صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ألا يمكن الأخذ بقول السلف،،،في عصر التقنية والاتصالات؟!

سعد بن ضيدان السبيعي


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد:
وقعت عيني على مقال في جريدة الرياض بعنوان :(في عصر التقنية والاتصالات .. هل من الحكمة أن نفكر بعقليات مضى عليها مئات السنين ؟)على الشبكة العنكبوتية، يوم الخميس 24جمادي الأولى 1432 هـ - 28 ابريل 2011م - العدد 15648 وأنا قريب عهد بالرد على صاحب المقالة عفا الله عنه في مسألة حل الغناء المنشور على هذا الرابط/
http://saaid.net/Doat/saad/66.htm
ونشر في كتاب طبع ولله الحمد والمنة بعنوان: (نقد مقال تشييد البناء في حل الغناء)ولم يكد مداد قلمي يجف حتى أتى صاحبنا بباقعة جديدة تضاف إلى سجل ما مضى، فيها الكثير من المغالطات والتجاوزات والتناقضات!

وأقول له وأنا- إن شاء الله - ناصح له، ومشفق عليه ، ليس هذا عشك فدرجي، لقد خضت في مسائل سيأتي بيانها ،لست من فرسانها،ولا أدري أين ومتى ينتهي المطاف بك؟!وإليك أخي القارئ شيئاً من ذلك مع بيان رده ونقضه:
* عنوان مقاله : (في عصر التقنية والاتصالات .. هل من الحكمة أن نفكر بعقليات مضى عليها مئات السنين؟)والجواب أن هذه العقليات التي مضى عليها مئات السنين من سلفنا الصالح نأخذ بأقوالهم وتقريراتهم - مع عدم القول بعصمة آحادهم إلا ما أجمعوا عليه- في مسائل الشريعة ،وكل فن من فنون العلم له رجاله ، ولم يقل أحد أن سلف الأمة و علماء الشريعة يأخذ قولهم في علم الطب أو الفلك أو التقنية وهم ليسوا من أهله ، كم أن غيرهم لا يؤخذ قوله في الفتوى والقضاء ومسائل الشرع ،فكيف تتساءل هل من الحكمة أن نفكر بعقلياتهم في وقتنا أم لا؟ فطرحك للسؤال في غير مكانه ونصابه؟!

*وقال : (ومن جمهور الكتاب والمؤلفين ممن يفاخر بإتباع السلف ، من يخالف هذا الأصل ، فحيث رأى من آثارهم ما يصادف شيئا في نفسه طار به كل مطار) أقول ياليتك استفدت من هذا في مقالك في تجويز الغناء والقول بحله فأنت – عفواً- أولى به فقد قررت هنا أمراً خالفته في مقالك هناك،فقد أتعبتك نفسك وتابعت غيرك ،بعزو أقوال إلى جمع من السلف فيها قولهم بحل الغناء أو فعلهم له!
من غير خطام ولا زمام وعند النظر فيها وجدتها مابين من لا سند له أو ماله سند ووجوده كعدمه لعدم صحة عزوه لقائله، مع مافي بعضها من تكلف(انظر الرابط السابق)

* قال (والحق أن كثيرا من المأثور عن السلف يسيء إلى الأخلاق الإسلامية)!
وذاك هو الذي لا يسع السكوت عنه ،فهل يعقل أن يقول من يدين بحب السلف عفا الله عنه مثل هذا؟! ألم ترد النصوص بالثناء على القرون الثلاثة وتفضيلها؟! ألسنا نتعلم من فقههم وننهل من علمهم وممن أتى من بعدهم وسار على نهجهم؟! أليسوا أقرب لعصر التنزيل والرواية منا وأبعد عن الشطط والزلل؟!أليس قولك في أول مقالك ( حب السلف الصالح وتقديرهم وحفظ مكانتهم منطلق من حب الله ورسوله ودينه)يناقض هذا ،فأي تقدير وحفظ مكانة لمن قوله وفعله يسيء للأخلاق الإسلامية!

*وقال : (ويظهر ذلك حتى في مؤلفاتهم وطريقة عرض العلم ! فمثلا لما ألف البخاري كتابه " التاريخ الكبير" رآه بعض شيوخه ، فكاد يجن من تميز أسلوبه ، حتى قال : هذا سحر!مع أن كتاب البخاري هذا وإن وجد في رفوف المكتبات لتزيينها أو لكونه موروثا إسلاميا ، فلا تكاد أيدي الباحثين تصل إليه إلا من باب كثرة المصادر فقط).
وهذا يدل على عدم معرفتك وقلة خبرتك ولذا تعجبت من قول إسحاق بن راهوية عن تاريخ البخاري ألا أريك سحراً كما في تاريخ بغداد(2/7)،ألا تعلم أن تاريخ البخاري له ميزات امتاز بها على كثير من كتب الجرح والتعديل ففيه جمع لطرق بعض الأحاديث كحديث طخفة الغفاري (إن هذه ضجعة يبغضها الله ) التاريخ الكبير (4 / 366)،وفيه بيان علل خفية لبعضها كحديث (أن أمتي أمة مرحومة جعل عذابها بأيديها في الدنيا) قال البخاري في التاريخ الكبير (1 / 39): (والخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم في الشفاعة وأن قوما يعذبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر).
وفيه بيان سماع بعض المحدثين من شيوخهم من عدمه كقوله في التاريخ الكبير (4 / 71): (لم يسمع الحسن البصري من سلمة بن المحبق بينهما قبيصة بن حريث) .
وفيه الكلام على بعض الرواة وهذا له أمثلته كثيرة،وله مصطلحات حررها أهل العلم كقوله (فيه نظر في حديثه نظر) وليس هذا موضوع بسط مثل هذه المسائل ثم تأتي مقرراً أن تاريخ البخاري لا يعدو كونه مورثاً إسلامياً أو لتزيين رفوق المكتبات سبحان ربي!
بل وقلت : (وبالمقارنة مع كتاب " تهذيب التهذيب " للحافظ ابن حجر الذي جاء بعده بمئات السنين لا يساوي كتاب التاريخ شيئا)!
وهل الحافظ ابن حجر وغيره من المحدثين لا سيما المتأخرين إلا عيال على كتب الإمام البخاري ألم يجعل الحافظ ابن حجر من مصادره كتاب التاريخ الكبير في تهذيبه ونقل منه في مئات المواضع ،وقبله الحافظ أبو الحجاج المزي صاحب تهذيب الكمال.
بل قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بأبناء العمر (5 / 332) عن الإمام البخاري: (وصنف التاريخ الكبير في سبع مجلدات ضخمة ظهرت فيه فضائله وأبان فيه عن براعته ) وهذا هو الكتاب الذي يقول عنه صاحبنا لا يساوي شيئاً بمقارنته بالتهذيب!

* وقال : (إن لكل زمان فقهه ومواقفه ، والمنهج الصحيح للتأسي بالسلف الصالح ألا نجمد على آرائهم ومواقفهم ، بل نفكر كما فكروا ، ونجتهد لزماننا كما اجتهدوا لزمانهم ، ونتعامل مع معطياتنا كما تعاملوا مع معطياتهم .فهذا مالك الإمام ، في حالة انفعال وغضب ، يصف إماما كبير في العلم مثل محمد ابن إسحاق بأنه دجال من الدجاجلة !!! بسبب أن ابن إسحاق قال : ائتوني بعلم مالك فأنا بيطاره . وقد لقي ابن إسحاق موقفا آخر لا يقل صرامة عن موقف مالك ، فقد غضب منه هشام بن عروة لما سمع أنه يحدث عن زوجته فاطمة بنت المنذر ، واتهمه بالكذب).
أقول ومن أخرج السلف من بشريتهم أو ادعى العصمة لهم ؟!ومن قال بالجمود على أقوالهم ولو خالفت الكتاب أو السنة؟!
أنظر موقف أهل العلم من القصة التي أوردتها عن الإمام مالك فهل سلموا بقوله، وجمدوا على رأيه أم لا؟! قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (7 / 40): (قلت: لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينهم وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيرا من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ، ولا سيما إذا وثق الرجل جماعة يلوح على قولهم الإنصاف، وهذان الرجلان كل منهما قد نال من صاحبه..)
وأما كلام هشام بن عروة في ابن إسحاق ،قال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (3 / 470): ( قلت: وما يدرى هشام بن عروة ؟ فلعله سمع منها في المسجد، أو سمع منها وهو صبى، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب، فأى شيء في هذا ؟ وقد كانت امرأة قد كبرت وأسنت).
وقال في ميزان الاعتدال (3 / 471) : (قلت: قد أجبنا عن هذا، والرجل فما قال إنه رآها، أفبمثل هذا يعتمد على تكذيب رجل من أهل العلم.هذا مردود).
* قال : (وكم تشدق كثيرون بفعل مالك وقوله للسائل عن الاستواء ، وما أراك إلا صاحب بدعة ، أخرجوه).
أقول هذا الأثر أخرجه الدارمي في الرد على الجهميّة (280)و البيهقي في الأسماء والصفات (516) ؛ وأبو نعيم في الحلية (6: 326)؛ واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (664)؛والذهبي في العلوّ (103)وسنده جيد بل قال الإمام ابن تيمية عنه مجموع الفتاوى (5/365) : (ثابت عن ربيعة شيخ مالك، وقد رُوي هذا الجواب عن أمِّ سلمة - رضي الله عنها - موقوفاً ومرفوعاً، ولكن ليس إسناده مما يُعتمد عليه) فكل هؤلاء خرجوا هذا الأثر في كتبهم وكثيراً ما ينقل هذا القول والفعل عن الإمام مالك في كتب العقائد من غير نكير عليه في قوله ولا لفعله بمن سأله!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (5/520) : "وقول مالك من أنبل جواب وقع في هذه المسألة وأشدّه استيعاباً؛ لأنَّ فيه نبذ التكييف وإثبات الاستواء المعقول، وقد ائتمَّ أهل العلم بقوله واستجادوه واستحسنوه" ،وقال في (13/309): "وقد تلقى الناس هذا الكلام بالقبول، فليس في أهل السنة من ينكره".
فمن هو المتشدق،هؤلاء الأئمة أم من تطاول عليهم ؟!
وقال سامحه الله: ( وكم تساءلت : لم لم يجلسه ويناقشه ويبين له ، وإن كان صاحب بدعة حقا ، لماذا لم يكن مجالا خصبا للدعوة والحوار) أقول وهل الإمام مالك إمام دار الهجرة يخفى عليه هذا وتعلمه أنت ،ألم تلتمس له عذراً بأنه وجد ممن سأله شيئاً علم منه أنه صاحب هوى ،وجدل عقيم ، ولم يأت مسترشداً، فهو موقف وظرف خاص، له دواعيه المعينة ، التي تطلبت من الإمام مالك ذاك الفعل.
أخيراً هذه وقفات كتبتها على عجل نفع الله بها،ورد الله صاحب المقالة إلى جادة الصواب


وكتب/
الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية
سعد بن ضيدان السبيعي
25/5/1432هـ



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سعد السبيعي
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • دراسات حديثية
  • دراسات في الفقه
  • دراسات في العقيدة
  • الفوائد العلمية
  • التاريخ والتراجم
  • الصفحة الرئيسية