صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إنه الله التواب

يحيى بن موسى الزهراني

 
 أَعُوذُ باللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }
[ محمد19 ] .
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ، الحمد الله تعظيماً وتشريفاً وعرفاناً ، الحمد لله واحد في ربوبيته ، واحد في ألوهيته ، واحد في أسمائه وصفاته ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق كل شيء ومدبر ورازقه ، في السماء سطوته ، وفي الأرض قوته ، وما بينهما عظمته وقهره ، خضعت لعظمته الرقاب ، وذلت لجبروته الصعاب ، وسبحان الله عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ، سبحان الله العظيم ، سبح له من في السهول والوديان ، سبحان الله عدد الجريان ، وسبحانه عدد ما في الأوطان من نبات وإنسان ، وجماد وحيوان ، وأستغفر الله الغفور الرحيم ، الودود العظيم ، غافر الذنب وقابل التوب ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه ، دعا لتعظيم ربه وخالقه ، وحث على ذكره ، وحذر من الغفلة عنه ، فصلوات ربي وسلامه عليه ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين . . أما بعد :
فإذا أصابك الهم والغم ، وضاقت عليك الدنيا بما رحبت ، وبحثت عمن يزيل همك ، ويذهب غمك ، ويفرج عليك نفسك ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا ضاقت بك السبل ، وتريد الملجأ والمهرب ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا كثرت عليك الديون ، وتعلقت بك حقوق العموم ، ورغبت في التيسير والتسهيل والقضاء قبل الانقضاء ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا تعسرت الولادة ، وتأخر خروج المولود ، وكادت الأم أن تموت ، فتعلق بحبل الخالق ، واعلم أنه الله جل جلاله .
إذا مرضت ، وأشرفت على الموت ، ولم ترى طباً ينفعك اليوم ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا مُنعت الولد ، والمرأة لم تلد ، فقل رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، واعلم أنه الله جل جلاله .
إذا داهمت المعاصي والذنوب ، فتذكر ستير العيوب ، وأعلم أنه الله جل جلاله .
إذا وجدت بينك وبين الله وحشة ، فتفقد نفسك الأمارة بالسوء ، وتمسك بحبل الله المتين ، وقوي صلتك بالعزيز الرحيم ، واعلم أنه الله جل جلاله .
إذا أردت حفظ القرآن العظيم ، وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا خفت من ظلمة الليل المدلهمة ، وخشيت من وحشة القبر المظلمة ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا أردت الثبات على الدين حتى الممات ، فاعلم أنه الله جل جلاله .
إذا أردت وظيفة طيبة نقية ، لتنفق منها على نفسك وأهل بيتك ، فالجأ إلى المدبر الرزاق ، واعلم أنه الله جل جلاله .
إذا أصابتكم الفتن ، وحلت بكم المحن ، وأدركتكم الإحن ، فمن يزيل يزيل ذلك عنكم ، إنه الله جل جلاله .
إذا وقعتم في لجج البحار ، وتقاذفتكم الأمواج ، فمن ينجيكم من ظلمات البر والبحر ، إنه الله جل جلاله .
============================================
وتأمل كيف يصور القرآن الكريم تعامي الكفار عن الحقيقة الإلهية في خلق السموات والأرض وما بينهما ، ثم يقرون بعد كل تساؤل بأن الله جل جلاله هو خالق الكون ومصرفه ومدبر ، لا ينازعه فيه أحد من خلقه :
قال الله جل جلاله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ العنكبوت61 ] .
ولئن سألت - أيها الرسول – المشركين : من الذي خلق السموات والأرض على هذا النظام البديع , وذلَّل الشمس والقمر ؟ ليقولُنَّ : خلقهن الله وحده , فكيف يصرفون عن الإيمان بالله خالق كل شيء ومدبره , ويعبدون معه غيره ؟ فاعجب من إفكهم وكذبهم ! فاعلموا أنه الله جل جلاله .
وقال الله جل جلاله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [ العنكبوت63 ] .
ولئن سألت - أيها الرسول – المشركين : مَنِ الذي نزَّل من السحاب ماء فأنبت به الأرض من بعد جفافها ؟ ليقولُنَّ لك معترفين : الله وحده هو الذي نزَّل ذلك , قل : الحمد لله الذي أظهر حجتك عليهم , بل أكثرهم لا يعقلون ما ينفعهم ولا ما يضرهم , ولو عَقَلوا ما أشركوا مع الله غيره ، فاعلموا أنه الله جل جلاله .
وقال الله جل جلاله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } [ الزمر38 ] .
ولئن سألت - أيها الرسول - هؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله : مَن خلق هذه السموات والأرض ؟ ليقولُنَّ : خلقهنَّ الله , فهم يُقِرُّون بالخالق ، قل لهم : هل تستطيع هذه الآلهة التي تشركونها مع الله أن تُبْعِدَ عني أذى قدَّره الله عليَّ , أو تزيلَ مكروهًا لَحِق بي ؟ وهل تستطيع أن تمنع نفعَا يسَّره الله لي , أو تحبس رحمة الله عني ؟ إنهم سيقولون : لا تستطيع ذلك ، قل لهم : حسبي الله وكافِيَّ , عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم , فالذي بيده وحده الكفاية هو حسبي , وسيكفيني كل ما أهمني ، فاعلموا أنه الله جل جلاله .
قال الله جل جلاله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ الزخرف87 ] .
ولئن سألت - أيها الرسول - هؤلاء المشركين من قومك مَن خلقهم ؟ ليقولُنَّ : الله خلقنا , فكيف ينقلبون وينصرفون عن عبادة الله , ويشركون به غيره ؟ فاعلموا أنه الله جل جلاله .
============================================
أيها العاصي المذنب ، أيها المقصر في جنب الله ، تذكر نعمة الله عليك من الصحة والعافية ، نعمة البصر والسمع والنطق ، صحة القلب والفؤاد ، نعمة النفس والمشي والحركة ، نعم كثيرة في جسدك ، نعمة الجمال والخلق ، فهل تقابل ذلك بالجحود والعصيان ، ونكران الجميل ، قال الله جل جلاله : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } [ الرحمن60 ] .
هل تذكرت في يوم من الأيام أنه الله جل جلاله ؟
هل تذكرت نعمة الله عليك فشكرت ذلك بركعتين تركعهما لله جل جلاله ؟
هل تذكرت الموت وإتيانه بغتة ، فتبت إلى الله الحليم الغفور ، التواب الرحيم ، وعلمت أنه الله جل جلاله ؟
هلا تذكرت النار وأهوالها ، والعقوبات والحسرات يوم لا ينفع الندم ، والتمادي في الذنوب والآثام ، فأيقنت أنه الله جل جلاله ؟
فاسكب دموعك اليوم ، قبل أن يأتيك قول الله جل جلاله : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } [ الأنعام158 ] .
هل ينتظر الذين أعرضوا وصدوا عن سبيل الله إلا أن يأتيهم ملك الموت وأعوانه لقبض أرواحهم , أو يأتي ربك للفصل بين عباده يوم القيامة , أو يأتي بعض أشراط الساعة وعلاماتها الدالة على مجيئها , وهي طلوع الشمس من مغربها ؟ فحين يكون ذلك لا ينفع نفسا إيمانها , إن لم تكن آمنت من قبل , ولا يُقبل منها إن كانت مؤمنة كسب عمل صالح ، إن لم تكن عاملة به قبل ذلك ، وقل لهم - أيها الرسول - : انتظروا مجيء ذلك ; لتعلموا المحق من المبطل , والمسيء من المحسن , إنا منتظرون ذلك.
يا صاحب الأغاني تب إلى الله جل جلاله قبل أن يداهمك ملك الموت ، فوالله لن تغني عن أغانيك من الله شيئاً ، واعلم أنه الله جل جلاله .
ويا مشاهد الأفلام والقنوات ، والقبيح من مناظر الفحش والفجور ، عبر الشاشات والشبكات ، عُد إلى الله جل جلاله قبل أن تتقاذفك الأمنيات فتقع صريعاً في بحر الآهات والصرخات في نيران مشتعلة ، وجهنم مستعرة ، تزفر من أجلك زفرات ، وتزفر أنت زفرات ، لنسيانك الساعة وقيامها ، يقول الله جل جلاله : { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً * إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [ الفرقان11- 12 ] .
فاعمل ليوم إذا كان فيه الفجار أشقياء ، أن تكون سعيداً ، وإلا زفرت زفيراً ، يقول الله جل جلاله : { فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود106 ] .
============================================
وتأمل كيف أن الله جل جلاله هيأ للإنسان كل ما في الكون ، وسخر له البحار والأنهار ليستخرج منها الطعام والزينة ، وكسب الأموال ، وسخر الفلك ليعبر به إلى مساكن بعيدة ، وتأمل آيات الله جل جلاله في كتابه ممتناً بها على عباده ، ليعبدوه ويطيعوه ولا يعصوه :
قال الله جل جلاله : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [ النمل60 ] .
واسألهم مَن خلق السموات والأرض, وأنزل لكم من السماء ماء, فأنبت به حدائق ذات منظر حسن؟ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها, لولا أن الله أنزل عليكم الماء من السماء. إن عبادته سبحانه هي الحق, وعبادة ما سواه هي الباطل. أمعبود مع الله فعل هذه الأفعال حتى يُعبد معه ويُشرك به؟ بل هؤلاء المشركون قوم ينحرفون عن طريق الحق والإيمان, فيسوون بالله غيره في العبادة والتعظيم.
وقال الله جل جلاله : { أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [ النمل61 ] .
أعبادة ما تشركون بربكم خير أم الذي جعل لكم الأرض مستقرًا وجعل وسطها أنهارًا, وجعل لها الجبال ثوابت, وجعل بين البحرين العذب والملح حاجزًا حتى لا يُفسد أحدهما الآخر؟ أمعبود مع الله فَعَلَ ذلك حتى تشركوه معه في عبادتكم؟ بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قَدْر عظمة الله, فهم يشركون به تقليدًا وظلمًا.
وقال الله جل جلاله : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ النمل62 ] .
أعبادة ما تشركون بالله خير أم الذي يجيب المكروب إذا دعاه, ويكشف السوء النازل به, ويجعلكم خلفاء لمن سبقكم في الأرض؟ أمعبود مع الله ينعم عليكم هذه النعم؟ قليلا ما تذكرون وتعتبرون, فلذلك أشركتم بالله غيره في عبادته.
وقال الله جل جلاله : { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ النمل63 ] .
أعبادة ما تشركون بالله خير أم الذي يرشدكم في ظلمات البر والبحر إذا ضللتم فأظلمت عليكم السبل, والذي يرسل الرياح مبشرات بما يرحم به عباده مِن غيث يحيي موات الأرض؟ أمعبود مع الله يفعل بكم شيئًا من ذلك فتدعونه من دونه؟ تنزَّه الله وتقدَّس عما يشركون به غيره.
وقال الله جل جلاله : { أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ النمل64 ] .
واسألهم من الذي ينشئ الخلق ثم يفنيه إذا شاء, ثم يعيده, ومَن الذي يرزقكم من السماء بإنزال المطر, ومن الأرض بإنبات الزرع وغيره؟ أمعبود سوى الله يفعل ذلك؟ قل: هاتوا حجتكم إن كنتم صادقين في زعمكم أن لله تعالى شريكًا في ملكه وعبادته .
فهل بعد هذه الآيات يتخلف مسلم عن ركب الصالحين المتقين المخبتين ؟
إنه الله جل جلاله الذي هيأ لعباده ، سبل السعادة في هذه الحياة الدنيا ، لتكون مطية لهم إلى جنات الخلد ، ونعيم لا يبيد ، فالدنيا طريق إلى أمرين لا ثالث لهما :
إما جنة ونعيم _ نسأل الله من فضله _ وإما إلى نار وحميم _ نعوذ بالله من عذابه _ .
============================================
وتذكر يا عبد الله نعمة الليل والنهار ، فلو كانت الدنيا نهار كلها ، فكيف سيهنأ الناس بالنوم والهدوء والاستقرار ، إذ النوم الطبي النبوي الحقيقي ما كان بالليل .
ولو جعل الله الليل دائماً أبداً ، لما استطاع الناس الرؤية التي تبين الأشياء على حقيقتها .
قال الله جل جلاله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ } [ القصص71 ] .
قل -أيها الرسول-: أخبروني -أيها الناس- إن جعل الله عليكم الليل دائمًا إلى يوم القيامة, مَن إله غير الله يأتيكم بضياء تستضيئون به؟ أفلا تسمعون سماع فهم وقَبول ؟ فاعلموا أنه الله جل جلاله .
وقال الله جل جلاله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } [ القصص72 ] .
قل لهم: أخبروني إن جعل الله عليكم النهار دائمًا إلى يوم القيامة, مَن إله غير الله يأتيكم بليل تستقرون وتهدؤون فيه ؟ أفلا ترون بأبصاركم اختلاف الليل والنهار ؟ فاعلموا أنه الله جل جلاله .
============================================
يا بائع الدخان وأشرطة الغناء والأفلام ، أما تستحي من الملك العلام ، أما تعلم أن كل مال جنيته من وراء ذلك أنه سحت حرام ، تُعذب به في قبرك ، ويوم بعثك وحشرك ، فاجعل بين وبين عذاب الله وقاية ، بالتوبة النصوح ، والعودة إلى حوزة الدين ، والدفاع عن حياضة ، وحماية بيضة المسلمين من أعداء الدين ، لا تكن مفاتحاً للشر ، ومعولاً للهدم في بلادك ، ولأبناء دينك ، بل كن حصناً حصيناً ، وسداً منيعاً ، تذود عن وطنك ومجتمعك ، وأبناء دينك ، من كل فاحشة ورذيلة ، وأي عادة دخيلة ، وأعلم أنه الله جل جلاله ، قادر على أن يأخذك أخذ عزيز مقتدر ، فاندم ، واذرف دموع الحسرة على مافات من أكل الأموال المحرمة ، واعلم أن الله جل جلاله يقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً } [ النساء29-30 ] .
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا يحل لكم أن يأكل بعضكم مال بعض بغير حق, إلا أن يكون وَفْقَ الشرع والكسب الحلال عن تراض منكم, ولا يقتل بعضكم بعضًا فتهلكوا أنفسكم بارتكاب محارم الله ومعاصيه. إن الله كان بكم رحيمًا في كل ما أمركم به, ونهاكم عنه ، ومن يرتكب ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام كالسرقة والغصب والغش معتديًا متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله يسيرًا .
============================================
ورسالة إلى مروج المخدرات ، بأن يتق الله تعالى في المسلمين ، ولا يغشهم ، ولا يرضى بشيوع الفاحشة والجريمة بينهم ، فهو بذلك معاون للكفار على أبناء دينه ومجتمعه ، وله بذلك عذاب أليم ، لأن الله جل جلاله يقول : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [ النور19 ] .
إن الذين يحبون شيوع الفاحشة في المسلمين من زنا ولواط وأكل للربا والرشوة ، أو دس لهم من سموم المخدرات والدخان والمسكرات والمفترات ، أو أي قول سيِّئ ، فأولئك لهم عذاب أليم في الدنيا بإقامة الحد عليهم ، وغيره من البلايا الدنيوية , ولهم في الآخرة عذاب النار ، إن لم يتوبوا ، والله وحده يعلم ما تخفي صدروهم , وما تكن ضمائرهم ، ويعلم مصالح عباده ، وعواقب الأمور ، وأنتم لا تعلمون ذلك .
ثم أعلموا أنه الله جل جلاله ، يأخذ المذنب بذنبه ، والعاصي بمعصيته ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ، وما هذه الحياة الدنيا إلا متاع يتمتع فيها الكفار والفجار ، ويوم القيامة هم حصب جهنم وحطبها ، هم لها واردون ، قال الله جل جلاله : { إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } [ محمد12 ] .
فالله جل جلاله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار ، تَكْرِمَةً لهم , وأما الذين كفروا ونافقوا وعاندوا ، وأكلوا الأموال بالباطل وتمتعوا بالدنيا , فهم كمثل الأنعام من البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف دون غيره , ونار جهنم مسكن لهم ومأوى والعياذ بالله .
كانت تلكم توجيهات وإرشادات لبيان شيء من حق الله جل جلاله علينا من النصيحة والعتاب ، لنعود جميعاً إليه سبحانه ، فأسأل الله جل جلاله أن يمن علينا بالتوبة النصوح ، ويمن علينا بالعقل والفهم والصواب ، وأن نسير على خطى الكتاب والسنة ، واتباع أوامرهما ، واجتناب نواهيهما .

كتبه
يحيى بن موسى الزهراني
إمام جامع البازعي بتبوك
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
يحيى الزهراني
  • رسائل ومقالات
  • مسائل فقهية
  • كتب ومحاضرات
  • الخطب المنبرية
  • بريد الشيخ
  • الصفحة الرئيسية