صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مصافحة ورياضة النساء .. توجيهات تربوية

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


سنتحدث في محورين مهمين في هذا اللقاء بإذن الله تعالى .
المحور الأول : مصافحة النساء :
لا يجوز للمرأة أن تصافح الرجل ، ولو كانت مرتدية حائلاً كالقفاز وغيره ، إلا ذي المحرم ، ومن هو المحرم ؟
المحرم : هو كل من يحرم عليه نكاح المرأة تحريماً مؤبداً ، كالأب والأخ والولد والعم والخال والجد لأب أو لأم ، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
فيحرم على المرأة أن تصافح الرجال أو تمسها أيديهم للأدلة التالية :
الدليل الأول :
عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ " [ رواه الطبراني في الكبير ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5045 ، وهو في السلسلة الصحيحة رقم 226 ] .
فالحديث نص في تحريم لمس المرأة مطلقاً في أي موضع من جسدها والمصافحة كذلك .
وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط : وهو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوها ، " من حديد " ، وخص الحديد لأنه أصلب من غيره ، وأشد بالطعن ، وأقوى في الإيلام ، " خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " أي لا يحل له نكاحها ، وإذا كان هذا في مجرد المس البريء كما يقولون ، أي إذا كان بغير شهوة ، فما بالكم بما فوقه لهو أشد إثماً ، وأعظم جرماً عند الله تعالى _ قاله المناوي _ .
و قد روي مرسلا من حديث عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن يقرع الرجل قرعا يخلص إلى عظم رأسه خير له من أن تضع امرأة يدها على رأسه لا تحل له ، و لأن يبرص الرجل برصا حتى يخلص البرص إلى عظم ساعده خير له من أن تضع امرأة يدها على ساعده لا تحل له " [ أخرجه أبو نعيم في الطب ، السلسلة الصحيحة 1/225 ] .
فما يحدث في المسلسلات والتمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة الهابطة كبرنامج استار أكاديمي ، ذلكم البرنامج الذي يدعو إلى الفضيحة والعار ، ويدعو إلى الرذيلة ، ويقتل الفضيلة ، حيث يجتمع فيه شباب وشابات في منزل واحد ، لا يحل بعضهم لبعض ، كلهم غرباء ، فسقة جهلاء ، يعصون الله تعالى جهاراً نهاراً ، يريدون الشهرة بمعصية الله ، أقول : إن هذا البرنامج داع إلى العصيان ، داع إلى الإثم والعدوان ، برنامج يدعو إلى الدياثة ، إذ كيف يسمح رجل عاقل لابنته أو أخته بأن تخالط الرجال الأجانب ، يقبلونها ، ويصافحونها ، ويلمسونها ، وإذا ما جن الليل ، فعلوا بها الأفاعيل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة أبداً : الديوث ، والرجلة من النساء ، ومدمن الخمر " [ رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3062 ] .
فمصافحة الرجل للمرأة حرام وكبيرة من كبائر الآثام ، وجريمة من الجرائم العظام ، وكذلك وضع يد الرجل على المرأة ، ووضع المرأة يدها على جسد الرجل ، كل ذلك مما يفضي إلى وقوع الفاحشة ، وانتشار الأمراض المهلكة ، لما فيه من تعد لحدود الله ، وتحليل لما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الألباني رحمه الله تعالى : " وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له ، ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك ، وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر ، بل إن بعض الأحزاب الإسلامية ، قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة ، وفرضت على كل حزبي تبنيه ، واحتجت لذلك بما لا يصلح ، معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث ، والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة " .
الدليل الثاني :
عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ . . . إِلَى آخِرِ الآيَةِ } ، قَالَتْ : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ : " انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ " قالت : وَلاَ وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ ، غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلاَمِ ، ووَاللهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى ، وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ : " قَدْ بَايَعْتُكُنَّ " كَلاَمًا " [ رواه البخاري ومسلم واللفظ له ] .
وقد فسّر ابن عبّاس رضي اللّه عنهما المحنة بقوله : " وكانت المحنة أن تستحلف باللّه أنّها ما خرجت من بغض زوجها ولا رغبةً من أرض إلى أرض ولا التماس دنيا ولا عشقاً لرجل منّا بل حباً للّه ولرسوله " .
مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يستطيع أن يصافحهن وعلى يده حائل ، لكن لم يفعل ، لأن مفسدة المصافحة قائمة ، ولم يثبت في حديث صحيح أنه صلى الله عليه وسلم صافح النساء مطلقاً ، وإنما جاء ذلك في ذلك حديث ضعيف ولا عبرة به بعد قسم عائشة رضي الله عنها أنه لم يصافح النساء مطلقاً .
قال الإمام النووي في شرح مسلم 6/337 : فِيهِ : أَنَّ بَيْعَة النِّسَاء بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْر أَخْذ كَفّ ، وَفِيهِ : أَنَّ بَيْعَة الرِّجَال بِأَخْذِ الْكَفّ مَعَ الْكَلَام " .

أقسام المصافحة بالنسبة للنساء :
قسم الفقهاء مصافحة النساء إلى قسمين :
القسم الأول : مصافحة العجوز :
فمصافحة الرّجل للمرأة العجوز الّتي لا تشتهي ولا تشتهى , وكذلك مصافحة المرأة للرّجل العجوز الّذي لا يشتهي ولا يشتهى , ومصافحة الرّجل العجوز للمرأة العجوز , جائز عند الحنفيّة والحنابلة ما دامت الشّهوة مأمونةً من كلا الطّرفين , ولأنّ الحرمة لخوف الفتنة , فإذا كان أحد المتصافحين ممّن لا يشتهي ولا يشتهى ، فخوف الفتنة معدوم أو نادر .
ونصّ المالكيّة على تحريم مصافحة المرأة الأجنبيّة وإن كانت متجالّةً , وهي العجوز الفانية الّتي لا إرب للرّجال فيها , أخذاً بعموم الأدلّة المثبتة للتّحريم .
وعمّم الشّافعيّة القول بتحريم لمس المرأة الأجنبيّة ولم يستثنوا العجوز , فدلّ ذلك على اعتبارهم التّحريم في حقّ مصافحتها , وعدم التّفرقة بينها وبين الشّابّة في ذلك .
القسم الثاني : مصافحة الشابة :
وأمّا مصافحة الرّجل للمرأة الأجنبيّة الشّابّة فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة , وابن تيميّة إلى تحريمها , وقال الحنابلة : وسواء أكانت من وراء حائل كثوب ونحوه أم لا .
واستدلّ الفقهاء على تحريم مصافحة المرأة الأجنبيّة الشّابّة بحديث عائشة رضي اللّه عنها السابق ، وبحديث معقل بن يسار المتقدم .
وقد استطردت في هذا المحور حتى يتبين لطالب الحق ، أنه لا يجوز لرجل أن يصافح امرأة لا تحل له ، ولا أن ينظر إليها ، إلا المخطوبة ، وما عدا ذلك فحرام .
فعلى الآباء والأولياء أن يحذروا مغبة هذا الأمر المحرم .
الدليل الثالث :
قَالَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي لاَ أُصَافِحُ النِّسَاءَ " [ رواه النسائي وأحمد وابن ماجة وغيرهم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2513 ] .

المحور الثاني : الرياضة في مدارس البنات :

والداعي كما يزعمون ، أن الوقت قد حان في تطبيق الرياضة في مدارس البنات في التعليم العام والأهلي ، لماذا يا تُرى ؟
قالوا : نتيجة تزايد الأمراض المرتبطة بالسمنة ، وعدم الحركة ، والتي أصبحت خطراً محدقاً بفتيات اليوم ، وأمهات المستقبل , وأن تكون ممارستها في إطار الشريعة الإسلامية ، والخصوصية للفتاة السعودية .
هذه دعوة لتحرير المرأة من قيود الشريعة ، التي حمتها ممن يريد النيل من شرفها وعفافها وحيائها ، وإلا فهل حلت الرياضة السمنة لدى أبنائنا الطلاب الذكور ، حتى تحل أمر السمنة لدى البنات والمعلمات .
إنها دعوة صريحة إلى لعب المرأة للرياضة ، وتقبلها لها ، وكذلك تقبل أولياء الأمور لهذا الأمر الخطير الذي لا يخفى على عاقل لبيب ، شريف بصير .
دعوة إلى معصية الله ، والخروج عن تعاليم الكتاب والسنة ، وإلا فمتى عرفنا الرياضة في مدراس البنات ؟
أبناء وبنات القبائل والحمائل ، لا يرضون أبداً بمثل هذه الدعاوى الكاذبة ، التي يخطط لها أعداء الملة والدين .
لأن الهدف أكبر وأخطر ، والله لهم بالمرصاد ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
وهناك ثمة أسئلة يجب الإجابة عليها وهي :
1- السمنة عند الموظفين كيف يمكن القضاء عليها ، هل توضع لهم حصة رياضية ؟
2- العسكريين لديهم سمنة واضحة ، مع أنهم في الميدان كل يوم ، فهل خفف ذلك عنهم ما يعانونه من سمنة .
أيها الأخوة انظروا إلى الدول التي يسمح للنساء فيها بمزاولة الرياضة علناً في الأندية والمدارس العامة والأهلية ، هل حلت موضوع السمنة لديهم ؟ لا لم تحل الأمر ، فأمريكا مثلاً أكبر بلد تعاني من السمنة ، وهي دولة الديمقراطية والانفتاحية والحرية المطلقة .
فمن تريد أن تخفف وزنها فهناك الرياضة المنزلية ، والتخفيف من كمية الطعام ، والجري على السير الكهربائي ، فهذه الأمور والله تنزل الوزن وتنقصه ، وهذا أمر معلوم معروف .
قال أحدهم الحل : " على النساء أن يخففن من الحلويات والسكريات ، ويسفروا الشغالات ، وسترون القوام الرشيق ، والجسم النحيل " .
أعود فأقول : مذكراً بما سبق ، مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية حرام لا يجوز ، ولا شكّ أنّ مسّ الرجل للمرأة الأجنبية ، من أسباب الفتنة ، وثوران الشهوات ، والوقوع في الحرام ، ولا يقولنّ قائل : النيّة سليمة ، والقلب نظيف ؟ فإنّ صاحب أطهر قلب ، وأعفّ نفس ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يمسّ امرأة أجنبية قطّ ، حتى في بيعة النساء لم يبايعهن كفّا بكفّ كالرّجال ، وإنّما بايعهن كلاماً كما روت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
المقصود . . . فلنحذر أيها الأخوة والأخوات عواقب المعاصي ، وآثار الذنوب ، فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هزموا يوم أحد لمخالفتهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهزموا يوم حنين لأنهم نسوا التوكل على الله ، وقالوا لن نهزم اليوم من قلة ، ونسوا أن النصر من عند الله ، ولا يكون النصر بكثرة العدد والعتاد ، وتزلزلت بهم الأرض في عهد عمر رضي الله عنه ، وهم صفوة الخلق ، وأفضل البشر بعد الأنبياء ، فكيف بحالنا اليوم ، ونحن لا نعدل معهم جناح بعوضة ، لنحذر عقوبة الله ، وسخط الله ، إذا عصينا أمره ، وخالفنا نهيه ، ولنعتبر بهذه البلايا والرزايا ، والفتن والمحن ، التي تدك كل أرض اليوم ، من أمراض مهلكة مستعصية ، وأحوال جوية غريبة ، زلازل وبراكين وغبار وأتربة ونفوس مريضة ، فالله الله بالتوبة النصوح ، باتباع الكتاب والسنة ، ففيهما الخير كل الخير لمن تمسك بهما ، وترك ما سواهما من مطالبات يطالب بها أعداء الله من المنافقين والمنافقات .
والله من وراء القصد ، وهو حسبي ونعم الوكيل { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } .


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية