بسم الله الرحمن الرحيم

سـعـيــدٌ سعـيـد .. سعـيـدٌ مبارك .. سـعـيـدٌ زئير !!


إيهٍ لك أيها الشجاع الأبي .. عاندت الأصنام واهززت كبرها ، فخضعت وأذعنت ومادت لك مضطربة إثر تكبيراتك المتتالية :

وتعالى التكبير : يا سدة الأصنام *** ميدي ، ويا علوج تنـائي
فالصلاة الطهور عالية الأصداء *** جوابة … بكل فضــــــــــاء
هوت الجاهلي ، فاهتز إنسـانا*** ثابت العزم ، مثقل الأعباء

لله درك من شهم لا يحتاج أمرك إلى سؤال ..
شذاك انتشر ..
وعطرك عبق ..
واستأنس كل من سمع ذكرك .
شمرت عن ساعد الجد لما دعيت إلى منهل يوسف عليه السلام ، فلم تبالي .. بل تبعت خطى دعاة الفلاح في نفس المسار ، مناجيا ربك :

فيارب إن حانت وفاتي فلا تكن *** على شرجع يعلى بخضر المـطارف
ولكن قبري بطن نسر مقيلــه *** بجو السماء في نسور عواكــف
وأمسي شهيدا ثاويا في عصابة *** يصابون في فج من الأرض خائـف
فوارس من (علماء) ألف بينهم *** تقى الله .. نزالون عند التزاحـف
إذا فارقوا دنياهم فارقــوا الأذى *** وصاروا إلى موعود مافي المصاحف

فلم تلين أو تستكين … ليسطر بذلك التاريخ صفحة .. بل صفحات جديدة .
حبرها : الشموخ في زمن الذل ، وورقها : الصمود في عصر الاستكانة ، أما سطورها :

ماض وأعرف ما دربي وما هدفي *** والموت يرقص لي في كل مـنعـطف
وما أبالي به حـتى أحاذره *** فخشية الموت عندي أبرد الـطـــرف
ماض ولو كنت وحدي والدنا صرخـ *** ـت : قف … لسرت فلم أبطئ ولم أقف

فأصبحت سيرتك ترانيم على لسان كل ملذوع يرددها فخرا وعزة .

أيها البطل الصامد …
كأني بك لم تستعجل نفسك حين قذفتها في المعركة ، ولم يدفعك الشوق إلى الجنة نحو هجمة خاطفة تنفجر فيها دماء الشهادة … بل كابدت وغايظت ، وصبرت وصابرت ، وتركت طريق الأنبياء والمصلحين يستهلك نفسك ويمتص طاقاتك ، حتى إذا ذبلت ونحلت … أذنت آنذاك لجسدك أن يستقبل الطعنة في الصدر لا في الظهر .

فيالعجبي !!
من قدرة دعاة الإسلام على العطاء الدائم المتجدد … أعمالهم حية وإن سجنوا ، أفكارهم تقود الأمة وإن قتلوا … كيف لا ، وقد سقوا الدعوة كأس الإخلاص والتضحية بدمائهم وتضحياتهم .

فسيدٌ سيد ..
وحسنٌ حسن ..
وسعيدٌ سعيد ..

لله درك أيها الصامد ..
حتى وأنت في تلك البقعة الضيقة ، ذات الأمتار المحدودة .. تأبى إلا أن تداعب محبوبتك التي سرى عشقها في عروقك ، ولم العجب !!

فمن أجلها ضحيت ، وسجنت ، وبذلت ، وأعطيت .. ألا تستحق بعد هذا أن تصبح أنيستك في زنزانتك ؟

فكم من الناس فتح الله بصيرتهم وشرح صدورهم على يديك ، وكم من الدروس التي سطرها صمتك ووقارك ... كل هذا تتمثل فيه قوله تعالى ( وجعلني مباركا أينما كنت …) ، حتى الزبانية والسجانون نهلوا من معين حكمتك ودعوتك ، ولسان حالك تجاههم :

والصمت يقطعه رنين ســـلاسل *** عبثت بهن أصابع السجـــان
من كوة بالباب يرقب صـــيـــده *** ويعود في أمن إلى الدوران
هو طيب الأخلاق مثلك ( يابني) *** ماذا جرى فتمسه أضــغــاني
فلربما وهو المروع سـحــنـة *** لو كان مثلي شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أبـنـائـه *** يوما .. تذكر صورتي فبكاني

إن النفس لتعجز حقا أن توفيكم قدركم ، أو تقضي بعض الدين من حقوقكم … فأنتم من تضرب به الأمثال ، وتحاك القصص ، وتسير الركبان … وحسبكم صدق قول القائل فيكم :

فخذ لك زادين من ســيـرة *** ومن عمل صـــالح يــدخــر
وكن في الطريق عفيف الخطى *** شريف السماع ، كريم النظر
وكــن رجــلا إن أتــوا بـعـده *** يقولون مر .. وهذا الأثـر

فكل عام وأنتم في شموخ وعزة وأنفة عن قيود الخنا والنفاق والتزلف ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .

أبو عبدالعزيز الظفيري

الصفحة الرئيسة