صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







زلزال هاييتي
عبر . . . وعظات في بدابة شهر صفر لعام 1431هـ

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم

زلزال هاييتي
عبر . . . وعظات في بدابة شهر صفر لعام 1431هـ
الحمد لله رب البريات ، وأشهد أن لا إله إلا فاطر الأرض والسموات ، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله الهادي لأقوم طريق وأهدى سبيل ، صلى الله وسلم عليه في العالمين ، وعلى آله وأصحابه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . وبعد :
زلزال رهيب ، ويوم عصيب ، استمر ثوان معدودة ، ذهب ضحيته مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين .
*** أكثر من 100 ألف قتيل .
*** وأكثر من 250 ألف جريح .
*** وأكثر من مليون شريد .
*** دولة صغيرة تقع في جزر البحر الكاريبي ، وتشغل الثلث الغربي من جزيرة هيسبانيولا .

السكان :
95 % من سكان هايتي ينحدرون من أصول أفريقية ، وبقية السكان 5 % ينحدرون من أصول مخلطة من الأفارقة والأوروبيين وغيرهم .

الديانة :
80 % من سكان هايتي مسيحيون يعتنقون المذهب الكاثوليكي ، وبقية السكان يعتنقون ديانة " الفودو " ، وهى ديانة إفريقية تقليدية أدخلها إلى هايتي العبيد الأفريقيون القدماء ، المقصود : أنها ديانات غير صحيحة ، ومعتنقوها كفار بالله عز وجل .

الزراعة :
تعتبر الزراعة من أهم الأنشطة الاقتصادية ، حيث يعمل بها نحو 7 % من إجمالي القوى العاملة في البلاد .

الموانئ :
يعتبر ميناء "بورت - أو - برنس" وميناء " الكاب الهايتي " من أهم المواني البحرية في هايتي .

السياسة :
تعانى هايتي من الاضطرابات السياسية والعسكرية، بسبب الانقلابات العسكرية المتكررة .
وعلى سبيل المثال ، فقد حدث انقلاب عسكري عام 1991م ، أوقف العمل بالدستور وظل في الحكم حتى عام 1994، حين تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال بعض قواتها ، لإرغام النظام العسكري الذي استولى على الحكم ، على السماح بإعادة الرئيس الشرعى للبلاد " برتراند أرستيد " إلى منصبه . ووافق الجيش الهايتي على ذلك وعاد الرئيس فعلا إلى منصبه .

اسم الدولة :
الاسم الرسمي: جمهورية هاييتي

العاصمة :
بورت أوبرنس Port-au-Prince

الموقع :
تقع في قارة أمريكا الجنوبية .

عدد السكان :
تعداد السكان : 7,527,817 نسمة في يوليو 2003م .

المساحة :
تبلغ مساحتها :27750 كيلومتراً مربعاً .

الحدود :
يحدها من الشمال : المحيط الأطلنطي .
ومن الجنوب : البحر الكاريبي .
ومن الغرب : جمايكا وكوبا .
ومن الشرق : جمهورية الدومينيكان .

العملة :
1 جورد = 100 سنتيم .

نوع الحكومة :
جمهورية .

حقوق التصويت :
عام يبدأ من سن 18 سنة .

الاستقلال :
استقلت عن فرنسا في 1 يناير 1804م .

مظاهر السطح :
فيها سلاسل جبلية وهي تمثل حوالي ثلثي الدولة ، ومعظم أنهارها غير صالحة للملاحة ، إلا نهر واحد يسمى [ ارتيبونيت ] ، وأكبر البحيرات العذبة هي بحيرة [ بليجرا ] .

المناخ :
يسود هاييتي مناخ استوائي ، يبلغ معدل درجة حرارة السواحل حوالي 27 درجة مئوية (81 فهرنهايت) مع بعض الاختلافات بين الشتاء والصيف ، بينما تكون الجبال أكثر برودة ، ويتركز موسم المطر في الفترة من ابريل إلى يونيو ومن أكتوبر إلى نوفمبر ، ويختلف معدل سقوط الأمطار باختلاف الارتفاع .

البيئة :
تعتبر هاييتي أفقر دولة في نصف الكرة الغربي ، ولقد أدى الفقر مع الحاجة إلى المحاصيل الغذائية إلى إزالة جميع غابات الدولة تقريباً ولم يبق منها إلا حوالي 2 % فقط وحتى المتبقي يتعرض هو الآخر للإزالة بمعدل 3.9 % سنويا من (1981/1990) إلا أن هاييتي لا تزال غنية في تنوعاتها الاحيائية ، وهناك برامج لإعادة زرع الغابات .

من المشاكل :
ومن المشاكل الحالية الموجودة في هاييتي مشكلة تآكل التربة بسبب الممارسات الزراعية الخاطئة .

المنتجات :
أهم المنتجات الزراعية : الموز، والبن ، وقصب السكر، والبطاطا.
أهم المنتجات الصناعية : المنسوجات ، والآلات .
أهم المنتجات التعدينية : الرخام ، والحجر الجيري .

العضوية :
عضو في العديد من المنظمات الدولية .

العقوبة :
وهذه الجمهورية نسأل الله العافية ، تعاني من تفشي مرض الايدز ، بسبب الإباحية المطلقة ، وكثرة انتشار فاحشة الزنا ، هذه الجريمة البشعة التي لم تحل في ملة قط ، ولم يحلها أهل عقل ودين ، إلا الشيعة الرافضة الاثني عشرية ، الذين أباحوا الزنا ، باسم [ زواج المتعة ، واستعارة الفروج ] ، ولهذا عاقبهم الله عقوبة لا تزال في ذاكرة التأريخ ، ذلكم الزلزال الذي أصاب مدينة قم الإيرانية ، وراح ضحيته خمسون ألفاً ، ومثلهم جرحى ، وأمثالهم مشردون ، وهذه سنة الله في عباده إذا طغوا وبغوا أن ينزل عليهم الآيات والنذر تخويفاً ، فإذا لم يرجعوا إلى دينهم عاقبهم بما يستحقون .
كذلك كثر أولاد الزنا في إيران بسبب إباحة الزنا ، حتى أن رئيس الجمهورية آنذاك المسمى برفسنجاني _ قيض الله له من يرفسه حتى الممات _ هدد بإلغاء زواج المتعة ، ومدينة مشهد الإيرانية من أكثر دول العالم انحلالاً وضلالاً ، وإباحة للزنا .
فهذه الفاحشة العظيمة ، والجريمة الأثيمة _ فاحشة الزنا _ فيها تعد لحدود الله عز وجل .
وليس عنا ببعيد زلزال تسونامي ، ذلكم الزلزال المهول المخوف ، الذي لن يُنسى أبداً ، فكانت ضحاياه بالملايين ، ولقد قال شهود العيان : أنه على امتداد تلكم السواحل البحرية ، كان الكثير من الناس يمارسون فاحشة الزنا ، عياناً بياناً ، جهاراً نهاراً ، هانوا على الله فأهلكهم ، ولو عزوا عليه لعصمهم ، ولكنهم تمادوا في غيهم وعصيانهم ، فانحسر البحر عشرات الأمتار ، فدخل الناس ليمسكوا الأسماك بأيديهم ، فأتاهم أمر الله الذي لا مرد له ، كما فعل الله بقوم لوط من قبلهم لما عصوا وأفسدوا وكذبوا ، فأذاقهم الله أليم عذابه ، وشديد عقابه ، { يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [ هود76 ] .
ويقول الحق تبارك وتعالى : { فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ } [ غافر78 ] .
المقصود : أنهم لما دخلوا البحر وقد أغضبوا الرحيم قبل ذلك ، فغضب الله عليهم ، لأنهم تركوا الحلال ، واتجهوا للحرام ، فهاج عليهم البحر ، جندي من جند الله ، كما أغرق الله قبلهم قوم نوح لما كذبوا نبيهم ، فاختلط الماء بالنار ، وخرجت الحمم من الأرض ، وأصبح الماء في درجة غليان لا تقاومها الجبال ، فكيف بالبشر ، كل ذلك بسبب فاحشة الزنا ، فأتاهم بسرعة هائلة تبلغ مئات الكيلومترات ، فسحق وأحرق ، ودمر وأهلك بإذن الله الرحيم الغفور ، لكنهم نسوا أن الرحيم ، شديد العقاب ،قال الله عز وجل : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ } [ الرعد6 ] ، وقال تعالى : { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ } [ الحجر 49-50 ] .
هكذا هي سنة الله في خلقه ، إذا طغوا وبغوا وكذبوا وتعنتوا ، يذيقهم العذاب الأليم .
ولقد تعرضت جمهورية هاييتي الطاغية إلى عواصف مدمرة خلال السنوات التالية : 1963 - 1980 - 1988 – 1994 .
قال تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [ فصلت53 ] .
وقال سبحانه : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ } [ الحج48 ] .
وقال عز وجل : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً } [ الطلاق8 ] .
ألا وإن فاحشة الزنا حرمها الله تعالى في كتابه ، وجاء تحريمها في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولم تُحل في ملة قط .

التحذير من الزنا :
قال تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } [ الإسراء32 ] .
فالدعوة إلى الاختلاط بين الرجال والنساء في مكان واحد ، دعوة غير صريحة للزنا ، فإن من أسباب هذه الفاحشة ما يدعو إليه الكتاب في صحفهم ، وقنواتهم ، من خروج المرأة من بيته عزها ومجدها وعفتها وكرامتها ، لتكون ألعوبة بيد ذئاب البشرية ، وكلاب الإنسانية ، فماذا بعد التبرج والسفور والاختلاط إلا الوقوع في الزنا ، فاحذروا أيها المسلمون تلكم الدعاوى والكتابات المضللة ، حتى لا يحيق بنا عذاب الله ، كما ذاقه من تعدى حدود الله .
ولقد رتب على فعل الزنا عقوبات ثلاث : في الدنيا ، والقبر ، والآخرة .

أما في الدنيا :
فقال الله تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ النور2 ] .
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " خُذُوا عَنِّي ، خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ " [ متفق عليه ] .

وفي القبر :
في صحيح البخاري من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ _ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ _ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ _ قَالَ _ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا _ قَالَ _ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : إِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي " .
وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ " [ رواه البخاري ومسلم ] .

ويوم القيامة :
يقول الله عز وجل : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً } [ الفرقان 68-71 ] .
وعن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا يدخلون الجنة : الشيخ _ الرجل الكبير _ الزاني ، والإمام الكذاب ، والعائل المزهو _ الفقير المتكبر _ " [ رواه البزار بإسناد جيد ، وهو في صحيح الترغيب والترهيب 2/614 وصححه الألباني ] .
والخلود هنا لمرتكب الزنا خلوداً غير دائم ، لأن مذهب أهل السنة والجماعة أن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه ، فاسق بكبيرته ، ما لم يتب ، وأنه تحت المشيئة يوم القيامة ، إن شاء الله غفر الله ، وإن شاء عذبه بقدر كبيرته ، فالأمر عظيم وكبير .
قال الترمذي رحمه الله : " وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ لاَ نَعْلَمُ أَحَداً كَفَّرَ أَحَداً بِالزِّنَا أَوِ السَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ " ما لم يستحله ، فإن استحله فهو كافر ، لأنه يرد القرآن ويكذب السنة ، ويخالف علماء الأمة .

تحذير الدول من الزنا :
وجاء التحذير من الزنا ، لأن الله يهلك بسببه البلدان والدول والشعوب والأمم ، نعم يدمر الله بسببه دولاً كاملة بأهلها ، وآيات الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم شاهدةٌ على ذلك :
قال الله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود102 ] .
ويقول الله جل شأنه : { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } [ الكهف59 ] .
فاحذروا عباد الله ، فليس بينكم وبين الله نسب ولا واسطة ، حتى تُستثنون من العقوبة ، إذا خالفتم أمره ، ولا تأمنوا مكر الله ، فالعذاب يأتي بغتة ، والأجل لا يتأخر ، والأمل يُخترم .
وتأملوا معي هذه الآيات التي يقول الله فيها : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } [ الأعراف 96-99 ] .
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا ، إِلاَّ أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ " [ رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد ] .
وعَنْ أم المؤمنين مَيْمُونَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " لاَ تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا ، فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا ، فَيُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِذابٍ " [ رواه أحمد بإسناد حسن ] .
ونحن اليوم نشاهد كثرة اللقطاء ، بسبب تفشي الزنا ، فويل لأصحاب الزنا من رب الأرض والسماء ، قال جل وعلا : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء108 ] .
الزنا من أفحش الفواحش ، وأحط القاذورات ، وأجرم الجرائم ، وقد قرنه الله بالشرك فقال : { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [ النور3 ] .
لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن المجتمع كله يصيبه الأمراض والأوجاع بسبب انتشار الزنا ، يقول عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ _ الزنا _ فِي قَوْمٍ قَطُّ ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا ، إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الِّذِينَ مَضَوْا " [ أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7978 ] .

تحذير المرأة من الزنا :
وهذا تحذير للمرأة من الوقوع في فاحشة الزنا ، فقد جاءت أحاديث بتحذيرها خصوصاً ، وإن كان الخطاب للعموم :
عن عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد : هل من داع فيستجاب له ، هل من سائل فيعطى ، هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له ، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشاراً " [ رواه أحمد والطبراني واللفظ له ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/ 610 ، برقم 2391 ] .
ألا تريدين الجنة يا أمة الله ، إذن عليك أن تتحصني من الحرام ، صحيح الترغيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا صلت المرأة خمسها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت " [ رواه ابن حبان في صحيحه ، وقال الألباني : حسن لغيره ، صحيح الترغيب والترهيب 2/618 برقم 2411 ] .

التحذير من الزنا بامرأة الجار :
إيذاء الجار بأعلى أنواع الأذى ، وذلك من أعظم البوائق ، فلو كان الجار أخاً أو قريباً من أقاربه انضمّ له قطيعة الرّحم فيتضاعف الإثم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " [ متفق عليه ] ، ولا بائقة أعظم من الزّنا بامرأة الجار. وجاء التحذير من فعل الزنا بامرأة الجار ، وشديد العقاب على ذلك :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ " ، قُلْتُ : إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : " وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ " ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ _ زوجة_ جَارِكَ " [ رواه البخاري ومسلم ] .
وعن الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : " مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا ؟ " ، قَالُوا : حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ :" لأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ ، أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ " [ رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/615 ، برقم 2404 ] .

التحذير من الزنا بامرأة المجاهد :
وجاء التحذير من فعل الزنا بامرأة المجاهد في سبيل الله ، توعد الله عليه بعقوبة :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما رفع الحديث قال : " مثل الذي يجلس على فراش المُغِيبَةِ _ التي غاب عنها زوجها _ مثل الذي ينهشه أسْوَدٌ _ حية سوداء _ من أساود _ حيات _ يوم القيامة " [ رواه الطبراني ورواته ثقات ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/616 برقم 2405 ] .
وَعَنِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحرمة أُمَّهَاتِهِمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ ، فيخونه فيهم ، إِلاَّ نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُقَالُ : يَا فُلاَنُ ، هَذَا فُلاَنٌ ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ " ، ثُمَّ الْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : " مَا ظَنُّكُمْ تُرَوْنَ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئاً " [ رواه مسلم وأبو داود والنسائي ] .

أضرار الزنا الصحية :
للزنا أضرارٌ صحية كثيرة منها :
أولا : الزهري : وهو خطير جداً ومعد ، وأعراض المرض الأولى تتمثل في قرحة صلبة تكون على الأعضاء التناسلية بعد ثلاثة أسابيع من الإصابة بهذا المرض ، وفي مواضع أخرى كالشفة مثلا عقب القبلة وبين الحاجبين وثقب الأنف وفتحة الأذن ، ثم يوسع المكروب نطاق هجومه ، حيث يهاجم القلب والكلى والكبد ، فتظهر بقع وردية في أجزاء الجسم وترى بالعين المجردة ، وقد تحدث بقع خضر في اللثة والحلق ويصعب المضغ على المصاب .
كما يسبب هذا المرض أمراضا أخرى مثل القرحة الأكالة التي تشوه الجلد وتسبب الشلل والجنون والصرع ، وقد يهاجم المكروب العظام وينخر فيها كالسوس ويصيب تارة بالعمى والصمم إذا هاجم الأعين والآذان ويصيب بالذبحة الصدرية إذا هاجم الشرايين والأوردة .
2 - السيلان : وسببه مكروب اسمه ( الجنوكوكس ) وهو غير وراثي ، ولا يصيب إلا الأعضاء التناسلية والمجاري البولية .
وأول شيء يشعر به المريض حرقان في مجرى البول ولاسيما عند التبول ، ويزداد الحرقان ويبدأ معه نزول مادة لازجة تتحول بسرعة إلى صديد غزير ، ثم يتورم العضو ويلتهب ، ويحس المريض بهبوط سريع لصحته العمومية ، وترتفع حرارته ويحصل عنده إمساك ويلازم الفراش وينقطع عن العمل تماما .
ثم يزداد المرض شيئاً فشيئاً ويحس المريض بألم في أسفل البطن ، ويكون بوله صديداً تقريباً ويصعب الشفاء جداً .
ثم يمتد في المثانة إلى الحالبين والكلى ، ومن خلال الكلى قد يحدث تسمم عام بالجسم ، وإذا أزمن هذا المرض تصلبت المفاصل بالروماتزم السيلانية ، وقد تصل جراثيم السيلان إلى القلب ، وتهاجمه فيموت المصاب ، وقد تصيب هذه الجرثومة العين إما عن طريق يد المريض الملوثة أو عن طريق ولادة الطفل إذا كانت أمه مصابة فإنه يأخذ الجرثومة عند ولادته .
لذا فإنه مسبب لنسبة لا يستهان بها من العمى ، وعند النساء يصيب الرحم والمبيضين وينشأ عنه العقم والالتهابات التي لا نهاية لها .
3 - الهربس : وسببه فيروس يصيب الأجهزة التناسلية ، ويستطيع إدخال جيناته الخاصة إلى خلايا الجسم ، وتبقى خاملة ؛ لأن الجسم أقوى منها ، ولكن عند حدوث توتر أو إجهاد للجسم يتحول إلى الطور النشط ، ويبدأ بالانقسامات مسببا الفقاقيع والنقط الجسدية ، وقد تعود هذه الحالة كل أسبوعين مرة ، في بعض الحالات المرضية ، وهذا المرض غامض جدا ، ولا يمكن الشفاء منه تماما ، وإذا شفي المريض منه فإنه شفاء مؤقت ، وخطير على النساء إذ يسبب سرطان المهبل .
وفي اتصال المريض بزوجته أو غيرها ينقل إليها العدوى ذاتها ويصيبها بإجهاض ، أو تكون ذريتها مشوهة وغبية ومنحرفة كأنها لم تولد إلا لإعمار السجون والمستشفيات العقلية والإصلاحيات .
4- الإيدز : الذي ظهر في أمريكا ، ثم صدرته للخارج ، ولا زال مشكلة طبية عظمى تتحدى العلم ؛ لأن سببه غامض حتى الآن .
وقد أصاب كثيراً من الأميركيين وأثار الرعب فيهم وأخرج فروعاً إلى الخارج وأول دولة استقبلته بعد أمريكا هي إسرائيل .
وعرف أن المصاب به لا يفارقه حتى يقتله وبسرعة وإن لم يقتله بسرعة يجعله بدون فائدة على المجتمع ، وقد قدر في أحسن حالاته أنه يقتل سنوياً من المصابين به 80% ، والعشرين الباقية تلحق بهم قريباً ، إلا أنها يمكن أن تتأخر عن نفس السنة التي أصابهم فيها .
وقد حدثت أزمة كبيرة في بنوك الدم بعد اكتشاف هذا المرض لخوف الناس منه وقل المتبرعون بالدم ، وفرضت الدول الأوروبية حصاراً على الدم المستورد من أمريكا حيث نصح المجلس الأعلى الأوروبي بعدم اعتماده .
وقد اكتشف أخيراً أن المرض ينتقل أيضا عن طريق القبلة أو مجرد اللمس العادي للمريض .
والناس الآن يخافون منه أكثر من السلاح النووي ؛ لأن النووي بأيديهم وله علاجات عديدة .
والإيدز ليس بأيديهم وليس له علاجات بل ولا علاج واحد ، وهو سريع الانتشار مع ذلك .
والتفسير لكلمة الإيدز باللغة العربية هو : فقد المناعة المكتسبة .

قرب قيام الساعة بكثرة الزلازل :
عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه قَالَ : لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثاً لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ " [ رواه البخاري ومسلم ] .
ولقد تزلزلت الأرض بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد عمر رضي الله عنه ، فقال : " والله لئن عادت لا أساكنكم فيها أبداً " .
وها هي الزلازل تتكاثر اليوم بسبب المعاصي والذنوب ، لاسيما الزنا واللواط والشذوذ الجنسي .
وقانا الله وجميع المسلمين أسباب سخطه ، ومواطن عقوبته ، ووفقنا لما يرضيه عنا ، اللهم اغفر لنا ، واعف عنا ، وارحمنا ، وتول أمرنا ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ، اللهم طهر مجتمعات المسلمين من كل فاحشة ورذيلة ، وكل عادة دخيلة ، اللهم عليك بأعدائك في كل مكان ، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم يا حي يا قيوم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية