صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بوابة النصر

  

عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


الحمد لله القوي الجبار ، المتين القهار ، و الصلاة و السلام على سيِّد الأنبياء الأخيار ، و على آله و صحبه الأطهار ، و من تبعهم من الصالحين الأبرار .
أما بعد :
في ظلام الليل الذي يعقبه نور الصباح ...
و في نزول القطر بعد إقفار الأرض …
و في اتّباع الصحة شوائب المرض …
و في تقلب أحوال الناس من خير إلى شر …
و من حسنٍ إلى أحسن …
و في تكالب الشدائد على المرء …
في كل ذلك ...
و في أحوال كثيرات …
و بما في تضاعيف التأريخ المُشْرِق لهذه الأمة من بواعث النصر ، و مُحْييات التمكين…
نزداد يقيناً ، و اقتناعاً بما في أُفق الدنيا من لوائح المبشرات …
و حينها ؛ نعم في ذلك الحين ينبثق نور
بوابة النصر
فَيَلِجُ منها من ذاق مرارة السطوة الظالمة …
و يدخل منها من تفطرت كبده قهراً على تكالب سُرَّاق المشاعر …
فإلى أولئك أقول :
عليكم بما في ثنايا الرسالة فإنها أعمدة تلك البوابة …
و عليكم باغتنام سويعات النصر فإن الفجر لاح …
و حذار من حُجُبِ الانتصار عفواً ؛
حذار من مُغْلِقَاتِ البوابة فهي كثيرة محبوبة …


أعمدة النصر

الإيمان بالله و النصر

قال الله تعالى : [ و كان حقاً علينا نصر المؤمنين ] .
و قال _ تعالى _ : [ إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا في الحياة الدنيا ] .
في هاتين الآيتين قضى الله _ تعالى _ و قضاؤه حق _ أن نصره المبين ، و تأييده المستبين إنما هو لعباده المؤمنين ، و أوليائه المخلصين .
نعم ؛ إن النصر ، و التمكين حقٌ لكل مؤمن بالله _ تعالى _ .
لكل من عَمَرَ قلبه بالإيمان الصادق ، و الإسلام الخالص ، و الانقياد التام لله و رسوله (صلى الله عليه و سلم).
إن تحلي العباد بالإيمان بالله _ تعالى _ برهان كبير على أنهم هم المنصورون ، و أنهم هم الجند الغالبون ؛ كما قال الحق _ تبارك و تعالى _ : [ و لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ^ إنهم لهم المنصورون ^ و إن جندنا لهم الغالبون ] .
و كما قال _ تعالى _ : [ و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ] .
فمتى أتى المؤمنون بإيمان تام كامل كان لهم نصر تام كامل ، و إن أتوا بإيمان دون الكمال ، و قاصر عن التمام فإن النصر لهم بحسب ذلك .
و حين نلحظ تأريخنا _ الحافل بالانتصارات الخالدة التي أقضت مضاجع أهل الكفر ، و أذناب الضلال ، و التي أقرَّت عيون أهل الإيمان و التوحيد _ نجد أن أغلب حروب المسلمين التي بها صرت الغلبة لهم ، أو حلت بهم الهزيمة راجع إلى الإيمان قوة و ضعفاً .
فهذا يوم الفرقان _ يوم بدر _ نصر الله عباده المؤمنين نصراً مبيناً أصبح شجى في حلوق المشركين زماناً ، و كان من أعمدة النصر في تلك الغزاة أن قَوِيَتْ قلوب المؤمنين إيماناً بالله _تعالى_.
و في التأريخ المشرق _ لهذه الأمة المنصورة ، و المُخَلَّدَة إلى قيام الساعة _ صورٌ كثيرة جداً لوقائع نصر مبين للمؤمنين .
فهذا عمود من أعمدة النصر على الأمة أن تأتي به إن كانت تطمح بالنصر ، و ترمق بعين الشوق إلى التمكين في الأرض .
أما إن كانت تريد نصراً بلا إيمان فما هي و طالب السمك في الصحراء إلا سواء .
إن الله _ تعالى _ أخبرنا بأنه حافظ دينه فقال _ تعالى _ : [ إنا نحن نزلنا الذكر و إناله لحافظون ] .
بل أخبر _ تعالى _ أن البقاء إنما هو لدينه فقال _ سبحانه و تعالى _ : [ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره و لو كره الكافرون ] .
و هل نور الله _ تعالى _ إلا الإيمان و الدين ، و نصرته له نصرة لعباده القائمين بهذا الدين ، و المُتَحَلِّيْنَ بهذا الإيمان .
و التأريخ يشهد بأن كلَّ قوم حاربوا حميةً لدينهم فهم الغالبون _ و لو كانوا قلة _ ، و إن قاتلوا حميةً لغير الدين فإن الخذلان لاحق بهم ، و الهزيمة حليفتهم في تلك الحرب .
و الاعتبار بدروس التأريخ مطلب مهمٌ .
فلا مجال حينئذٍ لمداهمة جيوش اليأس و القنوط قلوبَ الصالحين ، بل الدربُ مستنير و واضح لا يعمى إلا على عُمْيِ القلوب و الأبصار .
فالله _ تعالى _ وَعَدَ و وعْدُهُ حق و صدق و لابد لذلك الوعد من يوم يتحقق فيه الوفاء _ و ليس الوفاء فحسب بل تمام الوفاء و كماله _ و هو قريب إذ وَعْدُ الكريم لا يقبل المماطلات ، و الله _ سبحانه و تعالى _ لا يخلف الميعاد _ .
فما هو إلا الصبر القليل ، و الاستعانة بالله ، و التوكل عليه ، و أساس ذاك كله اليقين بموعود الله _ تعالى _ و الحذر من تسرُّب الشك في موعوده .
 

العبودية لله و النصر

قال الله _ تعالى _ : [ و لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ^ إنهم لهم المنصورون ] .
و قال _ سبحانه _ : [ و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ] .
ففي هذا النص القرآني _ الكريم _ عمود من أعمدة النصر الذي يَمُنُّ به الرب _ جلَّ جلاله _ على من تعبَّد له حق التعبُّد .
و التعبُّد لله إنما هو تمام ذل المخلوق لله ، و كمال حُبِّهِ له ، و منتهى الطاعة و الانقياد لشرعه .
و اَلْحَظْ بتمعُّنٍ و تدبر [ لعبادنا ] و [ عبادي ] تجد في ثناياها خالص التجرد بالعبودية لله _ تعالى _ ، فلما جردوا التعبد لله و أخلصوه له ؛ فلم يجعلوا في قلوبهم ميلاً _ و لو قليلاً _ لغيره أثابهم منه فتحاً و نصراً و تمكيناً .
و لذا نرى أن الأمة قد يَتَخَلَّفُ عنها النصر بسبب تعلُّقها بغير الله _ تعالى _ ، بل بتعلُّق الأمة بقوتها ، و اعتدادها بعتادها و عُدَّتها ، و اغترارها بشجاعة فرسانها .
و هذا من صُوَر صرف التعبُّد لغير الله _ تعالى _ و غيرها في صفوفنا كثير ، فلا عجبَ أن تخلَّف النصر عنا و حلَّت الهزيمة بنا .
إنه ما ذل عبد لله _ تعالى _ إلا ازداد بتمام الذلة رفعة و علواً ، و ما استنكف أحد عن التذلل لله _ تعالى _ و اتبع نفسَه _ ذليلة _ غير الله إلا زاده الله وهناً و خسارة .
ثم _ أيضاً _ هل يُظَنُّ بالكريم أن يخذل عبده _ الذي ما فتيء يسعى في طلب مرضاته ، و نيل محبته _ في ساعة الشدائد و الضيق ، و ساعة العسرة التي يكاد أن يطير فيها قلبه لولا ربط الله _ تعالى _ عليه .
و للعبودية في ساعات الشدة أثر بالغ و كبير في قرب الفرج ، و بُدُوِّ أمارات النصر .
فهذا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) كان إذا حَزَبَه أمرٌ فزَعَ إلى الصلاة .
و جعل خير العبادة ما كان في زمن الهرج و المرج .
و حاله يوم بدر أكبر شاهد على ذلك ؛ فقد جأر بالدعاء و اشتدَّ ابتهاله و تضرُّعُه لربه و تذلله بين يديه ، سائله أن يُعَجِّلَ بنصره الذي وَعَدَه إياه .

و هذه هي التي يُسْتَجْلَبُ بها نصر الله _ تعالى _ ، و بدونها ؛ و حين تخلُّفها و عدم الإتيان بما أراده الله و طلبه فهيهات أن ينصر من أعرض عن دينه و لم يتبع هداه الذي جاء بـه رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، و اتبع ما أجلب به الكفار من حياة قِوَامُها على الرذيلة ، و المعصية ، بل ترك الشريعة _ كلها _ .
فعمود النصر التجرد لله _ تعالى _ بالعبودية ؛ التي هي : تمام الذل له ، و كمال المحبة له ، ومنتهى الانقياد و الاستسلام لدينه و شرعه .
فمتى قامت الأمة بالتعبُّد لله _ تعالى _ و التذلل بين يديه أضاء لها _ بفضل الله و مَنِّه _ نور النصر واضحاً جلياً ، تبصره قلوب الصالحين من أولياء الله العابدين ، و تعمى عنه _ بل تُحرَمُه _ قلوب و أبصار من تعبَّد لغير الله _ تعالى _ .
و كلما كان تعبُّد الأمة لله أتم كان نصر الله لها أكمل و أقرب .
 

نُصْرَةُ الله و النصر

قال الله _ تعالى _ : [ إن تنصروا الله ينصركم ] .
و قال _ تعالى _ : [ و ليعلم الله من ينصره و رسله بالغيب ] .
نصر الله _ تعالى _ حليفُ قومٍ ينصرون الله _ تعالى _ و دينه ، و يرفعون راية شريعته شامخة في أُفقِ العلياء .
أما قوم يسعون دائبين لإزالة دين الله _ تعالى _ ، أو خذل شريعته حين ضعفها فليس لهم من نصر الله شيء و لا قيد أنملة من النصر .
و ما انتصر من انتصر من الصالحين _ السابقين و اللاحقين _ إلا بسبب ما قاموا به من نصرةٍ لدين الله و شريعته .
و لله دَرُّ التأريخ إذ حَفَلَ بذكر صورٍ من إقدام المؤمنين في نصر دين الله _ تعالى _ و كانت عواقب تلك المعارك الغراء لهم .
فكم من معارك و غزوات حالف النصرُ فيها المؤمنين حيث قاموا بنصرة لدين الله _ تعـالى _ ، و كم من أخوات لها نَكَبَ الله أهلها و مَكَّنَ منهم العدو لما كان المقصود بالنصرة غير الله .
فمن قام ناصراً بلده فهو مخذول ، و من قام ناصراً قومه فهو مخذول ، و من قام ناصراً مبدأه و مذهبه _ المخالف لدين الله _ فهو مخذول .
و من قام ناصراً _ و لو وَحْدَهُ _ دين الله فهو المنصور لا غيره ، و هو المؤيد لا سواه ، و هو الموعود بالتمكين .
فلتقم الأمةُ الطالبةُ نَصْرَ الله _ تعالى _ بنصرة دين الله ، و إعلائه على الأديان _ كما أعلاه الله _ حتى تنال موعود الله تعالى لها بالنصر ، و التمكين في الأرض .
و من نُصْرَة الله _ تعالى _ تحقيق الولاء و البراء فلا مداهنة في دين الله _ تعالى _ ، و محاباة لمخلوق _ أيَّاً كان _ فدين الله _ تعالى _ فَرَّقَ بين المسلم و الكافر و لو كانا في القرابة بالمكان الذي لا يفرَّق بينهما فيه .
و من نُصْرَة الله _ تعالى _ تطهير الأرض من المنكرات و الموبقات ؛ التي ما فتيء أصحابها يجاهرون بها مطلع النهار و مغربه ، و يحاربون الله _ عزَّ و جلَّ _ ليل نهار _ و العياذ بالله _ .
و من نُصْرَة الله _ تعالى _ القيام حمايةً لدين الله من أن يَمَسَّه دَنِيٌّ بسوء ، أو أن يَقْصِدَه سافل بنقيصة .
و من نُصْرَة الله _ تعالى _ حراسة محارم الله _ سبحانه و تعالى _ و حفظها من أن يتعرَّض لها من سلبه الله العفاف و الحشمة .
فمن قام بنُصْرَة الله و دينه حَظِيَ بالنصر من الله _ تعالى _ ، و ظَفِرَ بالغلبة على عدوِّه .
النصر من الله _ تعالى _
قال الله _ تعالى _ : [ و الله يؤيد بنصره من يشاء ] .
و قال _ تعالى _ : [ و ما النصر إلا من عند الله ] .
و قال _ تعالى : [ بل الله مولاكم و هو خير الناصرين ] .
و قال _ تعالى _ : [ إن ينصركم الله فلا غالب لكم و إن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده ] .
إن الناظر _ بتدبر _ في هذه الآيات يَلْحَظُ فيها أن النصر يأتي مِنْ قِبَلِ الله _ تعالى _ ، و أنه هو المانُّ به على عباده المؤمنين .
فلا قُدُرَاتِهم و لا عُدَدِهم جالبة لهم نصراً على عدوهم ، و لا اعتداد بكل أسلحة المؤمنين إذا لم يُرِد الله _ تعالى _ لهم نصراً على عدوهم .
فلو كان النصر آتياً بقوى العباد لما غلب المسلمون الضعفاء _ ظاهراً _ أُمَمَ الكفر التي ملكت من آلات القتال ما الله به عليم .
و لو كان آتياً بإرادة البشر و أهوائهم لما حلَّت بمن أراد النصر _ من المسلمين و غيرهم _ الهزائم ، و لما انتصر عليهم العدو _ أياً كان العدو _ .
فمتى رجيَ المؤمنون النصر من غير الله _ تعالى _ فياخيبتهم ، و ياشؤم حالهم .
و حين ترى أحوال المسلمين في المعارك التي انهزموا بها ترى أن من أهم الأسباب تعلُّقُ النفوس في طلب النصر بغير الله _ تعالى _ .
و لنعتبر غزوة حنين فإن الهزيمة التي حصلت لهم إنما هي بسبب اغترارهم بقوة أنفسهم حيث قالوا : ( لن نغلب اليوم من قِلَّة ) .
قال ابن القيِّم _ رحمه الله _ في مسرَدِه الفوائدَ المأخوذةَ من تلك الغزوة _ : ( و اقتضت حكمته _ سبحانه _ أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة و الكسرة مع كثرة عددهم و عُددهم ، و قوة شوكتهم ، … ، و ليبيِّن _ سبحانه _ لمن قال : ( لن نغلب اليوم من قلَّة ) أن النصر إنما هو من عنده ، و أنه من ينصره فلا غالب له ، و من يخذله فلا ناصر له غيره ، و أنه _ سبحانه _ هو الذي تولى نصر رسوله و دينه ، لا كثرتكم التي أعجبتكم فلم تغنِ عنكم شيئاً ، فوليتم مدبرين ) ( زاد المعاد ( 3/477).
و هذا الذي حصل إنما هو من طائفة عُمِرَتْ قلوبهم بالتوكل على الله _ تعالى _ ، و التعلُّق به ، لكن لما انصرف القلب انصرافاً قليلاً لغير الله _ تعالى _ عُوقبوا بما ذكر الله _ تعالى _ بقوله : ] لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين إذ أعجبتكم قوتكم فلم تغن عنكم شيئاً [. فكيف الحال بمن بعدهم ممن انصرفت قلوبهم لغير الله اصرافاً كُلِّياً _ و الله المستعان _ .


مبشرات النصر

البشارة بظهور الدين

قال الله _ تعالى _ : [ هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ] .
و قال _ تعالى _ : [ إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ] .
و قال _ تعالى _ : [ و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ].
و قال _ تعالى _ : [ كتب الله لأغلبن أنا و رسلي إن الله قوي عزيز ].
و قال النبي ( صلى الله عليه و سلم) : \" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار حتى ما يبقى بيت مدر و لا وبر إلا دخله هذا الدين بِعِزِّ عزيز أو بِذُلِّ ذليل \" (الحاكم ( 1631 – 1632 ).
فهذه نصوص قاطعة بأن الغالب هو دين الله _ تعالى _ و الواعد بذلك هو الله _ تعالى _ و رسوله (صلى الله عليه و سلم ) ؛ و من أصدق من الله حديثاً و قيلاً .
قال ابن كثير _ رحمه الله _ : ( و هكذا و قع و عمَّ هذا الدين ، و غلب و علا على سائر الأديان في مشارق الأرض و مغاربها ، و علت كلمته في زمن الصحابة و من بعدهم ، و ذلت لهم سائر البلاد ، و دان لهم جميع أهلها ، و صار الناس إما مؤمن داخل في الدين ، و إما مهادن باذل الطاعة و المال ، و إما محارب خائف وَجِلٌ من سطوة الإسلام و أهله ) (البداية و النهاية ( 6/183).
و هذا لا يعني كونه وقع في زمن الصحابة أنه لا يقع ، بل سيقع و يعود ما وعد الله لأن هذا الوعد مرتبط بالدين و ملازم له . و سيتحقق ذلك .
و الله لا يخلف الميعاد ؛ فكيف إذا كان الميعاد نَصْرُ دينه و إعلاء كلمته التي رضيها هي الدين لا سواه [ إن الدين عند الله الإسلام ] .
فمهما طال مُقامُ الكافر ، و مهما استطال شرُّه و ضرُّه ، و مهما كِيْدَ بالمسلمين ، و مهما نُّكِّلَ بهم فإن الغلبة لدين الله _ تعالى _ وَعْدَاً من الله حقاً و صدقاً .
و هذا سيحدث لا محالة ، فلا نستعجلَّنَّ الأمور ، و لا نسابق الأحداث .
 

الطائفة الظاهرة

قال النبي ( صلى الله عليه و سلم ) : \" لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم \"
فهذه الطائفة قائمة إلى قيام الساعة ، و النصرة لهم ، و التأييد الإلهي معهم ، و لأعدائهم الخذلان المبين ، و الهزيمة النكراء .
و هذه الفرقة _ المنصورة _ من بواعث الأمل في نصرة الدين ، و من بشائر الرفعة لدين الله _ تعالى _ .
كيف لا تكون من بواعث الأمل المتضمن _ بإذن الله تعالى _ نصر دين الله _ تعالى _ نصراً مؤزراً ، و قد ذكر نبي الله (صلى الله عليه و سلم ) _ الذي لا ينطق عن الهوى _ أنها دائمة و موجودة إلى قيام الساعة .
و لكنه ضعف اليقين بموعود الله _ تعالى _ و رسوله (صلى الله عليه و سلم ) ، و تعلُّق القلوب بالماديَّات و الظواهر .
و أساس ذلك كله ضعف الإيمان بالغيبيات التي هي أصل الإيمان _ و الله المستعان _ .
فهل يجوز بعد هذا أن ييأس المسلمون من اكتناف نصر الله _ تعالى _ لعباده المؤمنين ؟ .
و هل يجوز أن تُعَظَّمَ قوة الكفر و جبروته ؟ .
و هل يجوز لنا أن نتخاذل عن البذل لدين الله _ تعالى _ و لو بأقلِّ القليل ؟.
و هل يجوز أن نعتقد _ خطأً _ أن هذه الطائفة لن تقوم ، أو أنها قامت و لن تعود ؟ .
أسئلة تفتقر إلى أجوبة فعلية لا قولية .
 

الوعد الإلهي الحق

قال الله _ تعالى _ : [ وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونن لا يشركون بي شيئا ] .
( هذا وعد الله _ تعالى _ لرسوله صلوات الله و سلامه عليه بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض _ أي أئمة الناس و الولاة عليهم _ بهم تصلح البلاد ، و تخضع لهم العباد ، و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً و حكما فيهم ، و قد فعله _ تبارك و تعالى _ و له الحمد و المنة ، فإنه ( صلى الله عليه و سلم ) لم يمت حتى فتح الله عليه مكة و خيبر و البحرين و سائر جزيرة العرب و أرض اليمن بكمالها ) (تفسير ابن كثير ( 3/290_291 ) . و انظر البداية و النهاية (6/183 ).
و هذا الوعد قد تحقق في زمان رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) ، و سيتحقق بعده حتى قيام الساعة .
و هذا الوعد لابد له من إيمان بالله _ تعالى _ حتى يتمَّ لنا هذا الاستخلاف ، أما أن نكون على حال من قلة الإيمان بالله _ تعالى _ و نرجو مع ذلك هذا التمكين فما هذه إلا أمانيَّ و أحلام يقظان .
متى توافرت الأوصاف التي ذكرها الله _ تعالى _ في هذا الآية في قوم كانوا أحق بالتمكين من غيرهم _ مهما كانوا _ .
فحتى نظفر بالتمكين من الله _ تعالى _ لنعقد العزم على تطبيق شريعته في أحوال الناس اليومية ، و السياسية ، و الاجتماعية .
عندها سننال النصر من الله _ تعالى _ و نظفر به منه _ تعالى _ بكل تأكيد و يقين ، و لكن أكثر الناس لا يعلمون .
و لكن حين يعقد المسلمون النوايا ، و يُصِّحُّوْن العزم على أنهم إن مكَّنَهم الله _ تعالى _ أتوا بأحكام تخالف دينه و شريعته فهيهات أن ينالهم من الله _ تعالى _ النصر المبين ، و التمكين .
و التأريخ مليء بمثل هذه الأحوال .
 

المدينتان المُنْتَظَرَتان

عن أبي قبيل قال : كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص _ رضي الله عنهما _ و سئل : أي المدينتين تفتح أولاً : القسطنطينية أو رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق . قال : فأخرج منه كتاباً . قال فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) نكتب ؛ إذ سئل رسول ( صلى الله عليه و سلم ) : أي المدينتين تفتح أولاً : قسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) : \" مدينة هرقل تفتح أولاً \" يعـني : قسطنطينية (رواه الإمام أحمد (2/176 ).
و مما يزيد في البشارة أن هذه المدينة قد فتحت على يد السلطان محمد الفاتح العثماني التركماني ؛ و لكن ليس هو الفتح المذكور في الأحاديث لأن الفتح الذي في الأحاديث يكون بعد الملحمة الكبرى ، و قبل خروج الدجال بيسير (انظر:اتحاف الجماعة _ للتويجري _ ( 1/404 ).
و لفتح القسطنطينية _ الفتح الحق _ علامة واردة في أحاديث عن النبي (صلى الله عليه وسلمe ) ، معروفة مشهورة ، وهي :
عن معاذ _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) : \" عمران بيت المقدس ، خراب يثرب ، و خراب يثرب خروج الملحمة ، و خروج الملحمة فتح القسطنطينية ، و فتح القسطنطينية خروج الدجال \" ، ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبه ، ثم قـال : \" إن هذا الحق كما أنك هاهنا ( رواه الإمام أحمد ( 5/245 )).
فإذا كان أن الفتح الذي حصل على يد محمد الفاتح ليس هو الفتح الوارد في الحديث فإنا لعلى يقين بقرب فتحين عظيمين لمدينتين كبيرتين ، و هذا قريب ، و وَعْدُ الله نافذ و مُتحقق _ بإذنه تعالى _ .
و لعلَّ ذاك الفتح ( العثماني ) مُقَدِّمَةٌ للفتح الأكبر المُنْتَظر _ إن شاء الله تعالى _ .


المعركة الفاصلة

قال النبي ( صلى الله عليه و سلم ) : \" لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، و حتى يختبيء اليهودي وراء الحجر ، فيقول الحجر : ياعبد الله ، يا مسلم تعال هذا ورائي يهودي فاقتله.
و هذه المعركة هي الفاصلة بين المسلمين و اليهود ، و هي التي يُظْهِر فيه الله _ تعالى _ عباده المؤمنين و ينصرهم على اليهود بعدما ذاقوا منهم الأذى و النكال .
و هذه المعركة لم تقم بعد ، و قيامها عزٌّ للإسلام و المسلمين ، و نصر لهم مبين ، و الله غالب على أمره ، و لمن أكثر الناس لا يعلمون .
و لم تأتِ بعد هذه المعركة و إنا على انتظارها ، و هي آتيةٌ لا محالة _ إن شاء الله تعالى _ .
 

محمد المنتظر

مما ثبت في السنة و اعتقده السلف الصالح و دانوا لله _ تعالى _ ثبوت المهدي ، و أنه سيخرج في آخر الزمان .
قال النبي ( صلى الله عليه و سلم ) : \" لاتذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي \"
و قال ( صلى الله عليه و سلم ) : \" يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً لا يعده \"
و أخباره متواترة تواتراً لا يعتريه شك . (انظر : الإشاعة ( 87 ) ، لوامع الأنوار البهية ( 2/84 ) .
و في خروجه يكثر الخير ، و يعم الرغد ، و ترتفع الشريعة ، و يلحق الباطل ذلاً عظيماً ، و مهانة كبيرة . قال ابن كثير _ رحمه الله _ : ( في زمانه تكون الثمار كثيرة ، و الزروع غزيرة ، و المال وافر و السلطان قاهر ، و الدين قائم ، و العدو راغم ، و الخير في أيامه دائم ).) النهاية في الفتن و الملاحم (1/31 ).
فهذا المهدي ( محمد بن عبد الله ) المنتظر لم يخرج بعدُ ، و بخروجه يقوم الدين ، و يرتفع الحق ، و يخمد الباطل ، و تتبدد كل قوة علت من قوى الباطل .
و ليس ذلك ببعيد فإن كل ما هو آت قريب ، فصبر جميل و الله المستعان ، و عليه التكلان .


ساعات النصر

اليأس و النصر

قال الله _ تعالى _ : [ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين من قبلكم مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ].
و قال الله _ تعالى _ : [ حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء و لا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ] .
فهذه صورة يَحِلُّ فيها اليأس على قلب العبد ، و يُخَيِّم القنوط على نفوس الصالحين .
و إنها لصورة من أشد الصور ، و أخطرها على نفوس المسلمين .
فالنصر ينزل على العباد ( عند ضيق الحال و انتظار الفرج من الله في أحوج الأوقات إليه)(تفسير ابن كثير ( 2/497 ) . و انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ( 15/175 ))
و ( إنها لساعة رهيبة ، ترسم مبلغ الشدة و الكرب و الضيق في حياة الرسل ،و هم يواجهون الكفر و العمى و الإصرار و الجحود ، و تمرُّ الأيام و هم يدعون فلا يستجيب لهم إلا القليل ، و تكرُّ الأعوام و الباطل في قوته ، و كثرة أهله ، و المؤمنون في عُدَّتِهم القليلة ، و قوتهم الضئيلة )( في ظلال القرآن ( 4/2035 )).
و إنا _ و الله _ لنفرح بمثل هذه الساعة لا لذاتها _ معاذ الله _ و لكن لما فيها من بشائر النصر القريب ، و أمارات ظهور الفجر الواعد .
نعم ؛ إنها ساعة فيها ( يجيء النصر بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلَّق بها الناس).
و سنة الله _ تعالى _ أن في مثل هذه الظروف _ التي يفقد المؤمنون فيها صبرهم ، و تتكالب عليهم الشدائد من كل حَدْبٍ و صوب ، و ينالهم من أهل الشر و الباطل كل أذى و سُخرية من ضعف قوتهم و هوانهم على الناس _ يلمح المؤمنون نور النصر يلوح ، و شمسه تشرق في تمام الوضوح ، فيزول عن القلب ما خَيَّمَ عليه من حُجُب و شوائب .
و غزوات النبي ( صلى الله عليه و سلم) فيها تبيان لهذا و إيضاح فاعتبرها .
 

المظلوم و النصر

لقد حرَّم الله الظلم على نفسه ، و جعله بين عباده محرَّماً .
و الظلم شيمة من ابتلاه الله بالكبر و الغطرسة ، و ليس من شيم من اتصف بالمكارم العلية ، و الصفات الرفيعة .
و لهذا جاء ذمه في الكتاب و السنة ، و اتفقت كلمة العقلاء من المسلمين _ بل من غيرهم _ على انتقاصه و تحقيره .
و من هذا شأنه كان حريَّاً بأن يناله من الله عقاب لتقرَّ عين المظلوم بنكاية الله _ تعالى _ بالظالم ، و نكاله به .
فجعل الله دعوة المظلوم تسلك طريقها في السماء ، فلا يحجبها أحد ، و لا يردها رادٌّ .
و تكفل الله _ تعالى _ بأنه سينصرها و لو بعد حين _ و وَعْدُ الله حق ، و الله لا يخلف الميعاد _ .
فإلى كل مظلوم هذه البشارة العُظمى ، و المسرَّة الكبرى ؛ إن نصر الله _ تعالى _ لك قريب ممن ظلمك و أخذ حقك .
هذا كله في عموم الناس _ المسلم و الكافر _ ، فكيف إذا كان المظلوم أمة مسلمة لله _ تعالى _ ، و الظالم لها كافر لا يؤمن بالله رباً ، و لا بمحمد نبياً ، و لا بالإسلام ديناً ، لا شك _ و أقول إن الأمر غاية في اليقين _ أن نصر الله تعالى قريب جداً .
و هذه ساعة من أهم ساعات الانتصار و الغلبة أن يتمكن العدو من المسلمين ، و يتحزبون عليهم من كل جانب _ من فوقهم ، و من تحتهم ، و عن أيمانهم ، و عن شمائلهم _ .
قال الله _ تعالى _ : [ أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير ] .
فما على المؤمنين حال تلك الساعة إلا الجأر بالدعاء ، و الابتهال و التضرع بين يدي الله _ تعالى _ أن يُعجِّل بنصرهم ، و أن يَخْذِل عدوَّهم و يُحِلَّ عليهم غضبه و سخطه .
و موعود الله قريب للمظلوم ، و الويل للظالم من عقاب الله _ تعالى _ .


حُجُبُ النَّصْرِ

حجاب الكفر

قال الله _ تعالى _ : [ فأما الذين كفروا فأعذبهم عذاباً شديداً في الدنيا و الآخرة و ما لهم من ناصرين ] .
و قال _ تعالى _ : [ فما استطاعوا من قيام و ما كانوا منتصرين ] .
و قال _ تعالى _ : [ قل للذين كفروا ستغلبون … ] .
و قال _ تعالى _ : [ أم يقولون نحن جميع منتصر ^ سيهزم الجمع و يولون الدبر ] .
هذه آيات أنزلها الله في كتابه قضى فيها أن الكفر لن يغلب الإسلام مهما كانت له من القوى ، و مهما ملك من العُدَد و العَدَد .
و لقد صدق الله _ تعالى _ وَعْدَه فنصر عبده ، و أعز جُنْدَه ، و هزم الأحزاب وَحْدَه .
فمهما قامت حروب و معارك بين المسلمين و الكفار فإن الغالب هم المسلمون ، و الهزيمة لاحقة بالكفار ؛ وعد صادق من الله _ تعالى _ .
إن الكفر إن حارب فهو يحارب وهو خِلْوٌ من الدين ، فراغ من أي غاية يصبو إليها إلا غاية يرى أن فيها منفعة له .
و أما المؤمنون فهم يحاربون نُصْرَةً لدين الله _ تعالى _ فلهم الغلبة _ لأنهم موعودون من الله _تعالى _ بنصر مبين على الكافرين المجرمين .
و أما الكافرون فإنهم سينفقون ما لديهم من أموال و رجال في حروب طاحنة مع المسلمين ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغْلَبُوْن على أيدي المسلمين .
و إن انتصر الكفار على المسلمين فهو نصر مؤقَّتٌ لا يدوم ؛ و هيهات له أن يدوم و الله قد كتب الغلبة لدينه و رسله و أوليائه الصالحين .
و الله _ تعالى _ لا يؤيد بنصره أُمة قامت على كفر به ، و صد عن سبيله .
 

حجاب الظلم

قال الله _ تعالى _ : [ و ما للظالمين من أنصار ] .
و قال _ تعالى _ : [ و الظالمون مالهم من الله من ولي و لا نصير ] .
نعم ؛ إن الله لا ينصر الظالم على المظلوم بل اقتضت حكمته أنه ينصر المظلوم على الظالم _ مهما كان المظلوم و الظالم _ .
و ما أكثر الظلم في المسلمين ؛ و الذي بسببه حُرِمْنا النصر على أعدائنا .
و الظلم أنواع :
(1) الكفر و الشرك بالله _ تعالى _ : وهما من أهم أسباب منع النصر و التأييد من الله _ تعالى _ لنا ؛ فتجد شركاً في الأقوال ، و الأفعال ، و النيات .
و تجد كفراً بالله _ تعالى _ ظاهراً و كفراً باطناً .
(2) أكل أموال الناس بالباطل .
(3) منع ذوي الحقوق حقوقهم .
إلى صور كثيرة فيها الظلم الظاهر البيِّن الذي لا يخفى على من آتاه الله عينين مبصرتين .
فالظلم يمنع النصر كما في هذه الآيات و كما في حديث دعوة المظلوم و أنه ليس بينها و بين الله حجاب ، و الله _ تعالى _ قد وعد بأنه سينصرها و لو بعد حين .
فمتى طُهِّرَت الأمة من الظلم _ بجميع أنواعه و صوره _ فإن نصر الله آتٍ ، و وعده متحقق _ سواء في ذلك قرب الزمن أو بعده _ .
 

حجاب النفاق

قال الله _ تعالى _ : [ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم ولياً و لا نصيراً]
بيَّن الله _ تعالى _ في هذه الآية أن نصرَه محرومٌ منه كل منافق دخيل في صفوف المسلمين ، بل محروم منه كل من قرَّب المنافقين و أنالهم منه مكاناً مرموقاً ، و جاهاً رفيعاً .
إن النفاق ما وُجِدَ في قوم إلا أحلَّهم دار البوار ، و منعهم الخير و النصر .
و ما وُجِدَ المنافقون في أرض إلا مَكَّنُوا منها العدو على المسلمين ، و أذلُّوا الصالحين من عباد الله _ تعالى _ .
و كيف تطمع الأمة بنصرٍ من الله _ تعالى _ و للمنافقين عندها خير مقام ، و أعزَّ مكان .
فإذا ما طهُرَت الأرض ، و سَلِمَت الأمة من هؤلاء ( المتلونين ) استحقت النصر من الله _ تعالى _ على عدوها ، و كان لها الظفر بالعدو .
و ما مُنِعَ المسلمون النصر يوماً قط إلا بسبب ما كان منهم من تقريب لهؤلاء المنافقين ، و حبٍّ لهم ، و مجالسة معهم ، و تمام وُدٍّ لهم .
إن النفاق في هذه الأزمان قد طال ريشه بين المسلمين ، و دام مُقامُه بينهم ، و نال أهلُه من المسلمين كل ما يريدونه ، بل نال الصالحين المُبيِّنين حالهم و ضلالهم الأذى منهم و من أسيادهم .
و حين تلتفت الأمة إلى هؤلاء المجرمين و تبدأ بهم و تنكِّل بهم تنعم بعد ذلك بنصر من الله مؤزَّرٌ ، و بإيفاء الله _ تعالى _ وعده لهم .


خاتمة البوابة

في ختام الولوج من هذه البوابة العريقة …
و في نهاية المرور بها …
آمل أن أكون قد وُفِّقْتُ بوضع النقاط على حروفها
و أن أكون قد بعثت ما مات من آمالٍ كبار في نفوس قومي
و ما أريد أن أبرح هذا المقام أُخيَّ القاريء إلا وقد نلت منك _ بعد الله _ سَتْرَاً لعيب غير مُتَعَمَّدٍ ، و غَفْراً لزلة زللت بها
و آخر الكلام لي هنا : أن أسأل الله _ تعالى _ أن يُحيي ما مات من آمالنا ، و أن ينصر دينه و كتابه و سنة نبيِّه ( صلى الله عليه و سلم ) و عباده الله الصالحين .

تم ما أردت تبيانه من أحوال
بوابة النصر
وصلى الله و سلَّم على نبينا محمد و على آله و صحبه .

1/9/1422هـ
الرياض 11527
ص ب : 68298

احصل على نسخة من الموضوع على ملف ورد
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله العُتَيِّق
  • مقالات
  • كـتـب
  • خواطر
  • أدبيات
  • كَلِمَات طـَائِرَة
  • الصناعة البشرية
  • منتقيات
  • للتواصل مع الكاتب
  • الصفحة الرئيسية