صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تربية الأبناء في كيفية التعامل مع التقنية الحديثة ([1])

د.سليمان بن محمد النصيان

 
إن وجود هذه التقنية الجديدة بين يدينا نعمة من الله I علينا، وهي سلاح ذو حدين، فهي إيجابية في سرعة تبادل التجارب العلمية والثقافية والتربوية من مختلف أرجاء الأرض، مما ساهم في تعدد الآراء العلمية والتربوية، ومما ساهم أيضًا في تقبل ما لدى الآخرين من آراء علمية وتربوية، كما أنها ساهمت في إظهار علماء في الشريعة، ورجالات في الفكر، ورموز في التربية مما عزز من أثرهم في المجتمع وزاد من دائرة تأثيرهم، فتواصل الأجيال معهم بمختلف أعمارهم وخبراتهم من خلال هذه الأجهزة.
أما منى الجانب السبي فقد سهلت وصول الانحرافات العقدية والمظاهر السلوكية والمقاطع والصور المخلة إلى جميع طبقات المجتمع من غير رقيب ولا تمحيص مما كان له الأثر الكبير على الدين والأخلاق والعادات، فكان واجبًا على المربيين من علماء ودعاة وأباء والمعلمين بما حملوا من أمانة بإرشاد الأجيال والأخذ على أيديهم وتبين الحق لهم والصبر على ذلك. 
فأثر الأسرة لا ينتهي عند وضع الأبناء أمام هذه الأجهزة، ولا أن تنتظر من وسائل الإعلام أن تقوم بعمل المربي بالنيابة عنها، فالرقابة على ما يعرض للأطفال، والبقاء معهم في أثناء العرض من أجل توجيه النقد ينمي لدى الطفل القدرة على النقد وعدم التلقي السلبي.
كما أن من أهم الواجبات على الأسرة المسلمة الأهمام بالعلم الشرعي، فتحث الأبناء على تعلم العلم الشرعي بمعرفة المذاهب المعاصرة المخالفة للعقيدة الصحيحة، وإجاد درس فقهي في المنزل أسبوعيًا، والقراء ة في كتب الحديث كرياض الصالحين، وسيرة النبي r، والصحابة والتابعين والسلف الصالح رجالاً ونساء، له الأثر الكبير في تقويم سلوك الأبناء.
فالأسرة لا تجد وقتًا للتربية وإنما هي مشغولة في الأعمال، والأكل، والنوم، والترفيه، ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعية وترك النت مفتوحًا خلا الأربع والعشرين ساعة:

  ألقاه في اليم مكتوفًا و قال له ----  إياك إياك أن تبتل بالماء

سنكتشف بعد مدة أن أطفالنا ليسوا نتاج تربيتنا وإنما هم نتاج تربية أناس آخرين متنوع الفكر والمنهج والسلوك حينها سنقع في حيرة لا تعرف كيف تخرج منها.
فعلى الوالدين أن يعيشا عصر التقنية من خلال متابعة الجديد، والتفاعل الواعي والإيجابي مع المجتمع وقضاياه الفكرية والاجتماعية المطروحة،  وعدم عزل الوالدان أبناءهما عنه، مع التثقيف الشرعي والتركيز على الجانب الإيمان وتزيينه في قلوب الأبناء، فهو صمام الأمان لهم، وختامًا الحوار ثم الحوار ثم الحوار مع أبنائنا والاستماع لهم ومناقشتهم وتفهّم آرائهم.

وإليكم أحبابي الكرام باقة من آداب في التعامل مع هذه الأجهزة على النحو التالي:

1- ترشيد الأبناء إلى استخدام هذه الأجهزة فيما يعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة، بنشر العلم النافع، والدعوة إلى الله I، والإصلاح الاجتماعي.

2- الحذر من إضاعة الأوقات والأعمار في هذه الأجهزة،  فعن ابن مسعود t عن النبي r قال: (لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم)([2]). فتقليل وقت مكث الأولاد أمام هذه الوسائل دون رقيب مطلب، فيقلص الزمن بالتدريج، ويمنع من بعد الحادي عشرًا مساء.

3- أن تكون هذه الأجهزة في مكان اجتماع الأسرة بحيث لا يخلو بها الابن بمفرده في مأمن عن غيره، فمن الضروري أن يشاهد الجميع الوالدان والأبناء، الكبار والصغار، وإلا أصبحوا هدفًا سهل المنال لتلك التأثيرات والثقافات المخلة بالدين والشرعي والأدب.

4- التربية بالقدوة من أهم مرتكزات التربية، فعن ابن عمر{، عن النبي r قال: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا)([3]). فيجب على الوالدين أن يعلما الأبناء ويطبقا في الوقت نفسه، فلا يسبب تناقض الوالدين ازدواجية في التربية عند الأبناء.

5- زرع المراقبة الذاتية في نفوس الأبناء، بتذكيرهم بالجنة ونعيمها والنار وعذابها، مما يساهم ببعد الابن تلقائيًّا عن هذه الأمور لكي لا يحرم هذا النعيم،  فيقع في العذاب.

6- التركيز على مراقبة الله I للعبد، ففي تركه النظر إلى هذه المحرمات سيزداد قربًا من الله I، وتوفيقًا وسدادًا وهداية منه Y،  على العكس من ذاك فإنه سيزداد بعدًا من الله I، وقلة أو حرمانًا من التوفيق والسداد والهداية، ونكدًا وهمًا وحزنًا فإن للمعصية شؤمًا في الحياة وبعد الممات.
7- تنميت الخوف من الله I، ومحبته، ومحبة رسوله r واحترامه،  وإن هناك ملك موكل به قال I: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾([4]). فالعين والأذن والأنامل ستشهد عليه يوم القيامة قال U: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيۡهِمۡ سَمۡعُهُمۡ وَأَبۡصَٰرُهُمۡ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾([5]).

8- فتح مجالاً من الحرية المنضبطة المرشدة؛ فربما بالتضيق المتعسف على الأبناء يسعون للخلاص من الوالدين ويتهموهما بالسيطرة والانغلاق، فلا بد من بناء جسور للتواصل معهم.

9- تقديم البدائل المباحة المفيدة لهم، فليس من المستحسن منعهم من شيء تهوا النفوس له، وتركهم من غير بديلاً عنه، كما أنه لا ينبغي إغفال وسائل الترفيه الأخرى فالخروج من المنزل للتسوق، أو النزهة، أو اللعب الجماعي وغيرها، له أثره الإيجابي في قلة الالتصاق بهذه الوسائل، وتقليل حجم تأثرها السلبي.

10-
الإجابة على أسئلة الأبناء بدقة، والبحث عن الجواب إذا كان مجهولاً عند الوالدين، فمن السهل على الابن البحث عن الجواب عن طريق الشبكة العنكبوتية ولا تسأل عن المجيب ولا عن صحة المعلومة.

11-
التأكد على مشاهدة وسماع ما هو مفيد ونافع، كسيرة الأنبياء، والصحابة، والتابعين، والعلماء الربانيين، بدلاً من النظر للمسلسلات الهابطة أو الأفلام الكرتونة المدبلجة.

12-
حثهم على الاستفادة من دروس العلماء والوعاظ، وتحذيرهم من سماع كل ما هو محرم أو مضيع للأوقات.

13-
تعج هذه الأجهزة بالألعاب الالكترونية التي تسلب قلوب الأبناء، منها المفيد والضار والمخل في الديني والخلق، فعلى الوالدين التفطن لذلك واختيار ما هو مفيد في تنمية التفكير، والبعد عما هو ضار ومخل.
 

 
تقويم الأداء:

 

التقويم 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12
النتيجة                        

 

الدكتور/سليمان بن محمد النصيان.
 

--------------------------------------------
([1]) أصل هذا المبحث جزء من كتاب -تحت الطبع- الآداب اليومية للأسرة المسلمة. للدكتور/سليمان بن محمد النصيان.
([2]) أخرجه الترمذي في سننه(رقم/2416)، حسنه الألباني.
([3]) أخرجه البخاري (رقم/432)، ومسلم (رقم/777).
([4]) (ق:18).
([5]) (فُصِّلَت:20).


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.سليمان النصيان
  • كتب ورسائل
  • عروض بوربوينت
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية