صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







متى تبدأ دراسة الولايات المتحدة في الجامعات السعودية ؟

د.مازن بن صلاح مطبقاني

 
ألم يأن الأوان لدراسة الولايات المتحدة أن تكون مجالاً معرفياً مستقلاً في بلادنا؟ ألم يتكون لدينا بعد عشرات السنين من الابتعاث والدراسة في أمريكا متخصصون يستطيعون أن يؤسسوا لأقسام علمية لدراسة الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز بحوث؟ أعتقد جازماً أن مثل هذا القسم لو أنشئ غداً لوجد وفرة من الأساتذة للعمل فيه. إذن لماذا نتأخر وقد سبقنا العالم في هذا المجال؟

إذا كان لليابان علاقة خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية اتسمت في بعض مراحلها بالاصطدام العسكري، فإن بين البلدين من العلاقات الثقافية ما يستحق أن يدرس دراسة عميقة. ذلك أن الحروب التي دارت بين البلدين جعلت كل منهما مهتماً بدراسة الآخر دراسة علمية واسعة. فنشأت في الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الأقسام العلمية ومراكز البحوث لدراسة اليابان في شتى المجالات. كما أن اليابان شغلت نفسها بدراسة الولايات المتحدة فظهرت الأقسام العلمية بعد مخاض واستعداد حتى تكونت فيها العديد من البرامج للدراسات العليا والجامعية، كما تأسس فيها عدد من المؤسسات والهيئات التي تعنى بدراسة المناطق والأقاليم ومنها على سبيل المثال: الرابطة اليابانية للدراسات الأمريكية، والرابطة اليابانية لدراسة المناطق، والرابطة اليابانية للدراسات الأوروبية ومركز دراسات المناطق المدمج الذي تأسس في جامعة كيوتو في شهر أبريل من هذا العام بصفته المركز الثالث لدراسات المناطق في جامعة كيوتو التي تضم مركز دراسات جنوب شرق آسيا الذي تأسس عام 1965م، وكلية الدراسات العليا للدراسات الآسيوية والأفريقية التي تأسست عام 1998م.

سعت اليابان إلى معرفة الولايات المتحدة في عدة مراحل من تاريخها الحديث، فبعدت عزلة كبيرة فرضها بعض حكام اليابان استمرت ثلاثمائة سنة حتى أغلقوا الحدود ومنعوا السفر والاتصال بالدول الأخرى جاءت كان الانفتاح عام 1853م وهنا فتح اليابانيون عيونهم على الغرب وسعوا إلى تقليده والتشبه به إلى حد ما. ولكن مرحلة التقليد لم تأخذ وقتاً طويلاً حتى أدركت اليابان أنها في حاجة إلى فهم الأمم الأخرى ودراستها دراسة علمية أكاديمية فبذلت الكثير من الأموال والميزانيات لتحقيق هذه الدراسات.

وعندما اقترحت على مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بعد تأسيس وحدة دراسات العالم الغربي أن أعد مشروعاً لإنشاء أقسام علمية ومراكز بحوث للدراسات الإقليمية في الجامعات السعودية كان من بين فصول هذا المشروع التحدث عن التجربة اليابانية في الدراسات الإقليمية. وقد أقام مركز الملك فيصل بالتعاون مع بعض المؤسسات اليابانية ندوة عن الدراسات العربية والإسلامية في اليابان فتحدث الدكتور سمير نوح حديث الخبير عن هذه الدراسات –وهو الذي عمل في اليابان، وتزوج من اليابان أيضاً- كما تحدث بعض الباحثين اليابانيين عن هذه الدراسات. ولم أكتف بهذه الندوة مصدراً بل ألفيت شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) مصدراً خصباً للمعلومات، وأضفت إلى ذلك أنني زرت جامعة طوكيو وبرنامج دراسة المناطق وقابلت البروفيسور يامائوتشي المتخصص في دراسات العالم العربي من الجوانب الاقتصادية بصفة خاصة.

ولم تكن تلك المعرفة كافية للاطلاع على تفاصيل هذه الدراسات التي أقدمها بين يدي القارئ الكريم والمسؤولين الأفاضل لعل مثل هذا البرنامج لا يتأخر كثيراً. ومن أجل ذلك سعيت إلى مزيد من المعرفة وقد تحقق لذلك من خلال زيارتي لليابان بدعوة من المؤسسة اليابانية Japan Foundation في الفترة من الثاني والعشرين من شوال إلى السابع من ذي القعدة 1427هـ. وكان من بين برنامج الزيارة الاطلاع على الدراسات الأمريكية والدراسات الخارجية ودراسة التبادل الثقافي في عدد من الجامعات اليابانية وهي طوكيو، وكيوتو Kyoto، ودوشيشا Doshisha وكوبيه Kobe، وأوزاكا Osaka.

إن إدراك اليابان لأهمية دراسة الولايات المتحدة الأمريكية جعلها تنشئ العديد من مراكز البحوث والمعاهد والأقسام العلمية بعضها للمرحلة الجامعية وبعضها الآخر للدراسات العليا فقد أنشأت جامعة دوشيشا مركز الدراسات الأمريكية عام 1958م، ثم تطور هذا القسم إلى برنامج للدراسات العليا في دراسات الولايات المتحدة عام 1991م وهو أول برنامج من نوعه في اليابان الذي لا يعتمد على دراسات جامعية. ويهدفون من هذا أن يحصل الطالب على تخصص في علم من العلوم المعروفة ثم ينطلق إلى دراسة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد نشأ القسم بدعم من لجنة العلاقات اليابانية الأمريكية وبدعم سخي منها ومن الحكومة اليابانية التي لديها العديد من المؤسسات لدعم البحث العلمي (الذي نشتكي في عالمنا العربي من قلة الدعم له) وأصبح هذا البرنامج من أهم برامج دراسات الولايات المتحدة في اليابان. ويفخر هذا البرنامج بقيام العديد من أعضائه بنشر إنتاجهم العلمي في العديد من دور نشر الجامعات المختلفة مثل أكسفورد وستانفورد وكورنيل وغيرها.

أمّا جامعة طوكيو فلديها مركز لدراسات دول المحيط الهادي والأمريكية وقد تأسس عام 200م بعد أن كانت الجامعة قد أنشأت مركز الدراسات الأمريكية عام 1967م، وكان الهدف منه جمع المعلومات الأساسية والثانوية حول السياسات والاقتصاد والثقافة في الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك المواد المتعلقة بالعلاقات اليابانية الأمريكية. ولماّ أعيد تأسيس المركز ليضم دول المحيط الهادي تكونت لجنة مختارة من كليات الدراسات العليا في الآداب والعلوم والقانون والاقتصاد والعلوم الإنسانية والتربية وكذلك من معاهد العلوم الاجتماعية ومعاهد أخرى تهتم بالمعلومات والاتصال. ولدى المركز مكتبة متخصصة تحتوي ألوف الكتب بالإضافة إلى قسم الميكروفيلم الذي تستطيع أن تقرأ فيه الصحافة الأمريكية لعشرات السنين.

وهناك مراكز أخرى في اليابان مثل جامعة كوبيه Kobe التي تضم كلية دراسات التبادل الثقافي التي تهتم بالعلاقات الثقافية بين الشعوب والأمم ولديها عدد من أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في دراسة الشعوب والأمم الأخرى ومن ذلك متخصص في المملكة العربية السعودية ونظام الحكم إلى متخصص في التاريخ الأمريكي، وغير ذلك من التخصصات ولهذه الجامعة علاقة وثيقة بالمؤسسة اليابانية التي تسعى إلى دعم التبادل الثقافي بين اليابان والشعوب الأخرى من خلال برامج الزيارات القصيرة وبرامج زيارات لمدد مختلفة.

بعد هذه الجولة مع الدراسات الإقليمية والدراسات الأمريكية أعود فأقول ألم يأن الأوان أن تبدأ الدراسات الأمريكية ودراسات الشعوب والمناطق الأخرى في الجامعات السعودية وأن يكون مشروع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية نقطة الانطلاق لمثل هذا المشروع.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د. مازن  مطبقاني
  • الكتب والبحوث
  • المقالات
  • مقالات حول الاستشراق
  • تقارير المؤتمرات
  • دراسات الغرب - الاستغراب
  • للتواصل مع الدكتور
  • الصفحة الرئيسية