صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







[] الإشارات []
3/5/2008
27/4/1429

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


" إنَّ لربكم في دهركم نفحات فتعرضوا لنفحاته "
حديثٌ شريفٌ


الإشارات تعترضُ حياة الإنسان كثيراً ، فهي ومضاتٌ في المسيرة ، و لمحاتٌ في الطريق ، يَبدو منها شيءٌ يسيرٌ لا يكاد يفطن له الكثيرون ، تلك الإشارات قد تكون باباً يَلِجُ منه الشخصُ نحو مرادٍ لم يكَدْ يصل إليه أو حتى يعرف طريقاً يَهديه إليه ، فمن نباهة العقلِ مُلاحظة تلك الإشارات في الحياةِ ، في كلِّ شؤونها و تفاصيلها ، في كلِّ الأحوال و الأوضاع .
اهتمَّ الناسُ قديما بشأن الإشارات ، و هُنَّ خواطرُ القلوبِ ، فحرصوا على اقتناصِ فُرصةِ مجيء الإشارات يحتاج إلى يَقظة قلبٍ ، و تحديقِ بصرٍ ، و استراقِ سمعٍ ، إذِ الإشارةُ من شأنها الخفاءُ فليستْ بيِّنة ظاهرةً ، لذلك فلا يُدرَك إيحاءُ الإشارات إلا بما بُيِّن .
الإشارات تظهرُ في غيرِ محلِّها ، و هنا يكْمُنُ مدى الاهتمام بطروءها و مجيئها ، فليس لها علامةٌ تدلُّ عليها ، و لا شارةٌ تُميِّزها ، و ربما كانتْ بشيءٍ معلومٍ يُحتقَرُ ، فربما رُميت الدُّرَّةُ في المزبلةِ .
الإشاراتُ ليست نوعاً واحداً ، فهي تتنوَّع بأنواعٍ متعددة ، منها إشارات الخيرِ تلك المُوْحية بالسداد و الإرشاد ، و هي خواطرُ يُنعم بها الله تعالى على عبده فيفتح له بها باباً مُغْلَقاً ، و قد تكون إشاراتُ سُوءٍ و شرٍ يُلقي بها الشيطان في القلبِ فيهيم الشخصُ على وجهه في ضَيْعةٍ ليس لها دِلالة ، و قد تكون إشارةُ نفسٍ فتهوي بصاحبها في هُوَّةٍ لا ينجو منها .
و ليس لورود الإشارات صفةٌ معيَّنة فربما كانت الإشاراتُ لفظةً ، أو رقماً ، أو حالاً في الكونِ ، أو تغيُّراً في الزمن ، أو رؤيةً لشخصٍ أو حيوانٍ ، و قد يكون يقظةً و ربما كان مناماً ، فيقع في القلبِ خاطرُ إشارةٍ نحو الشيءِ الذي ألَمَّ بالشخص ، و بِفِطْنَتِهِ و يقظة قلبه يُدرك رسالة الإشارة ، و " الحرُّ تكفيه الإشارة " .
لا يقفُ الشخصُ عند وُرودِ الإشاراتِ قائماً بالتنفيذ ، فليست الإشارات سِوى ومضات ، و الحياةُ تُعمَر بالتدبيرِ المُحكَمِ بقانون العقلِ لا بومضاتِ خافتة ، فتُوضَع الإشارات على مَحَكِّ المعرفة و العقلِ ، فيُقبَلُ منها ما صَحَّ بناؤها ، و يُرفَضُ ما فَسَدَ ، و القبول للإشارات بالتسليم تضليلٌ للعقلِ و تسفيه للرشاد ، و خبالُ العقلِ في التسليم لكلِّ عارضٍ ، فربما كان العارضُ ممطِرُ سوءٍ مُهلِكٍ ، و في إسنادها إلى قانون العقلِ و المعرفة تمحيصٌ و تصفية ، فيذهبُ زَبَدُها و يبقى النافع للناسِ .

عبد الله العُتَيِّق

Abdullah.s.a
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية