صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الإِرْهَاْبُ الصُحُفِي

يحيى بن موسى الزهراني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين ، صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين . . أما بعد :
فكما أن هناك إرهاب دموي ، يقوده فئة ضالة ، ضلت عن جادة الصواب ، وتخطت تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة ، ولوت أعناق النصوص ، وفهموها خطأً ، وأغروا صغار السن بالخروج على ولي الأمر ، فأفسدوا وقتلوا وقُتِلوا ، فهناك أيضاً إرهاب آخر ، كان من مخرجاته الإرهاب الدموي ، ألا وهو إرهاب الصحافة والصحفيون ، أولئك الكتاب الذين أثاروا الفتنة ، وأشعلوا نارها ، ونزعوا فتيلها ، فاستعر أوارها ، واشتد احمرارها .
كتاب من الجهل والسفه بمكان ، تعرفهم بكتاباتهم ، واستهزائهم ، وكبريائهم ، وتعاليهم ، وسخرياتهم بشريعة الإسلام ، وعلماء الإسلام ، ورموزه العظام .
يتحدثون في كل صغيرة وكبيرة تمس البلد والوطن والمواطن ، وكأنهم وكلاء على الناس وعن الناس ، حتى أمر الدين لم يسلم منهم ، فأفتوا بما ليس لهم به علم ، يهرفون بما لا يعرفون ، قاتلهم الله أنى يؤفكون ، إنهم الرويبضة الذين ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأملوا بما وصفهم به من أوصاف :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « تأتي على الناس سنوات جدعات يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيهم الرويبضة » قيل : يا رسول الله وما الرويبضة ؟ قال : " الرجل التافه يتكلم في أمر العامة " [ رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة - مختصرة - 4 / 508 ] .
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سيأتي على الناس سنون يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويخون فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن ، وينطق فيها الرويبضة " قال : قيل : يا رسول الله وما الرويبضة ؟ قال : " السفيه يتكلم في أمر العامة " [ رواه الحاكم ] .
3- وعَنْ عَوْفِ بن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يَكُونُ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنُونَ خَوَادِعٌ، يَكْثُرُ فِيهَا الْمَطَرُ، وَيَقِلُّ فِيهَا النَّبْتُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدِّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وتَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ", قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ , قَالَ:"مَنْ لا يُؤْبَهُ لَهُ" [ رواه الطبراني في الكبير ] .
4- وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة سنين خوادعة ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويتكلم فيها الرويبضة " ، قالوا : يا رسول الله ، وما الرويبضة ؟ قال : " الفويسق يتكلم في أمر العامة " [ رواه أبو يعلى وغيره ] .
تشم رائحة الغدر والمكيدة التي تسطرها كتاباتهم ، وتلمس النوايا الخبيثة ، والسجايا القبيحة التي تخطها أناملهم ، لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة .
فاحت رائحة كيدهم ، وانتشرت جيف مكرهم ، والله لهم بالمرصاد ، وإن تعجب فعجب قولهم .
إذا كان الشخص الذي يربط نفسه بحزام ناسف ويريد قتل الناس قلنا إرهابي ، أو أراد أن يفجر بسيارة مفخخة مجمعاً يجمع الناس قلنا إرهابي ، فماذا نقول عن أناس كتبوا في صحفهم ومجلاتهم ، وقالوا عبر وسائل إعلامهم ما يخالف شريعة الله تعالى ، كمن يدعو إلى ترك صلاة الجماعة في المساجد ، ومن يدعو إلى اختلاط الرجال بالنساء في مكان واحد ، ومن يدعو إلى تبرج المرأة وخروجها من بيتها ، والعمل مع الرجال الأجانب في غرفة واحدة ، وتحت سقف واحد ، وثالثهما الشيطان الرجيم ، عدو البشرية جمعاء ، الذي يسعى لنشر الفاحشة والسوء بين الناس ، ومن يدعو إلى نبذ الإسلام وفصله عن السياسة والاقتصاد وبعض مناحي الحياة ، ويقول أن الدين في المساجد فقط ، ومن يتعرض للعلماء بالسب والشتم والقذف ، مما يسبب خروج فئة من الشباب عن طورهم وفطرتهم السليمة ، فماذا نقول عن أولئك ؟
أنقول عنهم مصلحون ، يدعون إلى وحدة الأمة ، ويسعون لرأب الصدع ، ولم الشتات ، وتقريب وجهات النظر وغير ذلك ؟
كلا وألف كلا ، إنهم هم الإرهابيون الحقيقيون ، هم سبب زعزعة الأمن ، وفساد أحوال كثير من المسلمين ، هم سبب خروج الخوارج ، هم سبب اهتزاز الأمن والأمان ، وخلخلة الاستقرار ، هم سبب وجود هذه الكوارث والمصائب التي حلت بأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، هم سبب كل فتنة ومحنة وبلية في البلد .
فإذا لم يؤخذ على أيدي أولئك السفهاء الحمقى ، الجهلة بدين الله تعالى ، وإلا فإن الأمر سيؤول إلى ما هو أشد وأفظع ، وأخطر وأشنع .
فإذا استطاعت الدولة حفظها وحرسها من كل سوء ومكروه ، إذا استطاعت أن تفكك جميع الخلايا الإرهابية النائمة والحيوية ، وكفت الناس شرها وبلاءها ، فقهي على غيرهم أقدر وأقوى ، فما أولئك المرتزقة إلا زبالة هذه البلاد الطاهرة ، والدخلاء على أهلها وشعبها الإسلامي المتمسك بعقيدته ودينه وإسلامه ، والذي لن يفرط كل فرد فيه بشرفه وعرضه ولو كلفه ذلك حياته ، فالغيرة من محاسن هذا الدين ، والدياثة من شعائر أعداء الدين .
إذ لا يرضى مسلم بأن تجلس قريبته بجانب رجل أجنبي ، ولا يرضى عاقل بأن يعرض قريبته للتحرش من قبل الآخرين بسبب قيادتها للسيارة ، يالها من مفاسد لا تحصى ، وجرائم لا تستقصى إذا قادت المرأة السيارة ، أو خرجت من بيتها متبرجة تغشى أماكن الرجال ، وما الذي سنحققه من ذلك كله ، هل سنخترع طائرات أو دبابات أو سنحصل على السلاح النووي أو غير ذلك من التقدمات التقنية ، فاستيقظوا من رقدتكم ، وأفيقوا من غفلتكم .
إن ما يُقرأ في الصحف المسلمة شيء يندى له الجبين ، وتبكيه المقل ، ولا تقبله العقول السليمة ، والفطر المستقيمة ، يعرضون في صحفهم كل ما يسيء للإسلام ، ويفرح أعداء الإسلام ، والله جل وعلا يقول : { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة120 ] .
وحتى لو اتبعوا ملتهم فلن يرضوا عنهم ، لأنهم يعلمون أنهم ربما عادوا لدينهم بعد ردتهم وكفرهم ، بل يعلمون أنهم انتسبوا للإسلام يوماً ، وهو عدوهم اللدود ، فلن يرضوا عنهم أبداً ، لكنهم جعلوهم طُعماً لإيقاع العداوة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .
إن ما يُعرض في الصحف والمجلات والفضائيات من استهزاء بالدين وشعائره ورموزه لهو خطر عظيم على أصحابه ، فربما كفروا بما كتبوا وقالوا ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
وإن مما يثير الاستغراب ، ذلكم الوجوم والسكوت من قبل المسؤولين في الدولة ، إذ كيف يُهاجم الدين وعلماؤه بهذه الصورة المريرة السافرة ، ولا يُحرك تجاه ذلك ساكن ، فنرجو ممن تولى زمام الأمور أن يقف وقفة حازمة لأولئك الشرذمة القليلون ، وإيقافهم عند حدهم ، حتى تبرأ ذمته عند الله تعالى ، فالصديق والناصح من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَكَ ، ولا يخفى على عاقل أن الأمور اليوم تسير على غير نصابها ، فالأهواء قد حكمت ، والشهوات قد استحكمت ، فلا ننتظر إلا كما حصل للأقوام الذين كذبوا رسلهم ، وماذا حل بهم ، قال تعالى : { فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت40 ] .
فليس بعد الأنبياء إلا العلماء ، فإن كُذب العلماء وأسقطوا من مكانهم ، وهوجموا فالهلاك الهلاك والعياذ بالله ، فتداركوا أنفسكم قبل انعقاد أسباب العذاب ، قال الله عز وجل : { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [ آل عمران11 ] .
وقال تعالى : { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ } [ المائدة70 ] .
وقال تعالى : { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } [ الأنعام31 ] .
وقال تعالى : { وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ الأعراف36 ] .
وقال تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [ هود18 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً } [ الفرقان 37 ] .
فتكذيب العلماء الذين هم ورثة الأنبياء دليل استحقاق العذاب العام ، إذا لم يُنصر العلماء ويُدافع عنهم ، ويحارب أعداؤهم ، لأن العلماء هم مصابيح الدجى ، ومشاعل الهدى ، هم النور الذي يُستضاء به في الملمات والمدلهمات ، والخطوب العظيمة ، ألا نرى كيف كان دورهم في تبصير الناس بدينهم ، فهم أهل العلم الذين أثنى الله عليهم فقال : { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } [ آل عمران7 ] .
وقال عز من قائل سبحانه : { شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ آل عمران18 ] .
وقال الحق تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة11 ] .
ويقول الله تعالى في وصفهم وخشيتهم له عز وجل : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [ فاطر28 ] .
إن من كتبوا في العلماء أو تكلموا فيهم بما يقدح في دينهم وعلمهم ، ويغر السفهاء بهم ، مقابل حفنة من وسخ الدنيا _ المال _ لهم أعظم معاول هدم في البلاد ، وهم من يكونون نواة لقيام حرب وخراب ودمار في الدولة الواحدة ، لأن الناس لن يتحملوا هذه الهجمة الشرسة ضد علماء الدين الموثوق بهم وبعلمهم وبنزاهتهم وبصدعهم بقول الحق حيث أخد الله عليهم الميثاق لبيان الحق ، وحرم عليهم كتمانه مهما كلفهم ذلك ، فقال الله عز وجل : { وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران187 ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من كتم علما تلجم بلجام من نار يوم القيامة " [ رواه ابن حبان ، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الصحيح ] .
إن هذا الهجوم الصارخ ضد علماء الأمة الإسلامية لهو نذير شؤم على الأمة بأسرها ، لأن ذلك مما يثير طبقات المجتمع بالشجب والاستنكار والتنديد بأولئك الكتاب والمطالبة بإقامة حد الله فيهم ، فقد أساءوا غاية الإساءة ، فلابد من محاكمتهم محاكمة شرعية عادلة ليكونوا عبرة لغيرهم من المنافقين والعلمانيين والليبراليين أذناب الغرب والشرق ، الذين ينهقون وينبحون مطالبين بكل ما يسيء إلى المسلم والمسلمة من إثارة الشبهات ، ونشر الشهوات عبر وسائل الإعلام المختلفة ، والله جل وعلا حذر منهم وبين خطرهم في كتابه ، وتوعدهم بالعذاب الأليم فقال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [ النور19 ] .
وكما قلت : فإن جرأتهم في التعدي على الحرمات ، يثير حفيظة كل غيور على دينه ، وكل محب لعلماء دينه ، ولا أقول ذلك لإثارة الفتنة ، معاذ الله أن يكون ذلك قصدي ، لكني أحذر من مغبة هذه السلسة المتتالية من سب العلماء وتنقصهم والحط من أقدارهم ، من قبل السفهاء من الصحفيين والكتاب ، فذلك يصب في مصلحة الأعداء ، وما أكثرهم اليوم ، فكم من حاسد وحاقد لنعم الله علينا في هذه البلاد رعاها الله وحفظها وحفظ حكامها وشعبها وأمنها واستقرارها ورخاءها .
كانت تلكم كلمات خرجت من القلب ، وأسأل الله أن تصل إلى قلوب المسلمين حكاماً وشعوباً ، وهذا هو واجب النصح لكل مسلم ، متمثلاً قول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حيث قَالَ : " الدِّينُ النَّصِيحَةُ " ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : " لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ " [ رواه مسلم ] .
وإني في نهاية رسالتي هذه أُذكر من غرته الدنيا ، فاشتراها وباع آخرته ، وكتب ما لا يرضى الله عنه ، ولا يرضى عنه كل عاقل ، مقابل مردود مادي ، أذكرهم بقول الله تعالى : { فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } [ البقرة79 ] .
وأذكرهم بأمانة الكلمة والإنصاف مع المخالف ، لاسيما إذا كان المخالف هم العلماء ، فيجب أن يذعنوا لهم ، ويأتمروا بأمرهم ، ويسمعوا فتواهم ، ويطبقوا أحكامهم ، وإلا فالخزي والعار ، والدمار والشنار ، والعذاب والنار لمن حارب الله ورسوله ، ونبذ شرع الله وراء ظهره ، مستبدلاً به ترهات الغرب ، وأحلام الأعداء .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين من المرتزقة والمنافقين والعلمانيين ، اللهم عليك بمن يستهزئون بدينك وبأوليائك ، اللهم نكس رؤوسهم ، واجعل الخوف لباسهم ، اللهم شردهم في الأرض ، واجعلهم غنيمة للعالمين ، الله آمنا في أوطاننا ودورنا ، وأرخ سترك علينا ، اللهم أبعد عنا الوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى ، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى ، اللهم اجعلهم سلماً لأوليائك ، حرباً لأعدائك ، اللهم حقق بهم دينك ، وأظهر بهم شريعتك ، اللهم اجعلهم يتبعون الحق وبه يعدلون ، اللهم أيدهم بالحق ، وأيد الحق بهم ، اللهم احفظهم من كل سوء ومكروه ، اللهم أرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه ، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه ، اللهم هيئ لهم بطانة صالحة ناصحة راشدة من أهل الخير والصلاح ، تدلهم على الخير وتعينهم عليه ، وجنبهم بطانة السوء الخائنة ، واكشف لهم عوارهم يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم احفظ على بلادنا أمنها ورخاءها واستقرارها ونعمها وخيرها ، اللهم من أرادنا ديننا وعلماءنا وحكامنا بسوء فاجعل كيده في نحره ، واجعل تدبيره تدميراً عليه ، اللهم لا تقم له في الأرض راية ، واجعله لمن خلفه عبرة وآية ، اللهم ألف بين قلوبنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين يا رب العالمين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية