صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يسهر اليتيم ولا يعود أبوه

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


الحمدلله نهى عن قهر اليتيم وتوعد بالعذاب الشديد من أكل ماله ظلما ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قرن بين السبابة والوسطى ثم قال أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ؛ أما بعد
فكثيرا ما تعود إلى بيتك متأخرا فتجد أحد أولادك ينتظرك ليقول لك شيئا معينا ثم يذهب لينام بعد ذلك مباشرة ٠
قد يكون هذا الشيء أمرا أفرحه أو أمرا أحزنه أو شكوى يبثها إليك من أمه أو أحد إخوانه أو أمرا تافها لا قيمة له٠
وقد رفض كل محاولات أهل البيت لينام ،هو يرى أن هذا الأمر يستحق أن يسهر من أجل أن يخبرك به٠
ويسهر اليتيم حتى تغلبه عيناه فينام ولن يعود من ينتظره أبدا ٠
قد يكفل اليتيم عمه أو خاله أو أخوه ، وقد يولونه من العناية والاهتمام مثل عناية أبيه أو أشد لكن تبقى هناك أقوالا لا يقولها الابن إلا لأبيه ٠
أقوالا لا يفك شفرتها إلا قلب الأب ؛ أقوالا لا يُحسن ترجمة مشاعرها إلا الأب وحده ٠
تغيب أياما عن أهلك فيأتي ولدك ليخبرك بأمور لم يخبر بها أحدا غيرك أبدا ٠
وتبقى كلمات اليتيم حبيسة في صدره ؛ تجلجل في جوفه لا يقولها لأحد ٠
أنا وأنت لا زلنا نذكر من مواقف رحمات الآباء بنا ما يراه أي شخص مع غير أبيه أمرا عاديا ٠
قال سبحانه :( فأما اليتيم فلا تقهر )٠
نعم لم يعد هذا القلب يحتمل أي نوع من أنواع القهر ٠
لنفهمها جيدا ، لنعيها وعيا حقيقيا :( لم يعد هذا القلب يحتمل )٠
لذلك توعد الله من يقهر اليتيم بأكل ماله ظلما بالعذاب الشديد قال تعالى :( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا )٠
نعم هذا القلب الذي هان عليه قهر اليتيم قلب قاس لا يُلينه إلا نار جهنم ٠
مهما كنت سيئا ، ومهما كنت مقصرا في تربية أولادك إلا أنك في نظر أولادك شيء مختلف :( إنك الأب )٠
إنك روح أرواحهم وقلب قلوبهم ٠
لعلنا نستفيد مما ذكر أمرين في غاية الأهمية :
الأمر الأول : اليتيم حالة خاصة وقلب فريد مهما قدمنا له لن نعوضه فقد والده ؛ ومع ذلك لا بد من إحسان التعامل معه غاية الإحسان ورحمته غاية الرحمة ، لا تجرح قلب يتيم أبدا ٠
لقد نبه الله الآباء على ضرورة تخيل حياة أولادهم بدونهم فقال تعالى :( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )٠
فإذا رأيت يتيم فتخيل لو كان هذا اليتيم ولدك كيف تريد أن يتعامل معه الناس ؟
الأمر الثاني : ارحم أولادك في حياتك وتلطف بهم واسمع منهم وجالسهم ، وأعطهم فرصة ليتحدثوا ضاحكهم ومازحهم ٠
لا تنس غدا تموت وتبقى بعض حروفهم حبيسة في صدورهم ٠
دعهم يقولوا اليوم كل ما يريدون قوله لك ٠
ألم تر في يوم ما كنت غائبا وابنك جالس مع عمه وخاله وإخوانه ويريد شيئا لكنه لم يطلبه من أحد منهم حتى إذا جئت طلبه منك ٠
فإذا مت فلن يطلبه من أحد أبدا ٠
خاتمة : ارحموا قلوب الأيتام وارحموا قلوب أولادكم
واحتسبوا في ذلك كله الأجر من الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


مصلح بن زويد العتيبي
قبيل الفجر من يوم السبت
الموافق ١٤٣٦/١١/٧هـ
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية