صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اقتباسات مستفادة
من مقدمة كتاب
التفسير والبيان ﻷحكام القرآن

للشيخ عبدالعزيز الطريفي
 

أ.وضاح بن هادي
@wadahhadi1

 
بسم الله الرحمن الرحيم

اقتباسات مستفادة
من مقدمة كتاب
التفسير والبيان ﻷحكام القرآن

للشيخ عبدالعزيز الطريفي

كتبها بتصرف
وضاح بن هادي
 


فمن عرف أحكام الله في كتابه وتأمل ما فيها من إحكام، ودقيق انتظام، وعظيم المصالح وجليل المقاصد؛ وجد في قلبه من الإيمان بالله والتسليم والخضوع والتعظيم له أعظم مما يجده في الآيات الكونية المشاهدة كالسموات والأرض والنجوم والكواكب والسحاب.

وقد سمى الله أحكامه مواعظ؛ فقد قال تعالى بعدما ذكر آيات الطلاق : {يعظكم به واتقوا الله}، وقال بعد آيات الظهار : {ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير}، وقال بعد آيات القذف : {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا}، ولما ذكر الله أوامره لبني إسرائيل قال : {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا}.

وذلك أن الأحكام فيها من الموعظة والعبرة وعظيم المنفعة لمن تأملها،

وأن الفقيه بأحكام القرآن يجد في قلبه من الإيمان واليقين بمقدار فقهه وبصره فيها؛ لما يرى من إحكام الأحكام ما لا يمكن وروده إلا من خالق عليم حكيم.

وإذا أخذ الإنسان العاقل العارف بلغة القرآن بأمرين؛ فهم منه ما لا يفهمه غيره، وفتح الله عليه ما لم يفتحه على غيره :

الأمر الأول : حسن القصد في طلب الحق؛ فإن الله لم ينزل كتابه إلا شفاء ﻷمراض الصدور وعللها.

الأمر الثاني : إدامة البصر وإطالة التأمل في القرآن.

ومن نظر في القرآن بالهوى فسبق نظره مرض قلبه؛ زاغ، فيبصر بما يوافق هواه، كما قال تعالى : {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}، فهم زاغوا وبيتوا الغي فزادهم غيا وزيغا.

والتدبر باب القلوب، كلما اتسع الفتح اتسع الذي يدخله من المعاني ..

ولهذا شبه الله تارك التدبر بمقفل القلب، قال تعالى : {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}، وإذا كان القلب مقفلا فلن ينتفع الإنسان بالسمع والبصر ..

يظن بعض الناس أن أدلة أحكام القرآن والقرائن عليها أحصيت ودونت؛ وهذا غلط.

فالثابت والمحصى هي أحكام الدين، فلا جديد في الدين بعد انقطاع الوحي، وإنما بقي من وجوه الاستدلال من الوحي قدر لا ينقطع.

أول من يستحق اسم أهل القرآن الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم : 'أهل القرآن أهل الله وخاصته' : هم أعلم الناس بمواضع أحكامه منه، وأكثرهم تدبرا وتأملا لمعانيه، ومن الغلط حصر أو تقديم حسن الصوت بذلك الاسم والفضل.

فأحق الناس باسم (أهل القرآن)، و(أهل الله وخاصته) : من عرف حدود القرآن وحروفه وأقامهما، ثم يليه من عرف حدوده وأقامها، ثم من عرف حروفه وأقامها.

ولا يتمكن صاحب عقل لبيب من معرفة تفاصيل أحكام القرآن حتى يتمكن من السنة؛ فإذا جمعهما فقد جمع العلم.

وكلما كان اللبيب عارفا بالقرآن والسنة كانت حاجته إلى الرأي أضيق ..

وإنما توسع أهل الرأي في الدين برأيهم لقلة معرفتهم بالنصوص، فاحتاجوا للرأي لسد مكان الحجة لإثبات الأحكام، والخبير العارف بالنصوص ودلالاتها لا يلجأ إلى ذلك إلا في أضيق الأحوال، كما قال ابن تيمية : "وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالاتها على الأحكام".

والمتشابهات في الوحي هي جهاد العلماء؛ ﻷن ذلك من ابتلاء العقول الذي جعله الله اختبارا للمقاصد والنيات، وإخراجا لمكنون النفوس، فبذلك يتمايز الصادق من صاحب الهوى.

فمصارع العلماء عند المتشابهات قبل المحكمات.

وكان أحمد بن حنبل يرى أن الأخذ بظاهر الآية بلا دلالة من السنة ولا قول أحد من الصحابة : أنه تأويل أهل البدع.

كما قال رحمه الله : "من تأول القرآن بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة فهو تأويل أهل البدع، ﻷن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكما عاما، ويكون ظاهرها في العموم وإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم المعبر عن كتاب الله وما أراد، وأصحابه أعلم بذلك منا، لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك".

وإذا اختلف الصحابة في حكم من أحكام القرآن، وتساووا منزلة بلا مرجح، فيقدم القول الذي ذهب إليه ابن عباس؛ ﻷنه من أكثر الصحابة مشاورة لهم، ولدعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، قال ابن عباس : "إن كنت ﻷسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي".

ويتأكد على المفسر أن يتتبع أصول الأقوال وأنسابها، حتى لا يقع في الأخذ بقول مهجور، أو بقول لم يسبق إليه.

فإن للأقوال أنسابا تتسلسل كأنساب الرجال، والحق لا ينقطع؛ فلا بد له من قائل ولو لم يكن مشهورا.

ومن التلبيس على بعض المتعلمين أن عطلوا الاقتداء بالأئمة بحجة تعظيم الأدلة؛ فاستنبطوا من النصوص معاني لا قائل بها، وهذا أشد من الأخذ بالأقوال المهجورة.

وكان أتباع مالك أكثر أصحاب المذاهب الأربعة عناية بآيات الأحكام وجمعا لها. وكان أتباع الشافعي أكثر أصحاب المذاهب الأربعة عناية بأحاديث الأحكام وجمعا لها.

وكل مذهب له فضل على غيره في باب دون باب.

والمنقول عن الإمام أحمد بن حنبل في أخذ الأحكام من آيات القرآن قدر ليس بالقليل، وهو منثور في مسائله والنقول عنه، وعامته في مواضعه من هذا الكتاب.

وللقاضي أبي يعلى كتاب في أحكام القرآن؛ يذكره وينقل منه الطوفي وابن اللحام وغيرهما ..

وأبو يعلى إمام في المذهب ونصوص الإمام أحمد واختلافها، ولكنه قليل النظر في علل الحديث ورجاله؛ ولهذا وقع الاحتجاج بأحاديث واهية وضعيفة.
 

تم
بحمد الله
 

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
وضاح هادي
  • القراءة
  • التربية والدعوة
  • مشاريع قرائية
  • قراءة في كتاب
  • تغريدات
  • أسرة تقرأ
  • الصفحة الرئيسية