صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







[ مقامات الموسيقى القرآنية !! ]

 

خبَّاب بن مروان الحمد
@khabbabalhamad


بسم الله الرحمن الرحيم
 


يقوم بعضهم بقراءة القرآن على ألحان المقامات الموسيقيّة.!!

وقد لا يعدُّون القارئ مُجيداً لأداء التلاوة، إلاّ إن تعلّمها...!!

وقد يبدأ تعلُّمها في معاهد الموسيقى؛ ثمّ يقرأ القرآن بناء على ما تعلّمه فيها = فهذا عمل سيء باطل، استقبحه أهل العلم؛ بشتّى مذاهبهم...

وفيه ما فيه من إبعاد هيبة تلاوة القرآن عن جو القراءة، والالتفات إلى الألحان والأنغام، فيظنّ أنّها التي تجلب الخشوع..!!

وليس الخشوع في الصلاة راجع إلى ذلك؛ بل إلى قوّة استحضار المرء أثناء مطالعته كتاب الله للآيات وما فيها من معاني؛ فهو استحضار قلبي أكثر من كونه أداء صوتياً فحسب....

وهذه الألحان ليست داخلة في الحث على تحسين الصوت في القرآن؛ فهذا شيء مُغاير لتعلُّم ألحان الموسيقى التي كانت موجودة منذ العصور القديمة....

وما فهم أحد من الصحابة والتابعين والسادة العلماء هذه المفاهيم السيئة؛ بل كان العلماء يرونها تُخلُّ القراءة، وتُبعد المرء عن تطبيق أحكام التجويد؛ فليحذر كل امرئ من قراءة القرآن طبقاً لهذه المقامات الموسيقيّة كما أتت؛ مِمّا يجعله يؤثر أثناء قراءة القرآن على أحكام القراءة، ومن آتاه الله صوتاً حسناً وطابق صوته بعض هذه الألحان؛ فهو في حل من أمره؛ ذلك أنّه لم يطلبها؛ بل أتت مع صوته تلقائياً.

إنّ قارئ القرآن لا يتشبّه بمغني الغناء = فكلٌ له لحنه وطريقته..

أمّا قول بعضهم أنّ أي أداء صوتي يؤديه الشخص فإنّه سيندرج في المقامات؛ كمن يرسم أو يكتب فلابد أن يكون اللون الذي يكتب أو يرسم به مندرجًا تحت ألوان الطيف الأساسية أو أحد فروعها..

فيُقال: فرقٌ بين الكتابة والرسم إذ هي من الأمور المباحة عادة.، وإنّما تطرأ الحُرمة على ما يرتبط بها من متعلقّات الحُرمة ، ككتابة مُحرّمة أو تصوير مُحرّم.

أمّا المقامات فهي نتاج عمل قائم على أدوات المعازف الموسيقيّة المُحرّمة، فأصل ذاك مختلف عن أصل ذا.

وقد نبّهت في أصل الخاطرة إلى أنّه قد يوافق الشخص مقاماً بتلقائيته لكن أن يطلب تعلُّم القرآن بناء على هذه المقامات؛ فهذا من المُحدثات الدخيلة.

بمعنى آخر أنّني لا أنفي أن يكون لكل واحد منّا له مقام صوتي وجرس موسيقي خاص به، وليس المُشكل مع ذلك، بل مع تعلُّم القرآن بناء على هذه الأنغام وتراتيبها وموازينها وألحانها الخاصّة وتعريض آيات القرآن لسيطرة هذه الأنغام المقامية الصوتية على قراءته، فهنا الأمر الذي نبّه عليه أهل العلم بشتّى مذاهبهم.

وعليه فإنّ هذه المقامات في أصلها من أنواع من الألحان التي يغني بها أهل الغناء والموسيقى، وقد تطورت شيئاً فشيئاً حتى اعتني بها ورُتّبت بهذا الترتيب وهذا النسق؛ وأُريد التغني بها؛ والآن تدور في محافل بعض الناس الدعوة لقراءة القرآن من خلال المقامات الموسيقاريّة..

ولهذا فصيانة للقراءة في كتاب الله عدم القول بجوازه، وأنّه أمر مُبتدع لأنّه نُسّق وفق ألحان أهل الفسق مع عدم وضوحه وعموميته - إن حصل - لا مجال للاختلاف في قبحه، لكن ليس هذا هو المراد ، بل المراد ماكتبته هنا، وهو ما أنكره جمع من العلماء بشتّى مذاهبهم.

فقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الألحان فقال: "كل شيء محدث فإنه لا يعجبني إلا أن يكون صوت الرجل لا يتكلفه" (مجموع الفتاوى لابن تيمية: [12/427]).

وسئل أيضاً عن القرآن بالألحان فقال: "بدعة لا تُسمع" (طبقات الحنابلة: [1/57]).

ونصَّ على ذلك غيره من الأئمة، كمالك والشافعي، فذكرا أن قراءة القرآن بقصد التلحين الذي يشبه تلحين الغناء مكروهة مبتدعة لا تجوز (جامع المسائل: [4/355]).

وقال ابن رجب في قراءة القرآن بالألحان، بأصوات الغناء وأوزانه وإيقاعاته، على طريقة أصحاب الموسيقى: "أنكر ذلك أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعاً ولم يثبت فيه نزاعاً، منهم أبو عبيد وغيره من الأئمة" (نزهة الأسماع في مسألة السماع: [ص:58]).

وقال ابن الجوزي: "وأما ما أحدث بعدهم -يعني السلف- من تكلف القراءة على ألحان الغناء، فهذا يُنهى عنه عند جمهور العلماء؛ لأنه بدعة" (كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي: [3/ 304-305]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والسلف كانوا يحسنون القرآن بأصواتهم من غير أن يتكلّفوا أوزان الغناء مثل ما كان أبو موسى الأشعري رضي الله عنه يفعل" (جامع المسائل: [3/304]).
وقال ابن كثير في كتابه فضائل القرآن:" و الغرض أن المطلوب شرعاً إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن و تفهمه و الخشوع والخضوع و الانقياد للطاعة . فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي ، فالقرآن ينزّه عن هذا ويجلّ ، و يعظم أن يُسْلك في أدائه هذا المذهب ، و قد جاءت السنة بالزجر عن ذلك "فضائل القرآن (19/1) .

وقال ابن القيم:" وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعاً أنهم برءاء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة ، وأنهم أتقى لله من أن يقرؤوا بها ويسوِّغوها ، ويعلم قطعاً أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب ، ويحسِّنون أصواتهم بالقرآن ، ويقرؤونه بشجي تارة ، وبطرب تارة ، وبشوق تارة ، وهذا أمر مركوز في الطباع تقاضيه ، ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطباع له ، بل أرشد إليه وندب إليه ، وأخبر عن استماع الله لمن قرأ به ، وقال : ( ليس منَّا من لم يتغنّ بالقرآن ) ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه إخبار بالواقع الذي كلنا نفعله ، والثاني : أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته " . " زاد المعاد في هدي خير العباد " (1/493) .
هذا وبالله التوفيق،،،

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية