صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تطاول السفهاء على العلماء، ممدوح المهيني مثالا

عبد الرحمن بن صالح السديس

 
الحمد لله وصلى الله على عبده ورسوله محمد وسلم تسليما أما بعد:
فقد كتب ممدوح المهيني في جريدة الرياض يوم الأربعاء 17/6/1430هـ عدد 14961، ردا على الشيخ صالح الفوزان في رده عليه في قضية الولاء والبراء .
وكتب رده بنَفَسٍ حاد وأسلوب فج، متناسيا عمره ومكانته، مع مَن يخاطبه، فكان الرد في مجمله: قليل أدبه، كثير جهله.
ولأن هذه القضية من الوضوح بمكان فسأجمل الكلام وأختصره.
إذ قضية الولاء والبراء محكمة عقيدة لا خلاف فيها بين العلماء ، وهي مقررة في نصوص قطعية كثيرة ومتنوعة في الكتاب والسنة يصعب حصرها .
ومحاولة الكاتب أن يجعلها رؤية خاصة بالشيخ الفوزان يدل على أحد أمرين:
1- أنه يجهل هذا، وهذه مصيبة أن يتكلم بقضية كهذه مع جهله بها مع ظهورها .
2- أو لا يجهل لكنه يريد حصرها كذبا بالشيخ = ليسهل الطعن فيها وفي الشيخ .
وربما يرجح الافتراض الأول:
اعتراضه ودندنته على: "التعايش والتسامح والسلام وعدم الإكراه " معارضا بها نصوص الولاء والبراء!
مع أنه لا تعارض البتة بين البراءة من الكفرة وبغضهم، وبين التعايش معهم، ومسالمتهم وعدم إكراههم .. إلخ.
والشيخ كغيره من أهل العلم لا يرون أي تعارض بين هذه، وبين نصوص الولاء والبراء.
وهذا أمر معروف وظاهر، وقد أوضحه أكثر من كتب في هذا من أهل العلم غاية الإيضاح.
وقد يكون أتى بمثل هذه الاعتراضات لتمريرها على الجاهل للتشويش عليه وتشكيكه في هذه العقيدة، وكونه معارضة بنصوص أخرى كثيرة، وهذا قد يرجح الافتراض الثاني.
لأن المترامين في أحضان الكفرة من أذنابهم هنا = لا يقبلون هذه العقيدة؛ لأنها تُجرم محبتهم للكفرة، وتحول دون سعيهم في تحبيب المسلمين لأسيادهم، مع اجتهادهم في إزالة العدواة من قلوب المسلمين للكافرين.
مع أنهم لن يقدروا أن يزيلوا عداوة الكافرين للمسلمين!
{وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} (217) سورة البقرة
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (120) سورة البقرة

أما زعمه أن النصوص التي ذكرها الشيخ في هذه المسلمة العقيدة: "رؤية قديمة تجاوزها التاريخ منذ مدة طويلة " وأنها من " النصوص الدينية لها وقتها وظرفها عندما كان هناك عداء بين أصحاب الأديان المختلفة، ولكن كل ذلك انتهى الآن "
فهذه الفكرة ليست من كيسه، فهو مقلد لغيره من العلمانيين الذين رددوا هذا في كل مرة ينتهكون فيها قطعيات الدين؛ كاستحلال: الربا، والتبرج والسفور، والقمار والميسر، والخمور، وغيرها من الفواحش، وأنها أمور انتهت في وقتها وظروفها، وأنها ولا تناسب هذا العصر.
وإنما سلكوا هذه الطريقة؛ حين لم يسعفهم باب التأويل، وعجزهم عن الطعن في صحتها وثبوتها فلم يكن أمامهم إلا هذه الطريقة التي أرشدهم لها الشيطان لنسف الدين وإزالة أحكامه.
وبهذه الطريقة والأسلوب لن يبق من الدين شيء فكل ما لا يعجبهم من الأحكام ولا يقدرون على تأويله = سيفعلون به هكذا.
أما قوله: "النص القرآني مفتوح على التأويل والتفسير بما ينسجم مع روح العصر".
فيقال أولا: نصوص القرآن ليست كلأ مباحا لكل من هب ودب يخوض فيها كيف شاء بما يناسب هواه .
وثانيا: دين الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وانسجامه مع العصر لا يعني أن يطوعه أهل كل عصر لما تهواه نفوسهم، مما يستحدث من المحرمات؛ إذ الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، والواجب ما أوجبه الله، وهذه ثوابت لا تتغير، وإلا لتبدل الدين في كل عصر لاختلاف الأهواء والشهوات.
أما قوله عن الشيخ : " يجعله يرى العالم منقسماً بين المسلمين و«الكفار». "
فأمر عجب! فهل يريد بعد أن ألغى حكم البراءة والبغضاء عنهم = أن يزيل اسم الكفر أيضا، ويجعل الناس كلهم مؤمنين!
والله تعالى يقول: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} (2) سورة التغابن
{فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (7) سورة الشورى .
فهل كلامه هذا امتداد لما يسمى بـ"وحدة الأديان"، وإزالة التكفير، وأدعى أن كل من أتباع الأديان السماوية على دين صحيح موصل إلى الجنة ؟!
محتمل ولذا قال: "لهذا يتم الدعوات بشكل مستمر إلى مؤتمرات لحوار الأديان من أجل تخفيف تأثير هؤلاء المتطرفين على الناس، وجعلهم يعيشون مع إخوتهم الآخرين بتسامح وسلام"
فهو يصف الكفرة بأنه إخوة لنا !
والله يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } (10) سورة الحجرات
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم " المسلم أخو المسلم ".
وهذا يريد أن يكون المسلم أخو الكافر!
واعتقادُ عدم كفر الكافرين = كفر مخرج من الإسلام بإجماع العلماء.
أما قوله: "هذه هي التي أشعلت نار الإرهاب ... "إلخ
فكذب بيِّن؛ لأن هذه المفاهيم درسها عامة الناس في المدارس، وسمعوها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما سمعوا النصوص التي توجب العدل مع الكفرة وعدم ظلمه، وإعطائهم حقوقهم.
ولو كان كما زعم لم يختص أولئك بها.
ولكن هذه تهمة مكررة لهؤلاء القوم للتشنيع على مخالفيهم في أكثر المواضيع بالإرهاب وتشجيعهم، وتعلموا ذلك وأخذوه من سياسة سيدتهم "أمريكا" .
وإلا فجهود الشيخ الفوزان في نشر العلم الصحيح والمنهج الوسطي معلومة مشهورة وقد شكره عليها الولاة والعلماء، في حين لم نر لهذا الكاتب وأمثاله شيئا يذكر سوى الثرثرة فيما لا يحسنون، وخدمة أسيادهم من النصارى.
وختم مقالة مرة أخرى بأن ما كتب الشيخ هو نوع من أفكاره وليس من حقه أن يكون هو المفسر لكلام الله ولا أن يقدم نفسه لذلك .. إلخ
هو نوع من الكلام السابق؛
إما كذب لتهوين المخالفة.
أو جهل بأن ما كتبه الشيخ إنما هو في مسلمة عقيدة قطعية لا خلاف فيها، وإن جهلها أو رفضها بعض المفتونون.
أما ما أنهى به كلامه من قوله: "لكن ليس من حق الشيخ الفوزان أن يهدد بعصا الله "
فهو يدل دلالة واضحة على جهل هذا الكاتب وكلامه في الدين بلا علم، وإلا فمن أين جاءنا بهذه العبارة : "بعصا الله" ؟!
تعالى الله عما يقول الجاهلون علوا كبيرا .
وصدق الله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (67) سورة الزمر .
وختاما سيذهب مقال هذا الكاتب وأمثاله، وستبقى آيات الله تتلى في كل مكان، ويتوارثها المسلمون جيلا بعد جيل، ولن يستطيع: ليبرالي، ولا جاهل، ولا عميل منافق أن يزيلها من قلوب الناس.
وصدق الله :
{تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (81) سورة المائدة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ} (1) سورة الممتحنة
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبد الرحمن السديس
  • مقالات متنوعة
  • فوائد حديثية
  • مسائل فقهية
  • فوائد تاريخية
  • مسائل عقدية
  • الصفحة الرئيسية