صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مشاركة في موضوع

إبراهيم بن مبارك بوبشيت

 
كلمة الإخلاص تزلزل القلوب وتزرع ضرورة المحاسبة للنفس ، يقول نعيم بن حماد : ضرب السياط أهون علينا من النية الصالحة .

فإذا تمكن الإخلاص في القلب العامل على أي جناح كان ، ولد آثاراً طيبة . فالإخلاص يولد لنا عملاً صادقاً وعملاً متقناً لأن الرياء هلاك للعامل والعمل خصوصاً أعمال البر لا سيما الأعمال الخيرية كتعليم العلم ومنه القرآن والدعوة إلى الله تعالى وعلى رأسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلإخلاص هو مسك القلب ، وماء حياته ومدار الفلاح عليه .
يقول تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي وحياتي ومماتي لله رب العالمين )

ومن آثار الإخلاص :
أنه يحفظ العامل من الخيانة والتزوير وأخذ الرشوة أنه يعلم أن الله رقيب عليه في كل لحظه وعند ذلك يصبح العمل مبارك فيه .

ومن آثاره : أنه يعين على توقد الهمة العالية وحب الإبداع فالعامل المخلص سواءً كان في أمر ديني أو دنيوي يحتاج لهذا .
فإمام المسجد مثلاً مناط به عمل هو من أهم الأعمال وهو تعليم الناس ونصحهم وتذكير الغافل منهم وإرشاد التائه وإعانة المسكين وسد فاقة البائس الفقير فضلاً عن إمامة الناس .
فلو استحضر كل إمام دوره المناط به واخلص العمل لله لرأينا آثاراً يانعة بإذن الله تعالى ولكن إذا كان همه آخر الشهر فأنى لمثل هذا من توقد الهمة وهمته كما قالوا عند آخر السورة .

ومن آثار الإخلاص :
أن بالمخلصين ينصر الدين وبالمرائين يهزم الدين . وذلك بسبب عدم صدق العامل وعند ذلك أصبح العمل منثورا ، قيل لحمدون بن أحمد : ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا ؟
قال : لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ، ورضا الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفوس ، وطلب الدنيا ، ورضا الخلق .

ومن آثاره : أنك ترى المخلص لا يفتر عن العمل ولو كلف بمزيد لا يضجر لأنه يحتسب الأجر من الله أولاً قبل أن ينظر لزيادة خارج الدوام بما له صلة مباشرة أو غير مباشرة بالدوام . وذكرني هذا بعمر رضي الله عنه الله في زمانه وابن باز رحمه الله في عصره ، فكان ابن باز نحسبه والله حسيبه وإلى آخر لحظات حياته وهو يعمل للدين يفتي ويعلم مع كثرة أشغاله ولم يعتزل الناس . وعند ذلك حق أن يقال :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا أخي المجامعوا

الفقرة الثانية :
وعندما ننظر للأسباب المعينة بإذن الله تعالى على حصول الإخلاص في العمل وكذلك العامل نرى أن منها :
1 ـ عدم النظر للناس سواءً مدحوا أو ذموا ولكن النظر لرب الناس هل هذا يضاه أم لا . كما قال السلف من علامة المخلص استواء المدح والذم عنده ، قال أبو عثمان المغربي : الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر للخالق . فعدم الإخلاص من أسباب ترك الطاعة مما جعل العمل مرفوضاً كما أشار لذلك ابن القيم في الفوائد .
النظر في سير المخلصين عند ذلك تذكوا الهمم وتشتعل العزائم وتثبت القلوب . وهذا مصداق قول الله تعالى : ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) كما قال الجنيد رحمه الله تعالى .
يقول جرير : لما مات علي بن الحسين وجدوا بظهره آثاراً لما كان يحمله من الجرب لتوزيع الصدقات على الفقراء .
الخوف من الرياء خوف العصفور من الصقر فيخشى أن يرد عليه عمله وذلك بكى السلف عند قوله تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا ) قال محمد بن واسع : إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته معه لا تعلم به .
يقول سفيان بن عيينه : أصابني ذات يوماً رقة فبكيت في نفسي : لو كان بعض أصحابنا لرق معي ، ثم غفوت ، فأتاني آت في منامي ، فرفسني ، وقال : يا سفيان ، خذ أجرك ممن أحببت أن يراك .

وفي الختام أقول ربما يطرأ الرياء على كل واحد منا ولكن ما أجمل المجاهدة الصادقة التي تحارب الرياء وتأصره على الحق أصرا ، قال الله تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) . رزقني الله وإياكم الإخلاص في القول والعمل .
 

كتبه
إبراهيم بن مبارك بوبشيت
إمام وخطيب جامع علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الاحساء ـ الطرف

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
إبراهيم بوبشيت
  • رسائل ومقالات
  • الصفحة الرئيسية