذي هو دونك أن تكون ساخراً بتقدير الله عز وجل ، وإلى هذا يوحي قول الرسول عليه الصلاة والسلام : " لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر " ، وفي الحديث القدسي : " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " . فلماذا تسخر من هذا الرجل الذي هو دونك في العلم أو في المال ، أو في الخُلُق ، أو في الخلقة ، أو في الحسب ، أو في النسب ، لماذا تسخر منه ؟ أليس الذي أعطاك الفضل هو الله الذي حرمه هذا في تصورك فلماذا ، ولهذا قال عز وجل : { عسى أن يكونوا خيراً منهم } ، رب ساخر اليوم مسخور منه في الغد ، ورب مفضول اليوم يكون فاضلاً في الغد ، وهذا شيء مشاهد ، وفي بعض الآثار يروى : " من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله " .
وفي الآثار أيضاً : " لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك " ، إذن يجب على الإنسان أن يتأدب بما أدبه الله به ، فلا يسخر من غيره عسى أن يكون خيراً منه .
وكم من إنسان سخر من آخر فابتلاه الله بما في أخيه من عيب ، وهذا واقع لا ينكره أحد .
فهذا رجل شمت من أبناء فلان لأنهم جميعاً يشربون الدخان ، فقال : لا خير فيهم يشربون الدخان ، فابتلاه الله بأربعة من أبنائه يدخنون ووقع أحدهم في المخدرات .
وكان شاب معاق يبيع عند جامع كنت إمامه ، الإعاقة في رجله ويده وجزء من وجهه ، وكلامه لا يكاد يُفهم ، فجاء شاب آخر يبيع عند الجامع ، وكان الناس يرحمون المعاق ويعطفون عليه فيشترون منه ، والآخر لم يكن عليه إقبال ، فكان يعتدي على المعاق ويسخر منه حتى أنه كان يقلده في مشيته وكلامه وحركاته ، ثم اختفى ذلكم الشاب المعافى فترة من الزمن ، وفي يوم من الأيام وبعد صلاة المغرب إذ بشخص يأتي إلي والله اعتقدته المعاق ، نفس العاهات في كل جسده كالتي في المعاق حتى كلامه لا يكاد يُفهم ، وسلم علي أمام الناس ، فيالله العجب ، كيف كان أثر الشماتة عاجلاً غير آجل ، فاحذروا معاشر المسلمين من الشماتة والسخرية بالآخرين ، فالجزاء عاجل وسريع .
 

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية