صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حوار مع الدكتور طه الدليمي

حاوره: خبَّاب بن مروان الحمد
Khabab00@hotmail.com


مقتطفات من الحوار:
الأمريكي يهدد العراقي إذا استعصى عليه بتسليمه إلى القوى الأمنية الشيعية!
من يقلِّل من تأثير المد الشيعي وغزوه للعالم الإسلامي فإنَّ القائلين بذلك محكومون بنظرية (ختم العداوة). وهي كعقيدة (ختم النبوة)، وأصحابها يعتقدون أنه لا يوجد في الكون كله من عدو إلا أمريكا واليهود!
حذار حذار من (الخلايا النائمة) للشيعة الآن في السعودية والكويت وباقي دول الخليج العربي!
هل تعلم أن حسين المؤيد هو صهر عبد العزيز الحكيم؟!
 



لا يُذكر الشيعة الروافض في هذا الزمان إلاَّ ويذكر معهم شيعة العراق، ولا يُذكر العراق إلاَّ ويُذكر القوم معه !!
ثنائيَّة عجيبة تضعنا أمام سؤالات لا بدَّ من طرحها، واستفسارات يتحتَّم أن نتوجَّه بها إلى المختصِّين من الباحثين الأجلاَّء ، ومنهم فضيلة الشيخ العراقي الدكتور طه الدليمي المشرف العام على موقع القادسيَّة على الشبكة العنكبوتيَّة، والباحث المقتدر بشؤون الشيعة وتاريخهم في العراق وغيره.
مسقط رأس الدكتور طه الدليمي وولادته في بغداد عام 1960، وترعرع في أرياف قضاء المحمودية إحدى ضواحي بغداد الجنوبية، وكان الأول على مدارس القضاء في المراحل الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ثمَّ تخرَّج في كلية الطب عام 1986.
وكما حدَّثني في إحدى جلساته أنَّه كان له ولع قديم- قدم معرفته الحرف - بالمطالعات الأدبية والدينية، ممَّا دفعه أكثر من مرة لأن يحاول ترك الدراسة الطبية والالتحاق بكلية الشريعة، لكن القوانين حالت بينه وبين رغبته.
وقد تلقَّى العلم عن الشيخ سامي رشيد ، وهو من كبار الدعاة والعلماء في العراق الأحياء. ثمَّ ترك العمل في مجال الطب عام 1994 وتفرغ للخطابة والدعوة والتأليف، ومارس الدعوة في المناطق الجنوبية الشيعية، بالطبع قبل الاحتلال الأمريكي المشؤوم للعراق عام2003م.
وقد ألَّف كتباً عديدة، تقارب الأربعين، تعالج موضوع الشيعة والتشيع من زواياه المختلفة، مثل: (رسالة القواعد السديدة)، و(لا بد من لعن الظلام)، و(أسطورة المذهب الجعفري)، و(التشيع عقيدة دينية أم عقدة نفسية).
وقد لا يعرف الكثيرون أنَّ الدكتور طه الدليمي يقرض الشعر، وله قصائد تصلح لأن تكون ديواناً كبيراً، كما أنَّ له أشرطة صوتية ومرئية كثيرة.
في هذا الحوار يتحدَّث لنا الدكتور طه الدليمي عن الجدل الدائر حول التشيع والشيعة في العراق ، والعلاقات الإيرانيَّة بهذه القضايا ، وفي كلام الدكتور كثير من الحقائق التي تخفى على كثير من المتابعين للشأن الشيعي العراقي، وهو ينطلق في كلامه من دراسات عديدة ، أمضى فيها وقتاً ليس بالقصير بالبحث والمطالعة!
 



* في مستهل هذا الحوار يسعدنا أن نرحب بالدكتور الكريم طه الدليمي الذي أعطانا من وقته الثمين فرصة ليتحدَّث لنا عن العديد من الملفات التي تهم القارئ العربي والمسلم، مع أنَّ الدكتور يعاني من أمراض وآلام تفسد باله، ونسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعلها مكفِّرة لخطاياه، رافعة لدرجاته ... آمين.
سألت فضيلته في البدء: من خلال ما قرأته عن الشيعة والسنَّة، هل ثمَّة فرص للالتقاء بينهما بعد المحاولات الكثيرة الداعية للتقريب بينهما؟

ـ شكراً جزيلاً لكم على ثقتكم بي أولاً، ثم على إتاحتكم لي هذه الفرصة الطيبة للتحدث من خلالكم، عسى أن يسمع كلماتي الكثيرون ممن لا أستطيع الوصول إليهم بها عن سواه من سبيل.
الشيعة والسنَّة"نقيضان"! وهل رأيت نقيضين يلتقيان؟ لقد فشلت جميع محاولات التقريب على الإطلاق. على أن التقريب نوعان: تقريب ديني، وهذا مستحيل التحقيق لتعلق الخلاف بالأصول؛ فالتسنن والتشيع دينان مختلفان جذرياً، وليس بينهما من القواسم المشتركة إلا بعض الأسماء التي أفرغها الشيعة من مدلولاتها. اللهم إلا إذا ترك أحد الفريقين دينهم والتحقوا بالدين الآخر. والنوع الآخر من التقريب سياسي، وهذا ممكن نظرياً؛ كما حاول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع اليهود. لكنه صعب – إن لم يكن مستحيلاً – عملياً؛ بسبب فساد نية كثير من قادة الشيعة. وهم منطقيون في ذلك مع أنفسهم؛ لأن عقيدتهم تأباه عليهم. وهذا هو السر في أن الشيعة ـ إذا تمكنوا ـ قاموا باضطهاد ومحاولة اجتثاث أهل السنة. والأمر لا يستقيم في دولة إلا بحكم سني يعلم الحق ويرحم الخلق. وشرار السنة في إدارة الحكم أصلح للرعية – سنة وشيعة - من خيار الشيعة. والواقع والتاريخ شاهد.

• هناك مدّ شيعي يتنامى في المنطقة الإسلاميَّة؛ فما أسباب ذلك ودواعيه؟

- التشيع عقيدة سرطانية السلوك، وأهله يعانون من عقدة النقص والاضطهاد. وهذان الأمران: العقيدة والعقدة ، يؤزان الشيعة أزاً لاختراق الآخر. أما في الواقع فإن إيران وراء هذه الظاهرة، ركوباً على ظهر مطية التشيع، وصولاً إلى أهدافها التوسعية الإمبراطورية. ومما يشجع توسع الانتشار الشيعي في المنطقة ضعف الوعي والإرادة السنية تجاه الشيعة. وهو ضعف ناتج: إما عن جهل بالشيعة وعقائدهم ونواياهم وأهدافهم. وإما عن ضعف الإرادة، بحيث أن كثيراً من أهل السنة لا يفكر في مواجهة المشكلة بقدر ما يفكر في التعايش معها! والأمر يدعو إلى العجب! فالشيعة لا يشكلون في العالم العربي والإسلامي إلا أقلية قليلة لا تتجاوز نسبتها الـ 4% من المجموع. لكنهم أهل دعاية وإعلام وضجيج، وختر وغدر؛وهو ما يوهم الكثير من أهل السنة – سواء أكانوا من العوام أو العلماء أو الساسة - بما يوهمهم به من قوة الشيعة، ويدفعهم إلى رفع شعارات "التقريب، وجمع الصف، ووحدة الأمة". وهذا لا يزيدنا إلا وهناً، ولا يزيدهم إلا ضراوة وقوة.

• وما الأسلوب الأمثل الذي تجده لمواجهة هذا المشروع ؟

- الشيعة لهم مشروعهم الخاص بهم بعيداً عن مشروع الأمة. بل الأخطر أنهم لا يبنون مشروعهم إلا على حساب مشروع الأمة! والأخطر منه أنهم لا عدو لهم من خارج هذه الأمة التي يلعنونها صباح مساء، ويحملونها تبعة قتل الحسين ـ رضي الله تعالى عنه ـ الذي نحن أولى به منهم، ويحدون سكاكينهم لذبحها ثأراً وقصاصاً! فهم غير جادين ولا صادقين أبداً في دعاواهم التقريبية، إنما هي شِباك وشراك لاصطياد المغفلين، ولكسب الوقت، والتمهيد لاختراق صفنا ضعيف التحصين ضد أفكارهم لا أكثر.
أما الأسلوب الأمثل في التعامل معهم، فهو المواجهة ! الذي يقوم على العناصر التالية:
1ـ سحب المشروعية الدينية من الشيعة، ببيان حقيقة دينهم ومعتقدهم، والإعلان بفضح أباطيلهم وتاريخهم وجرائمهم، ثم بيان الحق الذي تركوه، والدين الصحيح الذي نبذوه. على أن بيان سبيل المجرمين مقدم على بيان سبيل المؤمنين. ويجب أن يكون الطرح قوياً وواثقاً، مكرراً ومؤكداً، هجومياً لا دفاعياً.
2ـ تحصين الصف الداخلي لأهل السنة، ببيان خطر الشيعة عليهم وعلى وجودهم حكاماً ومحكومين، وبيان الدين الصحيح. والتأكيد على أن الولاء للعقيدة دون غيرها. وأن من يشتم الصديق والفاروق ويكفر الصحابة، ويطعن بعرض الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يمكن إلا أن يكفرنا ويعادينا. والتاريخ شاهد.
3ـ هذان الأمران سيفجران طاقات الأمة ضد مشروعهم على اختلاف الصعد: دعوية، وسياسية، وعسكرية وغيرها.
4ـ فيما يخص الدعوة : علينا أن ننهج أسلوب التغيير الجمعي، وليس التغيير الفردي. وهذا فصلته في آخر مقال لي على موقعنا على النت (القادسية).

• هناك من يقلِّل من تأثير المد الشيعي ، ويرى أنَّ هذا من تخويفات الأمريكان والصهاينة ، ولزرع الفتنة بين الشيعة وبين المسلمين؛ فهل ترى لذلك الكلام وجهاً صحيحاً؟

- هذا الكلام غير صحيح أبداً ومطلقاً. وأصحاب هذا الكلام محكومون بنظرية (ختم العداوة). وهي كما قلت سالفاً كعقيدة (ختم النبوة)، وأصحابها يعتقدون أنه لا يوجد في الكون كله من عدو إلا أمريكا واليهود، وأن الأعداء خُتموا ببعثة يهود ومجيئهم إلى فلسطين. فإذا أضفت عدواً ثالثاً فكأنك كفرت بإنجيل السياسة، وفاعله مطرود من دائرة الفهم والوعي والعلم! فإذا قلت: إن في الساحة، لاعباً ثالثاً وعدواً آخر هو إيران، قالوا: هذا غير صحيح، وإيران بلد مسلم. وكأن المسلم مباح له أن يقتل ويسلب ويستبيح ويتآمر ويُركِب أمريكا على ظهره ليعبر بها إلى داخل الأمة، ويكون أشد عداوة وأكثر ضراوة من الكافر! ولا يجوز لك أن ترده وتكف شره! لماذا؟ حتى لا نشتت جهود الأمة عن أمريكا واليهود! ألم يكن الخوارج مسلمين ومن (داخل الصف)؟ وقد حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على اجتثاثهم وقتالهم، وقاتلهم سيدنا علي ـ رضي الله عنه ـ ، ومَنْ بعده من الخلفاء، ولم يقولوا: إن قتالهم فتنة. بل قتالهم من أعظم الجهاد(...ولو علم الذي يقاتلهم ما له من الأجر لنكل) أي عن العمل؛ فلا يحتاج إلى عمل بعده لدخول الجنة؛ هكذا قال النبي فيهم. والله ـ تعالى ـ يقول: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:60-62). وهؤلاء جميعاً لهم حكم الإسلام؛ فهم مسلمون. فمن قال: إن قتالهم فتنة؛ ففي الفتنة سقط. ثم إن الفتنة يا سيدي زرعها الفرس منذ أربعة عشر قرناً، وتحولت لدى الشيعة إلى عقائد وعقد تعج بها كتبهم، وتلهج بها ألسنتهم، وتضج بها ليل نهار صحفهم وإذاعاتهم وقنواتهم، وترددها منابرهم وحسينياتهم وما فيها من نَوْح ولطم وبمكبرات الصوت! ومن أراد الحقيقة فليعتبر بما يجري في العراق. وفصائل المقاومة والجهاد فيه أجمعت اليوم على أن العدو الأول هو إيران؛ هم الشيعة. والإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ كان يقول: (إذا أعيتكم المسائل فاسألوا أهل الثغور). فالحكم في هذه المسألة والقول الفصل فيها لنا نحن أهل العراق، لا لغيرنا. ولكن ما الذي أفعله لمن لا يريد أن يسمع و لا يرى ولا يعتبر ولا يتعلم؟! كل ذلك ـ بزعمه ـ حتى لا تتشتت الأنظار عن أمريكا واليهود!
وبما أن هؤلاء لا يرون عدواً غير أمريكا واليهود؛ فإنهم يعتبرون الحديث عن خطر الشيعة وإيران تشتيتاً للجهود عن مواجهة هذا العدو، الذي لا عدو من بعده. وهؤلاء عادة ما تراهم مسكونين إلى حد النخاع بـ(نظرية المؤامرة). يقولون: هذه مؤامرة أمريكية يهودية صليبية ماسونية لصرف الأنظار عن المشكلة الأكبر و(القضية المركزية). ويسرفون في الحديث – حتى في العراق – عن الغزو الغربي، ولا تراهم يعيرون أدنى اهتمام للعدو والغزو الشرقي. وأنا لا أدري ما تعريف العدو عند هؤلاء؟ هل العدو صفة تقوم على أسس، والعداوة حكم يتعلق بعلة إذا توفرت في قوم كانوا لنا أعداء؟ أم هو اسم جامد لا يقبل التحول عن جنس أو قوم بعينهم؟!
إن ما تفعله إيران اليوم في العراق لهو أشد فتكاً، وأمضى أثراً، وأقدم زمناً، وأدوم بقاء، وأخطر عاقبة مما تفعله يهود بإخواننا في فلسطين! أما الأمريكان فقد صاروا اليوم في نظر جميع أهل السنة - بعد أن ذاقوا ما ذاقوا مما لا يخطر على بال، ولا يمر بخيال من الجرائم والمجازر على يد الشيعة، وبالتعاون والتنفيذ المباشر من إيران – أرحم لنا وبنا. وهذه الحقيقة صار يدركها حتى الأمريكان! هل تعلم أن الأمريكي يهدد العراقي إذا استعصى عليه بتسليمه إلى القوى الأمنية الشيعية. وإذا اعتُقِلَ شخص سألنا: فإن كان اعتقله الجيش أو الشرطة أيسنا إلا من رحمة الله، وإن كان عند الأمريكان حمدنا الله!
فإن لم يكن هذا عدواً فكيف هو العدو إذن؟! ألا إني من الكافرين بعقيدة (ختم العداوة) ولو كره الآخرون!
هذا.. وإن المشروع الإيراني في المنطقة لهو أخطر من مشروع أمريكا والعدو الصهيوني بمراحل، وما يحدث في العراق اليوم أوضح دليل لمن أراده، والموتى يبعثهم الله. أم أن دم العراقيين الذين يقتلون – ومنذ أكثر من أربع سنين - على يد إيران وشيعتها ليس بدم؟! والدم الدم هو الذي يسفك على يد اليهود واليهود فقط؟!
وإذا حسبناها بالمجمل فإن العدو الأمريكي يقبل التفاهم والتعايش قياساً بالعدو الإيراني فإنه لا يهدأ له بال، ولا يستقر على حال حتى يمحوك من الوجود.
أما الذين يهللون لمشروع إيران النووي من العرب فما أغباهم! وما أعجزهم! وأعماهم! متى يدركون أن إيران تعد سلاحها النووي لذبحهم انتقاماً لكل (عُقَد التاريخ) المتشابكة في نفوسهم المعقدة بالنقص والاضطهاد والمعبأة بالحقد وشهوة الثأر وحب الانتقام!

• لديك كتاب عن( الحقيقة الكاملة لسكان العراق)[1] ، ومن خلال بحثك في غور هذا الموضوع فإنَّ بعض المتابعين للواقع العراقي يرون أنَّ عدد الشيعة في العراق أكثر من السنَّة، فهل هذا صحيح؟ وكم كان عدد الشيعة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق؟ وكم صار بعده؟ وهل صاروا الآن أغلبيَّة في العراق بعد التهجير السني؟

ـ العراق أغلبية سنية محسومة بنسبة لا تقل عن الستين بالمائة. وحتى لو لم ندخل الإخوة الأكراد في المعادلة الحسابية، فإن عدد أهل السنة يبقى متفوقاً، أو على الأقل مساوياً للشيعة. وهذا طبقاً لآخر إحصائية أجريت بعد الاحتلال من قبل وزارة التخطيط بالتعاون مع وزارة التجارة في تموز 2004 على عهد وزير التخطيط مهدي عبد الحافظ، وهو شيعي، فأين هم مدّعو المراقبة والمتابعة للشأن العراقي؟
أما ما حصل بعد الاحتلال من تهجير وتوطين؛ فالتهجير شمل الطرفين. وأما توطين الإيرانيين في العراق فقد حصل بنسبة لا أراها تؤثر على المعادلة النهائية كثيراً، وليس ثمة من إحصائية يمكن الاستناد إليها لإصدار حكم دقيق في هذا الموضوع. على أنني آمل ألاَّ نعطي هذا الموضوع من الاهتمام أكثر مما يستحق، فمن حيث الأصل ديننا لم يعطِ القيمة للعدد، وإنما للحق: (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:100). ومن حيث الفعل فإن البلد لمن يحميه، ويدافع عنه وليس لمن يسكنه ساهياً لاهياً أو عميلاً خائناً. و(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249). وسترى بإذن الله.

• لكنَّ هناك سؤالاً من الأهميَّة بمكان هو: ما بدايات نشأة الشيعة وتغلغلهم في داخل العراق ، وهل كان على يدهم تطور سياسي في العراق؟

- أول من بذر بذرة التشيع هو كسرى يزدجرد بعد معركة نهاوند التي انهزم فيها الفرس مباشرة، حين عقد يزدجرد المهزوم مؤتمره المعروف باسم (مؤتمر نهاوند)، وانتهى المؤتمرون إلى قرار يقضي بدخول جمع منهم في دين الإسلام لأجل هدمه من الداخل. وكانت أول ثماره السامة تسلل المجوسي أبي لؤلؤة النهاوندي، صاحب المرقد المعروف اليوم في إيران، إلى عاصمة العرب، ثم نجاحه في قتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد سنتين من المؤتمر فقط! وبدأت قصة طويلة، حتى جاء عبد الكريم قاسم الذي قضى على الحكم الملكي في سنة 1958 - وكانت أمه شيعية من الجنوب – فقام بتوطين الشيعة وغالبهم من المعدان وسكنة الأهوار المعروفين بالشروقيين أو الشروكيين؛ وهم – في غالبيتهم - ينحدرون من أصول غير عربية، قدموا من بلوشستان ولورستان وإيران والهند وباكستان، ودخلوا العراق منذ مئات السنين، وعلى شكل موجات مع جيوش الفتح، وظلوا مستقرين فيه بدون وثائق هوية أو جنسيات أو جوازات سفر؛ حتى جاء عبد الكريم ومنحهم الجنسية العراقية، وشيد لهم المجمعات السكنية حول العاصمة بغداد. ورغم حصولهم على الجنسية العراقية فإنهم ظلوا محتفظين بأصولهم العرقية؛ ما يجعلهم يغلِّبون فطرياً الانتماء الطائفي والمذهبي على الانتماء الوطني. أما العراق الحديث – والقديم أيضاً – فقد قام على أكتاف أهله من أهل السنة، وغيرهم من الأصلاء، وفيهم قلة من الشيعة، الذين انحصر عموم دورهم في المعارضة السلبية بكل معانيها إلا ما بدر منهم بفعل القوة؛ كما حصل من قتال الشيعة للعدو الإيراني في الثمانينيات، فإن أكثر من قاتل منهم كان بدافع الخوف من الحكومة.

• في كتابك:(التشيع عقيدة دينية أم عقد نفسية؟) أثبتَّ أنَّ المجتمع الشيعي كالمجتمع اليهودي، ويرى آخرون أنَّ هذه مبالغة ! فماذا تجيبهم، وخصوصاً أنَّ بعض الكتَّاب يشكِّكون في نسبة التشيُّع لمن ابتدأ بتأسيس أركانه، والجداريَّة التي كانت هي مرتكزه والتأثير الشخصي في صياغة الفكر الشيعي من عبد الله بن سبأ؟

- لكل أحد الحرية في أن يقول ما يشاء، ويدعي ما يحلو له من الأفكار والآراء. ولكن تبقى الحقيقة بنت البحث، ويظل الحكم الصحيح نتاج الدليل. وأنا قمت ببحث هذه المسألة بحثاً علمياً طويل النفس، قائماً على الدراسات والملاحظات والمعايشة الميدانية. فمن شاء أن يأخذ به فليفعل، ومن لم يشأ فله ذلك، بشرط أن يكون موضوعياً في الأخذ والرد. أما ابن سبأ اليهودي الفارسي فهو مذكور في مصادر الشيعة قبل السنة. وبين الفرس واليهود صلات وتناغم فكري ونفسي منذ أن دمر ابن اليهودية كورش (الإخميني الفارسي) بابل في القرن السادس قبل الميلاد وأعاد اليهود إلى فلسطين. واليهود في توراتهم يلقبون كورش بـ(مسيح الرب)! والفرس هم مؤسسو التشيع بثوبه الفارسي. يكفي أن نعلم أن مؤلفي المصادر المعتمدة الأربعة للتشيع جميعهم عجم. وأياً كان الأمر فإن العجم أو الفرس لا يقلون كيداً وتلوناً عن اليهود.

• يرى بعض المطالعين على تراث (الشيعة الروافض) أنَّ بين الإماميَّة الجعفريَّة اختلافاً في تكفير الصحابة ، ويسوقون مثالاً على ذلك أنَّ الطبرسي لم يقل بتكفير الصحابة ، فهل هذا صحيح؟ وهل يمكن أن يكون بين هؤلاء ـ الذين يسميهم بعض السنَّة بأنَّهم منصفون ـ وأهل السنَّة نوع من التقارب؟

- هذا غير صحيح، ويعبر عن فقر مدقع بمعرفة حقيقة الشيعة والتشيع. لك أن تعلم أن الإمامي لا يسمى إمامياً حتى يؤمن بعقيدة (الإمامة). وهي تلزم معتنقها اضطراراً بتكفير المخالف؛ وأولهم الصحابة. هذا عدا إطباقهم على التصريح بهذا تصريحاً قطعياً. والحقيقة أن عقيدة الإمامة وضعت أصلاً من أجل تكفير الصحابة؛ فالعقيدتان قرينان لا يفترقان. على أنهم ينكرون هذا في بعض المواضع والمناسبات، وذلك من باب (التقية)؛ فإن كان للطبرسي وغيره قول بالإنكار فهو من هذا الباب. ولي أن أسجل هنا عجبي من بعض أهل السنة وهيامهم بموضوع التقارب مع الشيعة! كم هي نسبة الشيعة في العالم إلى أهل السنة؟ إن عدد المسلمين يساوي المليار والنصف، أي ألفاً وخمسمائة مليون. والشيعة لا يزيدون على أن يشغلوا مساحة سبعين مليوناً من مائة المليون الخامسة عشرة، ليبقى لأهل السنة أربع عشر مائة مليون صافية لهم دون شريك! فهلا أشغلوا أنفسهم بالتقريب ما بين هذه المئات من الملايين، واستغلوا طاقاتها وجهودها في سبيل أهدافهم الكبرى! واستغنوا بها عن هذه الشرذمة. فكيف إذا كان الشيعة يرفعون شعار التقريب للدخول في صفوفنا من أجل التآمر والتخريب؟ ألا إنه لولا الخذلان لما كان ما كان.
نعم.. في الشيعة من لا يقول بسب الصحابة فضلاً عن تكفيرهم؛ وهم إخواننا الشيعة الزيدية في اليمن، وهؤلاء هم أهل التفاهم والوفاق الصادق...ولا غير.

• هل كل الشيعة الجعفريَّة الاثني عشريَّة يرون تحريف القرآن؟ وسبب سؤالي هو أنَّ بعض الكتَّاب يرون أنَّ اتهام الشيعة بأنهم يقولون: إنَّ القرآن محرَّف أو بعض آياته، كذلك هو قول فيه تجاوز؛ حيث يقولون: إنَّ الشيعة لا يقرؤون إلاَّ من المصحف الذي نقرأ فيه وهو المصحف الموجود في مساجدهم في طهران والنجف وغيرها؟ فما قولكم؟

- وهذا من الخذلان أيضاً! وإذا كان (الاعتراف سيد الأدلة) فالأمر خارج عن دائرة التهمة الباطلة إلى الحقيقة الثابتة. لقد أجمع علماء الشيعة على هذه العقيدة، وألفوا في نقل هذا الإجماع المؤلفات التي أطبقت شهرتها الآفاق؛ ألم يسمع هؤلاء الكتاب بكتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) للنوري الطبرسي، وهو أحد سبعة أشخاص في تاريخ الشيعة قام عليهم المذهب، وصاحب كتاب (مستدرك الوسائل) أحد الكتب الثمانية المعتمدة عندهم؟! حتى قال خاتمة محدثيهم محمد باقر المجلسي عن أخبار أو روايات التحريف (مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة وطرحها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً. بل اعتقادي أن الأخبار في هذا الباب لا تقصر عن أخبار الإمامة)، وكذا قال النوري الطبرسي...هذا نص قولهم! ولم يرده أحد منهم رغم كفره وشناعته! أما ما يفعله بعضهم من الإنكار عندما يحرج على رؤوس الملأ، أو في الكتب الدعائية المؤلفة خصيصاً لترويج المذهب مثل كتاب (المراجعات) - فمكابرة يستجيزونها تقيةً خوف الفضيحة، لعظم الجريمة! وهذا ما قرره الطبرسي في (المقدمة الثالثة) من الكتاب حين قال: (إن هذا مما أجمعت عليه الطائفة إلا من شذ)، وحمل قول هؤلاء الشاذين على (التقية). وممن ذكر إجماع الطائفة على التحريف الشيخ المفيد (أوائل المقالات ص184) أستاذ الطوسي شيخ الطائفة على الإطلاق، ومنهم نعمة الله الجزائري بقوله في (الأنوار النعمانية): (إن الأخبار الدالة على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادةً وإعراباً هي أخبار مستفيضة ومتواترة وصريحة. وإن علماء المذهب قد أجمعوا وأطبقوا على صحتها والتصديق بها). بل تجرأ بعض رقعائهم فادعى إجماع (أهل القبلة من الخاص والعام) على هذا القول الشنيع، كما جاء في كتاب الطبرسي ص31 آنف الذكر عن الشيخ يحيى تلميذ الشيخ الكركي الملقب بمخترع مذهب الشيعة.
وتجد قول بعض أهل السنة: (إنَّ الشيعة لا يقرؤون إلاَّ من المصحف الذي نقرأ فيه وهو المصحف الموجود في مساجدهم في طهران والنجف وغيرها) دليلاً على (أن اتهام الشيعة بأنهم يقولون: إنَّ القرآن محرَّف أو بعض آياته كذلك هو قول فيه تجاوز) تجاوزاً على الحقيقة. أما أن الشيعة لا يقرؤون إلا من المصحف الذي نقرأه اليوم؛ فلعجزهم عن الإتيان بغيره؛ فاكتفوا بالدعوى دون لازمها. وهل هي أول دعوى خلت من الإثبات؟! فكم من الدعاوى بلا أثر على الواقع! فهل يصح أن يتخذ من هذا دليلاً على عدم وقوع الادعاء من الأدعياء؟!
وأود أن أسجِّل ملاحظة؛ وهي لا يصح علمياً تسمية هؤلاء الشيعة بالجعفرية؛ لعدم تحقق النسبة إلى سيدنا جعفر بن محمد رحمهما الله تعالى. وقد كتبت في ذلك كتابي (أسطورة المذهب الجعفري)لمن يريد التوسع !

• لا يوافق بعض المحلِّلين الاستراتيجيين والسياسيين على تسمية المشروع الشيعي الإيراني بالفارسي، ويعلِّلون ذلك بأنَّ الفارسية لغة لخمسي الإيرانيين وخمسي أفغانستان وكل طاجيكستان وربع الأوزبك، وأنَّ الفارسيَّة حتى باعتبارها قومية لم تغلب التشيع في زمن الشاه مثلما غلبت القومية الطورانية والعربية والكردية... فهل تجد في هذا القول وجاهة؟

- هذه مغالطة، وأنا أعرف بعض من يقول ذلك؛ لأنَّه قد دخل عليهم من عجمتهم شيء؛ فغير العربي مهما تكلم لغة العرب يبقى في منأى عن الإدراك الفطري لمعانيها الحقيقية، وطريقة العرب في الاستعمال وإطلاق الأسماء على المسميات؛ فالاسم يطلق عندهم تغليباً أحياناً، وبالجزء على الكل أحياناً أخرى؛ فالأمر لا علاقة له بالكثرة والقلة. والفرس هم مخترعو مبادئ التشيع المنحرف، وهم حاملو لوائه، والأكثر استفادة منه، فعرفوا به وعرف بهم. فربط الأمر بالنسب والأعداد ما هو إلا تخبط أعجمي. ولا أريد أن أطيل فأقول: متى ظهر الطاجيك والأفغان والأوزبك في التاريخ؟ ومتى صارت الفارسية لغة لهم؟ العداوة بين العرب والفرس منذ بداية التاريخ، وقضيتنا - يا سيدي! - عمرها أكثر من خمسة آلاف عام!
والتشيع الفارسي هو هو والفرس هم هم في زمن الشاه وقبله وبعده، لكن ليس شرطاً أن يكون على وتيرة واحدة من الشدة أو الضعف. والعرب والترك والكرد، وإن غلبوا القومية في طور من الأطوار، لكنهم لم يخترعوا لهم ديناً غير دين الإسلام، ولم يتبنوا التشيع، الذي هو اختراع فارسي بامتياز. والاستثناء قائم، وقد قال ربنا عن اليهود وغيرهم من أهل الكتاب: (لَيْسُوا سَوَاءً) (آل عمران:113).

• هل تتوقعون مواجهة بين المعسكر السنِّي والمعسكر الشيعي ؟ وما حدود ذلك وظروفه ؟

ـ المواجهة قائمة الآن في العراق على قدم وساق، وقد تتطور فتشمل المنطقة إذا صار التدخل الإيراني مباشراً. وهذا قد يحدث عند حصول فراغ في العراق لأي سبب، وهو واقع لا محالة إذا امتلكت إيران أسباب القوة، ومنها القوة النووية العسكرية. وحذارِ حذارِ من (الخلايا النائمة) للشيعة الآن في السعودية والكويت وباقي دول الخليج العربي!

• يرى بعضهم أنَّ ما يحصل الآن في العراق من تفجيرات في مراقد الشيعة ، وفي مساجد السنَّة ، إنَّما هي أصابع صهيونيَّة تشتغل في الظلام ، وتطلق يدها في الخفاء لتدبر هذه التفجيرات ثمَّ تتهم الطرف الآخر، ومِمَّن قال ذلك المسمَّى بآية الله حسين المؤيد...؛ فهل حقيقة ما يجري من أفعال كهذه في العراق هي بهذه الصورة؟ وهناك استشهادات من بعضهم ويمثِّلون على ذلك بأنَّه حصل اتفاق صلح بين السنة والشيعة في اتفاق مؤتمر النجف، وساد الهدوء بينهم في تلك الفترة ، ولكنَّ البريطانيين فجَّروا الاقتتال بين السنة والشيعة من جديد عبر الطرق الخفيَّة؟

- هذا كلام تقليدي مكرر، صادر من أصحاب عقيدة (ختم العداوة)، وممن يدس رأسه في التبن خوفاً من رؤية الحقيقة، من أجل أن يظل واضعاً رجلاً على رجل، ولا يكلف نفسه حتى عناء البحث واختبار الأفكار، ومن بعض الشيعة - كحسين المؤيد هذا - الذين توزعوا الأدوار فيما بينهم، فكانت حصتهم محددة في رفع شعار التقريب ذراً للرماد في عيون المغفلين، ومزيداً من التخدير لأهل السنة، وعلى قاعدة (تعدد أدوار ووحدة هدف). نعم لليهود أصابعهم، وللأمريكان دورهم في الفتنة، وقد هيؤوا البيئة الحاضنة لظهورها. ولكن لإيران والشيعة دورهم ومخططهم أيضاً، وذلك من قبل ظهور إسرائيل وأمريكا على خريطة الوجود. واقرؤوا كتب الشيعة واطلعوا على عقائدهم التي وضعوها قبل أكثر من ألف عام. عقيدة المهدي مثلاً... متى ظهرت؟ وما دور المهدي غير قتل العرب واجتثاثهم على يد الفرس؟! ولماذا سمى مقتدى أتباعه واختار لهم اسم (جيش المهدي)؟ وكيف أنهم يعتقدون أن ظهور المهدي قد اقترب؛ حتى إن بعضهم حدد ظهوره في مطلع السنة الهجرية القادمة، كما جاء في كتاب (اقترب الظهور) لمؤلفه المدعو عبد محمد حسن! وهم الآن لا يعملون أكثر من تنفيذ ما دونوه وخططوا لفعله قبل أكثر من ألف عام؛ أفكل هذا بفعل الصهاينة وإيحائهم والفرس تلقوا هذا بكل سذاجة وبلاهة، وقاموا بتدوينه أداء للأمانة العلمية؟! أم ليس من أحد في الكون لهم أجندة ومخططات ومشاريع إلا الصهاينة؟ فما هذا الاستغراق في (نظرية المؤامرة) إلى هذا الحد من الهوان؟!
هل تعلم أن المستفيد الوحيد من هذه المقولة هم الشيعة؛ ولذلك تجد حسين المؤيد وأمثاله من الشيعة كجواد الخالصي وغيره، هم أكثر من يرددها ويهرف بها... وهذا هو دوره في اللعبة. والسر في ذلك أنهم يرون أصحابهم الشيعة، وكعبتهم إيران، متورطين في عمليات الإبادة والقتل الطائفي إلى الأذقان، والفضائح لا يمكن سترها بغربال؛ فليس أفضل ولا أسهل من إلقاء التهمة على شماعة الصهاينة والأمريكان.
وأنا أسأل: إذا كانت هذه المقولة حقيقة؛ فهل يجهلها قادة الشيعة وعلماؤهم ومراجعهم في العراق وإيران؟ إذن لماذا لا يوعزون إلى من ينفذها من أتباعهم بالكف عن العمل على قتل أهل السنة وتهجيرهم ومحاولة اجتثاثهم؟ أم هذه الحقيقة لا يعرفها غير حسين وجواد وأمثالهم من المتاجرين؟ هل تعلم أن حسين المؤيد هو صهر عبد العزيز الحكيم؟! وهل اطلعت على موقعه لترى أول صورة تفاجئك عند فتحه؛ هي صورة النار رمز العبادة المجوسية؟! بعد أن تملأ ناظريك باللون الأسود شعار الفرس!
أما (مؤتمر النجف) الذي تذكره فلم أسمع به من قبل، وما هو إلا من هلوسات المنهزمين وتهويسات المتاجرين. وإن كان له وجود؛ فليس حاله بأحسن من حال ما سمي بـ(مؤتمر مكة) الذي عقدوه في رمضان الماضي، وافتتحوه بتلك الفرية التي تقول: (لا فرق بين مذهب السنة والشيعة إلا بما دخل تحت باب التأويل)! وكان أحد الموقعين عليه كبير جزاري الشيعة جلال الدين الصغير صاحب (مسلخ براثا)! الذي يقول الله ـ تعالى ـ فيه وفي أمثاله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:28).

• في العراق الآن إدانات من قِبَلِ الشيعة الروافض للحرب بينهم وبين أهل السنَّة ، بل إنَّ السيستاني أدان تفجير مراقد وقبور الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وحين خرج مقتدى الصدر بعد اختفائه ، خرج بلغة دبلوماسيَّة يدعو فيها السنة والشيعة لمقاتلة المحتل الأمريكي؛ فما سر هذه الدعوات من شخصين كانا إلى عهد قريب يؤجِّجان الشيعة في قتالهم للسنة؟

- الشيعة وإيران فُضِحوا اليوم في العراق أيما فضيحة، وأهل السنة بدؤوا بالاستيقاظ، والقيام بردة الفعل؛ فمن ذكرتهم يريدون معالجة الأمر وتغطية السوأة بمثل هذا؛عسى أن يكسبوا مزيداً من الوقت، ورصيداً آخر من المغفلين. أما الحقيقة فهي أنَّه لم يتغير منها شيء، وما دعوة مقتدى الأخيرة شيعته إلى (المسيرة المليونية) نحو سامراء إلا حلقة في المسلسل الخبيث الذي تضطلع به هذه الشخصيات والمرجعيات.

• المستقبل العراقي بالتأكيد يشوبه كثير من الغموض ، ولكن برؤيتك الاستشرافيَّة لواقع العراق المستقبلي ، ماذا تتوقع؟

- أتوقع الخير، وأنا متفائل رغم الألم الذي يخنق الأنفاس! لقد استيقظ المارد السني بعد قرون وعقود من الخدر الذي كان يسكبه على رأسه قادته وعلماؤه ومشائخه – إلا القليل – وما عاد يسمع لدعواتهم الانهزاميَّة الساذجة. والمقاومة بخير، وهي تصول وتجول في ربوع المثنى وعمر وابن مسعود. أما الشيعة فقد فُضِحوا وهانوا وأهينوا على رؤوس الأشهاد، وما عاد في أيديهم من ورقة تستر عورتهم. فإذا أحسنا استغلال الفرصة فالأمر راجع لا محالة إلى أهل السنة. والشيعة لا يمكن أن يستمروا في حكم العراق ما داموا يحملون في قحوفهم تلك العقلية الانتقامية المتخلفة. وصدق مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ حين قال: (العقائد التي يبنيها الحقد يهدمها الانتقام). وواقعياً ليس للشيعة من قدرة على تحمل هذا العبء بعد خروج الأمريكان، ولا هم يصلحون لها. وهم يعلمون ذلك تماماً؛ ولذلك تراهم لا يطمعون بأكثر من تقسيم العراق تحت ذريعة الفيدرالية، والانفراد بحكم الجنوب، ويلحون ويستعجلون الأمر خوفاً من فوات الفرصة. على أنهم قد يتحق لهم ذلك، ولكن اعلم أنه إلى حين. والعراق مر بمثل هذه النازلة أكثر من مرة في التاريخ، ولكنه في كل مرة يعود إلى أهله سليماً معافى. والله تعالى يقول: (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49).

• هل من كلمة أخيرة؟

- أقول: إن سطور المجد تكتب اليوم في بلاد الرافدين، وإخوتكم العراقيين يخوضون المعركة نيابة عن الأمة. إن المعركة في العراق هي معركة الأمة كلها؛ فإذا انتصرنا انتصرت، وإذا كانت الأخرى – لا سمح الله – فإن عهود الظلام عليها ستطول. فعليها أن تسعف أهل السنة وتقف إلى جنبهم في محنتهم بكامل أنواع الوقوف. على أننا لسنا في حاجة إلى رجال؛ فالرجال عندنا كثير.
شكراً لكم.. والسلام عليكم.

---------------------------------
[1]  هذا الكتاب عرضت مجلَّة البيان مضمونه في مقالة كتبها أبو أويس البغدادي ، في عدد 218 الصادر في شهر شوال عام 1426هـ.


ملاحظة:
نُشِّر هذا المقال في موقع الألوكة على هذا الرابط:
http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=1195
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية