صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إنه الله المحمود على كل حال

يحيى بن موسى الزهراني

 
الْحَمْدُ لِلَّهِ . . حوافز وجوائز
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، الحمد الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، الحمد لله فاطر السموات والأرض ، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ، وعظيم سلطانه ، أحمد سبحانه حمداً يليق بقوته ، ويحاكي جبروته ، الحمد لله حمد الشاكرين ، والشكر له شكر الحامدين ، الحمد لله حمداً حمداً ، والشكر له شكراً شكراً ، اللهم لك الحمد حتى ترضى ، ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضى ، أحمده سبحانه وقد أحاط بكل شيئاً علماً ، أهل هو أن يعبد ، وأهل هو أن يحمد ، وأهل هو أن يشكر ، نعمه لا تعد ، وخيراته لا تحد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ، إله الأولين والآخرين ، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم ، الحمد لله على نعمائه ، والشكر له على آلائه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أعظم الحامدين ، وأكثر الشاكرين ، أثنى على ربه حمداً ، فزاده تشريفاً وعلواً ، اللهم صل على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد :
فعندما يقلب الحصيف بصره ، والناظر نظره ، وعندما يتفكر العبد بعقله ، ويتدبر بقلبه ، يجد في كل من حوله آية تدل على أن لهذا الكون خالق عظيم ، ورب عليم ، ومدبر حكيم ، إنه الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً ، في كل نظرة ، يجد الناظر نعمة من نعم الخالق جل وعلا ، في الكون نعم ، وفي الأجساد نعم ، وفي الأولاد نعم ، وفي الأزواج نعم ، وفي الأموال نعم ، وفي كل شيء نعم ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ، وما بكم من نعمة فمن الله ، إنه الله جل جلاله ، وتقدست أسماؤه ، هيئ لعباده سبل الخيرات ، ووقاهم الشرور والسيئات ، وهداهم طرق الجنات ، فله الحمد في الأرض والسموات .
كل ما لدى الإنسان من خيرات ونعم ، تستوجب الشكر لتدوم ، قال الله جل جلاله : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم7 ] .
وتعالوا نتأمل نعم الله على خلقه ، وحال الناس حيال تلكم النعم والخيرات ، ومن أعظم ما يُشكر الله به على نعمه أن تُصرف في وجوه البر والخير ، ومن أجل ما تحفظ به النعم حمد المنعم جل جلاله على ما أولى وأعطى .
ولقد رتب الله تعالى على ذكره فلاحاً ، وأجراً عظيماً ، وخيراً ونجاحاً .
يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } [ الأنفال45 ] .
وقال سبحانه جل في علاه : { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [ الأحزاب35 ] .
فمن أسباب التقرب إلى الله تعالى والتعلق به سبحانه ، ذكره بكرة وأصيلاً ، ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره ، وأعظم الذكر ذكر الله تعالى ، فالأذكار والدعوات من أجل العبادات ، وأفضل القربات ، وفوائدها لا يعبر عنها لسان ، ولا يحيطها إنسان .
الذكر حصن حصين ، وكنز دفين ، وللذكر فوائد جمة ، ونتائج مهمة ، ليس هذا موطن ذكرها ، فقد أفاض فيها رهط من العلماء الأجلاء ، ومن قبلهم العلامة ، البحر الفهامة ، ابن قيم الجوزية ، رفع الله درجته في الجنة العلية ، فقد كتب وأفاد ، وألف فأجاد ، بما يغني عن الإعادة ، ولكن سأذكر قسماً منها ، للفائدة والتذكير ، وعذراً على التقصير :
الفائدة الأولى :
أنه يرضي الرحمن عز وجل .
الفائدة الثانية :
أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره .
الفائدة الثالثة :
أنه يزيل الهم والغم عن القلب .
الفائدة الرابعة :
أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط .
الفائدة الخامسة :
أنه ينوِّر الوجه والقلب .
بعد ذكر بعض الفوائد المترتبة على الذكر يتبين لكل مسلم ، أنه مأجور ، حاصل على جوائز قيمة ، يجني ثمارها في الأولى والآخرة .
وللذكر أنواع متعددة ، وما يهمنا في هذا الموضوع هو نوع واحد من أنواع الذكر المشروع ، ألا وهو كلمة " الحمد " ، هذه الكلمة البسيطة ، ذات المعان العظيمة ، والقيم الكبيرة ، التي لا يعرفها إلا من درسها وقرأها وتأملاها ، ورأى كلام أهل العلم فيها ، فبحمد الله نبدأ وبه نستعين ننتهي ، اللهم يا معلم إبراهيم علمني ، ويا مفهم سليمان فهمني ، والحمد لله أولاً وأخيراً :
============================================
الحمد لله أول آية في كتاب الله :
كما هو معلوم لدى كل مسلم ومسلمة أن أول سورة في القرآن الكريم ، هي سورة الفاتحة ، وهي تبدأ بكلمة : " الحمد لله " .
وقد ورد ذكر كلمة : " الحمد لله " في القرآن العظيم ثلاثاً وعشرين مرة (23) ، وهذا بيانها :
خمس منها في بداية السور وهي كما يلي :
1- قال تعالى : { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الفاتحة1 ] .
2- وقال سبحانه وتعالى : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ } [ الأنعام1 ] .
3- وقال الله الواحد القهار : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } [ الكهف1 ] .
4- وقال التواب الرحيم : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [ سبأ1 ] .
5- وقال الله الواحد الأحد : { الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ فاطر1 ] .
وجاءت كلمة : " الحمد لله " وسط الآيات في ثمان عشرة موضعاً في كل مما يلي :
1- وقال الله جل جلاله : { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الأنعام45 ] .
2- وقال رب العزة والجلال : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف43] .
3- وقال الخالق تعالى ذكره : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ يونس10 ] .
4- وقال الله عز وجل : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء } [ إبراهيم39 ] .
5- وقال الله تقدست أسماؤه : { ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ النحل75 ] .
6- وقال سبحانه الخالق العظيم : { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } [ الإسراء111 ] .
7- وقال الحق تبارك وتعالى : { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ المؤمنون28 ] .
8- وقال المولى جل وعلا : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } [ النمل15] .
9- وقال الحي القيوم : { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ } [ النمل59 ] .
10- وقال العزيز العليم : { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ النمل93 ] .
11- وقال الخبير الحكيم : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [ العنكبوت63 ] .
12- وقال الخلاق العليم : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [ لقمان25 ] .
13- وقال الفرد الصمد : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } [ فاطر34 ] .
14- وقال الغفور الودود : { وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الصافات182 ] .
15- وقال الله وحده : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [ الزمر29 ] .
16- وقال الله القوي المتين : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [ الزمر74 ] .
17- وقال رب الأرباب : { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الزمر75 ] .
18- وقال ربنا تعالى في علاه : { هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ غافر65 ] .
============================================
الحمد لله أفضل الكلام :
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله اصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إلٰه إلا الله ، والله أكبر ، فمن قال : سبحان الله كتب له عشرون حسنة ، وحط عنه عشرون سيئة ، ومن قال : الله أكبر فمثل ذلك ، ومن قال : لا إلٰه إلا الله فمثل ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه ، كتب له بها ثلاثون حسنة أو حط عنه ثلاثون سيئة " [ أخرجه أحمد ] .
وعن جَابِرَ بنَ عَبْدِ الله رضي الله عنهما يَقُولُ : سَمِعْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ : " أَفْضَلُ الذِّكْرِ لا إلهَ إلاَّ الله ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحمْدُ لله " [ أخرجه الترمذي ] .
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الحمد لله تملأ الميزان ، ولا إله إلا الله والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض " [ أخرجه النسائي وغيره ] .
============================================
الحمد لله أول ما يبدأ به المرء يومه :
عنْ حذيفةَ رضي الله عنه قالَ : كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا استيقظَ قالَ : " الحمدُ للَّهِ الذي أَحيانا بعدَمَا أماتَنَا وإليهِ النشورُ " [ أخرجه الدارمي وغيره ، وأصله في البخاري من حديث أبي ذر رضي الله عنه ] .
وعن أَبي ذرٍّ رضيَ الله عنه قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أخذَ مَضجَعه من الليل قال : " اللهمَّ باسمِك أموتُ وأحيا " ، فإذا استَيقظ قال : " الحمدُ لله الذي أحيانا بعدما أماتَنا وإليه النُّشور " [ أخرجه البخاري ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا استيقظ فليقل : الحمد لله الذي عافاني في جسدي ، وردّ عليَّ روحي ، وأذِنَ لي بذكره " [ أخرجه النسائي ] .
وعن جابرٍ رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ : " إذا أوى الرَّجُلُ إلى فِرَاشِهِ أتاهُ مَلَكٌ وشَيْطَانٌ فَيَقُولُ المَلَكُ : اخْتِمْ بِخَيْرٍ ، ويَقُولُ الشَّيْطَانُ : اخْتِمْ بِشَرَ ، فإنْ ذَكَرَ اللَّهَ ، ثُمَّ نامَ ، باتَتِ الملائكةُ تَكْلَؤُه ، فإن استيقظَ قالَ الملَكُ : افتحْ بخيرٍ ، وقالَ الشيطانُ : افْتَحْ بشرّ ، فإنْ قالَ : الحَمْدُ للَّهِ الذي ردَّ عليَّ نفسي ، ولَمْ يُمِتْهَا في منامها ، الحمدُ للَّهِ الذي يُمْسِكُ السَّماواتِ والأرضِ أنْ تزُولا . . إلى آخر الآية ، الحَمْدُ للَّهِ الذي يُمْسِكُ السماءَ أن تقع على الأرضِ إلا بإذنه ، فإنْ وقَعَ مِنْ سريرهِ فَمَاتَ ، دَخَلَ الجَنَّةَ " [ أخرجه ابن حبان ] .
============================================
الحمد لله آخر ما يختم به العبد ليلته :
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَىٰ إِلَىٰ فِرَاشِهِ قَالَ : " الْحَمْدُ للّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا ، وَكَفَانَا وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُؤْوِي " [ أخرجه مسلم ] .
============================================
الحمد لله أول قيام الليل :
عن بنَ عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهما قال : " كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قام منَ الليل يتهجَّدُ قال : " اللَّهمَّ لكَ الحمدُ أنتَ قيِّمُ السماواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ، ولكَ الحمدُ لكَ مُلكُ السماواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ، ولكَ الحمدُ أَنتَ نورُ السماواتِ والأرضِ وَمَنْ فِيهنّ ، ولكَ الحمدُ أنتَ ملكُ السماواتِ والأرضِ ، ولك الحمدُ أَنتَ الحقُّ ووَعدُكَ الحقُّ ، ولِقاؤكَ حقٌ ، وقولُكَ حقٌّ ، والجَنَّةُ حقٌّ ، والنَّارُ حقٌّ ، والنبيُّونَ حقٌّ ، ومحمدٌ صلى الله عليه وسلم حقٌّ ، والساعةُ حقٌّ ، اللّهمَّ لكَ أسلمتُ ، وبكَ آمنتُ ، وعليكَ تَوكلتُ ، وإليكَ أنبتُ ، وبكَ خاصمتُ ، وإليكَ حاكمتُ ، فاغفِرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ ، وما أسرَرتُ وما أعلنتُ ، أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ لا إلهَ إلاَّ أنت " [ أخرجه البخاري ] .
وهذا نوع من أنواع الاستفتاحات التي كان يستفتح بها النبي صلى الله عليه وسلم صلاته بالليل ، وينبغي لكل مسلم أن يحفظ تلكم الاستفتاحات كي يتتبع بها سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فيأتي بهذا مرة ، وهذا مرة ، حتى لا تُنسى وتصبح في طي النسيان ، وهذه من وصايا العلماء رحمهم الله تعالى .
============================================
الحمد لله أول آية تقرأ في الصلاة :
الصلاة من آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، إذ يترتب عليها الإيمان من الكفر ، فمن أداها كان مسلماً ، ومن تركها كفر والعياذ بالله .
وحتى تكون الصلاة صحيحة لابد من قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة فيها .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : " الصحيح من هذه الأقوال قول الشافعي وأحمد ومالك في القول الآخر ، وأن الفاتحة متعيّنة في كل ركعة لكل أحد على العموم _ يعني على الإمام والمأموم والمنفرد _ لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " [ متفق عليه من حديث عبادة بن الصامت ] .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ، فهي خداج ، فهي خداج غير تمام " .
وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : " لا تجزىء صلاة من لم يقرأ بأم القرآن " .
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنه : " لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد " [ أخرجه أبو داود ] .
كما لا ينوب سجود ركعة ولا ركوعها عن ركعة أخرى ، فكذلك لا تنوب قراءة ركعة عن غيرها ؛ وبه قال عبد الله بن عَوْن ، وأيوب السّختياني ، وأبو ثَور ، وغيره من أصحاب الشافعيّ ، وداود بن عليّ ، وروي مثله عن الأوزاعي ؛ وبه قال مكحول .
وروي عن عمر بن الخطاب ، وعبد اللَّه بن عباس ، وأبي هريرة ، وأُبَي بن كعب ، وأبي أيوب الأنصاري ، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص ، وعُبادة بن الصّامت ، وأبي سعيد الخُدْرِي ، وعثمان بن أبي العاص ، وخَوّات بن جُبير ، أنهم قالوا : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب .
وهو قول ابن عمر والمشهور من مذهب الأوزاعي ؛ فهؤلاء الصحابة بهم القُدوة ، وفيهم الأسْوة ، كلهم يوجبون الفاتحة في كل ركعة " ، والله أعلم .
وقال بن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره : " هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم ؟
الجواب : فيه ثلاثة أقوال للعلماء :
أحدها : أنه تجب عليه قراءتها ، كما تجب على إمامه ، لعموم الأحاديث المتقدمة . والثاني : لا تجب على المأموم قراءة بالكلية لا الفاتحة ولا غيرها ، ولا في الصلاة الجهرية ولا في الصلاة السرية ، لما رواه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " ولكن في إسناده ضعف ، وقد روي هذا الحديث من طرق ولا يصح شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم .
والثالث : أنه تجب القراءة على المأموم في السرية لما تقدم ، ولا يجب ذلك في الجهرية لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا . . . " [ أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه الإمام مسلم ] . وهو قول قديم للشافعي رحمه الله ، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى .
والصحيح الذي تدل عليه الأدلة الشرعية هو القول الأول ، وأنه يجب على المأموم قراءة الفاتحة خلف إمامه سواءً في الصلاة الجهرية أو السرية ، لعموم النصوص السابقة ، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم ، والذي تبرأ به الذمة ، والله أعلم .
والغرض من ذكر هذه المسائل ههنا بيان اختصاص سورة الفاتحة بأحكام لا تتعلق بغيرها من السور .
============================================
الحمد لله لمن لا يُحسن الفاتحة :
عن عبد الله بن أبـي أَوْفَـى رضي الله عنه قالَ : جاءَ رجلٌ إلـى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ : إنِّـي لا أُحْسِنُ القرآنَ ، فَعَلِّـمْنِـي شيئاً يُجْزِيْنِـي من القرآنِ ، قال : " الـحمدُ للَّهِ ، وسبحانَ الله ، ولا إلهَ إلاَّ الله ، والله أكبرُ ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله " ، فلـما عَقَدَ علـيهنَّ قالَ : يا رسولَ الله هذِهِ لِرَبِّـي ، فَماذَا أقولُ لِنَفْسِي ؟ قال : " قُلْ : اللهمَّ اغْفِرْ لِـي ، وارْحَمْنِـي ، واهْدِنِـي ، وارزُقْنِـي ، وعافِنِـي " ، قالَ : فَقَبَض علـيهنَّ ثم وَلَّـى فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " قَدْ مَلأَ هَذَا يَدَيْهِ من الـخَيْرِ " [ أخرجه البيهقي ] .
============================================
الحمد لله بعد الرفع من الركوع :
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَقَالَ : الْحَمْدُ للّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَىٰ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ قَالَ : " أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ " فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقَالَ : " أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْساً " فَقَالَ رَجُلٌ : جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا ، فَقَالَ : " لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكاً يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا " [ أخرجه مسلم ] .
============================================
الحمد لله عند لبس الثوب :
عن أبي العلاء الشامي قال : لبس أبو أمامة ثوباً جديداً ، فلما بلغ ترقوته قال : " الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي " ، ثم قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استجد ثوباً فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته : " الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في حياتي ، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق أو قال : ألقي ، فتصدق به ، كان في ذمة الله تعالى ، وفي جوار الله ، وفي كنف الله حياً وميتاً ، حياً وميتاً ، حياً وميتاً " [ أخرجه أحمد ] .
============================================
الحمد لله على نعمة اللباس :
عن أنَسِ رضي الله عنه ، أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ : " مَنْ أكَلَ طَعَاماً ثُمَّ قال : الْحَمدُ لله الَّذِي أطْعَمَنِي هٰذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلا قُوَّةٍ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، قالَ : وَمَنْ لَبسَ ثَوْباً فقالَ : " الحَمدُ لله الَّذِي كَسَانِي هٰذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ " [ أخرجه أبو داود ] .
============================================
الحمد لله يختم بها الدعاء :
قال الله تعالى : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ يونس10 ] .
وقال الله تعالى : { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الصافات 180-182 ] .
============================================
الحمد لله على جبلة الله :
من الناس من يُنعم الله عليه بنعمة يتميز بها على غيره ، فمقابل هذه النعمة ، ولكي تستمر ، لابد من حمد الله على ذلك .
عن أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بنِ زَارِعٍ عن جَدِّهَا زَارِعٍ ـ وكَانَ في وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ ـ قالَ : " لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَرِجْلَهُ ، وَانْتَظَرَ المُنْذِرُ الأشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ، ثُمَّ أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ لَهُ : " إنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله : الْحِلْمَ وَالأنَاةَ ، قالَ : يَا رَسُولَ الله ! أَنَا أَتَخلق بِهِمَا أَمِ الله جَبَلَنِي عَلَيْهِماَ ؟ قال : " بَلِ الله جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا" ، قال : الْحَمْدُ لله الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله وَرَسُولُهُ " [ أخرجه أبو داود ] .
============================================
الحمد لله عند السفر :
قال الله تعالى : { وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } [ الزخرف12-14 ] .
عَن عَلِيِّ بنِ رَبِيعَةَ قالَ : شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ في الرِّكَابِ قالَ : بِسْمِ الله ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قالَ الْحَمْدُ لله ، ثُمَّ قالَ : { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا ومَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنينَ وَإنّا إلى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } ثُمَّ قالَ : الْحَمْدُ لله ثَلاَثاً ، والله أَكْبَرُ ثلاثاً ، سُبْحَانَكَ إنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فاغْفِرْ لِي فإِنّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاّ أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ ؟ قالَ : رأيْتُ رسولَ الله صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ : مِنْ أيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ الله ؟ قالَ : " إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إذَا قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرَكَ " [ أخرجه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيحٌ ، وأخرجه أبو داود ] .
============================================
الحمد لله عند رؤية المبتلين :
عَن عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ : " مَنْ رَأى صَاحِبَ بَلاَءٍ فَقَالَ : الْحَمدُ لله الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلقَ تَفْضِيلاً ، إلاّ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ ، كَائِناً مَا كَانَ مَا عَاشَ " [ أخرجه الترمذي ] .
وعَن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ رَأى مُبْتَلًى فَقَالَ : الْحَمدُ لله الّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً ، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلاَءُ " [ أخرجه الترمذي ] .
وهنا أشير إلى أنه لا ينبغي أن تُقال هذه الكلمات جهراً بحيث يسمعها المبتلى ، لأن ذلك يبعث الحزن ولكآبة في قلبه ، ويجعله يبغض قائلها ، فكما قرر العلماء ينبغي أن تكون هذه الكلمات من تلقاء نفسه ، وفي سره .
إلا إذا كانت البلية معصية لله تعالى ، فلا بأس أن يرفع صوته ليسمعه المبتلى فربما تاب وعاد وتذكر وأناب .
============================================
الحمد لله عند انقضاء الأمر :
دائماً ما يذكر الناس كلمة الحمد بعد نهاية كل قول أو عمل ، لاسيما ما كان شاقاً منه ، وصاحبه متخوف من الفشل في الإنجاز ، ولله المثل الأعلى ، فهو سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، إذا فرغ سبحانه من الفصل بين خلقه ، فله الحمد على ذلك ، تحمده جميع الخلائق ، قال تعالى : { وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الزمر75 ] .
فترى الملائكة محيطين بعرش الرحمن , ينزهون ربهم عن كل ما لا يليق به , وقضى الله سبحانه وتعالى بين الخلائق بالحق والعدل , فأسكن أهل الإيمان الجنة , وأهل الكفر النار , وقيل : الحمد لله رب العالمين على ما قضى به بين أهل الجنة وأهل النار , حَمْدَ فضل وإحسان , وحَمْدَ عدل وحكمة .
============================================
الحمد لله عند التفضيل :
الله جل وعلا يتفضل على عباده بنعم شتى ، فضل في العلم والتقى وهو الأفضل على الإطلاق ، فضل في المال والجاه والمناصب ، فضل في كثرة الأبناء ، فضل في الشرف والرفعة والمكانة ، فضل في الجمال ، إلى غير ذلك من فضل الله على عباده ، فإذا ما تفضل المنعم تبارك وتعالى على عبده الفقير الضعيف ، فعلى العبد أن يحمد الله على ما أولاه ربه وخالقه من الفضل ، قال تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } [ النمل 15 ] .
============================================
الحمد لله عند البشرى بالمولود :
عن أنس بن مالك قال: تزوّج أبو طلحة أم سليم وهي أم أنس والبراء قال: فولدت له بنياً قال فكان يحبه حباً شديداً قال : فمرض الغلام مرضاً شديداً ، فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي معه ، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار ، ويجيء يقيل ويأكل ، فإذا صلى الظهر تهيأ وذهب ، فلم يجيء إلى صلاة العتمة قال : فراح عشية ومات الصبي قال : وجاء أبو طلحة قال نسجت عليه ثوباً وتركته قال : فقال لها أبو طلحة : يا أم سليم كيف بات بنيّ الليلة ؟ قالت : يا أبا طلحة ما كان ابنك منذ اشتكى أسكن منه الليلة ، قال : ثم جاءته بالطعام فأكل وطابت نفسه ، قال : فقام إلى فراشه فوضع رأسه قالت : وقمت أنا فمسست شيئاً من طيب ، ثم جئت حتى دخلت معه الفراش ، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله قال : ثم أصبح أبو طلحة يتهيأ كما كان يتهيأ كل يوم ، قال : فقالت له : يا أبا طلحة أرأيت لو أن رجلاً استودعك وديعة فاستمتعت بها ، ثم طلبها فأخذها منك تجزع من ذلك ؟ قال : لا ، قلت : فإن ابنك قد مات ، قال أنس : فجزع عليه جزعاً شديداً ، وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من أمرها في الطعام والطيب ، وما كان منه إليها قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فبِتُّما عَرُوسَيْنِ وَهُوَ إلى جَنْبِكُما " قال : نعم يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بارَكَ الله لَكُما في لَيْلَتِكُما " قال : فحملت أم سليم تلك الليلة قال : فتلد غلاماً قال : فحين أصبحنا قال لي أبو طلحة : أحمله في خرقة حتى تأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحمل معك تمر عجوة ، قال : فحملته في خرقة قال : ولم يحنك ولم يذق طعاماً ولا شيئاً قال : فقلت : يا رسول الله ، ولدت أم سليم ، قال : " الله أكْبَرُ ما وَلَدَتْ ؟ " قلت : غلاماً قال : " الحمدُ لله " فقال : " هاتِهِ إلَيَّ " فدفعته إليه فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له : " مَعَكَ تَمْرٌ عَجْوَة ؟ " قلت : نعم ، فأخرجت تمرات فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة وألقاها في فيه ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوكها حتى اختلطت بريقه ثم دفع الصبي ، فما هو إلا أن وجد الصبي حلاوة التمر جعل يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أوّل من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حُبُّ الأنصارِ التَّمْرَ " فسمي عبد الله بن أبي طلحة قال : فخرج منه رجل كثير قال : واستشهد عبد الله بفارس " [ أخرجه أحمد ] .
============================================
الحمد لله عند زوال نزغات الشيطات :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني أُحدث نفسي بالشيء لأن أَخِرّ من السماء أحب إليّ من أن أتكلم به ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " [ أخرجه أحمد ] .
============================================
الحمد لله عند قتل صناديد الكفر :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، إن الله عزّ وجلّ قد قتل أبا جهل ، فقال : " الحمد لله الذي نصر عبده ، وأعزَّ دينه " [ أخرجه أحمد ] .
============================================
الحمد لله بعد الطعام :
عن أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أكَلَ طَعاماً فقالَ : " الْحَمدُ لله الّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ ، مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي ولاَ قُوَّةٍ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " [ أخرجه أحمد وأهل السنن وصححه الحاكم ] .
وعن أبي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رضي الله عنه قالَ : كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أكَلَ أوْ شَرِبَ قالَ : " الْحمدُ لله الَّذِي أطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً " [ أخرجه أبو داود وابن حبان والنسائي ] .
قال المِنَّاوي : " أي سهل دخوله في الحلق ومنه قوله تعالى : { ولا يكاد يسيغه } أي يبتلعه " وجعل له مخرجاً " : أي السبيلين [ فيض القدير ] .
وقال الطيبي : ذكر نعماً أربعاً : الإطعام ، والإسقاء ، والتسويغ ، وسهولة الخروج ، فإنه سبحانه وتعالى خلق الأسنان للمضغ ، والريق للبلع ، وجعل المعدة مقسماً للطعام ، ولها مخارج ، فالصالح منه ينبعث إلى الكبد ، وغيره يندفع في الأمعاء ، كل ذلك فضل ونعمة يجب القيام بواجبها من الشكر بالجنان ، والقول باللسان ، والعمل بالأركان " [ شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ] .
ومما يُضاف قوله بعد نهاية الطعام ما ورد في حديث عبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ أَطْعَمَهُ اللَّهُ طَعَاماً فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ ، وَارْزُقْنَا خَيْراً مِنْهُ ، وَمَنْ سَقَاهُ اللَّهُ لَبَناً فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ ، وَزِدْنَا مِنْهُ ، فَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ مَا يُجْزِىءُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلاَّ اللَّبَنُ " [ أخرجه الخمسة وحسنه الترمذي ] .
قال أهل العلم : " يعني لا يكفي في دفع العطش والجوع معاً شيء واحد إلا اللبن ، لأنه وإن كان بسيطاً في الحس ، لكنه مركب من أصل الخلقة تركيباً طبيعياً من جواهر ثلاث : جبنية ، وسمنية ، ومائية .
فالجبنية : باردة رطبة مغذية للبدن .
والسمنية : معتدلة في الحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح ، كثيرة المنافع .
والمائية : حارة رطبة مطلقة للطبيعة ، مرطبة للبدن ، فلذلك لا يجزئ من الطعام غيره .
وقد حاول بعضهم التفضيل بين اللبن والعسل ، فمنهم من فضَّ اللبن على العسل ، ومنهم من فضَّل العسل على اللبن ، والقول الوسط والله أعلم ، أن اللبن أنفع من حيث الرِّي والشبع ، والعسل أفضل من حيث الدواء والعلاج والنفع والحلاوة " .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال : " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ، وجعلنا مسلمين " [ أخرجه أحمد ] .
وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال : دَعا رجلٌ مِنَ الأنصارِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : فانطلقنا معهُ ، فلمَّا طَعِمَ ، وغسلَ يدهُ ، قالَ : " الحَمْدُ للَّهِ الَّذي أطْعَمَ ولا يُطْعَمُ ، مَنَّ علينا فهدانا ، وأطعمنا وسَقَانَا ، وكُلَّ بلاءٍ حَسَنٍ أبلانا ، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَطْعَمَ مِنَ الطعامِ ، وسقى مِنَ الشَّرابِ ، وكَسَا مِنَ العُرْي ، وهَدَى مِنَ الضَّلالةِ ، وبصَّرَ مِنَ العمى ، وفَضَّلَ على كثيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تفضيلاً ، الحمدُ للَّهِ ربِّ العالَمِينَ " [ أخرجه ابن حبان ] .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد ، أن يأكل الأكلة ، أو يشرب الشربة ، فيحمده عليها " [ أخرجه النسائي ] .
============================================
الحمد لله عند رفع المائدة :
عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَفَعَ مائدته قال : " الحمدُ لله كثيراً طيِّباً مُباركاً فيه ، غير مَكفِيّ ولا مُودَّع ، ولا مُستَغنىً عنه ربّنا " [ أخرجه البخاري ] .
وقال مرة : إذا رَفَعَ مائدَتَه قال : " الحمدُ لله الذي كفانا وأروانا ، غيرَ مَكفِيٍّ ولا مكفور " .
============================================
الحمد لله بعد الفراغ من الشراب :
عن أبي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رضي الله عنه قالَ : كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أكَلَ أوْ شَرِبَ قالَ : " الْحمدُ لله الَّذِي أطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً " [ أخرجه أبو داود ] .
============================================
الحمد لله عند القيام آخر الليل :
عن عُبادةُ بنُ الصامِتِ رضي الله عنه ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " مَن تَعارَّ منَ الليلِ فقال : لا إلهَ إلا اللّهُ وحدَهُ لا شريكَ له ، له المُلكُ وله الحمدُ ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قدير ، الحمدُ للَّهِ ، وسبحان الله ، ولا إلهَ إلا اللَّهُ ، واللَّهُ أكبرُ ، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلاّ باللّهِ ، ثم قال : اللهمَّ اغفِرْ لي ـ أو دَعا ـ استُجيبَ لهُ ، فإِنْ توضَّأَ قبلَتْ صلاتُه " [ أخرجه البخاري ] .
============================================
الحمد لله عند حصول النعمة :
عن أنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنه قال : كان غُلامٌ يهوديٌّ يَخدُمُ النبيّ صلى الله عليه وسلم فمَرِضَ ، فأتاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعودُهُ ، فقعَد عندَ رأسهِ فقال لهُ : أسلِمْ ، فنظَرَ إلى أبيهِ وهوَ عندَهُ ، فقال له : أطِعُ أبا القاسِم صلى الله عليه وسلم ، فأسلمَ ، فخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " الحمدُ للّهِ الذي أنقَذَهُ منَ النار " [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، إِلاَّ كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ " [ أخرجه ابن ماجة ] .
============================================
الحمد لله عند زوال الهم :
قال تعالى : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ } [ فاطر34 ] .
وقالوا حين دخلوا الجنة : الحمد لله الذي أذهب عنا كل حَزَن وهم وغم , إن ربنا لغفور ; حيث غفر لنا الزلات , شكور ; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها .
============================================
الحمد لله عند ثبوت الحجة على الغير :
كم من الناس من يقف منذهلاً أمام خصمه ومناظره ، فمن آتاه الله الحجة والبرهان على خصمه فعليه أن لا يغفل عن حمد ربه على ذلك ، إذ هو سبحانه هو الذي دله على مواطن الأدلة الدامغة ، والحجج القاطعة ، ليرهق عدوه ويحرجه ، قال تعالى في حق الكفار عندما تدحضهم البراهين : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [ لقمان25 ] .
ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين بالله: مَن خلق السموات والأرض؟ ليقولُنَّ الله, فإذا قالوا ذلك فقل لهم: الحمد لله الذي أظهر الاستدلال عليكم من أنفسكم, بل أكثر هؤلاء المشركين لا ينظرون ولا يتدبرون مَن الذي له الحمد والشكر, فلذلك أشركوا معه غيره.
وقال سبحانه : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [ العنكبوت63 ] .
ولئن سألت -أيها الرسول- المشركين: مَنِ الذي نزَّل من السحاب ماء فأنبت به الأرض من بعد جفافها؟ ليقولُنَّ لك معترفين: الله وحده هو الذي نزَّل ذلك, قل: الحمد لله الذي أظهر حجتك عليهم, بل أكثرهم لا يعقلون ما ينفعهم ولا ما يضرهم, ولو عَقَلوا ما أشركوا مع الله غيره .
============================================
الحمد لله بعد العُطاس :
عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : " إذا عطَسَ أحدُكم فليقل : الحمد لله ، وليقلْ له أخوه أو صاحبه : يَرحمكَ الله ، فإذا قال له يَرحمكَ الله ، فليقل : يَهديكُم الله ويُصلحُ بالكم " [ أخرجه البخاري ] .
وعن هلالِ بن يسَاف قال : كُنا مع سالم بن عُبَيْد في غزاة ، فَعَطَسَ رَجُلٌ من القوم فقال : السلامُ عليكم ، فقال سالم : السلامُ عليك وعلى أمِّكَ ، فَوَجَدَ الرجلُ في نفسه ، فقال له سالم : كأنك وَجَدْتَ في نفسك ؟ فقال : ما كنتُ أحبُّ أن تذكُرَ أمي بخير ولا بشر ، فقال سالم : كُنَّا مَعَ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ ، فَعَطَسَ رَجُلٌ فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمْ ، فقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : " عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّك ، إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيَقُل : " الْحَمْدُ لِلَّهِ على كلِّ حالٍ " ، أو قال : الحمدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين ، وَلْيَقُلْ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَلْيَقُلْ هُوَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُم " [ أخرجه ابن حبان ] .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا عطس أحدكم ، فليقل : الحمد لله على كل حال ، ويرد عليه يرحمكم الله ، ويرد عليهم : يغفر الله لنا ولكم " [ أخرجه النسائي ] .
عن سالم بن عبيد رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله رب العالمين ، وليقل له من يرد عليه : يرحمك الله ، وليقل : يغفر الله لي ولكم " [ أخرجه النسائي ] .
============================================
الحمد لله كلمة الحور العين لأزواجهن في الجنة :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ : " إِنَّ أَدْنَىٰ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ ، وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هٰذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا . . . . . ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولاَنِ : الْحَمْدُ لله الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ ، قَالَ فَيَقُولُ : مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ _ وهو أدنى الناس منزلة في الجنة _ " [ أخرجه مسلم ] .
============================================
الحمد لله عند زوال الأذى :
من أعظم الأذى الذي يحمله الإنسان هو الخارج من السبيلين ، فبقاؤهما في جسده يمثل خطراً داهماً على حياته ، وربما سبب الموت المفاجئ ، ولذلك أكرم الله الإنسان وجعل له طريقاً يخرج أذاه ، فإذا ما خرج هذا الأذى نُدب للعبد أن يشكر مولاه على أولاه ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي " [ أخرجه ابن ماجة ] .
============================================
الحمد لله حال الولد والرفقة الصالحة والموظف الصالح :
إذا رزقك الله بولد صالح ، فاحمد الله الذي جعل لك من صلبك ولداً صالحاً ، قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء } [ إبراهيم 39 ] .
يُثْني إبراهيم على الله تعالى فيقول : الحمد لله الذي رزقني على كِبَر سني ولديَّ إسماعيل وإسحاق بعد دعائي أن يهب لي من الصالحين , إن ربي لسميع الدعاء ممن دعاه , وقد دعوته ولم يخيِّب رجائي ، فادع يا عبد الله ربك بالليل والنهار ، ولا تسأم من ذلك ، فالله قادر على أن يهبك الولد ، قال تعالى في قصة زكريا : { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [ الأنبياء89-90 ] .
واذكر - أيها الرسول - قصة عبد الله زكريا حين دعا ربه أن يرزقه الذرية لما كَبِرت سنُّه قائلا رب لا تتركني وحيدًا لا عقب لي, هب لي وارثًا يقوم بأمر الدين في الناس من بعدي, وأنت خير الباقين وخير مَن خلفني بخير، فاستجبنا له دعاءه ووهبنا له على الكبر ابنه يحيى, وجعلنا زوجته صالحة في أخلاقها وصالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عاقرًا, إنهم كانوا يبادرون إلى كل خير, ويدعوننا راغبين فيما عندنا, خائفين من عقوبتنا, وكانوا لنا خاضعين متواضعين .
وإذا هيأ الله لك رفقة صالحة ، وأصحاب خير وبر ، فاحمد الله الذي وفقك لأصحاب الفضل ، وجعلهم من صحبتك وجلسائك ، وإذا يسر الله لك موظفاً أو عاملاً صالحاً ، يتق الله فيك وفي عملك ومالك ، فاحمد الله الذي جعل في دائرتك وعملك رجلاً يخشى الله ويتقه ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : أَبْطَأْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ : " أَيْنَ كُنْتِ ؟ " قُلْتُ : كُنْتُ أَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِكَ ، لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ وَصَوْتِهِ مِنْ أَحَدٍ ، قَالَتْ : فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى اسْتَمَعَ لَهُ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : " هٰذَا سَالِمٌ ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ هٰذَا " [ أخرجه ابن ماجة ] .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه قال : " كَيْفَ تَقْضِي ؟ " قال : أقضي بما في كتاب الله ، قال : " فَإِنْ جَاءَكَ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ " ، قال : أقضي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ؟ " قال : أجتهد رأيي ، قال : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " [ أخرجه ابن أبي شيبة ] .
============================================
الحمد لله عن رؤية ما يحب ويكره :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، إِذَا رَأَىٰ مَا يُحِبُّ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ " ، وَإِذَا رَأَىٰ مَا يَكْرَهُ قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ " [ أخرجه ابن ماجة ] .
============================================
الحمد لله رقية :
عن أبي سعيدٍ رضيَ اللهُ عنه قال : " انطَلَقَ نَفرٌ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سَفْرةٍ سافَروها ، حتّى نزَلوا على حيٍّ من أحياءِ العرب ، فاستَضافوهم فأبَوا أن يُضيِّفوهم ، فلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحيِّ ، فسَعَوا لهُ بكلِّ شيءٍ ، لا يَنفعُهُ شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتُم هؤُلاءِ الرَّهطَ الذينَ نزَلوا ، لعلَّهُ أن يكونَ عندَ بعضهم شيء ، فأتوْهم فقالوا : يا أيُّها الرَّهطُ إِنَّ سيِّدَنا لُدِغَ ، وسَعينا لهُ بكلّ شيءٍ لا يَنفعُه ، فهل عندَ أحدٍ منكم مِن شيء ؟ فقال بعضُهم : نعم واللهِ ، إني لأرقِي ، ولكِنْ واللهِ لقدِ استَضَفْناكم فلم تُضيِّفونا ، فما أنا بِراق لكم حتّى تَجعلوا لنا جُعلاً ، فصالَحوهم على قَطيعٍ منَ الغنم ، فانطلقَ يَتفِلُ عليهِ ويقرأُ : { الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين } فكأنَّما نُشِطَ من عِقال ، فانطَلَقَ يَمشي وما بهِ قَلبَة ، قال : فأوفوهم جُعلَهمُ الذي صالَحوهم عليه ، فقال بعضُهم : اقسِموا ، فقال الذي رَقَى : لا تَفْعلوا حتّى نأتيَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فنذكُرَ لهُ الذي كان فننظُرَ ما يأمُرنا ، فقدِموا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فذَكروا له ، فقال : وما يُدريكَ أنها رُقْية ، ثمَّ قال : قد أَصبتم ، اقسِموا واضربوا لي معكم سَهماً ، فضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم " [ أخرجه البخاري ] .
وسورة الفاتحة وهي التي بدأت بالحمد ، من أعظم السور نفعاً بإذن الله تعالى من العين والسحر والمس ، فهي حصن حصين ودرع متين من الشياطين بإذن رب العالمين .
============================================
الحمد لله تقال حال الهداية للحق :
قال تعالى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الأعراف43 ] .
أذهب الله تعالى ما في صدور أهل الجنة من حقد وضغائن , ومن كمال نعيمهم أن الأنهار تجري في الجنة من تحتهم ، وقال أهل الجنة حينما دخلوها : الحمد لله الذي وفَّقنا للعمل الصالح الذي أكسبنا ما نحن فيه من النعيم , وما كنا لنوفَّق إلى سلوك الطريق المستقيم لولا أَنْ هدانا الله سبحانه لسلوك هذا الطريق , ووفَّقنا للثبات عليه , لقد جاءت رسل ربنا بالحق من الإخبار بوعد أهل طاعته ، ووعيد أهل معصيته , ونُودوا تهنئة لهم وإكرامًا : أن تلكم الجنة أورثكم الله إياها برحمته , وبما قدَّمتموه من الإيمان والعمل الصالح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ به بإيلياءَ بقَدَحين من خمر ولبن ، فنظر إليهما ، فأخذَ اللبن ، قال جبريلُ : " الحمدُ لله الذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمرَ غَوَت أمَّتك " [ أخرجه البخاري ] .
============================================
الحمد لله عند انقضاء الأمر :
إذا ما كذبت أمة من الأمم ، وطغت وبغت ، هنالك يحق الله عليها العذاب ، من الملك الجبار سبحانه ، فيقطع دابرها ، ويحمده على ذلك الصالحون والمؤمنون ، قال تعالى : { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الأنعام 45 ] .
فاستؤصل هؤلاء القوم وأُهلكوا إذ كفروا بالله وكذَّبوا رسله , فلم يبق منهم أحد ، والشكر والثناء لله تعالى - خالق كل شيء ومالكه - على نصرة أوليائه وهلاك أعدائه .
وعن أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ غُلاَماً من الـيهودِ كانَ مَرِضَ ، فأَتَاهُ النبـيُّ صلى الله عليه وسلم يعودُهُ ، فَقَعَدَ عندَ رَأْسِهِ فَعَرَضَ علـيهِ الإسلامَ ، فقالَ أبوهُ : أَطِعْ أبا القاسمِ ، فأَسْلَـمَ ، فقامَ النبـيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يقولُ : " الـحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِـي مِنَ النَّارِ " [ رواه البخاري ] .
============================================
الحمد لله عند المصيبة :
من أعظم المصائب التي تصيب العبد ، مصيبة الدين ، فإذا أُصيب العبد في دينه فقد خسر الدنيا والآخرة _ والعياذ بالله _ ، ثم بعد ذلك مصيبة الموت ، لأنها تفرق الأحباب ، وتُبعد الأصحاب ، قال تعالى : { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الآثِمِينَ } [ المائدة106 ] .
فعلى العبد أن يحتسب هذه المصيبة عند الله تعالى ، فإن فعل ذلك عوضه الله خيراً منها ، وكتب له الرحمة والمغفرة والهادية ، قال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) } [ البقرة ] .
والحمد عند فقد الولد مطلوب ومُرغَّ فيه شرعاً لما ورد من حديث أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللّهُ عَنهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ : " إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ ، قالَ اللّهُ تَعَالَى لِمَلاَئِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيَقُوُل : قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ، فَيَقُولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ ، فَيَقُولُ اللّهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الْجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ " [ رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه ] .
============================================
الحمد لله عند دخول الجنة :
قال تعالى : { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [ الزمر74 ] .
يقول المؤمنون إذا دخلوا الجنة : الحمد لله الذي صدَقنا وعده الذي وعدَنا إياه على ألسنة رسله , وأورثَنا أرض الجنة نَنْزِل منها في أيِّ مكان شئنا , فنِعم ثواب المحسنين الذين اجتهدوا في طاعة ربهم .
============================================
الحمد لله بداية خُطْبَةُ الجمعة :
عن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه قالَ : عَلَّمَنَا رسولُ الله خُطْبَةَ الـحاجةِ : " الـحَمْدُ للَّهِ ، أَوْ إنَّ الـحمدَ للَّهِ نَسْتَعِيْنُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ، ونعوذُ بالله من شُرُور أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ الله فلا مُضِلَّ لهُ ، ومَنْ يُضْلِلِ الله فَلاَ هَادِيَ لهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله وأَشْهَدُ أَنَّ مـحمداً عبدُهُ ورسولُهُ " ، ثم تَقْرَأُ الثلاثَ آياتٍ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَـلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [ آل عمران102 ] ، ثم تَقْرَأُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِـحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب70-71 ] ، ثم تَتَكَلَّـمُ بحاجَتِكَ " [ أخرجه البيهقي ] ، قال شعبةُ : قلتُ لأبـي إسحاقَ : هذِهِ فـي خُطْبَةِ النكاحِ أو فِـي غَيْرِهَا ، قالَ : فِـي كُلِّ حاجَةٍ .
فهذه الخطبة تنفع مقدمة لخطبة الجمعة ، ومقدمة في خطبة النكاح ، وفي خطبة العيدين ، وخطبة الاستسقاء ، كلها يبدأ فيها بحمد الله تعالى .
============================================
الحمد لله بداية خِطْبَةِ النكاح :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَجُلاً كَلَّمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، مَنْ يَهْدِه اللَّهَ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ (اللَّهَ) فَلاَ هَادِي لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلٰهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . أَمَّا بَعْدُ " [ أخرجه النسائي وغيره ] .
============================================
خاتمة المطاف :
اعلم أيها العبد أن الحمد لا يكون إلا لله تعالى ، ولا يجوز للإنسان أن يحمد نفسه ويثني عليها ، فقد نهى الله عن ذلك في قوله سبحانه : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [ النساء49 ] ، ويقول عز وجل : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [ النجم32 ] ، وعن زينب بنت أبي سلمة قالت : سُمِّيتُ برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزكوا أنفسكم ، الله أعلم بأهل البر منكم ، سموها زينب " [ رواه مسلم ] .
لكن يُستثنى من ذلك من لديه قدرات ومهارات ، ويريد أن يبين ذلك لمن حوله إذا تقدم لعمل أو نحوه ، أو رأى في نفسه كفاءة لتحمل أعباء مهمة صعبة لنفع الناس ، أو دفع الضر عنهم فلا بأس بذلك ، لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام عندما قال عن نفسه لعزيز مصر : { قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } [ يوسف55 ] ، وأراد يوسف أن ينفع العباد , ويقيم العدل بينهم , فقال للملك : اجعلني واليًا على خزائن " مصر " , فإني خازن أمين , ذو علم وبصيرة بما أتولاه .
وأعلم أيها العبد الفقير إلى رحمة ربه وهدايته ، أن مدح الناس وحمدهم أمر مذموم ، والحمد غير الشكر ، فمن فعل إليك معروفاً فاشكره ، قال صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " [ صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6601 ] ، أما حمد الناس ومدحهم فمذموم ومنهي عنه شرعاً ، وخاصة إذا لم يكن في الممدوح ما ذُكر فيه من مدح وثناء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرةَ عن أَبيه : أن رجلاً ذُكرَ عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجلٌ خيراً ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " وَيحك ، قَطعتَ عُنقَ صاحبك ـ يقوله مِراراً ـ إن كان أحدُكم مادحاً لا مَحالةَ فليَقُل : أحسِبُ كذا وكذا ، إن كان يَرَى أنه كذٰلك ، والله حَسيبهُ ، ولا يُزكي على الله أحداً " [ متفق عليه واللفظ للبخاري ] .
ومعنى الحديث : إذا أردت مدح إنسان _ مع كراهة ذلك شرعاً _ فقل : أحسب فلاناً من خير الناس وأفضلهم علماً وتقىً وورعاً . . . . والله حسيبه ، ولا أُزكي على الله أحداً ، وإن تركت مدح الناس فهو أقرب للتقوى ، واتباع الهدى .
============================================
لا تغفل عن الحمد [ الحمد عند الصباح والمساء ] :
الحمد عند الصباح والمساء مطلوب ، ومرغب فيه شرعاً ، لقول الله عز وجل : { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى } [ طه130 ] .
وهاك الكنوز الخفيفة على اللسان ، الثقيلة في الميزان ، أحفظ ما خف حمله ، وغلا ثمنه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، مِائَةَ مَرَّةٍ ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ " [ رواه مسلم ] .
وَعَنْ أَبِي عَيَّاشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ : لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، كَانَ لَهُ عَدْلَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ ، وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ ، فَإنْ قَالَهَا إذَا أَمْسَى كَانَ لَهُ مِثْلُ ذلِكَ حَتَّى يُصْبِـحَ " [ رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حجر في الفتوحات الربانية ] .
وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ : لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِـي وَيُمِيتُ ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ " [ رواه الترمذي وغيره ، وقال المملي : إسناده متصل حسن ، ورواته ثقات أثبات ، وفي أزهر بن سنان خلاف ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به ، وحسنه الألباني رحم الله الجميع ، فالحديث محتج به إن شاء الله تعالى ] .
وعَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ جَلَس في مَجْلِسٍ فَكثُرَ فيهِ لَغَطُهُ ؟ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أن لاَ إلَهَ إلاّ أنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ، إِلاّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ " [ أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح ] .
وأكتفي بما ذكرت ، لضيق الوقت ، وكثرة المشاغل ، وأسأل الله تعالى أن ينفع بما كتبت ، ويجعله في موازين الحسنات ، ويغفر لنا الذنوب والسيئات ، ويتجاوز عن الخطرات والهفوات ، فهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد الله رب العالمين .


كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية