صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بين الشيخ الكلباني ومنتقديه

إبراهيم بن محمد الحقيل


بسم الله الرحمن الرحيم


ما كنت أود الحديث عما أحدثه الأخ الشيخ الصديق عادل الكلباني -وفقه الله تعالى- من زوبعة باستحلاله للمعازف والغناء لولا أنه -هدانا الله تعالى وإياه للحق- أتبع ذلك بتنقص المتعقبين عليه، ورميهم بأوصاف لا تليق من مثله في مثلهم، واستطاع الإعلام أن يستنطقه بين فترة وأخرى بما يريد، ولا يزال كذلك إلى كتابة هذا المقال.
ولن أتحدث في مقالتي هذه عن توقيت بعث هذا القول المخالف في الغناء والمعازف سواء من جهة أنه كان قبل رمضان بشهر ونصف، أو من جهة أن الفتوى في توقيت تشهد فيه بلادنا حملة تغريبية منظمة لإفساد الناس، فيأتي قوله -هداه الله تعالى- رافداً من روافدها سواء قصد ذلك أم لم يقصده، ولا سيما حين نعلم أن أصواتاً تتردد في التعليم والإعلام عن اقتراح تدريس مادة الموسيقى في المدارس، ولما استنطق الأخ الشيخ الكلباني وسئل عن ذلك ذكر بأنه لا يرى بأساً في تدريسها في مدارسنا!!
كذلك لن أتناول في مقالتي هذه الحكم الشرعي للغناء والمعازف؛ لأن مشايخ وباحثين أرفع مني قدراً، وأسدُّ رأياً، وأكثر علماً قد أجادوا في عرض الأدلة، وكشف الشبهة.

ولن أتناول التناقضات والغرائب التي حشا بها مقالته في الغناء(تشييد البناء) من نقل عمن لا يعتمد قولهم، واعتماد مصادر لا يعتد بها، ونسبة أقوال لقائليها هي محض كذب نقله الشيخ عن ابن عبد ربه والأصفهاني وابن طاهر والأدفوي دون تمحيص، أو ثقةً منه بناقله .

ولكني سأحصر مقالتي في تمادي الأخ الشيخ الكلباني -هداه الله تعالى وسدده- في طعن من انتقدوه، ومقام الحديث فيما يلي:

أولاً: حشد الأخ الشيخ الكلباني في سبيل إثبات رأيه جملة من عبارات التنقص والتحقير لمن لم يقل بقوله، أو من أنكر عليه قوله؛ فهم عنده (مصابون بجرثومة التحريم، فلا يرتاح لهم بال إلا إذا أغلقوا باب الحلال، وأوصدوه بكل رأي شديد، يعجز عن فكه كل مفاتيح الصلب والحديد ، لأنه يغلق العقول فلا تقبل إلا ما وافقها، ولا تدخل رأيا مهما كان واضحا جليا، ومهما كان معه من نصوص الوحيين ، لأنها اعتقدت واقتنعت بما رأت).
وهم في رأيه (صحف سطرت فيها معلومات لا تمحوها الحقيقة، ولا يغيرها الدليل، منطلقة من قول السابقين:{إنا وجدنا آباءنا على أمة} . وحاملة شعار أبي جهل: أترغب عن ملة عبدالمطلب).
وهم أيضاً (يتبعون أهواءهم ، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير علم ؟).
ومن قرأ للشيخ ما سبق سيخال إليه أنه يقرأ لصحفي متمرس قد خصصته صحيفته للطعن في العلماء والدعاة، ووصفهم بالجهل والتشدد، وتنفير الناس منهم، فهل استجرَّ في حال غضبته وتحمسه لإثبات رأيه اللغة السوقية للصحفيين؟ وصار يضرب بها أهل العلم؟ وهل انتقلت الجرأة على العلم والعلماء من مزابل الإعلام إلى أقلام وأفواه القراء؟!

ثانياً:
استمعت إلى تعقبات المشايخ الكرام على الأخ الشيخ الكلباني في فتواه، وهم: عبد العزيز آل الشيخ وعبد الرحمن البراك وناصر العمر وسعد الشثري وعبد العزيز الفوزان ومحمد السعيدي ويوسف الأحمد وخالد المصلح، فمنهم من بين الحكم الشرعي للغناء ولم يتعرض للشيخ الكلباني بكلمة وهم: الشثري والأحمد والمصلح، ومنهم من انتقد وصفه للعلماء بما وصفهم به وهم المفتي وناصر العمر، ومنهم من انتقد قوله في الغناء ولم يتعرض لشخصه بالتنقيص وهم البراك والفوزان والسعيدي، بل إن الفوزان قال: نحن نتعقب عليه وإن كان من أحبابنا وإخواننا ولكن الحق أحب إلينا منه، ثم دعا له بالهداية.

أما من ردوا عليه كتابياً فقد وقفت على ست مقالات هي أشهر ما يتداول بين الناس:

1- دراسة د.صالح سندي، وهي أقوى دراسة وأجمعها وأوفاها، سماها:(كشف الغطاء عن أخطاء الشيخ الكلباني في إباحته الغناء)، وقد فند ما استدل به الشيخ الكلباني تفنيداً علمياً متيناً، وكان متلطفاً في كتابته، ذكر الكلباني في دراسته إحدى وستين مرة لم يتنقصه في شيء منها، بل لم يذكر اسمه مجرداً وإنما يسبقه بوصف الشيخ في كل المواضع، وأكثر من الدعاء له في ثنايا البحث، بعبارات: عفا الله عنه، آتاه الله رشده، أصلحه الله، ثم ختم دراسته بقوله: ولعل فيما كُتب كفاية، والقصدُ نصرة الشيخ عادل، والنصح للمسلمين. والله المسئول أن يلهم الشيخ عادلا رشده، وأن يبصره بالحق، ويوفقه للرجوع إليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
2- مقال الدكتور: سعود الفنيسان، وعنوانه (مهلاً.. مهلاً.. يا شيخ عادل) بدأه بقوله: لقد اطلعت على ما كتبه الأخ الشيخ عادل بن سالم الكلباني وفقني الله وإياه إلى كل خير...
وأثنى فيه عليه ثناء جميلاً ومما قال فيه: أما أنا فالشيخ عادل عندي أخ كريم وصديق عزيز ستبقى محبتي له رغم اختلافي معه فإن الحق ضالة كل منصف.
وعرض لبعض ما في مقاله مما ينتقد عليه في الاستدلال والتقرير، وكان تارة يخاطبه بكنيته، وتارة باسمه ولم يترك التلطف معه ولا وصفه بالشيخ، وختم مقاله بقوله: يا شيخ عادل: علم الله أني ما كتبت هذه الأسطر إلا نصيحة لك لما رأيت الفتنة المستطيرة التي سببتها فتواك بين الناس عامة والشباب خاصة. ووالله لأن أكون أنا وأنت وكل طالب علم ذَنبا في الحق خيراً من أن نكون رؤوساً في الباطل. والرجوع إلى الحق فضيلة والإصرار على غيره رذيلة.أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق آمين.
3- مقال الشيخ: جلال بن علي بن حمدان السلمي، وعنوانه:(وقفات مع الكلباني في رسالته في الغناء). وذكر أنه اتصل بالشيخ الكلباني، قال: وسألته عن الغناء فقال: هو جائز، فقلت: يا شيخ ولو كان مصحوباً بشيء من المعازف، قال: لا، لا يجوز إذا كان كذلك، فقلت له: يا شيخ اتصل علي أحد العامة، وذكرت له القصة، وأنه قد فهم منك الجواز، فقال: هذا بسبب فهمه الخاطئ، فقلت له يا شيخ: هذا فهم أغلب العامة، فقال لي: ماذا أفعل لهم...
وشرع في تفنيد حججه على إباحة الغناء، واعتذر له حين قال الشيخ الكلباني: بل إن الحدث قد كشف عوار أمة تحمل لواء النص، وتزعم إتباعه. فقال السلمي: هذا الكلام فيه مبالغة، ولعله من باب ردود الأفعال، فإضافة العوار إلى الأمة بسبب جماعة قليلة تكلمت فيه أو نالت منه ليس من الإنصاف.

وختم مقاله بتنبيه من يتعقب على الشيخ الكلباني أن يتجنب الإساءة في رده فقال: الموقف من صاحب الرسالة: ينبغي على المسلم أن يكف لسانه عن الإساءة إلى المسلمين، ولاسيما العلماء وطلبة العلم منهم، و إذا حصل من أحدهم أن قال قولاً يُرى أن الحق على خلافه، فيجب على المسلم العمل على مناصحته بالحجة والبيان، مع تعاطي الرفق، وأن يحذر من سلوك منهج التجريح والشتم والتجهيل والطعن في العرض ، فإن هذه الأفعال مخالفة للشرع، مباينة له.
4- مقال الشيخ سعد بن ضيدان السبيعي، وعنوانه:(هدم ما شيده الكلباني في حل المعازف والأغاني) وذكره في مواضع كثيرة وصفه بالشيخ في موضعين، ودعا له في ثلاثة مواضع، واعتذر له قائلاً: وأحسب أنها كبوة حصلت منه،أو شبهة عرضت له، فأحببت إزالتها عنه بنقض مقاله الذي أودعه موقعه.
ثم عرض لحججه بالمناقشة، وختم مقاله بقوله: لعل هذه الوقفات المختصرة التي دفعني إليها محض النصيحة، تكون سبباً لرجوع أخينا للحق، فالرجوع للحق فضيلة وشرف، والحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.
5- مقال الشيخ بدر بن علي بن طامي العتيبي، وعنوانه: يا عادل الكلباني (آَللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى الله تَفْتَرُونَ) (يونس:59) وذكر أن الشيخ الكلباني مسبوق في هذا القول، ومن سبقوه: إما عالم متأول أو جاهل فاسق، ثم قال: والكلباني أعيذه بالله من أن يكون من الفريق الثاني. ومع ذلك لم يُعرف عند أهل العلم في ميدان الفريق الأول -ميدان العلماء- فهو في منزلة بين المنزلتين!
وتضمن مقاله الثناء على الكلباني في القراءة، لكن ذكر أنه لا يُعرف بأنه عالم، فقال: لا نسألك عن القرآن وإقرائه وأنعم بذلك وأكرم، ولكن للحلال والحرام رجال، وللقراءات رجال، وكم من عالمٍ بارز في باب، وهو ضعيف في باب آخر.
وكان مقاله نصيحة للشيخ الكلباني في عدم التصدر للفتيا وقد كُفي، وأن قوله سيفتن شباب المسلمين وفتياتهم، وختمه بقوله: فأسأل الله تعالى أن يمنّ عليك بتوبة تنجو بها بين يدي الله تعالى، وتعود بها إلى رشدك، وتسلك جادة الحق، خشية عليك من أن تكون ممن قال الله تعالى فيهم: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) (النحل:25).
6- مقال الشيخ عبد العزيز السدحان، وهو رسالة أخوية أرسالها للشيخ الكلباني بالغ في التلطف في العبارة والثناء على الشيخ عادل، وختم رسالته بتنبيه من يتعقب الشيخ الكلباني أن عليه أن يناقش قوله وأدلته ويبتعد عن ذات الشخص، وأن يكون بأسلوب علمي ناصح لا بأسلوب مبتذل رخيص...
فهؤلاء ستة مع الثمانية الأول من العلماء والدعاة فصاروا أربعة عشر عالماً وداعية هم أبرز من تناولوا فتيا الكلباني -ممن وقفت على أقوالهم- في إباحة الغناء بالدراسة والنقد.
وقد قيل لي: إن الذي أثار حفيظة الشيخ الكلباني فقال ما قال في العلماء وفي السلفية قول الشيخ الدريعي فيه حين ذكر أن بعض من يفتون هذه الفتاوى يستحقون السجن وقطع اللسان وحقهم أن يبيعوا في سوق الخضار.
ثم قول الشيخ صالح اللحيدان حين اقترح على الشيخ الكلباني أن يبقى في إمامة الناس ولا يتعرض للفتيا، ففهم الشيخ الكلباني أنه يسخر به وبالإمامة ويصغرها ويحقر أمرها. وأما غير الكلباني ففهموا أنه يعني أن يتخصص فيما أجاد فيه وهو الإمامة والإقراء، ويترك ما لا يجيده من الفقه والفتوى. وإذا ضممنا إليهما مطالبة الشيخ السديس بالحجر على أصحاب هذه الفتاوى، صاروا ثلاثة على أكثر الأحوال في مقابل أربعة عشر.
وقول الشيخ الدريعي قول غليظ شديد لا شك في ذلك، لكن هل من العدل أن يترك الشيخ الكلباني قول أربعة عشر من جلة المشايخ تلطفوا معه، وينزع إلى قول واحد أخطأ في قوله أو اثنين أو ثلاثة فيحاكم الجميع بموجب قوله أو قولهم، ويعمم حكمه عليهم، ويكون حكمه فيهم لا يقل شناعة عن شديد ما قيل فيه؟!
ثم إن القول الذي أحدثه قول شنيع بإطلاقه حل الغناء والمعازف، وكان في وقت حرج جداً ما أحوج الناس فيه إلى من يردهم إلى الطاعة مع كثرة الفتن لا إلى من يفتح لهم أبواب الشهوات والمنكرات على مصاريعها، ولينظر إلى استغلال الليبراليين لمقولته ليعلم حجم جنايته؛ فليحتمل من إخوانه غيرتهم وعذلهم له، ولو كساه بعضهم بشيء من القسوة.

ثالثاً:
كتب الشيخ مقالة بعنوان: الستالينيون السلفيون، قال فيها: قد قرأت كثيراً من تعليقات القراء على ما قلت في شأن الغناء...
ويقصد بهم المعلقون على مقاله في موقعه الرسمي، وللعلم فإن ستالين زعيم شيوعي سفاك للدماء أفنى أكثر من عشرين مليون مسلم، وهو الذي هجر مسلمي القوقاز لسيبيريا، ويلزم من هذا الوصف أن السلفيين دمويون لأنهم ستالينيون!!
وهنا أطرح سؤلاً مهماً وهو: لم ترك الشيخ الكلباني مناقشة الدراسات الرصينة التي ناقشت قوله -خاصة دراسة د.سندي- وعمد إلى تعليقات قراء مجاهيل في موقعه ليسطر مقالته (الستالينيون السلفيون) فما الذي أدراه أن المعلقين سلفيون؟ وما الذي أدراه أنهم من أهل العلم؟ ولم لا يكون منهم ليبراليون رأوا أن الشيخ يسهل استفزازه فيستفزونه في موقعه بالليل، وفي الصباح يستنطقونه في صحفهم للطعن في العلماء والدعاة وفي كل التيار السلفي؟!

ليس عندي تفسير لذلك إلا أحد أمرين:

الأول: أن يكون قد سلك مسلك الصحفيين في الانتقائية لطعن الخصوم، حين طعنوا في المشايخ: اللحيدان والشثري والمنجد والأحمد، وإني أعيذه من ذلك.
الثاني: أن الشيخ الكلباني لما أخرج مقاله (تشييد البناء في حل الغناء) وكان مقالاً ضعيفاً مهترئاً من الناحية العلمية، تورط في إخراجه -وقد قيل إن من كتبه ورطه في ذلك- فلا يستطيع الصمود لمناقشة حجج خصومه عليه، فوجد أن أفضل وسيلة للهرب نصب البكائيات والمظلوميات من جراء طعن الخصوم فيه -وأكثرهم مجاهيل لا يعرفون- والتعلق بمشجب الإرهاب والتفجير لصرف القارئ عن القضية الأساس.

رابعاً:
كان الأخ الشيخ الكلباني قد أفتى بكفر الشيعة في لقاء له مع البي بي سي البريطانية، وشن الشيعة وقتها حملة شعواء عليه، ووقف معهم الليبراليون في الصحافة فانتقدوا فتياه بتكفير الشيعة، ودافع عنه إخوانه الدعاة -مع أن منهم من كان يرى أنه استعجل وأخطأ- بما استطاعوا فأخرجوا مقولات الشيعة التي تكفر الصحابة وعموم أهل السنة، وسردوا فتاوى علماء السنة في تكفير الشيعة؛ نصرة للشيخ الكلباني.
فلما أحيا الشيخ الكلباني قوله بحل الغناء والمعازف، وزاد عليه القول بحلها مطلقاً بلا قيد ولا شرط تلقفته الصحافة على عادتها في استثمار من ينقلب على إخوانه، وهي التي بالأمس تحالفت مع الشيعة ضده، فسلم قياده لها، وصارت صوره تملأ أوراقها طعناً في إخوان الأمس، وتسفيهاً لهم، وإيغالاً في الإصرار على قوله.
وليت الشيخ الكلباني توقف عند هذا الحد ولم يجاوزه إلى ادعاءات في إخوانه غير صحيحة، وبكائيات ينسجها ليحشد تعاطف الناس معه، ويستخدم أدوات الصحفيين وأساليبهم في هذا السبيل، وذلك في مقابلة معه منشورة: أشار الشيخ الكلباني إلى أننا الآن نحصد ما زرعناه من المنهج السابق الذي تربينا عليه بأن كل من خالفنا فهو على خطأ ونجيش الناس عليه، وكنا نزرع في الناس ذلك ونجيش الآراء. وتوقع الكلباني أن يكون الجيل الجديد برأيه الواحد بذرة جديدة للإرهاب؛ لأن بعضهم يراني مخطئاً فأستحق القتل؛ ولأني على حد قولهم داعية من دعاة جهنم والعياذ بالله. وقال: جاءني صبي عمره 16 سنة ليقول "لماذا تجيز الغناء، ويستدل ببعض الأدلة الضعيفة"، فسألته: قال إن ما يراه حق، فرديت عليه بالقول: يا ابني هل قرأت في المسألة وتعمقت فيها، فقال لا، فقلت "يا ولدي لا تتبرمج من الآن، وتكون بنفس معاناتنا، اجعل لك أفقا واسعا". وأبدى الشيخ خوفه على مثل هذا الشاب الصغير أن ينجرف في الغد ويكون مفجراً.
ولا أفهم من قوله هذا إلا أنه يريد إيصال رسالة إلى القارئ أن معارضيه هم من يبذرون بذور الغلو والإرهاب والتفجير في المجتمع، وهذا الأسلوب الرخيص كان ينبغي للشيخ أن يترفع عنه؛ لأنه عين ما يفعله الصحفيون.
ومع بالغ الأسف لا زالت الصحافة تستنطقه في كل يوم لتنشر على لسانه ما تهوى من الطعن في إخوانه، ويا ليته يتذكر موقف الصحافة معه لما كفر الشيعة، ويتذكر موقفه للحساب بين يدي الله تعالى.

وفي نفس المقابلة قال الشيخ الكلباني: كنت قبل سنة الإمام المجدد للبعض، والآن لا أصلح للفتوى.
يريد بذلك لما أفتى بكفر الشيعة، وهذه الدعوى منه من أعجب ما يكون، فليأت الشيخ لنا بواحد من العلماء أو طلاب العلم أو الدعاة جعله إماماً بعد فتواه في تكفير الشيعة..

لكن عجب القارئ سيزول حين يعلم أن الشيخ الكلباني صارت الصحافة تلقنه ما يقول فقد نشرت صحيفة الوطن مقالاً لتركي الدخيل في 16/7/1431قال ما نصه: حينما فُهم من كلام الشيخ عادل الكلباني على قناة BBC ما يفهم على أنه: "تكفير للشيعة" طرب البعض، ورقصوا، ورأوا أن الكلباني من أئمة الأنام، ومن الراسخين في العلم، ومن أهل الفقه والإلمام، لكن وبعد فتواه الأخيرة في الموسيقى أجلب الناس عليه، شوهوه، صار لقمةً سائغة في ألسنة مدّاحيه بالأمس....الكلباني شهد له الذين ينتقدونه الآن ـ قبل سنة من الآن ـ بأنه الفهّامة الحبر، الذي استطاع أن يقف لزحف المد الشيعي، وأن الله سينصر به الإسلام، وها هم يحاربونه، وينتقمون منه، لأنه أباح الغناء! اهـ كلامه.
قلت: يعرف أكثر الناس أن الصحافة مطبخ الأكاذيب، ومصنع الشائعات، حتى صار ذلك وصفاً لها، والناس يطلقون على الكلام الذي لا يوثق به: كلام جرايد.. لكن الذي لا أفهمه كيف استُنطق الشيخ الكلباني ليقول ما يقولون، ومن الذي وصفه بهذه الأوصاف إبان تكفيره للشيعة كما يزعم كاتب الوطن؟!
وقال الشيخ الكلباني: للأسف نزعم أننا سلفيون، ونتبع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكننا نخالفه في أخلاقه وسيرته. وقال: نحن نتبعه فقط بالأشكال. وزاد الكلباني بقوله: إن السلفيين لم يعالجوا أمراض القلوب، فهم ينظرون إلى الثوب واللحية وطول السواك بغض النظر عما في قلبك.
قلت: ليت الشيخ الكلباني طبق ما يقول حين وصف علماءنا بأنهم مصابون بجرثومة التحريم، وأن عقولهم مقفلة، ويتبعون أهواءهم، وأنهم حاملة شعار أبي جهل: أترغب عن ملة عبدالمطلب. وهل كان لا يعرف هذا عن أهل العلم إلا بعد أن شذ في مسألة الغناء؟

والذي آمله إن كان الأخ الشيخ الكلباني مصراً على قوله المضطرب في الغناء والمعازف رغم أنه قول ضعيف عجز عن نصرته بالحجة، وعن مناقشة حجج من تعقبوه.. أقول: الذي آمله أن لا يُسلم قياده للصحفيين، وليحذر من استنطاقهم له بما يريدون؛ فإنهم سيرفعونه ويبرزونه ليقع على أم رأسه ثم يشمتون به ويستبدلون به غيره إذا انتهى غرضهم منه كما هي عادتهم..والله الموفق.

الثلاثاء 24/7/1431هـ

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
إبراهيم الحقيل
  • مقالات
  • كتب
  • خطب
  • الصفحة الرئيسية