بسم الله الرحمن الرحيم

بطاقة معايدة .. مع وقف التنفيذ


همس بأذني أحد الأحبة : هل عايدته ؟

فتمطى لسان حالي صهوته ، ومن خلفه لسان المقال ؛ ليعبران عما جاش في الصدر ، واختلج في الفؤاد … ليصدح قائلا :
إيهٍ لك أيها الشجاع الأبي .. عاندت الأصنام واهززت كبرها ، فخضعت وأذعنت ومادت لك مضطربة إثر تكبيراتك المتتالية :

وتعالى التكبير : يا سدة الأصنام *** ميدي ، ويا علوج تنــائي
فالصلاة الطهور عالية الأصداء *** جوابة … بكل فضـــــــــاء
هوت الجاهلي ، فاهتز إنســــانا *** ثابت العزم ، مثقل الأعباء

فلله درك من شهم لا يحتاج أمرك إلى سؤال من بعد ما انتشر شذاك ، وعبق عطرك ، واستأنس كل من سمع ذكرك … شمرت عن ساعد الجد لما دعيت إلى منهل يوسف عليه السلام ، فلم تبالي .. بل تبعت خطى دعاة الفلاح في نفس المسار ، مناجيا ربك :

فيارب إن حانت وفاتي فلا تكن *** على شرجع يعلى بخضر المــــطارف
ولكن قبري بطن نسر مقيلــــــه *** بجو السماء في نسور عواكـــــــــف
وأمسي شهيدا ثاويا في عصابة *** يصابون في فج من الأرض خائـــــف
فوارس من علماء ألف بينـــهم *** تقى الله .. نزالون عند التزاحــــــــف
إذا فارقوا دنياهم فارقــوا الأذى *** وصاروا إلى موعود مافي المصاحف

فلم تلين أو تستكين … ليسطر بذلك التاريخ صفحة .. بل صفحات جديدة ؛ حبرها : الشموخ في زمن الذل ، وورقها : الصمود في عصر الاستكانة ، أما سطورها :

ماض وأعرف ما دربي ومــا هدفـــي       والموت يرقص لي في كل مـــــنــعـــطف
وما أبالي به حـــــــتى أحـــــــــــاذره       فخشية الموت عندي أبرد الــــــــطــــرف
ماض ولو كنت وحدي والدنا صرخــ      ـت : قف … لسرت فلم أبطئ ولم أقف

فأصبحت سيرتك ترانيم على لسان كل ملذوع يرددها فخرا وعزة .
فهل ياترى .. أعايدك و أهنيك ، أم تعزي نفسي ومن شاكلها على التقاعس والخذلان ؟

أيها البطل الصامد …
كأني بك لم تستعجل نفسك حين قذفتها في المعركة ، ولم يدفعك الشوق إلى الجنة نحو هجمة خاطفة تنفجر فيها دماء الشهادة … بل كايدت وغايظت ، وصبرت وصابرت ، وتركت طريق الأنبياء والمصلحين يستهلك نفسك ويمتص طاقاتك ، حتى إذا ذبلت ونحلت … أذنت آنذاك لجسدك أن يستقبل الطعنة في الصدر لا في الظهر .
فواعجباه !!
كيف هي قدرة دعاة الإسلام على العطاء الدائم المتجدد … أعمالهم حية وإن سجنوا ، أفكارهم تقود الأمة وإن قتلوا … كيف لا ، وقد سقوا الدعوة كأس الإخلاص والتضحية بدمائهم وتضحياتهم .

لله درك أيها الصامد ..
حتى وأنت في تلك البقعة الضيقة ، ذات الأمتار المحدودة .. تأبى إلا أن تداعب محبوبتك التي سرى عشقها في عروقك ، ولم العجب !!

فمن أجلها ضحيت ، وسجنت ، وبذلت ، وأعطيت .. ألا تستحق بعد هذا أن تصبح أنيستك في زنزانتك ؟

فكم من الناس فتح الله بصيرتهم وشرح صدورهم على يديك ، وكم من الدروس التي سطرها صمتك ووقارك … وكم ، وكم ، كل هذا وأنت تتمثل قوله تعالى ( وجعلني مباركا أينما كنت …) ، حتى الزبانية والسجانون نهلوا من معين حكمتك ودعوتك ، ولسان حالك تجاههم :

والصمت يقطعه رنين ســـلاسل *** عبثت بهن أصابع السجـــان
من كوة بالباب يرقب صـــيــــده *** ويعود في أمن إلى الدوران
هو طيب الأخلاق مثلك ( يابني ) *** ماذا جرى فتمسه أضــغــاني
فلربما وهو المروع ســحــنـــــة *** لو كان مثلي شاعرا لرثاني
أو عاد من يدري إلى أبــنـــائـــه *** يوما .. تذكر صورتي فبكاني

شيخنا الجليل …

إن النفس لتعجز حقا أن توفيكم قدركم ، أو تقضي بعض الدين من حقوقكم … فأنتم من تضرب به الأمثال ، وتحاك القصص ، وتسير الركبان … وحسبكم صدق قول القائل فيكم :

فخذ لك زادين من ســيـــــــرة *** ومن عمل صـــالح يــدخــــر
وكن في الطريق عفيف الخطى *** شريف السماع ، كريم النظر
وكــن رجــلا إن أتــــوا بــعــده *** يقولون مر .. وهذا الأثـــــر

فكل عام وأنتم في شموخ وعزة وأنفة عن قيود الخنا والنفاق والتزلف ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .

هبل … هبل
رمز السخافة والجهالة والدجل
لاتسألن يا صاحبي تلك الجموع
لمن التعبد والمثوبة والخضوع
دعها .. فماهي غير خرفان القطيع
معبودها صنم يراه … العم سام
وتكفل الدولار كي يضفي عليه الاحترام
وسعى القطيع غباوة … يا للبطل .

أبو عبدالعزيز الظفيري

الصفحة الرئيسة