صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السر

 مبارك عامر بقنه

 
عندما قرأت كتاب "السر" للمؤلفة "RHONDA BYRNE" وجدته كتاباً إلحادياً وثنياً يقرر فيه أن قانون الجذب هو الذي يُسيّر الكون وهو الذي يتحكم في كل ذرة في هذه الحياة. ولم أهتم كثيراً بهذه الفكرة وذلك أن الغرب يتكلمون وفق منطلقات مغايرة لمنطلقاتنا وتصوراتنا وقد يكون شيئاً طبيعياً أن يقولوا هذا لأنهم جعلوا المادة هي الإله فلا ضير أن يجعلوا الكون أو الإنسان هو الإله وما جاء على أصله لا يعاب. ولكن حدث تعجبي عندما قرأت لأحد المشايخ الفضلاء تعليقاً على هذا الكتاب قائلاً:" فرأيت نظرية تقوم على تحفيز كوامن النّفس للتفاؤل والعمل،والثقة بأن ما يريده المرء أو يحاوله ممكن، بل هو واقع لا محالة [1]" والحقيقة هذا الكلام ليس دقيقاً إذ أن النظرية تقوم على تغيير المعتقد وليست للتفاؤل والعمل؛ بل هي تدعو إلى الكسل ولم تشترط العمل مطلقاً بل اشترطت الفكر وحده للتغيير دون العمل. وما تذكره النظرية" بأن ما تريده واقع لا محالة" لأنها تقرر أن الإنسان هو الخالق وبالتالي ما يريده يكون. فهي تجعل الإنسان يخلق كل أحداثه الآنية والمستقبلية، وهو الذي يجذب إليه الخير أو الشر وهو الذي يدفعه وليس الله تعالى، فالنظرية تُقدس من قيمة العقل والفكر حتى جعلته هو الله تعالى.
وحتى لا يكون قولي رجماً وبهتاناً فأنا أسوق هنا مقتطفات من الكتاب والتي تبين مدى خطورته على المعتقد والفكر، ومدى سطحيته وبعده عن المنطق والعقل فأنا بعد قراءتي للكتاب وجدت أنه لا يستحق هذا الثناء والمديح فهو يقوم على أفكار أو بالأصح توهمات لم يثبتها العلم ولن يثبتها لمخالفتها للعقل السليم. وإليكم ملخصا لهذا الكتاب الإلحادي من نسخته الإنجليزية.
"السر هو "قانون الجذب". فكل شي أتى إلى حياتك فإنما أتى عن طريق قانون الجذب، فما تفكر فيه فأنت تجذبه إليك. فأفكارك أشياء حقيقية وهي القوة. وقانون الجذب هو أعظم قانون في الكون، فقد بدأ هذا القانون مع بداية الزمن وسيظل باقياً. فهو القانون الذي يحدد نظام الكون ويحدد كل لحظة وكل جزئية تمارسها في حياتك. فقانون الجذب يشكل حياتك برمتها. وقوة هذا القانون تكون من خلال أفكارك، فأنت الوحيد الذي يستدعي قانون الجذب إلى الممارسة، وتقوم به من خلال الأفكار. فقانون الجذب هو السر الذي بإمكانه أن يعطينا كل ما نريد."
ثم تسترسل الكاتبة وتذكر كلاماً يحتاج إلى أدلة علمية ولكنها كعادتها في الكتاب اعتمدت على الخيالات في تقرير القضايا الكلية التي تتطلب دليلاً فتقول:" قانون الجذب يجذب مثله، وبقانون الجذب تستطيع أن تغير أي شيء. فما يتشكل في عقلك سوف يتشكل في الواقع. فأفكارك هي التي سوف تكوّن حياتك. وأفكارك مغناطيس لديها تردد، فعندما تفكر فإن هذه الأفكار تُرسل خارجاً إلى الكون، وهي تجذب مغناطيسياً كل الأشياء التي يكون لها نفس التردد. وكل شيء يخرج يعود إلى مصدره والمصدر هو أنت. ولذلك إذا أردت أن تغير أي شيء في حياتك، فعليك تغيير التردد بتغيير أفكارك فتذبذبات القوى العقلية هي أصغر وأقوى قوة عقلية في الوجود."

وتتساءل الكاتبة وتقول : لماذا لا يعيش كل شخص الحياة التي يحلم بها؟

والجواب أن المشكلة تكمن في أن معظم الناس يفكرون فيما لا يريدونه بدلاً ما يفكرون فيما يريدونه. فالقانون مطلق لا يلحقه الخطأ وإنما الخطأ في طريقة تفكيرنا. فقانون الجذب لا يهتم بما تفكر به؛ هل هو خير أم شر، أو أنك تريده أو لا تريده. هو فقط استجابة لأفكارك أياً كانت هذه الأفكار. فقانون الجذب هو من قوانين الطبيعة والتي لا تدرك الخير من الشر. فهو فقط يستقبل أفكارك ويعكس إليك هذه الأفكار، وأنت تمارسها في الحياة. فقانون الجذب يمضي عليك سواء صدقت به أم لم تصدق، فهمته أم لم تفهمه. فهو قانون الخلق. وفيزيائيو الكم يخبرونا أن الكون برمته ظهر في الفكر! فأنت تخلق حياتك من خلال أفكارك. وكل شخص آخر كذلك يخلق حياته. وهو حاضر معك في ماضيك ومستقبلك واللحظة الآنية.
إنك تستطيع أن تغير كليا كل الظروف والأحداث في حياتك عن طريق تغيير طريقة تفكيرك. فحياتك في يديك، بصرف النظر أين أنت الآن، أو ماذا حدث في حياتك فلا يوجد هناك وضع ميئوس منه فكل لحظة في حياتك يمكن تغييرها. فما تفكر فيه سيحدث.
فحياتك هي مرآة لأفكارك المسيطرة في فكرك. وأنت لست فقط تخلق حياتك بأفكارك. ولكن أفكارك تضيف القوة للخلق في هذا العالم. لذا قرر من هذه اللحظة بأنك لن تفكر إلا فيما هو خير، وفي نفس الوقت، أعلن للكون أن كل أفكارك الخيرة قوية وكل أفكارك السيئة ضعيفة. فلا شيء يمكن أن يأتي إلى حياتك مالم تجذبه أنت من خلال تفكيرك المستمر. ولا يمكن لأي أحد أن يجذب بتعمد شيئاً لا يريده. وبدون علم السر فإنه من السهولة لترى كم من الأشياء غير المرغوبة تحدث في حياتك أو في حياة الآخرين. فهي ببساطة تأتي من نقص الإدراك للقوة المبدعة العظيمة في تفكيرك.
وإنه من المستحيل أن تراقب كل تفكير لديك. فالأبحاث تقول حوالي 60000 تفكير يومياً نحدثه، فهل تتصور كم من الجهد تبذله لتتحكم في كل 60000 فكرة؟ ولكن هناك طريقة سهلة وهي مشاعرنا. فمشاعرنا تجعلنا نعرف فيما تفكر فيه. فالمشاعر هي الأداة والإشارة المباشرة لما تفكر فيه. ولهذا الشيء المهم الذي ينبغي أن تعرفه أنه يستحيل أن تشعر بشعور سيئ وفي نفس الوقت تكون لديك أفكاراً جيدة. فهذا يناقض القانون؛ لأن الأفكار تسبب الشعور. فشعورك السيئ هو نتيجة أفكارك.
أنت لديك القوة والمقدرة على تغيير أي شيء؛ لأنك أنت الذي تختار أفكارك وأنت الوحيد الذي تشعر بمشاعرك. فأنت تخلق عالمك. لذا من المهم أن تجعل مشاعرك جيدة لأن الشعور الطيب يخرج للكون كإشارات، وتبدأ بجذب الإشارات المشابهة لها. فكلما كان شعورك طيباً كلما جذبت الأشياء التي تساعدك على تحقيق هذا الشعور.
وانضمام التفكير مع الحب فإنهما يشكلان قوة لا تقاوم في قانون الجذب، فلا توجد قوة في الكون أعظم من قوة الحب. فشعور الحب يحدث أعلى تردد يمكن أن تبعثه. حتى إن بعض المفكرين القدماء يرجعون قانون الجذب إلى قانون الحب."
ثم تعلنها صراحة بأن الإنسان هو الخالق، فتقول:
"أنت الخالق، لذا عليك أن تعرف كيف تنشئ قانون الجذب"
وتذكر الكاتبة كيف يمكنك الحصول على قانون الجذب، وهي لم تذكر العمل مطلقا ـ كما ذكر الشيخ حفظه الله تعالى ـ لأنهم يقدسون العقل أكثر من العمل ويرون إن الإنسان هو مركز الكون، والذي يتمثل في عقله. فتقول:

"وهناك طريق سهل لإنشاء قانون الجذب، ويتمثل في ثلاث خطوات:

أولاً: السؤال. اجعل الكون يعرف ماذا تريد. فالكون يستجيب لأفكارك. اكتب ما تريد في ورق، وليكن ما تريده واضحاً بيناً كي يستجيب قانون الجذب. فإن كان ما تريده غير واضح فإنك سترسل ترددا مختلطا وستحصل على نتيجة مختلطة.

ثانياً: الإيمان. فعليك أن تؤمن بأنك نلت ما تريد. فعليك أن تعرف أنك ما أردته أصبح في ملكك في نفس اللحظة التي طلبت. فإن الكون برمته يتكيف لينقل ذلك إلى الحاضر المشاهد. وعليك أن تعمل وتتحدث وتفكر كأنك استقبلت ذلك الآن. لماذا؟
لأن الكون كالمرآة. وقانون الجذب يعكس لك أفكارك المسيطرة فإذا كانت أفكارك تتضمن ملحوظة بأنك لم تملك ما تريده الآن، فإنك ترسل لجذب "بأنك لم تملك". وعندما تعتقد بأنك ملكت ما تريد فإن قانون الجذب سوف يحرك كل الظروف والناس والأحداث من أجل أن تملك ما تريد. فالكون يعيد تنظيم نفسه من أجل أن يحقق ما تريد. وأنت لا تحتاج أن تعرف كيف يعيد الكون تنظيم نفسه. فكيف حدث؟ هذا ليس من شأنك وليست جزءاً من عملية الخلق.

ثالثاً: الاستقبال: استشعر الأمر الآن. استشعر كما تستشعر بحدوث الأمر. لذلك لابد أن تكون سعيداً مرتاحاً لأن ذلك يجعلك في التردد الذي تريد. فإذا أنت اعتقدت فقط ذلك عقلياً دون تطابق مع مشاعرك فإنه لن يكون لديك القوة الكافية لجذب ما تريد.
عليك أن تثق بفطرتك، فالاتصال الكوني معك لاستقبال التردد، فالكون ملهمك، فإذا كان لديك شعور فطري أو ابتدائي فاتبعه وستجد أن الكون يحركك مغناطيسياً لتستقبل ما طلبت. وتذكر بأنك مغناطيس، تجذب كل شيء لديك فعندما يكون الشيء الذي تريده واضح في ذهنك فإنك تجذبه، فإذا أردت مالاً فسوف تجذب مالاً فقط احضر الصورة في ذهنك وادفع إليها انتباهك فستجدها أشياءً مادية حقيقية لديك. فكل ما هو المطلوب هو أنت، هو قدرتك في التفكير، فكل شيء اخترع ووجد في تاريخ الإنسانية بدأ من التفكير.
وقد تتساءل كم من الوقت احتاج حتى يتحقق ما أريد؟ لا تهتم بالوقت، فالوقت مجرد وهم كما أخبرنا اينشتاين، فما يقوله فيزيائيو الكم واينشتاين أن كل شيء يحدث متزامناً. فإذا فهمت هذا فإنه لا وقت، وسوف ترى أن أي شيء تريده في المستقبل فإنه موجود متحقق. فإذا كان كل شيء يحدث في نفس الوقت؛ فإن الرؤية المتوازنة تكون بأن ما تريده هو الآن موجود. فالكون ليس لديه تأخر وإنما التأخر يحدث لديك بسبب اعتقادك ومعرفتك وشعورك الآن. وعندما تصل للتردد المطلوب فإن ما تريده يظهر لديك.
ولا يوجد حجم في الكون. والكون يعمل كل شيء بدون أي جهد، إنها أمور متعلقة بالذهن. فأنت تقول :" هذا كبير، ويحتاج إلى وقت" وتقول:" هذا صغير، ويتطلب ساعة من الزمن" فهذه هي قوانيننا التي حددناها. ووفقاً للكون لا يوجد هناك قانون. فلا يوجد حجم أو زمن في الكون."
أقف هنا، وأرى أن الكتاب لا يهتم بقضية تطوير الذات بقدر ما يقوم على تأسيس نظرية خطيرة وهو أنك أنت الذي تتحكم في قدرك ومصيرك وليس الله تعالى. ونحن لا ننفي مقدرة الإنسان أو ننكر إرادته فللإنسان قدرة وإرادة وهو مسؤول عن عمله وتبعات ما يعمل، وهو ليس مخلوقاً على الجبر المطلق بل له الاختيار ولكن تظل إرادته تحت قدرة الله ومشيئته. ولكن ما ننكره أن يكون قانون الجذب هو المتحكم في الكون وأن يكون الإنسان هو خالق قانون الجذب فهذا ننكره عقلاً وديناً. فالذي خلق الكون ويتحكم في كل جزئية منه هو الله تعالى وليس قانون الجذب أو فكر الإنسان. ومن المهم ونحن نتناول التطوير الذاتي أن يكون الارتقاء والتطور ضمن الإطار الشرعي، لأن المناهج البشرية الوضعية تحتاج إلى تطوير في أصولها، أما الشرع فهو صنعة الله لا يلحقه نقص بل هو منسجم متسق مع قوانين الكون وطبيعة النفس البشرية.
وما ذكرته الكاتبة هو نتيجة الضياع الفكري والخواء الديني الذي يعيشونه، لذا فهم يحاولون وضع فرضيات وأوهام كي يجدون مخرجاً من هذه التيه الذي يعيشونه. وقد ظهرت نظرية أخرى تنقض هذه النظرية وهي قانون الانتباه " law of attention " فهل نتبعهم في كل نظرية يذكرونها ونقوم بذكر الأدلة من القرآن والسنة كي نقرر أن ما يقولونه صحيحاً دون إدراك للمنطلقات العقدية التي ينطلقون منها.
أنا لا أرفض كل ما يأتي من الغرب وكذلك لا أقبل كل ما يصدر منهم، ولكن يجب أن يكون لدينا تمييز فيما نقبل ونرفض وخصوصاً ما كان متعلقاً بالقيم والمعتقدات والأفكار فهي في الغالب تحمل فلسفات وثنية مناقضة لديننا؛ ونحن ولله الحمد والمنة لدينا في ديننا ما يغنينا عن الاقتباس من الغرب في مجال الأفكار والقيم.
ومن المهم جداً ونحن ننقل ما يكتبه الغربي أن ننقله كما هو وأن لا نقوم بتغيير المعاني كي تتوافق مع معتقداتنا وتصوراتنا فنحن بذلك لا ننقل ما قاله وإنما ننقل شيئاً جديداً لم يقله الكاتب أو يحضر في ذهنه. وأنا أجد بعض الترجمات تحذف عبارات الإلحاد التي يذكرها الكاتب وتضيف كلمة الله ومعاني التوحيد وهذه خيانة في الترجمة إذ تجعل القارئ يزكي الكتاب ويثني عليه وهو في الأصل كتاب إلحادي. لذا من المهم من أراد أن يحكم على كتاب غربي فكري أن يكون مرجعه الكتاب الأساسي بلغته الأم أو أن يتأكد تأكداً جازماً من صدق الترجمة وذلك لعدم أمانة بعض المترجمين إذ يغيرون ويبدلون من أجل تسويقها. والله الهادي لسواء السبيل.



للتواصل: mubarak200@hotmail.com

--------------------------------------
1-
http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-104399.htm


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مبارك عامر بقنه

  • مقالات شرعية
  • مقالات تربوية
  • مقالات فكرية
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية