صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مدرسة غزة

 شائع بن محمد الغبيشي

 
لا يزار شلال الدم المتدفق على ثرى غزة الحبيبة يزداد غزارة و تدفقاً و لا يزال القصف العدواني البري و البحري و الجوي يقصف كل شيء البيوت و المساجد و المدارس و المستشفيات , تجاوز عدد الشهداء بإذن الله 1090 و تجاوز عدد المصابين 5080 جريح عدد كبير منهم في حالة خطرة فضلاً عن الحصار الذي يمنع عنهم كل مصدر للحياة انقطاع للكهرباء و الماء انعدام للغذاء ناهيك عن مشاهد اليتم و الترمل

قم يا قلم حبر سطوري بالأسى *** و اجعل مدادك أدمعاً بل قل دما
هذي هي الأشلاء ترسم لوحة *** للذل و الخذلان ترسم معلما
رِجْلٌ هنا و يدٌ هناك و جمجمة *** و النار تشوي الجلد تشوي الأعظما
هذي وجوه بالدماء تسربلت *** هذي هي الأشلاء تطنق أبكما
يا أهل غزة و الفخار يحفكم *** عجز البيان و اللسان تعجما

أبصرت طفلاً لا يتجاوز السنتين من العمر يجهش بالبكاء ترتجف أطرافه من الرعب فساءلت نفسي تُرى يا حبيب القلب ما سر هذا الذعر و البكاء ؟ هل أسرتك تحت أنقاض بيتك و أنت الناجي الوحيد أم لأنك رأيت أشلائهم ممزقة , كأني بك تقلب وجه أمك و تنطرح عليه تقبله و قد فصل عن جسدها بعد أن تطاير أشلاءً ممزقك يا لله ما أعظم الجرم بني الحبيب حق لك البكاء أليس هو الحضن الذي زودك بالحنان ؟ أليس هو الثدي الذي يرضعك مع اللبن العزة ؟ لك الله أيه الوليد .

كم من يتيم تعالى صوته هلعاً *** لفقد أمٍ ، و أختٍ تحت مُنهدم
و كم أبٍ هاله فقدان أسرته *** يبكي لجرح عظيم غير مُلتئم
و كم ليالٍ مضت تبكي لحالهم *** غاب الضمير و مات الطفل من ألم
هانوا على الناس فالأبصار قد عميت *** و آلة السمع قد ماتت من الصمم

و رغم شدة الأسى و عظيم المأساة حتى قال مراسل إحدى القنوات : في غزة لا تشم إلا رائجة الدماء و الأشلاء و الحرق , و رغم ذلك فإن هذه الحادثة جاءت لتعلمنا دروساً عظيمة غفلنا عنها و تناسيناها بل ربما لم تخطر ببال أحدنا :

يا تلاميذَ غزّةَ عَلِّمُونَا *** بَعْضَ مَا عِنْدَكُم فَنَحْنُ نَسِينَا
عَلِّمُونَا كَيفَ الْحِجَارَةُ تَغْدُو *** بَيْنَ أَيْدي الْأَطْفَالِ مَاساً ثَمِينَا
كَيْفَ تَغْدُو دَرَّاجَةُ الطِّفل لَغماً *** وَشَريطُ الْحَرِيرِ يَغْدُو كَمِينَا
كَيْفَ مَصّاصةُ الْحَلِيبِ إِذا مَا *** اعْتَقَلُوهَا تَحَوّلَتْ سِكّينَا
يَا أَحِبّاءَنَا الصِّغار سَلاماً *** جَعَلَ اللهُ يَوْمَكُمْ يَاسَمِينَا

أولاً : وهو الدرس الأعظم : أن المعركة في الحقيقة معركة عقيدة و دين إنها معركة مع الإسلام ممثلاً في أبناء غزة إن العدو يدرك حقيقة جلية و هي أنه لن يزلزل كيانهم إلا الأيدي المتوضئة و الجباه الساجدة و الألسن التالية الذاكرة و النفوس المستقيمة و القلوب المتعلقة بالجنة و ذلك هو حال إخواننا في غزة , لقد تحدت غولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني السابقة قبل أربعين سنة أن إسرائيل لن تُهزم حتى يكون عدد المصلين في صلاة الفجر كعددهم في الجمعة و هو الواقع الذي يعشه أهل غزة حرسها الله .
# في أرض غرة المساجد تكتض بالمصلين و بالدروس العلمية حتى في هذه الأيام يخبرني أحد الإخوة من فلسطين أنه اتصل بأهله و كان هناك درس في أحد المساجد به أكثر من 250 مصلي .
# في أرض غرة المسجد يقصف و المصلون يصرون على إكمال الصلاة في الجزء المتبقي منه نقلت ذلك وسائل الإعلام .
# في أرض غرة يقول إمام أحد المساجد لما قصف مسجد قريب منا في صلاة المغرب أصر الناس أن يصلوا العشاء في المسجد القريب منه حتى ملئت بالمصلين # في أرض غزة يتباهى الناس كم قدم الواحد منهم من الشهداء , أبناء غزة يتوقون للشهادة فهي أغلى الأمنيات نشيد أحدهم :

إن الدفق الدماء عبر الجراح *** يبعث النور في جبين الصباحي
و دمـي راية الشـهادة تعلو *** قد أضلت سمائنا بالوشاح
أنا لله قد نـذرت حيـاتي *** و سـألت الله حسـن الثبـات
فإذا ضمخت دمائي صدري *** و احتواني الثرى و ضم رفاتي

فاذكروني أحبتي في الصلاة
# في غزة الشموخ في العام المنصرم كرم 5000 آلف طالب يحفظون القرآن و قد تجاوز عدد الحفاظ 12000 حافظ و حافظة .
# في أرض غرة شباب قوي الشكيمة عزيز النفس , قوي الإيمان ، متفتق الذهن يصنع سلاحه بيده شعاره منذ الصغر الحجر و التكبير ، إن جيلاً بهذه المواصفات لحقيق له أن يُرهب الدنيا بأسرها .
# في أرض غرة تعود أهلها على صيام الاثنين و الخميس حتى في هذه الأيام شعارهم :

حاصروني امنعوا عني الغذاء *** جوعوني و امنعوا عني الدواء
صمت للرحمن ذا نعم الغذاء *** وجعلت الصبر لي نعم الشفاء

# في غزة الفداء و الإيمان تربي المرأة المسلمة وليدها أن يكون شهيد في سبيل فهنّ يذكرننا الخنساء فقد قدمت أم نضال جميع أبنائها في سبيل الله فعاتبتها امرأة قائلة ألا تحبين أبناءك قالت : بلا أحب أبنائي و لكن الله أحب و أغلى , و هذا يفسر لنا استهداف العدو للأطفال و النساء , إن السامع لهذه الأخبار يظن أن ذلك ضربٌ من الخيال و ذلك و الله هو عين الحقيقة , إن جيلاً بهذه المواصفات لهو جيل النصر بإذن الله .
إن العدو يدافع عن عقيدته وهو يرى الأحلام التي رسموها لأنفسهم تتبدد على يد فئة قليلة لا تملك عدة ولا عتاد , أسمع إليهم و هم يحلمون عندما , سقطت القدس القديمة بأيديهم عام 1967 م ، دخلها وزير دفاعهم موشيه دايان في صحبة الحاخام الأكبر شلومو غورين ، وبعد أدائهم صلاة الشكر عند حائط البُراق قال فيهم : اليوم فُتح الطريق إلى بابل ويثرب هذا يوم بيوم خيبر وتعالت هتافات النصر التي رددها اليهود المنتصرون يا لثارات خيبر .
وتقول رئيسة الوزراء آنذاك جولدا مائير - وهي في (إيلات) على خليج العقبة - : إني أشم رائحة أجدادي في خيبر , إنني أشم نسيم يثرب وخيبر  .

ثانياً :
أن المخرج للأمة من محنتها و ذلها و هوانها إنما هو بالتربية الإيمانية المتزنة على منهاج الوحيين و هدي السلف الصالح ذلكم هو الذي قامت عليه الدعوة الإسلامية في غزها و التي بذرها أحمد ياسين رحمة الله فآتت أكلها ضعفين تربية على القرآن و السنة تربية على الجهاد و القوة تربية على الإيمان بالله و التوكل عليه تربية ذكرتنا بالجيل الفريد من مظاهر ذلك :
1/ الإقبال على كتاب الله تلاوة و حفظاً حتى أن طلاب حلقات التحفيظ أصروا على الذهاب إلى حلقاتهم رغم قصف العدو .
2/ التعلق بالمساجد و عمارتها حتى هذه الأيام و الإصرار على إقامت صلاة الجماعة رغم استهداف كثير من المساجد بالقصف ..
3/ الإقبال على العلم الشرعي و الدروس العلمية و المحاضرات حتى وقت القصف .
4/ التأسي بسنة النبي صلى الله عليه و سلم .
5/ التوكل على الله عز وجل و الرضا بقضائه و قدره .
6/ حب الجهاد و تمني الشهادة يصدق فيهم :
يا فتيةٌ رصدوا للِه أنفسَهم ... فبايعوا ربهم غراً ميامينا قالوا الجهادُ سبيلٌ لا بديلَ له ... ... والموتُ في اللٍه من أسَمى أمانينا هانت جُسومُهمُو في الله فانطلقوا ... وفجّروها براكينا براكينا فمادت الأرضُ حتى غصّ جانبُها ... ... بما تمزّق من أبناء صهيونا فما عليها سوَى أشلاء من هتكوا ... عرض الطهارة والأوطان باغينا أما الشهيد ففي الجنات منزلةٌ ... طوبى له حين يلقى حُورها العينا
7 ـ النطق بالشهادتين عند مفارقة الحياة .

ثالثاً : أن الكفر ملة واحدة
قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } و قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } قال الإمام السعدي رحمه الله :[ يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بيَّن لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة، أن لا يتخذوهم أولياء. فإن بَعْضهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يتناصرون فيما بينهم ويكونون يداً على من سواهم، فأنتم لا تتخذوهم أولياء، فإنهم الأعداء على الحقيقة ولا يبالون بضركم، بل لا يدخرون من مجهودهم شيئا على إضلالكم، فلا يتولاهم إلا من هو مثلهم ] فمدرسة غزة تعلمنا أن لا نتولى أهل الكتاب و أنهم ملة واحدة و العالم كله اليوم يشهد على هذه الحقيقة فالدعم ألا محدود الأوربي و الأمريكي على وجه الخصوص لليهود و تعاميهم عن ما يحصل من مجازر و دمار و هدم للمقدسات لا يغفل عنه ذو عينين .

رابعاً : كشف الوجه القبيح للنفاق و المنافقين الذين يكشرون عن أنيابهم عند كل نازلة تحل بالمؤمنين فيرجفون و يمكرون و ينضمون إلى صفوف إخوانهم من أهل الكتاب , و قد تجلى دورهم في هذه المنحة فيما يلي :
1/ زعمهم أن أهل غزة لو تركوا المقاومة و عاشوا حياة السلم لما حصل لهم ما حصل فقالوا و الله مقالة أجدادهم من قبل كما قال تعالى : { الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } و قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.
2/ زعمهم أن المقاومة هي التي تحرشت باليهود و كأنهم يجهلون تاريخ يهود و كأنها أول جريمة يرتكبها اليهود و كأنهم تناسوا أن اليهود شعب يتشهى سفك الدماء الطاهرة فهم قتلة الأنبياء و الصالحين و الأصفياء قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } .
3/ السخرية و الاستهزاء من عمليات المقاومة و التهوين منها و وصفها بالصواريخ العبثية .
4/ إلهاء الأمة و إشغالها عن قضيتها بالفن و المجون و المسابقات الرياضية حتى وقت المحنة .
5/ تصوير الأحداث على أنها قضية تخص الشعب الفلسطيني فحسب و محاولة حجب الحقيقة عن الشعوب المسلمة و تناسوا أن الأمة استيقظت من غفلتها و أنها تدرك أنها أمة واحدة و جسد واحد فها هي تعلن تضامنها مع إخوانها في الدين و العقيدة في شتى بقاع الأرض .

خامساً : تعلمنا مدرسة غزة التفاؤل رغم كل الجراح و الأسى فمن يتابع الروح المعنوية العالية لدى أهل غزة و الرضا بقضاء الله و قدره و حب الفداء و الصمود أمام ترسانة العدو وإجباره على التراجع كل ذلك يعيد إلى نفس المسلم الطمع في نصر الله و التفاؤل بفجر جديد للإسلام يعز فيه أهل الطاعة و يذل فيه أهل المعصية .
إن هذه الأحداث تعيد الأمل إلى الأمة بعودة راية الإسلام ترفرف في كل بقعة من فلسطين و بعودة المسجد الأقصى السليب نسأل أن يعجل بذلك .

سادساً : مدرسة غزة تعلم المقاومين في البلاد المعتدى عليها في العراق و أفغانستان و الشيشان و الصومال و كشمير أن التربية الإيمانية و العودة إلى الكتاب السنة و هدي سلف الأمة هو المخرج من الظلم الذي يعيشونه و الطريق إلى التحرير بإذن الله .
أسأل الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد أن ينصر إخواننا المسلمين في غزة و أن يجعل لهم من كل ضيق فرجا و من كل هم مخرجاً و من كل بلاء عافية و أن يطعم جائعهم و يشفي مريضهم و يرحم ميتهم و يجبر مصابهم و يثبت أقدامهم و يسدد رميهم و يقوي شوكتهم ينصرهم على عدونا و عدوهم و يرينا في اليهود عجائب قدرته إنه هو القوي العزيز .


محبكم : شائع محمد شائع الغبيشي
مشرف تربوي بإدارة التربية و التعليم بمحافظ القنفذة
القنفذة ـ حلي ـ السلامة
الجوال : 0555599624
البريد الإلكتروني shaei1416@hotmail.com
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
شائع الغبيشي
  • مقالات تربوية
  • الصفحة الرئيسية