صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الجماعة الاقتصادية الأوربية

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة – الجامعة الأمريكية بالقاهرة


تبين نظرية التجارة الدولية أن التعريفات الجمركية والعوائق الأخرى في طريق حرية تدفق التجارة قد عملت على تقليل حجم التجارة الدولية. ومع ذلك فلدى الدول أسبابها الخاصة بصفة عامة لتفضيل الحماية. وقد أنشأت الأمم المتحدة منظمة الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة GATT في عام 1947 من أجل إقناع الدول الأعضاء بتقليل تعريفاتها الجمركية، وقد حققت قدرا من النجاح عما حققته المحاولات السابقة للأشكال المشابهة. ويسود الاعتقاد بأنه يمكن أن تكون حرية التجارة أكثر نفعا على الأساس الإقليمي، وقد تبين ذلك من النجاح الذي حققه الاتحاد الجمركي الألماني Zollverein خلال القرن التاسع عشر، والذي شكّل خطوة هامة في سبيل الوحدة السياسية لألمانيا في القرن التاسع عشر.

ومنذ عام 1945، تقوم مجموعات عديدة من الدول بتشكيل مناطق للتجارة الحرة، والتي تعد الجماعة الاقتصادية الأوربية أفضل مثال لها. فقد سارعت كل من بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج بعد الحرب العالمية الثانية بتشكيل اتحاد جمركي عُرف باسم اتحاد دول البنيلوكس Benelux. وبعد ذلك انضمت فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى اتحاد دول البنيلوكس، لتشكل بذلك الجماعة الأوربية للفحم والصلب European Coal and Steal Community، ولتقضي بذلك على واحدة من أكبر الصعوبات في وجه صناعات الفحم والحديد والصلب الأوربية، والتي تمثلت في أن الحدود الاقتصادية لمناطق المواد الخام لم تكن متوافقة مع الحدود السياسية.

ونتيجة للنجاح الذي حققته دول البنيلوكس والجماعة الأوربية للفحم والصلب، فقد قررت الدول الستة المعنية الانتقال لمرحلة أبعد وإنشاء الجماعة الاقتصادية الأوربية، مع السعي إلى تحقيق حرية التجارة فيما بينها خلال عشر سنوات كهدف رئيسي. وحيث إن العديد من الاتحادات السابقة قد أدت إلى الاتحاد السياسي، فقد تم التشديد على ذلك أيضا كأحد الأهداف الجوهرية للجماعة الاقتصادية الأوربية.

وقد خرجت الجماعة الاقتصادية الأوربية إلى حيز الوجود بتوقيع معاهدة روما في عام 1957. وتضمنت المعاهدة شروطا تسمح للدول الأخرى التي لديها أفكارا مماثلة بالانضمام كأعضاء في الجماعة. وقد حدثت بالفعل تخفيضات ملحوظة بالنسبة للتعريفات الجمركية فيما بين الدول الأعضاء، وذلك بهدف التوصل تدريجيا إلى تعريفة جمركية مشتركة في مواجهة بقية دول العالم. وسعت الجماعة الاقتصادية الأوربية كذلك لتوفير كل العوامل المهيئة لقابلية الانتقال الكامل للعمال ورأس المال فيما بين الدول الأعضاء، وتنسيق التشريعات الاجتماعية والاقتصادية، والتوصل إلى سياسة زراعية مشتركة. ومنذ البداية أبدت بريطانيا اهتمامها بالجماعة الاقتصادية الأوربية، ولكن وقفت المشاكل الخاصة المتعلقة بالمنتجات الزراعية، بما في ذلك المنتجات من الدول الأعضاء في الكومنولث على وجه الخصوص، وكذلك المظاهر السياسية التي ظهرت في بداية نشأة الاتحاد – وقفت كل هذه المشاكل حائلا أمام جهود بريطانيا للانضمام.

وأدى فشل الجهود الأولى لبريطانيا في الانضمام للجماعة الاقتصادية الأوربية إلى إنشاء رابطة التجارة الحرة الأوربية European Free Trade Association. وخلال السنوات الخمس الأولى من إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوربية، حققت الدول الأعضاء معدلا للنمو الاقتصادي أعلى كثيرا من ذلك الذي حققته الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو الدول الأخرى غير الأعضاء. وقد عملت هذه الحقيقة على زيادة جاذبية العضوية في الجماعة، فتم قبول بعض الدول الأقل تقدما كأعضاء منتسبة في الجماعة، مثل المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا الغربية.

ثم انضمت الجماعة الأوربية للطاقة الذرية European Atomic Energy Community إلى الجماعة الاقتصادية الأوربية في عام 1967 لتشكل بذلك ما عُرف باسم الجماعة الأوربية European Community.

mohd_youssef@aucegypt.edu
6 من ربيع الأول عام 1431 من الهجرة ( الموافق 20 من فبراير عام 2010 ).

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية